النموذج الاول:
محاصرة الحسين (ع) وأصحابه وعائلته ومنعهم من الوصول إلى الماء الذي كان قريبًا منهم، فكانوا يمنعون حتى النساء والأطفال ورودَ الماء، وقد اشتدَّ الحصارُ عليهم قبل مقتل الحسين(ع) بثلاثة أيام ، وذلك لأنَّ ابن زياد أمرَ عمر بن سعد بأنْ يُضيَّق على الحسين (ع) وعائلته وأصحابِه أشدَّ التضييق ويمنعهم ورودَ الماء(1).
النموذج الثاني:
لمَّا قُتل أبو عبد الله الحسين (ع) هجمَ المعسكرُ الأموي على مخيَّمه وسلبوا ما فيه من متاع ثم أضرموا النار فيه، وسلبوا بناتِ رسول الله (ص) ما كان عليهنَّ مِن ملاحف.
وأقبل عمرُ بن سعد إلى النساء فلمَّا رأينَه بكين في وجهِه فمنعَ القومَ عنهن، وقد أخذوا ما عليهنَّ ولم يردُّوا شيئًا، فوكَّل جماعةً بحفظهن وعاد إلى خيمته(2).
النموذج الثالث:
قتلُ الأطفال كعبد الله الرضيع -وقيل اسمه علي- الذي قُتل وهو في حجر أبيه الحسين (ع) أو على ذراعه(3) وكعبد الله بن الحسن (ع) رماهُ حرملةُ بن كاهل وهو على صدر الحسين (ع) قبل أن يُقتل بقليل، وكان قد قطع يدَ الطفل رجلٌ قبل أنْ يرميه حرملةُ بالسهم فيذبحه(4).
وثمة طفلٌ ثالث اسمه محمد بن أبي سعيد بن عقيل خرج بعد مصرع الحسين (ع) مذعورًا فأقبل رجلٌ يركضُ حتى إذا دنا منه مالَ عليه بالسيف فقتلَه، وكانت أمُّه تنظرُ إليه وهي مدهوشة(5).
النموذج الرابع:
بعد أنْ أثخنتِ الحسينَ (ع) الجراحاتُ سقط على وجه الأرض وهو يقول: ".. صبرًا على قضائِك ياربِّ لا إلهَ سِواك، ياغياثَ المستغيثين، مالي ربٌّ سواك، ولا معبودَ غيرك، صبرًا على حكمك ياغياثَ مَن لا غياثَ له، يادائمًا لا نفادَ له .. احكم بيني وبينهم وأنت خيرُ الحاكمين".
فتواثب عليه المعسكرُ الأموي فضربَه زرعةُ بن شريك على كتفِه الأيسر، ورماهُ الحصينُ في حلقِه، وضربه آخرُ على عاتقِه، وطعنه سنانُ بن أنس في ترقوته ثم في بواني صدره، ثم رماه بسهمٍ في نحرِه، وطعَنه صالحُ بن وهب في جنبِه، ثم صاح عمرُ بن سعد: انزلوا إليه وأريحوه، فنزل إليه شمرٌ فرفسه وجلسَ على صدرِه وقبض على شيبته المقدَّسة وضربَه بالسيف اثنتي عشرة ضربةً واحتزّ رأسَه المقدَّس(6).
النموذج الخامس:
سُلب جسدُ الحسين (ع) بعد مقتلِه، فاخذ إسحاقُ بن حويه قميصَه، وأخذ الأخنسُ بن مرثد الحضرمي عمامتَه، وأخذَ الأسودُ بن خالد نعلَيه، وأخذَ سيفَه جميعُ بن الخلق الأودي، ويقال رجلٌ من بني تميم اسمُه الأسودُ بن حنظلة، وجاء بجدلُ فرأى الخاتم في إصبعِه والدماء عليه فقطع إصبعه وأخذ الخاتم، وأخذ قيسُ بن الأشعث قطيفتَه وكان يجلسُ عليها فسُميَّ قيسُ قطيفة.
