الإمام المهدي

ماهي الأسلحة التي سوف يستخدمها الإمام المهدي (ع) عند ظهوره؟!

لابد أنْ نذعن بأن بلوغ تلك المرحلة التاريخية التي يجتمع فيها كافة الناس تحت راية واحدة وتزول فيها الأسلحة الفتاكة وتنعدم فيها الطبقات المستعمَرة (بالفتح) والمستعمِرة (بالكسر) وتنتهي فيها النزاعات والألاعيب السياسية والعسكرية للدول العظمى.... وعلى أية حال، هناك استعدادات ينبغي توفرها لقيام هذه الحكومة:

[اشترك]

١- الاستعداد الفكري والثقافي: أي ينبغي أنْ يبلغ المستوى الفكري للناس درجة تجعلهم يدركون بأن قضية العِرْق أو المناطق الجغرافية المختلفة ليست بالأمور الجديرة بالاهتمام في حياتهم وليس للخلافات على أساس اللون واللغة والأرض أن تفرق بين أبناء البشر ويجب أن تموت وإلى الأبد العصبيات القبلية والفئوية....

٢- الاستعداد الاجتماعي: لابد أنْ يتعظ الناس من الظلم والجور والأنظمة السائدة ويشعروا بحرارة هذه الحياة المادية واليأس التام من أن مثل هذه الحياة الأحادية النزعة يمكنها في المستقبل حل المشكلة القائمة..... فقد اتسعت رقعة الإرباكات المادية وعدم الأمن والاستقرار إلى جانب غياب حالة الرفاه والرخاء.

٣- الاستعدادات التقنية: خلافاً لما يراه البعض من أن بلوغ مرحلة التكامل الاجتماعي وعالم مفعم بالأمن والعدل والسلام يقترن ضرورة بالقضاء على التقنية المعاصرة، بل الواقع أن هذه التكنولوجيا المتطورة ليس فقط لا تحول دون قيام حكومة العدل العالمية فحسب، بل ربما يستحيل بدونها تحقيق تلك الحكومة.... فإن مثل هذه الحكومة وبغية إشاعة الأمن وبسط العدل في ربوع العالم، تحتاج إلى العلم بكافة المناطق والسيطرة التامة لتتمكن من تربية المجتمع المتأهب للإصلاح إلى جانب الإبقاء على وعيه وحيويته.... ويبدو أن العالم الذي يريد أن يبلغ هذه المرحلة ينبغي أن تتسع فيها رقعة وسائل التربية والتعليم وتتصف بالشمولية بحيث تستند أغلب مشاريعها إلى التثقيف الذاتي، وهذا بدوره يتطلب مراكز ثقافية فاعلة ووسائل ارتباط عامة وصحافة وكتب ضخمة والتي لا تتيسر جميعاً دون وفرة الآلات الصناعية المتطورة..... فهذه بعض الاستعدادات التي يجب أن تتوفر كمقدمة لتلك الحكومة العالمية، فإن مسألة انتظار الحق والعدل وقيام المصلح العالمي (المهدي) تتركب في الواقع من عنصرين: عنصر النفي وعنصر الإثبات، وعنصر النفي هو عدم التكيّف مع الوضع الموجود، وعنصر الإثبات هو السعي إلى الوضع الأفضل خلافاً لاعتقاد البعض بأن المحور الرئيسي لانتظار ظهور المصلح المطلق يكمن في الإحباطات والإرباكات على مستوى الأفكار.

فالانتظار يعني التأهب التام، فإنْ كنتُ ظالماً فكيف يسعني انتظار من يضع سيفه في أعناق الظَلَمَة؟

وإنْ كنتُ ملوَّثاً وفاسداً فكيف أنتظر نهضةً أول شرارتها أن تطيح بالملوَّثين المَرَدَة!.

والجيش الذي ينتظر الجهاد الأكبر إنما يرفع القدرة القتالية لأفراده وينفخ فيهم روح الثورة ويصلح فيهم كل ضعف. فالبعد الأول لهذه النهضة يتمثل في القضاء على عوامل الفساد والانحطاط ويطهر المجتمع من دنس العصاة، وما أنْ تنتهي هذه المرحلة حتى يأتي دور البعد الإيجابي أي إشاعة عوامل الإصلاح.

