م. عرين العمر: الأسواق ليست مُجرَّد أماكن مُخصَّصة للتجارة وشراء الحاجيّات فحسب، وإنّما هي بيئة حيوية تنبض بالحياة والتفاعل بين الناس، وتبادل الحوارات والخبرات، وفيها يتواصل الباعة معاً، ومع مُوزِّعي السِّلع والمُشتَرِين، ويتواصل العابرون مع المُقيمين، فيصبح جوّ السوق مُزدحِماً وصاخِباً، يجمع الناس على اختلاف عاداتهم وثقافاتهم واهتماماتهم، ولذا يجب أن يكون كلّ سُلوك وتصرّف يصدر عن الفرد في الأسواق مُهذَّباً ولَبِقاً.
وذلك لخلق بيئة إيجابية، وتجربة تسوّق سَلِسة لمُرتادي السوق جميعهم، وأن يلتزم الجميع بآداب السوق العامّة التي تشمل آداب التعامل مع الآخرين بأسلوبٍ حَسَن، وللتعرّف إلى أبرز هذه الآداب، تابع القراءة.
إفشاء السلام
من آداب التعامل مع الآخرين في الأسواق والتي حَثّ عليها الإسلام إفشاءُ السلام، لأثره الكبير في تعزيز الروابط الإنسانية، ونشر الأُلفة والمَحبّة بين الناس، فإلقاء المُشتري السلام على البائع قبل مُعايَنته السِّلع واختياره منها مثلاً، يخلق جَوّاً من المودّة والاحترام المُتبادَل بينهما.
الالتزام بالنظام واحترام المساحة الشخصية للآخرين
الأسواق أماكن شديدة الازدحام في معظم الأحيان، ولهذا يجب على كلّ فرد الالتزام بالنظام، وعدم تجاوُز الدَّور، واحترام المساحة الشخصية للآخرين، وعدم تجاوزها، وتجنُّب دفع الآخرين أو مُضايَقتهم أثناء الحركة بالقُرب منهم، والتحلّي بالصبر عند التنقّل وسط مجموعة كبيرة من الناس، لضمان أن يكون الأمر أكثر سلاسة ولضمان عدم إيذاء الناس أو إزعاجهم.
التعامل مع الناس برفق وسماحة
من المهمّ التعامل مع الناس في الأسواق برفق وسماحة واحترام وتعاون وتفاهم وبأفضل الأخلاق وأحسنها، ولا تُعَدّ هذه السلوكات مُجرَّد تصرُّفات حَسَنة، بل هي عوامل تُسهم في جعل السوق بيئة إيجابية مريحة لمُرتاديها جميعهم.
المساومة على الأسعار باعتدال وبأسلوب حسن
تُعَدّ المُساومة على الأسعار من الممارسات الشائعة في الأسواق، وهي ممارسة مقبولة لا خطأ فيها بشرط أن تكون ضمن الحدّ المعتدل، أي بتقديم سعر معقولٍ أقلّ من السِّعر الأوّلي دون إبخاس السِّلعة حقَّها، وبالتالي إحراج البائع وهكذا، وأن يُساوم المُشتري البائع بلَباقة واحترام للتوصُّل إلى سِعرٍ مُرْضٍ وعادل للطرفَين.
التحاور مع الناس بطريقة وُديّة
بما أنّ الأسواق مراكز اجتماعية تجمع العديد من الناس معاً، فإنّ من الطبيعي أن تُجرى فيها العديد من الحوارات والمحادثات، إذ يتواصل فيها الناس، وتُبنى فيها العلاقات الاجتماعية، ومن الجميل أن يتحاور الفرد مع الناس في الأسواق، ولكن مع الحرص على التحدُّث بطريقة ودّية ومهذّبة، فيمكن مثلاً السؤال عن المنتجات، ومشاركة الخبرات والتجارب الشخصية مع الناس.
ويجدر التنويه هنا إلى ضرورة تجنُّب إجراء محادثات طويلة مع الباعة المشغولين، تجنُّباً لتأخير زبائنهم وإزعاجهم، وأيضاً الانتباه إلى إجراء المحادثات في منطقة خالية، لتجنُّب إعاقة حركة الناس أثناء تنقّلهم.
تجنب التسلية وذم السلع وإرهاق البائع
على المُشتري أن يكون جادّاً برغبته في الشراء، فلا يكون هدفه التسلية ومُعايَنة المنتجات والسِّلع بهدف تضييع الوقت فقط، فهذا يُرهق البائع، ويُعَدّ نوعاً من إضاعة الوقت والجهد دون فائدة، ومن المهمّ أيضاً تجنُّب ذمّ السِّلع أمام البائع إن كانت دون المُستوى المطلوب أو ذات جودة سيّئة، ويمكن للمُشتري تركها بدلاً من ذلك والانصراف فقط، مع تجنُّب اتِّهام البائع بالغِشّ أو الكذب دون وجه حقّ أو الاستخفاف به أو إزعاجه.
ضبط تصرفات الأطفال في الأسواق
من الآداب العامّة التي يجب الالتزام بها في الأسواق أيضاً ضبط تصرّفات الأطفال قدر الإمكان، وتجنّب تركهم يلعبون في المتاجر، ويعبثون بالسِّلع والبضائع، ويصرخون بصوتٍ مرتفع، ويزعجون الآخرين.
وختاماً، تُمثِّل الأسواق فرصةً جيّدةً لتجسيد القِيَم الإنسانية في أبهى صُوَرها، فمن خلال الالتزام بآداب التعامل مع الآخرين في الأسواق، يمكن المشاركة في خلق بيئة تعاوُنية إيجابية مُتجانِسة تُناسب الجميع وتخدم المجتمع.