ينقل مشاكله لأمه.. لماذا يترك بعض الأزواج بيوتهم عند حدوث الخلافات؟

عندما كان يدب الخلاف بين بعض الأزواج ويريد الرجل أن يبتعد قليلاً كي يهدأ، يخرج من المنزل بعض الوقت أو يلزم غرفة مستقلة إذا أراد أن يشعر شريكة حياته بوقع المشكلة عليه.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

 وإذا كان الخلاف كبيراً ولم تتحمله هي ربما تحمل حقيبتها متجهة إلى بيت أهلها لبضعة أيام كنوع من الضغط عليه، إلا أنه في الآونة الأخيرة تبدلت حال البعض وأصبح الزوج هو من يقوم بهذا السلوك متجهاً إلى بيت أهله ظناً أنه بذلك ينزع فتيل الأزمة.

تُرى هل مثل تلك المتغيرات التي تطرأ على الحياة الزوجية سببها كثرة الضغوط والمسؤوليات التي جعلت الهروب منها هو الحل، أم أنه خلل في التربية تولد عنه أزواج لا يدركون لقيمة الأسرة والأبناء؟

يسلط المستشار الدكتور خالد السلامي، خبير تنمية أسرية، الضوء على بعض الأسباب التي تدفع إلى اعتياد مثل تلك المتغيرات الدخيلة على المجتمع، ويقول «تربينا على أمور كثيرة كنا نظنها ثوابت لا تتغير، ومنها أنه عندما كان يشتد الخلاف بين الزوجين يأخذ كل واحد منهما مساحة بعيدة عن الآخر حتى تهدأ الأمور بينهما، وإذا ما وصل النقاش لطريق مسدود تحمل الزوجة حقيبة صغيرة وتذهب لبيت أهلها حتى تجد من يرد عنها الظلم الواقع عليها، وكلها أمور كانت تنتهي بمجرد أن يذهب إليها الرجل كي يصالحها، ولكن حديثاً ومع التقلبات الكثيرة في المجتمع، أصبحنا نرى أموراً غريبة وعجيبة إذ بات الرجل هو من يترك عش الزوجية ويذهب إلى بيت أهله، وهنا لن نعطي حكماً ذا اتجاه واحد على هذا السلوك الجديد ولكننا سنحاول تسليط الضوء على الأسباب التي قد تدفع الشخص إلى فعل ذلك.

الأسباب التي قد تدفع الزوج إلى ترك بيت الزوجية:

1- الاعتقادات الدخيلة

يقول د. خالد السلامي «كثير من المتغيرات أعتبرها دخيلة على مجتمعاتنا العربية وتسببت في مثل هذه الإشكاليات، فالشباب الذين يذهبون لأمهاتهم عند حدوث خلاف مع الزوجة أراهم بحاجة لإعادة تأهيل من جديد، وأتعجب على حال من يجلس كل يومين بجوار أمه يحكي لها مشكلاته ويشتكي لها من زوجته وهو تصرف بلا شك ضد الرجولة، وعلى الجانب الآخر أصبحت المرأة ترى نفسها نداً للرجل في كل تفصيله، وبات الناس يعتبرون أن هذا من المساواة، وللأسف مثل هذه الاعتقادات تفسد حياتنا ولا تجعلنا ندرك لقيمة الطرف الآخر، فاليوم الزوج لا يرى شريكة حياته المرأة المثالية بسبب ما تبثه وسائل التواصل الاجتماعي عن السعادة الزائفة والمصطنعة أمام الكاميرات، وكذلك الزوجة أصبحت لا تشعر بالامتنان للرجل ولا تدرك قيمته، خاصة مع خروجها للعمل وحصولها على راتب قد يكون أحياناً أكبر من راتبه، وبالطبع أنا لست ضد عمل المرأة، لكني أسلط الضوء على بعض الأسباب التي قد تكون هي المتهم في كثرة الخلافات ووقوع بعض الحالات ضحايا الطلاق، كما أن الوازع الديني أصبح مفقوداً في بعض بيوتنا اليوم، فلو اخترنا عشوائياً عدداً من المتزوجين حديثاً وسألناهم ما هو معنى الميثاق الغليظ سنجد الغالبية لا تعرف».