هناك عبارة رائعة في عدة روايات بشأن فلسفة وجود الإمام (عليه السلام) في عصر الغيبة يمكن أن تساعدنا في حل هذه المشكلة حيث قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) بشأن فائدة الإمام في الغيبة (إي والذي بعثني بالنبوة إنهم ينتفعون به ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جللها السحاب).... فللأشعة المعنوية غير المرئية لوجود الإمام (عليه السلام) حين تكون خلف سحب الغيبة عدة آثار تكشف عن فلسفته الوجودية رغم تعطيل مسألة التعليم والتربية والزعامة المباشرة منها:

أولاً: بث الأمل: إنَّ جُلَّ اهتمام الجنود الأوفياء في ميدان القتال يتمثل في حفظ الراية خفاقة تجاه هجمات الأعداء بينما يسعى العدو جهد الإمكان إلى الإطاحة بهذه الراية ذلك لأن انتصاب الراية يبث روح الأمل والمقاومة والصمود وديمومة القتال كما أن وجود القائد (مهما كان صامتاً) يبعث على رفع المعنويات وتجديد القوى وتعبئة الطاقات والاندفاع نحو القتال حيث يشعرون بقوة حين يرون القائد واهتزاز الراية.... والشيعة تعتقد بوجود إمامها حياً وإن لم تره بينها، وبالتالي فهي لا ترى نفسها وحيدة في الساحة (لا بُدَّ من التأمل) فهي تنتظر قدومه وتحتمله في كل لحظة وهذا ما يؤثر على مسيرتها إيجابياً ومن هنا يمكن إدراك الأثر النفسي لهذا الأسلوب من التفكير في بث الأمل والرجاء في قلوب الأفراد وسوقهم نحو التهذيب والاستعداد لتلك النهضة الكبرى، ولو أضفنا نقطة أخرى إلى هذا الموضوع لأصبحت القضية أكثر جدية وهي على ضوء الاعتقاد العام للشيعة فقد وردت في أغلب الروايات في المصادر الشيعية أن الإمام يتفقد طيلة غيبته وبصورة مستمرة أوضاع شيعته ويقف على تفاصيل أعمالهم عن طريق الإلهام وما شابه وحسب الروايات فإن أعمالهم تُعرض عليه كل أسبوع ويحيط علماً بتصرفاتهم وأفعالهم، وهذا الاعتقاد يجعل هؤلاء الأتباع يخضعون لمراقبة دائمية يستحضرونها عند كل قول وفعل، الأمر الذي لا يمكن إنكار دوره النفسي والتربوي.

ثانياً: حماية الدين: قال علي (عليه السلام) في بعض الكلمات القصار في إشارته إلى ضرورة وجود الزعماء الربانيين في كل عصر وزمان، (اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهراً مشهوراً وإما خائفاً مغموراً لئلا تبطل حجج الله وبيناته)، فإنه كيف يتم حفظ أصالة الدين والحيلولة دون التحريفات والانحرافات؟ وهل يتم ذلك سوى من جانب الإمام المعصوم سواء كان مشهوراً ومعلوماً أم مغموراً ومجهولاً (لئلا تبطل حجج الله وبيناته).

ثالثاً: إعداد ثلة ثورية واعية: خلافاً لما يعتقده البعض من قطع الارتباط المطلق بين الإمام والأمة في عصر الغيبة، بل كما يستفاد من الروايات الإسلامية، فإن هناك ثلة من الأفراد الذين يعيشون عشق الله ويتمتعون بقلب ينبض بالإيمان والإخلاص والتفكير في إصلاح العالم مرتبطة بالإمام وتعدّ بالتدريج من خلال هذه الرابطة.

فهذه بعض الآثار العملية للاستفادة من الإمام المهدي (عليه السلام) في غيبته.

وأما سبل انتصار ذلك المصلح العظيم، فهل ينهض بالسيف فعلى هذا الأساس ترد بعض الأسئلة بشأن قيام المصلح العالمي الكبير ومنها:

- هل يعتمد على الأسلحة التقليدية للعصور السابقة بغية تحقيق النصر وهزيمة الجبارة والطواغيت؟

- هل تزول كل هذه الوسائل الحديثة والمتطورة؟

وغير ذلك من الأسئلة، فإنه بشأن السلاح فنقول: لابد من الإطاحة بالحكومات الجائرة والمستبدة من أجل استقرار حكومة العدل وينبغي على الأقل توفير الأسلحة الأفضل للقضاء على تلك الحكومات، السلاح الذي ربما يصعب علينا اليوم حتى تصوره. ولا يسعنا الإشارة إلى هذا السلاح من الناحية المادية أو النفسية أو سائر النواحي وكل ما يسعنا قوله أنه سيكون السلاح الأقوى....(١).

