عرين العمر: البخل آفة مذمومة وصفة سلبية تؤثّر كثيراً في العلاقة بين الزوجين، فقد تتعرّض العلاقة الزوجية للكثير من المشكلات والتحدِّيات عندما يكون الزوج بخيلاً، ومن هنا تأتي أهمية تعلُّم الزوجة كيفية التعامل مع الزوج البخيل بذكاء وحكمة وبطريقة تُسهم في التخلُّص من هذه الصفة المذمومة أو تُخفِّف أثرها السلبيّ قدر الإمكان، ممّا يُحقِّق التوازن والسعادة في الحياة الزوجية المشتركة.
فيما يأتي نصائح للتعامل مع الزوج البخيل:
محاولة فهم سبب بخل الزوج
لا بُدّ من معرفة سبب بُخل الزوج وتحديده، للتمكُّن من التعامل معه بشكل صحيح، فقد يكون بُخله نابعاً من تجارب سابقة أو مخاوف مادّية مُعيَّنة، كعَيشه في أسرة فقيرة خلال طفولته، ممّا جعله حريصاً للغاية على النقود أو مُعاناته من أزمة مالية سابقة أو أنّ راتبه الشهري قليل لا يكفي لسَدّ احتياجات الأسرة وطلبات الزوجة كلّها أو أنّ وظيفته غير مُستقِرّة وقد يفقدها في أيّ لحظة لذا يحاول توفير المال لاستخدامه عند تسريحه من العمل، وتجدر الإشارة إلى أنّ الزوجة لدى بحثها في الأسباب قد تتفاجأ بأنّ سلوكات زوجها ليست نابعة من البُخل، وإنّما الرغبة في تأمين مستقبل مُستقِرّ مادّياً لأسرته وأطفاله أو الخوف من الوقوع في الأزمات المالية في المستقبل.
وإن لم يكن السبب واضحاً للزوجة، فيمكنها التحدُّث مع زوجها ومحاولة فهم السبب وراء سلوكه البخيل، مع الحرص على اختيار الأسلوب والوقت المناسبين، بدلًا من الشكوى والتذمُّر والابتعاد فقط، ويجدر التنويه إلى أنّ البخل قد يكون صفة مُتأصِّلة لدى الزوج في بعض الأحيان وليس نابعاً من أحد الأسباب التي ذُكِرت سابقاً.
إظهار الحب للزوج
حتى وإن كان الزوج بخيلاً، فإنّ إظهار الحبّ وتقديم المزيد من الرعاية والعطف والحنان له من أهمّ الأمور التي تُقوّي العلاقة بين الزوجَين، فالحبّ يمكن أن يكون المفتاح اللازم لفتح أبواب التواصل وحلّ الخلافات الزوجية، حتى المالية منها، إذ إنّ الزوج عندما يشعر بحُبّ زوجته واحترامها وتقديرها له، سيُشجِّع نفسه على مراجعة سلوكاته، وتحسين الخاطئ منها، فالحبّ الحقيقي هو الدافع الذي يُمكِّن الزوجَين من تجاوُز العقبات وبناء حياة زوجية سعيدة ومُستقِرّة، ويمكن إظهار الحبّ للزوج بالكلام الجميل، والثناء على أفعاله وصفاته الحَسَنة، والاهتمام اليوميّ به، ودَعمه نفسياً وعاطفياً، وتقديم الهدايا له من وقت إلى آخر.
التحدث مع الزوج بوضوح وصراحة
لدى شعور الزوجة بأنّ سلوك زوجها بخيل ومزعج، كأن يرفض الدفع في المطعم أو يرفض شراء شيء مُعيَّن تحتاج إليه الزوجة للبيت مثلاً، ينبغي عليها التحدُّث إليه بوضوح وصراحة، وإخباره أنّ سلوكه هذا أزعجها أو سبَّب لها الإحراج، مع الحرص على اختيار الزمان والمكان المناسبين، والتحدُّث بأسلوب مناسب كذلك.