2- الخوف من المواجهة

من جانبها تقول الدكتورة فاطمة الرويمي، أستاذ بالكلية الجامعية للأم والعلوم الأسرية بعجمان سابقاً، «هناك بعض الرجال ممن يفتقدون القدرة على المواجهة فهم بارعون فقط في النقد والتركيز على السلبيات، وعندما تتحدث الزوجة لتوضيح وجهة نظرها لا يجد حلاً سوى الصوت العالي حتى يشوش على الطرف الآخر وهذا نتيجة لعدم قدرته على المواجهة، وهناك من يستخدم الأسلوب المتحضر في النقاش ويعرض مشكلته على الطرف الآخر ويحاول أن يجد معه حلاً لها، وهؤلاء بالطبع يعدون من النماذج التي تستطيع إدارة أمور حياتها بنجاح. أما فيما يتعلق بهروب البعض من منزل الزوجية بمجرد أن يدب الخلاف فللأسف هؤلاء موجودون بالفعل، فهناك بعض الحالات ممن تشتكي هروب الزوج لأشهر وليس لأيام قليلة من باب كسر الزوجة وتركها بدون مراعاة لاحتياجاتها النفسية والمادية، وعندما تسأل عليه إخوته أو أحداً من عائلته لا تجد إجابة وربما يكون مختبئاً عند واحد منهم، وهناك من تكتشف أنه سافر للاستجمام مع أحد الأصدقاء بعدما أشعل فتيل الأزمة في البيت وترك كل شيء وهرب كي لا يواجه قصوره».

3- تخلي الرجل عن دوره

تضيف د. فاطمة الرويمي«أحد أهم المتغيرات السلبية التي دمرت بعض البيوت الزوجية هي تخلي كل فرد عن دوره الأساسي في الأسرة، فالرجل تخلى عن دوره الأهم وهو التربية والقوامة، وترك كل شيء للمرأة كي تؤديه نيابة عنه، قديماً كان الرجل يخرج يكد في العمل ثم يعود ليجلس في بيته بين أبنائه ومع زوجته، أما اليوم فللأسف الشاب يخرج للعمل ولا يعود للبيت إلا متأخراً، ولو عوتب على ذلك يتحجج بأنه يوفر لهم متطلبات العيش، أما المرأة فأصبحت تقوم بدورين، تخرج للعمل في الصباح ثم تعود لمواصلة مشاق عمل آخر في البيت، وعندما يدب الخلاف لا تجد من ينجدها، وهو ما يؤكد أن استمرار الحياة الزوجية في ظل الشقاق بين الزوجين يؤدي إلى كوارث نفسية للزوجة والأبناء».

تؤكد عائشة وليد النقبي، كوتش حياة ومدرب معتمد، «لا توجد علاقة زوجية مثالية مئة بالمئة ولكن يجب على الأزواج والزوجات أن يجتهدوا ويبذلوا قصارى جهدهم لحل أي خلاف ينشب بينهم، فالمشكلة لا تحدث بين يوم وليلة فقد تكون جذورها مشتعلة منذ فترة وتأججت بسبب ما.

تحدد عائشة وليد النقبي بعض النصائح التي قد تساعد الزوجة في احتواء هذا الأمر:

·       توفير الوقت المناسب للجلوس مع الشريك لتحديد المشكلة سبب الخلاف، ومن ثم التركيز على علاجها حتى لا تتجذر ويزيد

الشقاق.

·      يجب الانتباه للتفاصيل الصغيرة في التعامل مع شريك الحياة وهذا ينطبق على الطرفين، لأن إهمالها قد يشعر الشخص بعدم

تقدير الآخر له.

·      عدم التردد في السعي للحصول على الاستشارة من أهل الاختصاص في حال تكرار وقوع المشاكل.

·      على الزوجين أن يتعلما مهارة الإصغاء أثناء الحوار، فلا يمكن حل مشكلة ما من دون الاستماع إلى الطرف الآخر الذي يريد

أن يبدي رأيه في موضوع يؤلمه أو يسبب له أزمة نفسية.

مروة محمد حسين