إذن يجب العمل الدؤوب في كل المستويات العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها لتهيئة المجتمع الإسلامي لذلك الأمل الموعود مادياً ومعنوياً والاكتفاء الذاتي بقوة المنتظرين العاملين.

المصدر: موقع الحجة بن الحسن

الهوامش:

••••••••••••••••••••

(1)الحكومة العالمية للإمام المهدي (عليه السلام).

كيف يكون الانتظار للإمام المهدي (عليه السلام)؟ ـ تأليف: عماد الكاظمي.

2024/11/19
هل يستطيع الإمام المهدي (ع) حلّ مشاكلنا؟!

إن الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في هذا يسير على خطى جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآبائه الطاهرين (عليهم السلام)، فمما يروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) في مجال حلّ المشكلات العملية للناس:

[اشترك]

إن شاباً في إحدى المعارك سالت عينه على خدّه، وكان جديد عهد بالزواج، فأتى النبي (صلى الله عليه وآله) وشكا له حالته، فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) عينه التي سالت على خدّه وأعادها في مكانها فعادت كما كانت.

عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنا جلوساً عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ ورد علينا أعرابي أشعث الحال عليه أثواب رثّة والفقر بين عينيه، فلما دخل وسلم قال شعراً:

أتيتك والعذراء تبكي برنة * * * وقد ذهلت أم الصبي عن الطفل

وأخت وبنتان وأم كبيرة وقد * * * كدت من فقري أخالط في عقلي

وقد مسّني فقر وذلّ وفاقة * * * وليس لنا شيء يمرّ ولا يحلي

وما المنتهى إلا إليك مفرّنا * * * وأين مفرّ الخلق إلا إلى الرسل

فلما سمع النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك بكى بكاءً شديداً ثم قال لأصحابه: معاشر المسلمين إن الله تعالى سبق إليكم جزاء والجزاء من الله غرف في الجنة تضاهي غرف إبراهيم الخليل (عليه السلام) فمن كان منكم يواسي هذا الفقير؟ فلم يجبه أحد، وكان في ناحية المسجد علي بن أبي طالب يصلّي ركعات التطوع كانت له دائماً، فأومأ إلى الأعرابي بيده، فدنا منه، فرفع إليه الخاتم من يده وهو في صلاته، فأخذه الأعرابي وانصرف، ثم إن النبي أتاه جبرئيل ونادى: السلام عليك يا رسول الله، ربّك يقرئك السلام ويقول لك: اقرأ: (إنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهُمْ راكِعُونَ. ومَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ والَّذِينَ آمَنُوا فَإنَّ حزْبَ اللَّه هُمُ الْغالبُونَ). فعند ذلك قام النبي (صلى الله عليه وآله) قائماً على قدميه وقال: معاشر المسلمين أيّكم اليوم عمل خيراً حتى جعله الله وليّ كل من آمن؟ قالوا: يا رسول الله ما فينا من عمل خيراً سوى ابن عمك علي بن أبي طالب (عليه السلام) فإنه تصدّق على الأعرابي بخاتمه وهو يصلي. قال النبي (صلى الله عليه وآله): وجبت الغرف لابن عمي علي بن أبي طالب. وقرأ عليهم الآية.(١)

إن امرأة جاءت إلى الإمام الصادق (عليه السلام) وطلبت منه أن يسأل الله تعالى أن يشفي ولدها، فقد كان على وشك الموت، فعلّمها الإمام (عليه السلام) دعاءً تقرأه في مكان مرتفع، وهو الدعاء الذي فيه: (اللهم إنك وهبتنيه ..) وعاد الولد سالماً إلى أمه.

