هل الإيمان بالغيب سبب تخلف المسلمين؟!

آية الله السيد منير الخباز
زيارات:79
مشاركة
A+ A A-

الم (1) ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ…

قد يسأل السائل ويقول هل نحتاج الى عالم الغيب ونحن نعيش في هذا العالم الذي نمتلك فيه وسائل السيطرة على التكنولوجيا والفضاء وما إلخ؟
اشترك في قناتنا ليصلك كل جديد 

إنطلاقا من الآية المباركة التي أعتبرت أن من صفات المؤمنين أنهم يؤمنون بالغيب نتحدث في ثلاثة محاور:

-       علاقة عالم المادة بعالم الغيب

-       ماهو تعريف الغيب

-       علاقة الإنسان بالغيب

المحور الأول: علاقة عالم المادة بعالم الغيب

العلاقة تكمن في قانون الحركة فالوجود الذي نعيش فيه بأجرامه السماوية ونباتاته وأرضه  له نوعان من الحركة حركة ظاهرية وحركة جوهرية .

الحركة الظاهرية هي حركة الالكترونات حول نواة الذرة ففي الفيزياء الذرة بحسب النموذج المعياري تتكون من عدة جسيمات فهي تتكون من الالكترون وهي جسيمات ذو شحنات سالبة وبروتون ذو شحنات موجبة ونيوترون وهي جسيمات لاشحنات لها  . فالنيوترون والبروتون يشكل نواة الذرة فيدور حولها الالكترون.

وكل ذرة في هذا الكون تعيش حركة ظاهرية في أعماقها ووراء هذه الحركة هناك حركة أعمق وهي حركة جوهرية فالوجود كله يتحرك في صميم ذاته

وهناك فرق بين الفيزياء التقليدية والفيزياء الحديثة والتي تسمى بفيزياء الكم  فالفيزياء التقليدية تقول بأن لكل شيء أبعاد أربعة طول وعرض وعمق وزمن وأن الاشياء والموجودات منفصلة . أما فيزياء الكم تقول بأن الوجود الذي نعيش فيه له ثلاثة أبعاد الاتصال والحركة والحركة الجوهرية

 الاتصال يعني ان كل الكون كتلة واحدة متصل بعضه ببعض ولولا الحركة العميقة لما تحرك الالكترون حول نواة الذرة

 *وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ۚ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ*

وهذه الحركة حركة تدريجية بين الوجود والعدم وبين الخلع واللبس كجسم الإنسان الذي تموت فيه الالاف الخلايا وتحيا فيه الالاف الخلايا بصورة مستمرة  كذلك الكون يعيش حركة تدريجية تجددية بين الموت والحياة

 تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ

 فما هو مبدأ الحركة ومن أين جاءت الحركة؟

 نقطة التفرد التي انبثقت وتحولت إلى إنفجار عظيم وإلى وجود بفضل الحركة التي لها بداية ونهاية فمبدأ الحركة هو المحرك

أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ

 وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ فالكون يحتاج الى محرك في كل لحظة.

المحور الثاني: ماهو تعريف الغيب؟

الإنسان لأنه لايستطيع أن يعلم بالأشياء إلا عبر الحواس الخمسة يتصور بأن الكون فقط هذه الأشياء التي نراها . فهناك موجودات تدركها من خلال آثارها ولا تنالها بالحواس الخمسة كإدراكك بحب أمك لك و إدراك بأن معلمك يفكر من خلال كتابته وأيضا عالم مابعد الموت الذي تؤمن به ولا تناله بالحواس الخمسة

وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ*

فالإنسان محدود بالزمن والمكان ولا يستطيع تجاوزهما فعالم مابعد الموت موجود لا يستطيع ادراكه بالحواس الخمسة لوجود غطاء الزمان والمكان وذلك نفس الشيء مع الله عزوجل الذي هو موجود معنا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ

فالإنسان محدود بالزمن والمكان لايستطيع أن ينال اللامحدود وما هو وراء الزمان والمكان ولأن الحياة يعقبها موت عرفنا الحياة فالاشياء تعرف بأضدادها.

فالمراد بالغيب هو الوجود الإلهي الذي هو معنا أينما كنا ويمدنا بالطاقة والحركة.

اشترك في قناتنا ليصلك كل جديد

المحور الثالث: علاقة الإنسان بالغيب

علاقة الإنسان بالغيب هي علاقة إستمداد الكمال لتعويض النقص ورد عن النبي (ص) (من عرف نفسه فقد عرف ربه) فإذا أدركت أنك تعيش نقصا في وجودك وعلمك وطاقتك ستدرك بأن هناك مصدر يعوضك تقصك ويمدك بالطاقة والحركة (وجَّهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

أيضا عندما نقرأ دعاء الحسين عليه السلام يوم عرفة يعلمنا علاقة عالم الشهادة بعالم الغيب (يامولاي أنت الذي مننت أنت الذي انعمت أنت الذي أحسنت أنت الذي أجملت).

ثم يقول (أنا الذي أسأت انا الذي أخطأت انا الذي هممت انا الذي جهلت).

