لقتل الفراغ.. هوس تربية الحيوانات يهدد الحياة الزوجية في بعض البلدان

انضمت الحيوانات الأليفة إلى لائحة أسباب الطلاق مع زيادة ملحوظة في عدد الدعاوى القضائية المرفوعة بين الأزواج، بسبب وجود حيوان في المنزل ومنحه اهتماما يكون على حساب الزوج والأبناء.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

 

وشهدت محاكم الأسرة في عدد من البلدان العربية خلال الاشهر الماضية ثلاث دعاوى طلاق سببها الاختلاف بين الزوجين حول تربية الحيوانات، وينتمي المتنازعون فيها إلى طبقات اجتماعية متباينة.

رفعت زوجة (28 عاما) دعوى خلع بعد شهرين من الزواج بعدما اكتشفت ليلة الزفاف وجود كلب ضخم بالمنزل، ورغم تأكيدها لزوجها أنها تخاف إلا أنها فوجئت برده بأن الكلب أوفى منها وأنه تزوجها كي ترعاه، وعند شكواها من تواجده على سريرها كان مصيرها النوم على الأرض.

وكشفت دعاوى الطلاق والخلع المرفوعة بسبب الحيوانات أن هوس تربية الحيوانات ينتقل إلى مراحل معقدة داخل بعض الأسر، فدعاوى الطلاق تبدو غريبة على الأسر العربية، ومن بينها تهديد محاسب بقتل زوجته حال تسببها في نفوق كلبه، واعتراف آخر بحبه لجرائه أكثر من أبنائه.

ولم تتردد “ر.م” (27 عاما) في رفع دعوى طلاق، بعد 9 أشهر فقط من الزواج، لاعتداء زوجها المستمر على كلبها وتحوّل إيذائه إلى وسيلة لتفريغ شحنات الغضب، حال نشوب خلاف بينهما.

ويفسر مختصون نفسيون التعلق المفرط بالحيوانات خاصة القطط والكلاب بمرور الشخص بأزمات ومشكلات عنيفة في حياته خصوصا في مرحلة الطفولة، ولم يجد وقتها دعما من الأقران أو العائلة، ما يجعله يجد في علاقته بالحيوانات أمورا معنوية افتقدها مع الناس المحيطين به.

وتقول “ر.م” إنها استبدلت نوعية الكلاب التي تعودت عليها من فصيلتي دوبرمان وكوكيجن بأخرى صغيرة الحجم لا يمكن إيذاؤها، لكن زوجها يعارض رغباتها وفرض رأيه دون اعتداد بحاجتها النفسية لحيوان أليف كوسيلة لقتل الفراغ.

وتتزايد مبيعات الحيوانات الأليفة وتقبل عليها جل الطبقات الاجتماعية بغرض التسلية، وتركز الشراء أخيرا في فئة الشباب دون الأسر الكاملة التي كانت تأتي بأطفالها لانتقاء حيوان أليف والتعرف على كيفية رعايته.

ورفع خالد الذي لم يكمل الثلاثين عاما دعوى قضائية ضد زوجته لعدم استجابتها لنصيحة الأطباء بالتوقف عن تربية القطط والابتعاد عنها تماما، كي تستطيع تحقيق حلمهما بالإنجاب رغم تعرضها للإجهاض أكثر من مرة.

ويشير خالد إلى أنه حاول الحفاظ على أسرته لكن زوجته طالبته برعاية شؤون المنزل لانشغالها بمتابعة حالة قطتها أثناء الحمل أو بعد الولادة، وتحمله أيضا تكلفة الإنفاق على طعامها، وبلغ الخلاف بينهما درجة متقدمة انقطعت فيها سبل التواصل.

ويتقبل الكثير من الأزواج وجود حيوان أليف بالمنزل باعتباره وسيلة لتعليم الأطفال مسؤولية الاهتمام بحياة الآخرين وإكسابهم قدرات أفضل على التواصل مع العالم الخارجي.

ويحاول شباب عرب نقل ثقافة امتلاك حيوانات غير أليفة كالزواحف المنتشرة في دول أوروبية وغيرها، دون مراعاة الاختلافات في نمط المنازل وانتشار امتلاك الشقق السكنية الضيقة في المنطقة العربية، فهي ليست منازل كاملة وشاسعة تضم حديقة ملحقة.

ويؤكد “ع.س” أن زوجته غيّرت هوايتها إلى امتلاك طيور جارحة وتدريبها ووصل بها الحال إلى مهاجمته بصقرها أثناء مشاجرة بينهما، ما أصابه بجروح غائرة استدعت نقله لأحد المستشفيات لتلقي العلاج، ورفضت التخلي عن طيورها إلى أن حصل الطلاق ولم تتنازل عن ذلك حتى من أجل مصلحة أبنائهما الثلاثة.

وترتبط الرغبة في امتلاك حيوان أليف بربات البيوت أكثر من الرجال، ربما لدورها في ملء أوقات فراغهن أثناء غياب الزوج عن المنزل، أو مع كبر الأبناء واستقلالهم في إدارة شؤونهم، وتحتاج بعض السيدات بصورة فطرية إلى شيء يمنحنه الاهتمام والعناية.

وأوضحت أستاذة علم الاجتماع سامية خضر أن أحد أسباب الطلاق في بعض البلدان حاليا تتمثل في عدم القدرة على اختيار الشريك المناسب، وتقييم العناصر المشتركة بين المقبلين على العلاقة، فهوس الحيوانات يُعرف أثناء الخطوبة وأحيانا قبلها كإحدى هوايات الطرف الآخر، وأحيانا يتغاضى الطرف غير الراغب في اقتنائها عن الأمر على أمل تغييره مستقبلا، ولكن هذا الأمر نادرا ما يحدث.

ويقول الكثير من الأزواج إن الشغف لا يظهر إلا بعد مرور عدة أشهر من الزفاف، فالمشكلات تبدأ مع اعتياد أحدهما الخروج مع الحيوان إلى الحدائق والمنتزهات وترك الطرف الآخر بمفرده، وبعد إنجاب الأطفال قد يحرم أحد الزوجين من مشاعر الحب والحنان ولا يمنح الاهتمام والعناية الكافيين لأفراد أسرته أو يجعل تلبية احتياجات الحيوان لها الأسبقية عليهم.

وأضافت خضر أن صوت العقل يغيب عن بعض الأزواج المهووسين بتربية الحيوانات الأليفة، ما يجعل خلافا بسيطا حول اقتناء حيوان يصل إلى ساحات المحاكم، ويضيع مصير أطفال صغار لا يتم التفكير في مستقبلهم ومصيرهم عند التفكير في الطلاق، وقبل اتخاذ القرار، ويندم الطرفان غالبا على تسرعهما بعد سنوات قليلة.

المصدر: صحافة عربية