وإذا لم يكن النبي (صلى الله عليه وآله) موجوداً بيننا، وكذا الأئمة من آله (سلام الله عليهم أجمعين)، فإن حفيده الإمام الحجة المنتظر موجود وهو حي يرزق في هذه الحياة، فلماذا لا نفكر في اللجوء إليه لحلّ مشكلاتنا العملية؟

ولكن: كيف نلجأ إليه وهو غائب عن أنظارنا؟

والجواب: إنه (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) قال - كما في حكاية إحدى التشرّفات -: لو بحثتم عني كما كنتم تبحثون عن ضالّتكم لوجدتموني.

حقاً هل نحن نبحث عن الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) كبحثنا عن ضالّتنا؟ وهل نفكّر فيه كما نفكّر في شؤوننا الشخصية؟ لو اتّفق لإنسان أنه كان مع الموت وجهاً لوجه كما لو كان في سفينة تحطّمت به وهي في عرض البحر، أليس في مثل هذه الحالة ينقطع الإنسان عادة إلى الله تعالى ويتوسّل به حقيقة؟ هكذا أيضاً ينبغي أن يكون تفكيرنا في الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ودعاؤنا لفرجه الشريف.

أما حالات قيام الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) بحلّ المشكلات العملية للناس فكثيرة جداً ومنها قضية نقلها المدرس الأفغاني (رحمه الله) في هذا المجال ومجملها أن شاباً ينتمي إلى إحدى الفرق الأخرى أضاع الطريق إلى مكة فتوسّل بالإمام (عليه السلام) فحضر الإمام (عليه السلام) ودلّه على الطريق ثم غاب عنه، وكان ذلك سبباً لتشيّعه.

المصدر: موقع الحجة بن الحسن

الهوامش:

===========

(1)بحار الأنوار ج: ٣٥ ص ١٩٣.

الإمام المهدي (عليه السلام) إمام الرحمة تأليف : السيد محمد رضا الشيرازي (قدس سره).

2024/11/11
تنشر الرعب في قلب العدو.. سرّ راية الإمام المهدي (ع)!

ورد في جمع من الروايات أن الإمام المهدي (ع) إذا ظهر فإن راية رسول الله (ص) ستكون عنده، والسؤال ماهي حاجته لتلك الراية ؟

[اشترك]

الجواب: يمكن أن يجاب عن هذا التساؤل بجوابين:

1ـ إن هذه الراية من مواريث الأئمة وهي علامة من علامات كون من يملكها إماماً من الله تعالى.

ففي حديث طويل عن الثمالي عن ابي جعفر (ع) قال فإذا هو نشرها انحطت عليه ملائكة بدر قلت وما راية رسول الله ص قال عمودها من عمد عرش الله ورحمته وسائرها من نصر الله لا يهوي بها إلى شيء إلا أهلكه الله قلت فمخبوة عندكم حتى يقوم القائم (ع) أم يؤتى بها قال لا بل يؤتى بها قلت من يأتيه بها قال جبرئيل ع الغيبة للنعماني ص : 308

2 ـ إن هذه الراية ذات طبيعة اعجازية وفي ذلك تأييد للإمام وبيان أحقيته

ويسير الرعب قدامها شهراً، وورائها شهراً، وعن يمينها شهراً، وعن يسارها شهراً "

وبرواية الصدوق في كمال الدين: " فاذا نشر راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم انحط اليه ثلاثة عشر الف ملك وثلاثة عشر ملكاً كلهم ينتظر القائم (ع).

المصدر: موقع الحجة بن الحسن

2024/11/03
مصر والعراق والأردن.. ما هو دور العرب في عصر الظهور؟

وردت أحاديث كثيرة عن العرب وأوضاعهم وحكامهم في عصر ظهور المهدي عليه السلام ، وفي حركة ظهوره . منها ، أحاديث الدولة الممهدة للمهدي في اليمن ، التي وردت فيها أحاديث مدح مطلقة . وسنفردها بالذكر إن شاء الله تعالى.

ومنها، أحاديث تحرك المصريين التي يفهم منها مدحهم ، خاصة ما ذكر منها أن من أصحاب الإمام المهدي عليه السلام ووزرائه النجباء من مصر .

وما دل منها على أن مصر تكون منبراً للمهدي عليه السلام ، أي مركزاً فكرياً وإعلامياً عالمياً للإسلام . وأن المهدي يدخل مصر ويخطب على منبرها .

