اخوتي اخواتي..
سبق وان تطرقنا الى مجموعة امور تتعلق ببعض المظاهر الاجتماعية وما يعنينا فعلاً هو تشخيص بعض المشاكل ولعلنا ايضاً نُوفّق الى إيجاد حلول عامة لها.
طبعاً هناك بعض الاشياء قد تكون اشياء فردية فضررها يحيّد بالفرد، وهناك اشياء تكون عامة لا شك ان الضرر سيتسع وستبدأ مشاكل جمّة إذا انتشرت هذه الظاهرة.
سبق وتكلمنا عن موضوع الحياء وقلنا المخاطر الكبيرة التي تنشأ من سلخ الحياء، والانسان عليه ان يكون صريحاً خصوصاً اذا تنبأ وتوقع ان بعض المشاكل قد تبدأ الآن صغيرة لكنها قد تنمو وتكبر والذي سيدفع الثمن الكثير من الناس حتى الذي لا يرضى بهذا الفعل سيدفع الثمن باعتباره هو غض النظر او سكتَ او لم يكترث او كان بسيطاً ساذجاً لم يعِ حجم المشكلة على اختلاف المشارب بالنتيجة الواقع لا يتبدل اذا كانت المشكلة فعلا ًموجودة ستصل الآثار السلبية لها وايضاً اذا كان الواقع واقعاً جيداً وواقعاً خيراً سيعم الخير للجميع حتى الذي لا يلتفت لهُ..
موضوعة الحياء من المواضيع المهمة التي اصبحت تهدد مجتمعنا لفقد الاساليب التربوية الناجحة.. وهذه القضية كما نوهنا لها قطعاً لا تحل بخطبة او محاضرة او ما اشبه وانما تحتاج الى قرارات وتحتاج الى رعاية اجتماعية للحفاظ على هذا البناء المجتمعي المهم..
اليوم اُحب ان اتحدث عن مصطلح لنسميه (الحياء الفكري)، ما معنى الحياء الفكري؟ الحياء العلمي؟ هذا يختلف عما سبق ذكره، الاول الحياء العرفي ان الانسان لا يستحي اجار الله السامعين جميعاً وبعض الأحاديث تقول إذا كنت لا تستحي فافعل ما شئت، لأن الحياء حالة من الكوابح امام النفس تمنع النفس من ان تُعطى قيادة، الانسان يستحي فلا يفعل ما يشاء.
هناك حياء من نوع خاص هو الحياء الفكري ان الانسان عليه ان يحترم الفكر وعليه ان يحترم العلم فإذا لا يحترم العلم ولا يحترم الفكر معنى ذلك انه هذا الرجل ليس له حياء علمي وليس له حياء فكري وانما يخبط خبطة عشواء في امور هو ليس من فرسانها بل لا يفقه فيها أي شيء وتجده يخوض غمارها وهو جاهل واسلوبه ايضاً ينمُ عن جهل ومن الصعوبة بمكان ان تُقنع جاهلا ً والجاهل قد تتعب معهُ ولا تصل معهُ الى نتيجة وخصوصاً اذا كان لهذا الجاهل اتباع جهلة مثلهُ وهذه مشكلة، الناس اما عالم او متعلم او همج رعاع ينعقون مع كل ناعق، المشكلة هذه.
لاحظوا الآن المجتمع فيه جوانب اقتصادية وفيه جوانب هندسية وفيه جوانب تجارية وفيه جوانب ثقافية وفيه جوانب فكرية والجوانب الثقافية والفكرية ايضاً فيها جوانب دينية وجوانب غير دينية وهذه طبيعة أي مجتمع، عندما نفقد الحياء الفِكري أي لا نحترم العلم نتخبط وهذا حديث سواء كان لدولة تسمع لمؤسسات مجتمع تسمع لعشائر تسمع لمجتمعات تسمع لأُسر تسمع لمدارس تسمع.. عندما لا نحترم الجانب الفكري ولا نحترم الجانب العلمي نتخبط ولعل من اكثر الاشياء عرضة لهذا هو الجوانب الدينية اخواني.. الجوانب الدينية عُرضة الى الكلام غير المربوط والكلام غير الدقيق وتجد اننا نمتلك الجرأة على ان نتحدث في الجوانب الدينية بكل شيء قد لا نمتلك هذه الجرأة في الجوانب الهندسية مثلا ً او لا نمتلك الجرأة في الجوانب الطبية مثلا ً الناس رأساً تشكل علينا تقول انت مهندس؟ تقول لا، انت طبيب؟ تقول لا.. الا القضايا الدينية سمحنا لأنفسنا بأن كُل أحد منّا يتدخل فيها، وللأسف البعض مِنّا فقد هذا الحياء الفكري لماذا؟ لأنه امام الطب يقف اذا تكلم بغير لغة الطب يُستهزأ بهِ، اما في القضايا الدينية ابحنا لأنفسنا اننا نتكلم في كل شيء دينياً..