وأخذَ ثوبَه جعونةُ بن حوية الحضرمي، وأخذ القوسَ والحُلل الرحيلُ بن خيثمه الجعفي وهاني بن شبيب الحضرمي وجريرُ بن مسعود الحضرمي(7).
النموذج السادس:
بعد قتل الحسين (ع) نادى عمرُ بن سعد ألا مَن ينتدب إلى الحسين فيُوطئ الخيل صدرَه وظهرَه فقام عشرةٌ ووطؤا جسدَ الحسين (ع) بخيولهم وأقبل العشرةُ على ابن زياد يقدمُهم أسعد بن مالك يرتجز:
نحنُ رضخنا الصدرَ بعد الظهرِ ** بكل يَعبوبٍ شديدِ الأسر(8)
النموذج السابع:
أمَر ابنُ سعد بقطع رأس الحسين (ع) ورؤوس مَن كان من أصحاب الحسين (ع) واقتسمتها بعد ذلك القبائلُ لتتقرَّب بها إلى ابن زياد، وبعد ذلك حُملت الرؤوس إلى الكوفة ثم إلى الشام حيثُ كان يزيد بن معاوية وقد تمَّ صلبُ رأس الحسين(ع) في الكوفة، وكذلك في الشام(9).
النموذج الثامن:
أَسرُ عائلةِ الحسين (ع) نسائه وأطفاله، وكان معهم الإمام عليُّ بن الحسين السجاد (ع) وكان حينئذٍ مريضًا وقد أرادوا قتله لولا عنايةُ الله تعالى.
(وساق القوم حُرَم رسول الله (ع) من كربلاء كما تساق الأسارى)(10).
النموذج التاسع:
بعد مقتل الحسين (ع) أمر عمرُ بن سعد أن يُجهَّز القتلى من معسكرهِ ثم صلَّى عليهم ثمَّ دفنهم، ورحلوا وتركوا جسدَ الحسين (ع) ومن قُتل من أصحابِه وأهل بيتِه دون تجهيزٍ ودفنٍ وظلَّ الجسدُ الطاهر ومَن كان معه في صحراء كربلاء، وهم أشلاء، وبلا رؤوس يومًا أو أكثر على اختلافِ الروايات حتى قيَّض اللهُ تعالى لهم من يدفنُهم ويُعين الإمام السجَّاد (ع) على تجهيزهم وموارتهم (11).
النموذج العاشر:
ذكر الكثيرُ من المؤرِّخين أنَّه لمَّا جيء برأس الحسين (ع) إلى عبيد الله بن زياد أمر بتقويره فقام رجلٌ يقالُ له طارقُ بن المبارك فقوَّره وأخرج لغاديده ونخاعه وما حوله من اللَّحم.
وفي مرآة الجنان لليافعي الشافعي (وذكروا ما يعظم على الزندقة والفجور، وهو أنَّ عبيد الله بن زياد أمر أنْ يُقوَّر الرأس المشرَّف المكرَّم حتى يُنصَّب في الرمح فتحامى الناس عن ذلك فقامَ من بين الناس رجلٌ يُقالُ له طارق بن المبارك بل هو ابن المشؤوم المذموم، فقوَّره ونصبَه بباب المسجد الجامع وخطب خطبةً لا يحلُّ ذكرها)(12).
النموذج الحادي عشر:
لمَّا حُمل الرأس الشريف إلى ابن زياد وكان في مجلسِه العام فوُضع الرأس المقدَّس بين يديه فجعل ينظرُ إليه وهو يبتسمُ وفي يده قضيبٌ يضربُ به ثنايا الحسين(ع) وينكُتُ ثناياه به(13).
النموذج الثاني عشر:
أمَر عبيدُ الله بن زياد بحبس عائلة الحسين (ع) وفيهم الإمامُ السجاد (ع) وأمرَ بأنْ يُضيَّقَ عليهم في الحبس فحُبسوا في سجن وطُبِّق عليهم كما في عبارة الشيخ الصدوق.
ثم بعث ابنُ زياد إلى يزيد يستفتيه في شأن الرؤوس وعائلةِ الحسين (ع) فجاءه الجواب بأنْ يحملَهم إلى الشام(14).
