كيف يؤثر ’التلامس الجسدي’ على العلاقة بين الأبوين والمراهق؟

كانت وما زالت طرق التعامل مع المراهقين تختلف من شخص إلى آخر، ومدى نجاح تلك الطرق كان يعتمد على مدى وعي الأهل في التعامل مع المراهق بالدرجة الأولى وعلى مدى تأثير مَن هم حولهم والاتجاه نحو العادات والتقاليد في اكتساب مهارات للتعامل مع المراهق. 

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

ولكن الأمر أبسط بكثير من كل ذلك، فكل ما يحتاجه المراهق هو الاحتواء والقبول من والديه لتكون مرحلة المراهقة في حياته مرحلة عادية جدًا دون نزاعات وعدم فهم وقبول مثل بعض المراهقين الآخرين الذين لا يحصلون على هذا الاحتواء والقبول من والديهم.

من خلال سؤال بسيط طُرح على المراهقين عن نسبة إعجاب والديهم بهم، وما الذي يجعلهم يحدّدون تلك النسبة، كانت إجاباتهم صادمة، فمنهم من يعتقد بأنهم مهما عملوا فلن يُرضي والديه، ومنهم من يعتقد أن إعجاب والديهم يعتمد على أعمالهم حسب ما يرضي الوالدين قبل رضا المراهق نفسه عن عمله، ومنهم مَن كانت إجاباتهم بمثابة الإجابة المثالية وهي إعجاب والديّ بي يصل إلى اقصى الحدود، لكن كان عدد أصحاب الإجابة المثالية تلك قليل جدًا، وعليه تم طرح سؤال آخر عليهم، وهو كيف لك أن تشعر بذلك الرضا؟ فكانت إجابتهم بأن والديّ يحضنوني عندما أقوم بأي عمل، كما إنني وأبي دائمًا نتصارع لنكتشف من الأقوى، وأمي تقبّلني قبل النوم وعند عودتي من المدرسة، فكيف احتوي ابني المراهق؟

هؤلاء المراهقين هم الأكثر حظًا في المحبة من والديهم لأنهم حصلوا على كل ما يحتاجونه من والديهم في المرحلة العمرية التي تحدّدت فيها شخصيتهم وثقتهم بنفسهم وبغيرهم، كانت هناك عوامل ساعدت على ذلك ومن أهمها:

 1- التلامس الجسدي: بما فيه من عناق وحضن وقبلات ولمسات بكل حنية وفخر بوجودهم في حياة والديهم منذ الطفولة. عندما يصلون إلى عمر المراهقة يكونون مُشبعين بكل ما يحتاجونه، مما يجعل الأب صديق ابنه والأم صديقة ابنتها في الفترة التي يبحث المراهق عن الهروب لمن يستمع له ويكون صديقًا له، لكن قد تقلّ أهمية التلامس الجسدي بالنسبة للمراهقين حيث يرفضون العناق والقبلات، ولكن سرعان ما يعودون للمطالبة بها بعد فترة قصيرة جدًا.

2- التشجيع والتحفيز: والتي تعتبر من أجمل اللغات عند الأطفال، لأنها بالنسبة لهم دليل الاهتمام والحب. يبدأ التشجيع منذ أن يأخذ الطفل خطواته الأولى في المشي والكلام، فيعتاد الطفل على التشجيع من قبل والديه حتى يصل إلى فترة المراهقة ويستمر شعوره بالحاجة لتلك الكلمات والعبارات التي تناسب ما قام به، بالإضافة إلى كلمات التشجيع للاستمرار في العمل، قد يبدأ الطفل في عمل شيء ما وبعدها يشعر بالخوف أو بالإحراج من الاستمرار وعليه يحتاج إلى كلمات أقوى لتشعِره بالقوة وباحتواء والديه له ولما قام به من أعمال.

3- التواجد عندما يحتاجون: كثيرًا ما يقطع الأهل التواصل بينهم وبين أطفالهم لمجرد أن مرحلة الطفولة انتهت، ولشعورهم بعدم حاجة الأطفال لهم. لكن هذا الأمر خاطئ، فكلما كبر الطفل ازادت حاجته لوجود والديه. لكنه لا يطلب ذلك التواجد بشكل مباشر، بل يقوم بلفت الانتباه له ولتصرّفاته. إن اعتاد الطفل على وجود والديه بجانبه في كل الأوقات فإنه يشعر بالاحتواء في كل مراحل حياته. كما ويعتاد على الاهتمام والنقاش في كافة جوانب حياته ليشعر أنه مُشبع عاطفيًا.

4- تقديم الهدايا بدون مناسبات: جميعنا نعلم أن الهدايا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة هي المفضّلة عند جميع الأطفال، ولكن تتوقّف رغبتهم في ذلك عندما يصلون إلى مرحلة معينة يشعرون فيها بالخجل من تلقّي هدايا من أجل شيء محدّد، لكن إن اعتادوا على تلقي الهدايا بدون مناسبة، فذلك يشعِرهم بالاحتواء والقبول مثلًا يقول له والده أنني كنت أتسوّق ورأيت هذه الكرة وأحببت أن أحضرها لك، ففي هذا تعزيز للعلاقة بينهما والشعور بالاحتواء.

5- التصرّف بطريقة عملية: من الضروري جدًا أن يشعر المراهق بأن تصرّفات والديه معه مناسبة لعمره وللموقف. مهما كان الأمر فعلى الأب أن لا يشعِر ابنه بأنه هنا للدفاع عنه وعن موقفه، بل ليكون بجانبه مهما كان الأمر سواء كان ابنه مخطئاً أم محقًا في المشكلة التي يواجهها، هذه الطريقة في التعامل تجعل المراهق يشعر بأهميته بالنسبة لوالديه، إن كانت التصرّفات غير صحيحة فإن نقد الوالدين يكون للتصرّف وليس للمراهق، مما يزيد من ثقة المراهق بنفسه ويصبح تعامله مع الأمور لاحقًا أفضل بكثير.

6- عدم المقارنة: من أكثر الأمور والتصرّفات التي يقوم بها الأهل والتي تُبعد الطفل تدريجيًا عنهم هي مقارنتهم بالغير، ففي ذلك تأثير على الثقة بالنفس بالدرجة الأولى، وعلى ثقة الطفل بوالديه حتى لو كانت المقارنة من أجل التحفيز وبدون قصد، إلا أنه من الضروري جدًا على الوالدين الابتعاد عن المقارنة وقبول الطفل على ما هو عليه وتحفيزه للأفضل ضمن قدراته، وعدم الطلب منه أعمال نحن على ثقة أنهم غير قادرين على تنفيذها، ذلك القبول وعدم المقارنة يعطي للطفل ثقة عالية بالنفس ويُشعِره بالاحتواء الذي يريده من والديه قبل أي شخص اخر.

*مواقع إلكترونية