البعض يتصور ان المسائل الدينية سهلة يعني العلوم الدينية، المسائل الدينية اخواني من اعقد المسائل، فهم الأدلة الشرعية من أعقد الأشياء، الانسان ليس بالضرورة ثلاثين سنة مع الدرس والتدريس يصل الى المراتب العالية الذي تُبيح له ان يستنبط الحكم الشرعي ليس بالضرورة..
هذه المسائل أي علم من العلوم الآن واقعاً هي أدق وفيها تخصصات دقيقة جداً، انت لا تعتقد ان الرسالة العملية للعالم كتبها بين ليلة وضحاها، أفنى عمره الشريف في سبيل ان يكتب والبعض يتردد في ان يكتبها لأن يرى نفسه الى الآن غير قادر يشك انه هل مؤهل أنا او لا؟! ويأتي احد بكل جرأة وبساطة يشكل ويشكل وهو اقرب للاستهزاء منهُ الى المطلب العلمي، هذا لا يتعلق اخواني بالمسائل الدينية يتعلق بالجميع لكن مشكلتنا نحن أبحنا لأنفسنا ان نرفض التدخل في تلك العلوم ونقبل التدخل في هذه العلوم وتجد تجاوز على رموز وعلى ائمة وعلى علماء بشكل جداً جداً استسهلنا هذا اللون من عدم الحياء.
الانسان لو يملك الحياء العلمي والحياء الفكري يقف يحترم نفسه الذي يمتلك الحياء يمتلك الاحترام انا لابد ان يكون عندي حياء علمي فاحترم العلم يكون عندي حياء فكري فاحترم الفكر اما اذا لا املك هذا الحياء اخبط خبطة عشواء واكون اضحوكة والذي يساعدني ويثني على قولي هو ايضاً مثلي لا يملك هذا الحياء، الذي يملك الحياء يقف يقول هذا حرام لا يجوز ان اتعداه انا لست من هذا اللون انا احترم اختصاصي واذا كنت احترم اختصاصي عليَّ ان احترم اختصاص الاخرين..
ولذلك تجد اخواني انا قلت سابقاً والآن اُكرر وعلم الله انا حريص جداً على شبابنا وعلى ابنائنا وعلى بناتنا من ان ينزلقوا منزلقات خطيرة نتيجة عدم تورّع وعدم حياء البعض في ان يلقنهم معلومات بعيدة عن الواقع..
الانسان في بداية حياته كثير من الاشياء لا يقتنع بها مقتضى تطوّر العقل بعد خمسين عشرين ثلاثين سنة يكتشف ان نفسهُ كانت خاطئة.. قال انا كُنت اشكل سابقاً الخطأ عندي انا لم أفهم وعيي ونُضجي لم يؤهلني الى ان أفهم لكن خلال هذه الفترة عليه ان يحترم قدراته وان يحترم قابلياته، بعض المشاكل تؤدي الى هلاك اجتماعي والى فساد اجتماعي نتيجة الجري مع نكرات ومجهولين يتطفلون على كثير من ثوابتنا ومبانينا وانا بصراحة اقول لولا ان هؤلاء لم يجدوا من يسمع لما نمو المشكلة انهم يجدون من يسمع، انا الان لم أسمع احد يتطفل على الطب لم أجد احد يتطفل على الطب او يجعل هناك مكان كبير يقول انا اداوي الناس سيُكتشف أمرهُ والناس اصلا ً تنفر منهُ، نعم بعض الناس قد تأتي مع بعض الدجالين الذين مثلا ً يسهلّون العلاجات وتلك مشكلة اخرى اتحدث عنها في وقت آخر لكن كلهُ يرجع الى الجهل، الوعي اخواني الوعي خصوصاً الادراكات الوعي الفكري والثقافي مانع من ان ينخرط المجتمع الى المهاوي، الآن اقرأوا اساطير تحكم البلاد اساطير مبنية القضية على اساطير تجد هذا المجتمع لا يفهم ماذا يريد، الانسان عندما يعي وعندما يفهم وعندما يفكّر سيقف مانعاً، انا هذه الآيات الشريفة الان نحن عرب ونفهم اللغة العربية والقرآن جاء بلغة العرب بعض الآيات الشريفة الانسان يقضي وقت كبير حتى يفهم بعض ما تشير له الآية الشريفة..
