*جنات عبدالرحيم
يشكِّل غياب الثقة بين الطفل ومحيطه عاملاً رئيساً لضعف تقديره لذاته. وممّا لاشكّ فيه أن الوالدين يمثِّلان القدوة والمثال الأعلى الذي لا يخطئ أبداً في عينيّ صغيرهما، لذا يجدر بهما أن يكونا أهلين لهذه الثقة وأن يدركا حجم مكانتهما في نفسه وأن يراقبا تقصرُّفاتها بما يتناسب وهذه المكانة.
ومعلوم أنّه إذا نجح الوالدان في بناء جسور من الثقة والتواصل مع الطفل، يمكنهما اكتشاف طاقات النبوغ والتمييز والإبداع لديه، وبالتالي تدعيمها وتنميتها. ومع متابعته بين الحين والآخر، يمكنهما أن يلتمسا أيضاً مناطق الضعف داخل نفسه فيعيدان إليها توازنها، كما يستطيعان من خلال ثقة الطفل بهما أن يغرسا فيه مبادئ الأخلاق والصفات الحميدة... لكل هذه الأسباب، تعتبر ثقة الطفل بوالديه من ضروريات العملية التربوية.
الاختصاصية في علم النفس وتعديل السلوك جنات عبدالرحيم تقف هنا على بعض الطرق التي يمكن من خلالها كسب ثقة الطفل:
1- الثبات في المعاملة
يقضي الثبات في المعاملة في اعتماد الأب أو الأم أسلوباً محدّداً للثواب والعقاب، فلا يعاقب الطفل على سلوك معيّن مرّة، ويثاب مرّة أخرى لدى اقترافه السلوك عينه! ومعلوم أن هذه الطريقة تضع الصغير في مواجهة الحيرة، إذ لا يدرك ما إذا كان على صواب أم على خطأ. وغالباً ما يترتّب عن إتّباع هذا الأسلوب المتناقض من الوالدين تقلّب وازدواج شخصيّة الطفل، فنجده يتعامل برفق وحنان تارة وبقسوة بدون أي مبرّر تارة أخرى.
2- لا تستخفّي بعقله
أجيبي عن كل أسئلة طفلك، مهما شملت من موضوعات، بلغة بسيطة يفهمها، ولا تجرحي شعوره عبر الضحك والسخرية منها، علماً أنّ الطفل يكتشف أسرار الحياة اليوميّة من الملاحظات التي يوجّهها إليه الأهل. وبالطبع، إن الاستخفاف بعقله ومدّه بمعلومات وحجج واهية لردعه عن القيام ببعض الأمور قد تكون سبباً في جهله لكثير من الحقائق، ليتّسم تعامله مع المواقف المختلفة بالسطحية!
3- لا تميّزي في المعاملة
لا تقارني بين أطفالك، واحذري التمييز في معاملتهم، لأن من شأن ذلك أن يثير حفيظة وغيرة الطفل "الأقل شأناً"، فيصيبه الحزن لأنّه لم يحظّ بإعجاب والديه ويفقد ثقته فيهما ولا يستطيع إدراك قدراته الشخصية التي يتميّز بها عن الآخرين لأنّه يعتقد أنّهم أفضل منه.
4- لا تفشي سراً ائتمنك عليه صغيرك
للطفل أسراره التي لا يرغب أن يشاركه بها الآخرون، إلا أنّ الأُم ونتيجة لقربها الدائم من طفلها فإنّها تستطيع اكتشاف هذه الخفايا. وفي هذا الإطار، إذا حطّم أحد أغراض المنزل أو ضاعت منه نقود أو تشاجر مع أحدهم، وإذا تفاهمت معه على أنّ الأمر بسيط وعالجت الموقف بينكما، يعتاد على أنّك كاتمة لأسراره ويعتبرك الملاذ الآمن له من أي ورطة أو موقف صعب، وستجدينه يبادر إلى إخبارك قبل ان تكتشفي أسراره بنفسك.
5- لا تخلفي وعودك له
إحرصي على ألا تعدي طفلك بشيء يتمنّاه بهدف الخروج من موقف أو لتحفيزه على القيام ببعض المهام، فيما تعلمين أنّك لن تفي به. فعندما يكتشف كذبك عليه، سيخيب أمله فيك ولن يصدّقك أبداً في وعود أخرى. واعلمي أن نكث العهود هو من بين أكثر التصرّفات التي تهزّ الصورة المثالية التي يرسمها الطفل عن والديه. وإذا كان لابدّ أن تعديه بشيء، فاختاري ما تقدرين على تحقيقه.
6- اكسيري حاجز الخجل
يتمّ هذا الأمر عن طريق التحدّث معه في كل ما يخصّه ومنحه فرصة للتعبير عمّا يجول في فكره، حتى ولو كانت أسئلته محرجة أو تتعلّق بأمور شخصية. وساعديه في التخلّص من الشعور بالإحراج والخجل أمامك، ودعيه يتعامل ببساطة معك دون أي تكلّف... وبذا، يمكنه التغلّب على نقاط الضعف لديه (الخجل والخوف وضعف الثقة في نفسه).
7- لا تهدّدي بدون تنفيذ
لا تواجهي أخطاء طفلك بتهديدات قد تتراجعين في ما بعد عن تنفيذها إشفاقاً عليه، واعلمي أن التهديد لا يعتبر أداة ردع ما لم يوقن الطفل بأنّه سينفّذ لا محالة، وإلا سيعتبر كل تهديداتك له مجرّد كلام ولن يكترث بها. وفي هذا الإطار، كلّما ابتعدت عن استخدام العنف والعصبية في تهديد طفلك كلّما اعاد معك الصدق والصراحة، واعلمي أن عصبيتك تضع حاجزاً من الخوف بينه وبينك.
8- صادقي طفلكِ
إنّ قضاء بعض الوقت في مشاركة طفلك اللعب أمر في غاية الأهمية، لأنّه سينتقل بك من مرتبة الأُم التي تعطي التعليمات والأوامر إلى مرتبة الصديقة التي تشاركه تفكيره وإهتماماته وتلهو وتمرح مثله.. فعندما ترصّين مع طفلك مكعّباته لعمل شكل متقن أو تحيكين فستاناً لعروسة طفلتك وتمشِّطين معها شعرها، فأنتِ بذا تبنين جسراً للصداقة والثقة.
9- كوني قريبة
قدّمي لصغيرك ما يسعده وتجنّبي ما يبكيه، وامنحيه الشعور بالأمان والطمأنينة ووفِّري له إحتياجاته، وتابعي أحداثه اليومية وامنحيه فرصة لمحادثتك، وحاولي إشباع حاجاته النفسية وأشعريه بأنّه محبوب في حدود معقولة لا تصل إلى التدليل. إفعلي ذلك بحبّ ومتعة، لأن شعورك سوف ينتقل إليه بكل تأكيد وسيكون على ثقة من محبّتك الحقيقية له، ولا تعطي الفرصة لغيرك أن يكون أكثر قرباً لطفلك منّك.
10- كوني قدوة
الطفل مرآة لوالديه، فإن رأيا أنّ ثمة ما يعيب خلق طفلهما يجدر بهما إعادة النظر في أخلاقهما. وبالطبع، إنّ تصرّفاتهما أمام صغيرهما تحدِّد تصرّفاته مع الآخرين. لذا، كوني ووالده قدوة طيِّبة، وإذا نهيتماه عن سلوك معيّن، فلا يأتي أحدكما بمثله أبداً.