 فالمقارنة التي يعقدها الحسين عليه السلام بين الناقص والكامل تبين لنا حاجة الإنسان الى الغيب حاجة تعويض النقص  والمدد من الكمال  فالحسين عليه السلام ارتبط منذ ولادته إلى آخر لحظات حياته بمصدر الكمال (إلهي تركت الخلق طرا في هواك وأيتمت العيال لكي أراك).

وفي آخر لحظات حياته وو مخضب بدمه يقول (إلهي رضا بقضائك وصبرا على بلائك وتسليما لأمرك ياغياث المستغيثين ).

وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ

الثقافة الإسلامية زرعت في نفوس المسلمون الإعتماد على الأسباب الغيبية وقد تعلم المسلمون أن الصدقة وصلة الرحم والنافلة والدعاء أسباب لتحصيل الرزق ودفع المراض والأخطار والوقاية منها . 

بينما الغرب بنى حضارة شامخة وسيطر على التكنولوجيا وعلى الفضاء ولم يعمل بهذه الأسباب التي عمل بها المسلمون ولم تتقدم حضارتهم ولم يحصل لهم أي تقدم تكنولوجي.

هل هذا يعني أن اتكاء المسلمون على الأسباب الغيبية من صدقة وصلة رحم ودعاء هو سبب تخلفهم وتقهقر مسيرتهم الحضارية؟

ومن أجل تناول هذا الموضوع نتحدث في ثلاثة محاور:

-       إحاطة عالم الغيب بعالم المادة

-       العوامل التي تمنع من الوصول الى آثار الأسباب الغيبية

-       المدد الغيبي للإنسان بمختلف أنواعه*

المحور الأول: ذكرنا أن العالم الذي نعيش فيه هو عالم المادة والحركة كل شيء فيه متحرك والحركة فيه هي حركة بين الوجود والعدم ولذلك هي بحاجة الى محرك ومصدر للحركة في كل لحظه

القرآن الكريم يعبر عن عالم المادة وهو عالم الموت والحياة تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)

ويعبر أيضا عن عالم الملكوت وهو عالم الغيب المحيط والمسيطر على كل شيء وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ.

فعالمنا عالم حركة ومصدر ومدبر هذه الحركة هو عالم الغيب كإحاطة حركة اليد بحركة المفتاح عند فتح الباب.

عند الإطلاع على موقع ساينس ديلي نجد هناك دراسات علمية استغرقت أربع سنوات برعاية جامعة ساوثهامبتون بأنجلترا  وقامت  الدراسات على 2060 مصابا بسكتة قلبية والهدف منها إكتشاف هل هناك وعي لدى الإنسان بعد الموت أم لا .

فيقول أحد القائمين على هذه الدراسات أنه أكشف أن 39% ممن عادوا للحياة بعد الإنعاش قالوا بأنهم كانو واعين ومجموعة من هؤلاء وصفوا الأحداث التي حصلت بعد السكتة القلبية بوصف مطابق للواقع.

وهذا يعني أن بعد الموت هناك حياة ووعي متصل بعالم الدنيا وكل ذلك يؤكد التمازج والتواصل بين عالم المادة وعالم الغيب

وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ*

إذا فالتواصل بين عالم الغيب وعالم المادة بحيث يبقى عالم الغيب مسيطرا على عالم المادة تؤكده الدراسات العلمية .

اشترك في قناتنا ليصلك كل جديد

المحور الثاني:

نذكر عاملين من العوامل التي تمنع الوصول الى آثار الأسباب الغيبية

اقتضاء السبب ينتفي بوجود الموانع فقد يكون هناك سبب مؤثر لكن يوجد مانع يمنع من تأثيره فالدواء ليس دائما سبب في الشفاء وكثير من الناس يحرص على الدراسة بجد واجتهاد ولا يحصل على المعدل المنشود فالأسباب المادية تتعثر أحيانا وكذلك الأسباب الغيبية كالصدقة مثلا قد تتعثر بوجود موانع كالإصرار على الذنوب والإصرار على المعاصي والظلم. إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ

عدم الإحاطة بمساحة التأثير

الإنسان سجين حواسه الخمس وهو يفكر بأنه ينال الدنيا كلها بحواسه الخمس وهذا ناتج عن قصر نظره وقلة معرفته. فربما صدقة اليوم أو صلة الرحم لاتؤثر إلا بعد سنة وربما دعائك لايؤثر عليك لكن يؤثر على جارك او صاحبك.

هناك نظرية في علم الرياضيات  تسمى نظرية الفوضى أو تأثير الفراشة هذه النظرية تقول ان الظواهر المفاجئة غير المتوقعة يمكن دراستها عبر معادلات رياضية لنكتشف أسبابها الحقيقية.

ومنشأ مصطلح تأثير الفراشة بعد 139 إجتماع للجمعية الأمريكية للتقدم العلمي طرح الدكتور لورينز سؤال وقال هل يمكن أن تؤثر رفرفة الفراشة في البرازيل على إعصار في تكساس؟ فيقولون في نظرية الفوضى نعم ممكن بمعنى أن هذه الرفرفة محفز لحصول عوامل متسلسلة تؤدي الى وقوع اعصار في تكساس .

