ينشر موقع الأئمة الإثني عشر التابع للعتبة الحسينية المقدسة حواراً أجراه مع سماحة السيد محمد صادق الخرسان، نجل آية الله المرحوم السيد محمد رضا الخرسان (ره) والذي تناول موضوعة التقليد السائد في الوسط الحوزوي بـ "كسر الختم".
وفيما يلي النص الكامل للحوار:
حاوره: جسام محمد السعيدي
موقع الأئمة الإثني عشر: ما معنى (الختم) في عرف الحوزة العلمية؟ وهل يلزم امتلاكه درجة علمية معينة؟
- يستعمل الختم لتوثيق ما يصدر عن شخص معين أو جهة معينة، ليكون هذا التوثيق بطريقة أبعد عن التزوير؛ لأن الختم عادة يحمله الشخص نفسه، ولا يعطيه لغيره. وحتى أختام الدوائر الرسمية تكون في عهدة شخص مؤتمن عليها؛ لئلا يستعملها كل أحد ويُسئ استعمالها أو يستغلها لمنافع معينة.
موقع الأئمة الإثني عشر: ما الفرق بين ختم المرجع وختم المجتهد؟
- لا يتحدد امتلاك أحد للختم بدرجة علمية معينة، بل يظهر من الوثائق العراقية وغيرها أن الختم كان يستعمله جميع فئات المجتمع ومن القديم، كما يُلحظ لدى القدماء من البابليين والآشوريين حين تراجع الآثار العراقية في المتحف العراقي وغيره، ولو لسهولة إنجاز التوثيق به؛ لأنه كالتوقيع أو البصمة الآن. ولذلك لم يستغن الناس عن الختم حتى مع وجود التوقيع، كما يحصل في توثيق الشهادات الجامعية أو ما يكتبه الأطباء وغيرهم. فالختم على الوثيقة اعتراف الشخص أو الجهة بصحة صدورها.
وعليه فالختم يستعمله المرجع والمجتهد وغيرهما من أفراد الناس.
لكن ربما يختص المرجع أو المجتهد بشيء، وهو أنه بموته يُبادر أولاده ويُسرعون إلى الإعلان عن كسره؛ لئلا يستعمله أحد فيزوّر عن والدهم شيئاً بعد موته لم يصدر منه في حياته.
فكسر الختم وعدم إبقائه في متحف خاص أو عام، يمثِّل إعلانا عن إنهاء هذا الملف تماماً، وبالتالي فهو مؤشر إيجابي على موضوعية الولد، وشفافية تعامله مع هذه القضية المهمة التي لا تحتمل التأخير.
موقع الأئمة الإثني عشر: تناقلت صفحات التواصل مراسم كسر خاتم المجتهد المرحوم آية الله السيد محمد رضا الخرسان طاب ثراه، ماذا يعني ذلك في عرف الحوزة العلمية؟ ولماذا لم نكن نشاهده سابقاً؟
- ما تميزت به عملية كسر ختم المرحوم الوالد السيد محمد رضا الخرسان، هو تصويرها المباشر وتناقله في صفحات التواصل، مما حقق انتشاراً واسعاً بين صفوف الناس الذين لم يطلعوا على الموضوع بحكم عدم احتكاكهم، وإلا فهو ليس الأول بل يوجد الآن في النجف الأشرف علماء على قيد الحياة حفظهم الله قد حضروا مجالس كسر ختم المراجع كالسيد الخوئي والسيد السبزواري والشيخ علي الغروي وغيرهم.
كما يمكن البحث في الإنترنت عن مقاطع تعرض مثل ذلك قد حدث قريباً في مدينة قم المقدسة.
وأما المرحوم والدي رحمه الله فكان يستعمل الختم عند إعطائه وصولات قبض الحقوق الشرعية منذ أيام حياة أستاذه السيد الخوئي، ولم يحدث ذلك متأخراً، لكن ما استجدّ هو أنه كان يرى رحمه الله ضرورة صرف الشخص بنفسه لخُمسه في البلد، وعدم نقلها عنه، حتى إذا حصل اكتفاء ذاتي لفقراء البلد فيتم نقله إلى فقراء بلد آخر محتاج للدعم المالي.
وكان يُجيز الأخوة المؤمنين بذلك، وهذا هو أكثر الحالات، فلا يتسلم الحقوق ولا تجتمع عنده؛ لأنه يُعيدها بيد الشخص نفسه، أو يعطيها لبعض المؤتمنين من مختلف الشرائح، فقد كان فيهم بعض التجار وطلاب العلم والكسبة؛ فهو رحمه الله يحرص على وصول الخُمس للفقراء وعدم حصر توزيعه بأهل العلم فقط؛ لأنه مراقب وتتابعه السلطات آنذاك، حتى قد يُعتقل بعض الطلبة بسبب توزيعه المال المخصص للفقراء.
وإنما ذكرتُ ذلك لاطلاعي المباشر عليه، حيث يأمرني رحمه الله بإدارة هذا الملف وغيره مما يخصه، كملف إصدار إجازات الرواية التي تستدعي التثبت من أهلية الشخص طالبها. وهذه الإجازة أيضاً كان رحمه الله يختمها.
وبالتالي كانت عدة استعمالات للختم، كما انتفت الحاجة لاستعماله في وصولات الحقوق لمدة خمسة وعشرين سنة تقريباً، وما زلت أعرف الأشخاص وأماكنهم الذين كانوا يتسلمون منه وصولات قبض حقوقهم.
ومن الدوافع للإعلان عن كسر الختم: هو قطع الطريق أمام الذي يستغل ثقة الناس بسماحة المرحوم والدي، حيث عرفنا في حياته أن بعض الأشخاص ادعى أن والدي يشهد له بالاجتهاد، أو بالسيادة، أو أنه شهِد على وصيته مع أنه لم يحدث ذلك مطلقاً لهؤلاء المدّعين وقد كذّبنا في حينها دعاواهم.