وعندما تُعبِّر الزوجة عن مشاعرها بوضوح وصدق، وبأسلوب مُحترَم ولَبِق، يمكن للزوج أن يتفهَّم أنّ تصرُّفاته تترك أثراً سلبياً على علاقته بزوجته، ممّا يؤدّي إلى تحقيق نوع من التفاهم المتبادل بعيداً عن التوتّر والانفعال وتبادُل الاتِّهامات، واللَّوم والصراخ واستخدام الكلام الجارح، فيمكنها القول مثلاً: "أشعر بالإحباط عندما يحدث هذا السلوك، وأودّ أن نتحدّث عن كيفية تحسين الأمور"، ممّا يُساعد الزوجَين على إيجاد حلول تُحقّق الراحة النفسية والمالية لكلَيهما.
وتُنصَح الزوجة التي تُعاني من بُخل زوجها بحمل محفظتها أو بطاقة الائتمان الخاصّة بها إن أمكن في الأوقات جميعها، لتجنُّب المواقف المُحرِجة التي قد تنشأ عن سلوك زوجها في الأماكن العامّة.
وضع خطة مالية مشتركة
بدلاً من الخلاف والجدال المُستمِرّ مع الزوج على كيفية إنفاق المال، من الأفضل وضع خُطّة مالية مُشترَكة كحَلّ وسط يناسب كلا الزوجَين، بالجلوس معاً ومناقشة الأهداف المالية لكلّ منهما، وتحديد المبلغ المُخصَّص للإنفاق والإجازات مثلاً، والمبلغ الذي يجب ادِّخاره للخُطَط المستقبلية، كشراء منزل أو جمع مبلغ خاصّ بدراسة الأبناء وما إلى ذلك، على أن تكون الخُطّة شاملة تُلبّي احتياجات أفراد الأسرة جميعهم، وتُرضي الطرفَين، ممّا يُسهم في تحسين إدارة الأموال، وتعزيز العلاقة الزوجية، ويَحُدّ من تفكير الزوجة في سلوكات زوجها ورؤيته شخصاً بخيلاً.
استقلال الزوجة مادياً إن أمكن
قد لا تستطيع الزوجة التخلُّص من بُخل زوجها إن كانت صفة مُتأصِّلة فيه، إلّا أنّ بإمكانها تقليل اعتمادها عليه، من خلال محاولة الاستقلال مادِّياً عنه وتحقيق دخلها الخاصّ، ممّا يُعزِّز ثقتها بنفسها، ويمنحها القدرة على تأمين احتياجاتها الخاصّة وشراء كلّ ما ترغب فيه، واتِّخاذ قراراتها المالية بحُرّيّة أكبر، وهذا بدوره يُقلِّل المشكلات الزوجية المُرتبِطة بالمال، الأمر الذي يُسهم في بناء علاقة زوجية أكثر استقراراً وشراكةً وتعاوناً، مع التنويه إلى أنّ طريقة الزوجة في إنفاق مالها الخاصّ قد تُلهِم الزوج وتُوصِل إليه تلميحاً يتعلّق بالطريقة المناسبة للتعامل مع المال، من خلال الموازنة بين الإنفاق والادِّخار، فيتحسَّن سلوكه تدريجياً.
وختاماً، من الجيّد التخلّي عن بعض الأمور غير الضرورية، لتقليل النفقات العامّة التي قد تُثقِل كاهل الزوج وتقوده إلى السلوك البخيل للحفاظ على التوازن المالي، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الأسلوب الحَسَن مع الزوج وتجنُّب أساليب اللَّوم والتهديد، لما لها من أثر سلبي في العلاقة الزوجية، والتحلّي بالحكمة والصبر بدلاً من ذلك، وبهذه النصائح يمكن بناء علاقة زوجية قوية قائمة على التفاهم والاحترام المتبادل بين الزوجَين.