من هنا نشأ مصطلح رفرفة الفراشة فالظواهر قسمين متوقعة ناشئة عن الجاذبية والكهرباء والتفاعلات الكيميائية وغير متوقعة كنتائج سوق المال ونتائج الاضطرابات الشعبية وعمل الدماغ البشري وهذه الظواهر تسمى فوضى وغير متوقعة ومع ذلك يمكن دراستها رياضيا لإكتشاف أسبابها الخفية فليس كل ماتظن أنه عمل حقير لاسببية له فربما الحشرة تنشر وباء عالميا.

إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ

 فالإنسان ليس لديه قدرة على الإحاطة بمساحة الأسباب والمؤثرات فلا يحتقر الصدقة ولا صلة الرحم ولا الدعاء فلربما يكون لهذه الأسباب آثار مستقبلية كبيرة لا يدركها في الوقت الحاضر

 المحور الثالث:

أولا: هل من أسباب تخلف الشرق الأوسط أو بلاد المسلمين عن الركب الحضاري أنه اعتمد على أسباب غيبية من صدقة وصلة رحم ونافلة ودعاء؟

هناك فرق بين الملسمين وبين بلاد المسلمين فكثير من المسلمين في الغرب مبدع ومتميز وكثير من الأبحاث العلمية التي ساهمت في نظريات ومخترعات عظيمة مصدرها علماء مسلمين . فتخلف بلاد المسلمين ناشىء عن انشغالها بالصراعات  والخلافات المذهبية والحزبية والعرقية وليس ناشىء عن ايمانها بالأسباب الغيبية.

ثانيا: عندما نقرأ آثار المدد الغيبي على الإنسان يتجلى لنا المدد الغيبي على الإنسان من خلال ثلاثة آثار:

الإلهام: فالوصول إلى النتائج المهمة لا ينحصر على التجربة والإستدلال العقلي فقد يكون هناك عامل ثالث وهو الإلهام (اينشتاين) يقول توصل إلى نظريته بالإلهام

الإستقرار نتيجة الشعور بالإنتماء: نظرية ماسلو (الحاجات الأولية لللإنسان الحاجة الى الحب والتقدير والإنتماء) فالشعور بالإنتماء يظفي على الإنسان الشعور بالهدوء والراحة والاستقرار والاطمئنان فنجد الطفل يلجأ الى أمه عند تعرضه لأي مشكلة لينعم بالشعور بالإنتماء إلى أصله وهذا الشعور يعطيه حالة من الهدوء والإستقرار.

وعندما نقارن بين الشرق والغرب نجد بأن الشرق المتخلف تكنولوجيا يعيش شعور بالإنتماء يظفي عليه حالة من الهدوء والإستقرار فالتعلق بالله والتعلق والأرتباط بالغيب يغذي الشعور بالإنتماء الى المصدر والسبب الأول الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ.

بينما نجد التقارير تشير إلى أن أكثر العيادات النفسية إنتشارا ورواجا في الغرب، وذلك لإنتشار القلق والإضطراب النفسي وعدم الإستقرار ولذلك يعيش الغرب أكبر حالات من الإنتحار وألوان وأشكال من الأمراض النفسية وذلك لأن كثير من شباب الغرب فقد الإيمان ففقد الشعور بالإنتماء وعندما فقد الشعور بالإنتماء فقد حالة الهدوء والإستقرار

فالعبادة والدعاء والصدقة وصلة الرحم تظفي على الإنسان إستقرار وشعور بالانتماء وتخلصه من براثن أمراض القلق والتأرجح.

فالآثار ليست منحصرة على العوامل المادية. فالإنسان يحتاج الى السعادة الروحية أكثر من السعادة المادية والسعادة الحقيقية أن تعيش هدوء واستقرار واطمئنان والطريق للسعادة الحقيقية هو الإرتباط بالغيب إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ*

اشترك في قناتنا ليصلك كل جديد 

إن لهذه الأسباب الغيبية أثرا إجتماعيا وإن لم يكن لها أثر مادي: فالدعاء لأخيك المؤمن بظهر الغيب يصنع علاقة روحية بينك وبين أخيك المؤمن إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.

فهذه الأسباب وإن لم يكن لها آثار مادية فإن لها آثار إجتماعية واضحة في توثيق الروابط الإجتماعية بين أفراد المجتمع

ثالثا: الإبتلاء

هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا

وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

ومن هنا عاش النبي (ص) بلاء شديد وكذلك علي والحسن والحسين عليهم السلام

خطّ الموت على وُلد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يُوسُف وخير لي مصرع أنا لاقيه كأني بأوصالي تُقطعها عُسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء فيملأن مني أكراشاً جوفاً وأجربةً سُغباً، لا محيص عن يوم خُط بالقلم رضا الله رضانا أهل البيت نصبرُ على بلائه ويوفينا أجور.

*محاضرة لآية الله السيد منير الخبّاز قررها: جعفر العباد

 

مواضيع مختارة