انا اسمع البعض يقول خطأ في القرآن الكريم حقيقة عندما اقرأ هذا الذي يخطّأ القرآن حقيقة كلامه يُضحك الثكلى لا يفهم شيء لا في اللغة ويأتي يريد ان يُخطّأ القرآن الكريم وهذا عجيب.. القرآن نزل بلغة العرب عند العرب الافصاح الذين كانوا لا يتكلمون الا اللغة العربية يتنفسون الأدب كلامهم حكمة هم هؤلاء عجزوا عن ذلك وانت الآن مجرد ان تدرس كلام كلامين تُشكل على القرآن وتُضحك الآخرين عليك، نعم قد يميل معك الذي يكون على شاكلتك او انت تأتي لمقدسات تستهزأ بها بطريقة مجّة لا تحترم نفسك ولا عندك حياء بمجرد هذا الشيء في ذهنك لابد ان تتفوه به، هل يُعقل هذا ان نصل الى حالة نحنُ لا نحترم قيمنا ولا مبادئنا ولا نحترم مقدساتنا بدعوى من الدعاوى التي تكلمنا عنها سابقاً حرية وامثال ذلك..
انا قلت اخواني لابد ان تلتفتوا لمميز مهم وارجوا الالتفات تسمع الدولة وتسمع المنظمات وكل احد يسمع لابد ان تميزوا بين الفوضى وبين الحريّة، هذا الذي يجري بسبب الفوضى، ما جدوى ان نتكلم كلاماً اذا كان لا يترتب عليه أثر.
هذا الذي اوقعنا الى ما نحن فيه وجود فوضى انهوا الفوضى، انهوا الفوضى وابدلوها بالحرية والحرية لها ضوابط واصول ولها قيم نحن ابناء الحرية الله تعالى خلقنا احراراً ونحن نريد الحرية لا نريد الفوضى الفوضى فيها مهالك..
على الانسان ان يحترم ويكون عنده هذا الحياء الفكري والحياء العلمي، انا عندما اناقش رجلا ً عالماً لابد ان اتسلح بشيء حتى اكون بمستوى النقاش..
بعض المطالب اخواني انتم لا تعرفون طريقة الحوزات المباركة اينما كانت في طريقة التلقي والدرس والجهد البعض يتعب لا يتحمل الجهد يحتاج الى مران وتحتاج الى توفيق حتى يخرج عالم يحمل علوم آل محمد بعد ان يقضي سبعين او ستين عاماً الأمر ليس سهلا ً اخواني هذه امانة القيها من عنقي لكم.. لابد ان تحافظوا اخواني حافظوا على المقدسات وعلى القيم وحافظوا على هذا الجانب الحياء الفكري والحياء العلمي..
نُبيح لأنفسنا ان نتدخل في كل شيء ونرفض كل شيء وننقد كل شيء والمشكلة بعض الشباب والاخوة وقعوا في فخ نناقش نناقش.. عندما يصل الى الطب يسكت وعندما يصل الى الهندسة يسكت اما هنا.. ولذلك وقعنا في مشاكل اخواني..
هذا قولي وهذه نصيحتي لنفسي قبل ان تكون لكم لكن علم الله ان ما يمر به شبابنا وتمر به بناتنا أمرٌ يحتاج منّا الى جهد جميعاً اخواني هؤلاء هم بذرة البلاد وهؤلاء هم امل البلاد فليربوا تربية سوية صالحة مؤمنة تنفع البلد هؤلاء هم يبنون البلد اذا لم يكن فكر الانسان مستقيم كيف يبني بلده الفِكر المعوج لا يحقق بناءً مستقيماً مستحيل هذا لا يكون..
نسأل الله وتعالى ان يرينا في بلدنا كل خير وان يحفظ شبابنا وبناتنا ويحفظكم جميعاً وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..