قول سديد: احذروا اللسان لأنّه العضو الأخطر!

آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
زيارات:187
مشاركة
A+ A A-

قولوا الحقّ لتصلح أعمالكم: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِيداً.

اشترك في قناتنا ليصلك كل جديد

‏«القول السديد» من مادّة (سد) أي المحكم المنيع الذي لا يعتريه الخلل، و الموافق للحقّ و الواقع، و يعني القول الذي يقف كالسدّ المنيع أمام أمواج الفساد و الباطل. و إذا ما فسّره بعض المفسّرين بالصواب، و البعض الآخر بكونه خالصا من الكذب و اللغو و خاليا منه، أو تساوي الظاهر و الباطن و وحدتهما، أو الصلاح و الرشاد، و أمثال ذلك، فإنّها في الواقع تفاسير ترجع إلی المعنی الجامع أعلاه.

‏ثمّ تبيّن الآية التالية نتيجة القول السديد، فتقول: يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ‌.

‏إنّ التقوی في الواقع هي دعامة إصلاح اللسان و أساسه، و منبع قول الحقّ، و القول الحقّ أحد العوامل المؤثّرة في إصلاح الأعمال، و إصلاح الأعمال سبب‌ مغفرة الذنوب، و ذلك ل إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ‌. [سورة هود، الآية ١١٤.]٣ يقول علماء الأخلاق: إنّ اللسان أكثر أعضاء البدن بركة، و أكثر الوسائل تأثيرا في الطاعة و الهداية و الصلاح، و هو في الوقت نفسه يعدّ أخطر أعضاء البدن و أكثرها معصية و ذنبا، حتّی أنّ ما يقرب من الثلاثين كبيرة تصدر من هذا العضو الصغير [عد الغزالي في إحياء العلوم عشرين كبيرة أو معصية تصدر عن اللسان، و هي:

١- الكذب

٢- الغيبة

٣- النميمة

٤- النفاق في الكلام، أي كون الإنسان ذا لسانين و وجهين

٥- المدح في غير موضعه ٦- بذاءة الكلام

٧- الغناء و الأشعار غير المرضية

٨- الإفراط في المزاح

٩- السخرية و الاستهزاء

١٠- إفشاء أسرار الآخرين

١١- الوعد الكاذب

١٢- اللعن في غير موضعه

١٣- التخاصم و النزاع

١٤- الجدال و المراء

١٥- البحث في امور الباطل

١٦- الثرثرة

١٧- البحث في الأمور التي لا تعني الإنسان

١٨- وصف مجالس الشراب و القمار و المعصية

١٩- السؤال عن المسائل الخارجة عن إدراك الإنسان و البحث فيها

٢٠- التصنع و التكلف في الكلام.

‏وفي حديث عن النّبي الأكرم صلّی اللّه عليه و آله: «لا يستقيم إيمان عبد حتّی يستقيم قلبه، و لا يستقيم قلبه حتّی يستقيم لسانه» [بحار الأنوار، المجلد ٧١، صفحة ٧٨.]٥.

‏و من الرائع جدّا ما ورد في حديث آخر عن الإمام السجّاد عليه السّلام: «إنّ لسان ابن آدم يشرف كلّ يوم علی جوارحه فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا.

‏و يقولون: اللّه اللّه فينا، و يناشدونه و يقولون: إنّما نثاب بك و نعاقب بك» [بحار الأنوار، المجلد ٧١، صفحة ٢٧٨.]٦.

‏هناك روايات كثيرة في هذا الباب تحكي جميعا عن الأهميّة الفائقة للّسان و دوره في إصلاح الأخلاق و تهذيب النفوس الإنسانية، و لذلك نقرأ

‏في حديث: «ما جلس رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله علی هذا المنبر قطّ إلّا تلا هذه الآية:

‏يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِيداً [الدرّ المنثور، طبقا لنقل تفسير الميزان، الجزء ١٦، صفحة ٣٧٦.]٧.

‏ثمّ تضيف الآية في النهاية: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّـهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً و أي فوز و ظفر أسمی من أن تكون أعمال الإنسان صالحة، و ذنوبه مغفورة، و هو عند اللّه من المبيضة وجوههم الذين رضي اللّه عنهم؟!

نقلاً عن تفسير الأمثل

مواضيع مختارة