4 نصائح من السيد السيستاني في مواجهة ’’المغريات’’

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «موقع الأئمة الاثني عشر»

ينشر موقع الأئمة الاثني عشر إجابة سماحة آية الله السيد محمد باقر السيستاني، دامت بركاته، تتضمن أربع نصائح مهمة للشباب في مواجهة "التحديات والمغريات".

وفيما يلي النص الإجابة:

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

س: ما هي نصيحتكم للشباب في مواجهة التحديات والمغريات؟

إن هناك نصائح عامة وأخرى خاصة:

أما النصائح العامة فهي تمسك الإنسان في منهجه في الحياة في أموره كلها وخاصة في الأمور المهمة - التي تحتاج إلى تأصيل ثابت ويؤثر على مجمل حياته وليس في يوم أو شهر أو سنة - بخصال أربع، هي:

أولاً: الرشد والتعقل بتحصيل انطباع موضوعي وواقعي وناضج وجامع عن الموضوع الذي يكون بصدد التعامل معه، وذلك من خلال التأمل والبحث والتحري والتثبت والمشورة حتى يلتفت إلى الأبعاد والعواقب والاعتبار بالأمثال في جانب الايجاب بالاقتداء بالنماذج الموفقة والمحمودة والناجحة وفي جانب السلب بالاعتبار والاتعاظ بالحالات التي يجدها في اخرين انزلقوا في اثر هذه التحديات والمغريات.

وثانياً: الحكمة، وهي اعتبار الإنسان بما علمه والاندفاع إليه، فمن علم بالضرر في عادة ما كالتدخين ثمّ مارسها يكون راشداً، ولكنه غير حكيم لعدم اعتناءه ومراعاته بعلمه، فلا بد أن يسعى الإنسان إلى تطبيق ما يصل إليه عملاً، وذلك مما يساعد على نمو الرشد.

وثالثاً: الفضيلة، فإن الفضائل تقي الإنسان عن كثير من المحاذير والمعاناة والشقاء في الحياة، وكم من شخص تجنب عن أمر ذميم كالنميمة والغيبة ترفعاً فكان ذلك مصدراً للسكينة والاستقرار في حياته، وآخر ارتكبه فلم يحظ بالسعادة، بل هدم من سعادته أضعاف لذة عاشها.

ورابعاً: العزيمة، فلا بدّ من اعتبار الحياة تحدياً، ولا بد من تعامل الإنسان معها مسيطراً على نفسه مالكاً لعزيمته غير مستسلم لانزلاقاته واستشعاره، أن رجولة الرجل ونضج المرأة ليست بالانزلاق إلى الأهواء والرغبات والتحرك وفق كل ريح، بل في الثبات والصبر حتى يملك لجام نفسه وزمام أمره.

فهذه معانٍ أربعة هي دعائم الحياة وأسسها وقواعدها كما تشهد به الفطرة الإنسانية، فمن راعاها مراعاة مناسبة وجد من البركات والتوفيق والسعادة من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب.

وأما النصائح الخاصة: فهي أربع:

أولاً: المحافظة على الوقت : عدم هدر الإنسان لوقته فيما لا ينفع، فإن ذلك إضاعة للعمر وتضييع للاهتمامات الضرورية لا محالة، فحياة الإنسان لا سيما في هذا العصر مزدحمة باقتضاءات ضرورية للحياة من قبيل التثقيف الديني والعقلاني والمعرفي والإتيان بفرائض الدين والمعايشة الاجتماعية التي تساعد على تقوية الثقافة الراشدة وأداء الحقوق اللازمة مثل صلة الأرحام وعمل الإنسان للارتزاق والإنفاق على ذويه، والمعاشرة المناسبة لأسرته وأهله وأداء الوظائف الأسرية، وبعض التنفيس عن النفس والاستجابة لمقتضيات الفطرة في طعام وشراب وزواج وراحة ونحو ذلك، والوقت هو رأس المال الذي لا بد أن يستثمره الإنسان لحياة سعيدة وزاكية في الدنيا ثم الآخرة، فلا ينبغي صرفه بغير ميزان، وإن رغب المرء في شيء تنفيساً عن نفسه فليضع لنفسه وقتاً لا يتعداه ولا يسترسل فيه بغير حساب.

وثانياً: الاستخدام النافع للوسائل الحديثة، فإن هذه الوسائل وإن كانت نعمة إلا أنّ على كل نعمة ضريبة، ورب نعمة كانت نقمة وابتلاء وفتنة، فلا بدّ للمرء من صيانة النعمة عن أن تستدرجه إلى مواطن الضياع والتضييع والانحدار نحو الأمور الذميمة والضارة، مستعيناً على ذلك بروح الرشد والحكمة والفضيلة والعزم والإيمان.

وثالثاً: الوعي والانتباه في التعامل مع ما يصادفه ويجده، فلا ينساق وراء كل طرح ومنشور، بل يتعامل معه تعاملاً راشداً وحكيماً بحسن الانتقاء والتثبت والاستشارة، فإن في كثير مما ينشر اليوم إضاعة للرشد وتغييباً لوجه الحكمة وتمييعاً للأخلاق وضرباً للعزيمة.

ورابعاً: نفع المجتمع ، بأن يسعى الإنسان إلى أن يكون نافعاً في محيطه وبيئته سواء الخارجي أو الافتراضي نحو الاتجاه الراشد والحكيم والفاضل، فلا يكتب شيئاً لمجرد أنه خطر في نفسه أو ليلقى تشجيعاً من بعض من يطلع عليه، ولا يشجع على الفكرة انسياقاً لرغبة أو طلب.

وبعد: فإن الإنسان المؤمن ليجد فيما أوصى به الله سبحانه من معاني الرشد والحكمة والفضيلة والصبر محفزات في هذا الاتجاه ويرجو من عناية الله سبحانه إذا سعى فيه ومن توفيقه وبركته في هذه الحياة وما بعدها ما تتيحه له مقادير هذه الحياة من السعادة ثم السعادة الكبرى عند لقاء الله سبحانه وما بعدها من عرصات البرزخ والقيامة.

وقد قال الله سبحانه: [مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ].