إن الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في هذا يسير على خطى جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآبائه الطاهرين (عليهم السلام)، فمما يروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) في مجال حلّ المشكلات العملية للناس:
إن شاباً في إحدى المعارك سالت عينه على خدّه، وكان جديد عهد بالزواج، فأتى النبي (صلى الله عليه وآله) وشكا له حالته، فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) عينه التي سالت على خدّه وأعادها في مكانها فعادت كما كانت.
عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنا جلوساً عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ ورد علينا أعرابي أشعث الحال عليه أثواب رثّة والفقر بين عينيه، فلما دخل وسلم قال شعراً:
أتيتك والعذراء تبكي برنة * * * وقد ذهلت أم الصبي عن الطفل
وأخت وبنتان وأم كبيرة وقد * * * كدت من فقري أخالط في عقلي
وقد مسّني فقر وذلّ وفاقة * * * وليس لنا شيء يمرّ ولا يحلي
وما المنتهى إلا إليك مفرّنا * * * وأين مفرّ الخلق إلا إلى الرسل
فلما سمع النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك بكى بكاءً شديداً ثم قال لأصحابه: معاشر المسلمين إن الله تعالى سبق إليكم جزاء والجزاء من الله غرف في الجنة تضاهي غرف إبراهيم الخليل (عليه السلام) فمن كان منكم يواسي هذا الفقير؟ فلم يجبه أحد، وكان في ناحية المسجد علي بن أبي طالب يصلّي ركعات التطوع كانت له دائماً، فأومأ إلى الأعرابي بيده، فدنا منه، فرفع إليه الخاتم من يده وهو في صلاته، فأخذه الأعرابي وانصرف، ثم إن النبي أتاه جبرئيل ونادى: السلام عليك يا رسول الله، ربّك يقرئك السلام ويقول لك: اقرأ: (إنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهُمْ راكِعُونَ. ومَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ والَّذِينَ آمَنُوا فَإنَّ حزْبَ اللَّه هُمُ الْغالبُونَ). فعند ذلك قام النبي (صلى الله عليه وآله) قائماً على قدميه وقال: معاشر المسلمين أيّكم اليوم عمل خيراً حتى جعله الله وليّ كل من آمن؟ قالوا: يا رسول الله ما فينا من عمل خيراً سوى ابن عمك علي بن أبي طالب (عليه السلام) فإنه تصدّق على الأعرابي بخاتمه وهو يصلي. قال النبي (صلى الله عليه وآله): وجبت الغرف لابن عمي علي بن أبي طالب. وقرأ عليهم الآية.(١)
إن امرأة جاءت إلى الإمام الصادق (عليه السلام) وطلبت منه أن يسأل الله تعالى أن يشفي ولدها، فقد كان على وشك الموت، فعلّمها الإمام (عليه السلام) دعاءً تقرأه في مكان مرتفع، وهو الدعاء الذي فيه: (اللهم إنك وهبتنيه ..) وعاد الولد سالماً إلى أمه.
وإذا لم يكن النبي (صلى الله عليه وآله) موجوداً بيننا، وكذا الأئمة من آله (سلام الله عليهم أجمعين)، فإن حفيده الإمام الحجة المنتظر موجود وهو حي يرزق في هذه الحياة، فلماذا لا نفكر في اللجوء إليه لحلّ مشكلاتنا العملية؟
ولكن: كيف نلجأ إليه وهو غائب عن أنظارنا؟
والجواب: إنه (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) قال - كما في حكاية إحدى التشرّفات -: لو بحثتم عني كما كنتم تبحثون عن ضالّتكم لوجدتموني.
حقاً هل نحن نبحث عن الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) كبحثنا عن ضالّتنا؟ وهل نفكّر فيه كما نفكّر في شؤوننا الشخصية؟ لو اتّفق لإنسان أنه كان مع الموت وجهاً لوجه كما لو كان في سفينة تحطّمت به وهي في عرض البحر، أليس في مثل هذه الحالة ينقطع الإنسان عادة إلى الله تعالى ويتوسّل به حقيقة؟ هكذا أيضاً ينبغي أن يكون تفكيرنا في الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ودعاؤنا لفرجه الشريف.
أما حالات قيام الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) بحلّ المشكلات العملية للناس فكثيرة جداً ومنها قضية نقلها المدرس الأفغاني (رحمه الله) في هذا المجال ومجملها أن شاباً ينتمي إلى إحدى الفرق الأخرى أضاع الطريق إلى مكة فتوسّل بالإمام (عليه السلام) فحضر الإمام (عليه السلام) ودلّه على الطريق ثم غاب عنه، وكان ذلك سبباً لتشيّعه.
المصدر: موقع الحجة بن الحسن
الهوامش:
===========
(1)بحار الأنوار ج: ٣٥ ص ١٩٣.
الإمام المهدي (عليه السلام) إمام الرحمة تأليف : السيد محمد رضا الشيرازي (قدس سره).