هل يحث الإسلام المرأة على العمل خارج المنزل؟

المرأة بين عملين: خيارات الذات والضرورة

(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)

سنتناول الموضوع من ثلاث زوايا:

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

أولاً: العمل بمعنى النشاط الفكري أو الأدبي للمرأة:

فلا أحد يقف حائلاً دون مساهمة المرأة في هذا النشاط، المرأة كائن كالرجل وكلاهما مسؤول عن بناء الحضارة في هذه الأمة فآيات التبليغ كالآية التي ذكرناها في بداية المقال لا تخص الرجال فقط بل هي شاملة عامة، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، المنتديات الثقافية والأدبية، فهذه النشاطات من المفترض أن تقوم بها المرأة كما يقوم بها الرجل، كان نساء أهل البيت نماذج لبناء الحضارة الإسلامية كالسيدة الزهراء وابنتها السيدة زينب «عليهما السلام».

ثانياً: العمل المهني الرسمي:

يدور بين ضرورتين:

ضرورة تقتضي عمل المرأة.

وضرورة التفرغ للدور المنزلي التربوي.

الضرورة الأولى «عمل المرأة»:

المجتمع الإسلامي بحاجة لعمل المرأة في مجال الطب والتمريض والتعليم، فإلى متى يظل محتاجاً للمجتمعات الأخرى في المدرسات والطبيبات؟! فالحاجة ماسة لعمل المرأة في هذه المجالات فالمسألة ليست اجتماعية فقط، بل هي مسألة شرعية قال تعالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)، فقد ركز الإسلام على عنوان العزة، ولا يمكن أن يكون المجتمع الإسلامي عزيزاً إذا كان محتاجاً إلى المجتمعات الأخرى، بل الذي يجعله عزيزاً هو الاكتفاء في مجالات عمل المرأة «الطب والتعليم».

من باب فاستبقوا الخيرات: من الخيرات وجود المعلمات الأمينات المؤمنات ووجود الطبيبات فوجودهم هو من أوضح مصاديق الاستباق للخيرات، إذن عمل المرأة في هذه المجالات راجح شرعاً لأنه مصداق للخير.

تشريح بدن المسلم حرام: ولكن «الضرورة» طالب مسلم يتعلم الطب ولم يكن هناك جثة كافر ليشرحها واضطر لتشريح جثة المسلم! فإذا توقف ذلك على إنقاذ النفس المحترمة ولو في المستقبل جاز له تعلم التشريح وتطبيقه، نفس الشيء يطبق على عمل المرأة، فإنقاذ النفس المحترمة واجب شرعا وقد يتوقف هذا على عمل المرأة في مجال الطب والتمريض.

من باب طلب الرزق: طلب الرزق مستحب شرعاً حتى عند الغنى «هناك بعض العلماء يخص التجارة في استحباب طلب الرزق» وهذا شامل للمرأة كما للرجل، فإذا توقف طلب الرزق على الخروج من البيت فهو مستحب شرعاً.

الضرورة الثانية: الضرورة المعاكسة «بقاء المرأة في المنزل لأداء الدور التربوي»:

الخروج من المنزل قطعاً يؤثر على التربية المنزلية وأداء الحقوق الزوجية وحقوق الأبناء، لأن الإنسان لا يمكن أن يجمع بين أمرين، فتربية الأبناء تحتاج إلى طاقة كبيرة، والمرأة إذا خرجت من المنزل للعمل استنزفت هذه الطاقة وسترجع مرهقة وفيها الميل للراحة والاسترخاء وليس الميل للتفرغ للتربية والواجبات المنزلية قال تعالى: (مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ).

حُسن التبعل: قال رسول الله: «جهاد المرأة حسن التبعل»، وحسن التبعل لا يقصد به الأمور الواجبة فقط بل المستحبة كتوفير أجواء الهدوء والاستقرار للأسرة من قبل المرأة.

إذن نحن بين ضرورتين «بعض الأعمال الراجحة شرعاً» و«تأدية الواجبات المنزلية التربوية».

والنتيجة: لا بد من التضحية، فلا بد لبعض الأزواج والأسر أن تضحي تضحية كاملة وتتنازل عن حقوقها وتسمح بعمل المرأة خارج بيتها، وإلاّ فالأمر دائر بين أمرين راجحين وفي هذه الحالة لابد من تدخل الفقيه.

ثالثا: شروط خروج المرأة للعمل:

- أن تتوقف عليه المصلحة العامة «طب، تمريض، تعليم...»: فالأمور الأخرى كالصحافة والهندسة «ليست حراماً» ولكنها لا تدخل تحت العناوين الراجحة بل تحت العناوين المرجوحة.

- إذن الزوج: يحرم الخروج للمرأة إلا بالإذن من زوجها «إذا خرجت المرأة من غير إذن زوجها، لعنتها ملائكة السماء والأرض حتى تعود» كيف تعالج المرأة هذه النقطة؟!

أن تشترط عليه في متن العقد ألا يمنعها من الخروج للعمل والدراسة، فإذا اشترطت عليه سقط حقه في منعها. إذا فات عقد الزواج ولم تشترط ذلك.. ما العمل؟

تستخدم عقداً آخر كعقد البيع مثل أن تبيعه ساعة وتشترط في عقد البيع أن يسمح لها بالعمل.

- الضرورة الشرعية لإنقاذ النفس المحترمة

- أن تكون موظفة قبل الزواج فيجب عليها العمل والوفاء ولا يحق لزوجها أن يمنعها.

- أن لا يكون مستلزماً لعمل محرم: كمسألة الحجاب الشرعي الواجب وليس الحجاب الكامل أو مسألة الاختلاط الذي يؤدي إلى إثارة الفتنة أو الخلوة المحرمة.