النموذج الثالث عشر:
ذكر الطبري في تاريخه أنَّ عُبيد الله أمرَ بنساء الحسين (ع) وصبيانه فجُهِّزن وأمرَ بعليِّ بن الحسين (ع) فغُلَّ بغلٍّ إلى عنقِه ثم سرَّح بهم مع محفِّز بن ثعلبة العائذي ومع شمر بن ذي الجوشن فانطلقا بهم حتى قدموا على يزيد ..)(15).
وقال ابنُ الصباغ المالكي: "وقد جعل ابنُ زياد الغِلَّ في يديه -السجاد- وفي عُنقِه ولم يزالوا سائرين بهم على تلك الحالة إلى أنْ وصلوا الشام".
وقال ابنُ أعثم الكوفي في كتابه الفتوح: "فسار القوم بحرم رسول الله (ص) من الكوفة إلى بلاد الشام على محامل بغير وطاء من بلدٍ إلى بلد ومِن منزلٍ إلى منزلٍ كما تُساق أُسارى الترك والديلم"(16).
النموذج الرابع عشر:
لمَّا وصلتْ عائلةُ الحسين (ع) إلى الشام تمَّ إيقافُهم على باب الساعات أمام مرأى الناس، وقد خرج الناس بالدفوف والبُوقات مبتهجين وكان يزيدُ في منظرةٍ على جيرون، ولمَّا رأى السبايا والرؤوس على أطراف الرماح وقد أشرفوا على ثنيَّة جيرون أنشأ يقول:
لمَّا بدت تلك الحمـول وأشـرقت ** تلك الشموسُ على رُبى جيرونِ
نعبَ الغرابُ فقلتُ صِحْ أو لا تصِحْ ** فلـقد قضيتُ من النبيِّ ديوني
ولهذه الأبيات وكذلك تمثُّله بأبيات ابن الزبعري حكم ابنُ الجوزي والقاضي أبو يعلي والتفتزاني والجلال السيوطي بكفرِه ولعنِه(17).
النموذج الخامس عشر:
قبل إدخال عائلة الحسين (ع) إلى مجلس يزيد جاؤا لهم بحبالٍ فربطوهم بها، فكان الحبلُ في عنق زين العابدين (ع) إلى زينبَ (ع) وباقي بنات رسول الله (ص) وكلَّما قصَّروا عن المشي ضربوهم حتى أُوقفوا بين يدي يزيد، ولمَّا وُضع الرأس بين يدي يزيد أخذَ ينكتُه بقضيبٍ وتمثَّل بقول الحصين بن حمام:
صبرنا وكان الصبرُ منّا عزيمةً ** وأسيافُنا يقطعنَ هامًا ومِعصَما
نُفلِّقُ هامًا من رجال أعزَّةٍ ** علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما
وتمثَّل كذلك بقول ابن الزبعرى:
لـيت أشياخي ببدرٍ شـهدوا ** جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلّـوا واستهـلّوا فـرحًا ** ثمَّ قالوا يـا يزيـدُ لا تُشـل
قد قتلنا الـقِرْمَ مـن ساداتِهـم ** وعدلنـاه بـبـدرٍ فـاعـتـدل
لعــبتْ هاشمُ بالملك فـلا ** خبرٌ جــاءَ ولا وحـيٌ نــزل(18)
النموذج السادس عشر:
أمرَ يزيدُ بإخراج الرأس من مجلسِه، وأمر بصلبِه على باب القصر ثلاثة أيام، وأمرَ أنْ تُحبس عائلة الحسين (ع) في خَرِبةٍ، لا تقي من حرٍّ ولا بردٍ، فإنّا لله وإنا اليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم(19).
هذه بعض النماذج المعبِّرة عن القسوة المفرطة التي مارسها المعسكرُ الأموي مع أهل البيت (ع) ولولا خشيةُ الإطالة لذكرنا الكثير منها، وقد اقتصرنا في ذكر المصادر على بعضها، ومن أراد التوثُّق مما نقلناه فكتب التاريخ ببابه.