لذا يمكن عد حركة المصريين في عداد الحركات الممهدة لظهور المهدي عليه السلام ، والمشاركة في حركة ظهوره . . وسيأتي ذكرها مفردة أيضاً .

ومنها ، أحاديث ( عصائب أهل العراق ) أي مجموعاتهم ( وأبدال أهل الشام ) أي مؤمنوهم الممتازون ، الذين سيأتي ذكرهم في أصحاب المهدي عليه السلام .

ومنها ، أحاديث المغاربة ، التي تتحدث عن أدوار متعددة لقوات عسكرية مغربية في مصر وسوريا والأردن العراق ، ورواياتها مختلطة بروايات القوات الغربية وبحركة الفاطميين ، ويفهم من الأحاديث ذم هذه القوات .

كما وردت في مصادر الشيعة والسنة أحاديث في ذم حكام العرب بشكل عام ، منها:

الحديث المستفيض : ( ويل للعرب من شر قد اقترب ، أو ويل لطغاة العرب من شر قد اقترب ) فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ( والله لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد ، على العرب شديد . ويلٌ لطغاة العرب من شر قد اقترب )1 وفي مستدرك الحاكم  2 : ( ويلٌ للعرب من شر قد اقترب ) .

والمقصود بالكتاب الجديد : القرآن الذي يكون مهجوراً فيبعثه المهدي عليه السلام من جديد .

وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله : ( إذا قام القائم دعا الناس إلى الإسلام جديدا ، وهداهم إلى أمر قد دثر فضل عنه الجمهور . وإنما سمي القائم مهديا لأنه يهدي إلى أمر مضلول . وسمي بالقائم لقيامه بالحق )3.

والسبب في أن الإسلام يكون صعباً شديداً على الحكام وكثير من الناس أنهم تعودوا على البعد عنه ، فهم يستصعبون العودة إليه ومبايعة المهدي عليه السلام على العمل به . وقد يكون المقصود بالكتاب الجديد القرآن الجديد بترتيب سوره وآياته ، فقد ورد أن نسخته محفوظة للمهدي عليه السلام مع مواريث النبي صلى الله عليه وآله والأنبياء عليهم السلام وأنه لا يختلف عن القرآن الذي في أيدينا حتى في زيادة حرف أو نقصانه ، ولكنه يختلف في ترتيب السور والآيات ، وأنه بإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط علي عليه السلام . ولا مانع أن تكون جدة القرآن بالمعنيين معاً .

وعن الإمام الصادق عليه السلام : ( ويل لطغاة العرب من شر قد اقترب . فقلت : جعلت فداك كم مع القائم من العرب ؟ قال : شئ يسير . فقلت والله إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير ، فقال : لا بد للناس أن يمحصوا ويميزوا ويغربلوا ويخرج من الغربال خلق كثير ) 4 .

ومنها ، أحاديث الاختلافات بين العرب في عصر الظهور ، التي تصل إلى الحرب بين بعضهم ، فعن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( لا يقوم القائم إلا على خوف شديد وفتنة وبلاء يصيب الناس ، وطاعون قبل ذلك ، ثم سيف قاطع بين العرب ، واختلاف بين الناس ، وتشتت في دينهم ، وتغير في حالهم . حتى يتمنى المتمني الموت صباحاً ومساءً من عظيم ما يرى من كَلَب الناس وأكل بعضهم بعضاً )  5

ومن هذا القبيل أحاديث خلع العرب أعنتها ، أي الإنفلات من العقائد والقيم ، وإخراج كل ذي صيصية صيصيته ، أي إظهار كل صاحب فكرة فكرته والدعوة إليها .

ومنها ، أحاديث الاختلاف بين العرب والعجم أي الإيرانيين ، أو بين أمراء العرب والعجم وأنه اختلاف يستمر إلى ظهور المهدي عليه السلام ، ما عدا ثورة اليماني الممهدة للمهدي عليه السلام ، وما عدا الحركات الإسلامية التي تكون مؤيدة للممهدين وللمهدي عليه السلام .

ومنها ، أحاديث قتال المهدي عليه السلام للعرب ، وقد ورد منها أحاديث قتاله لبقايا حكومة الحجاز جزئياً بعد تحرير مكة المكرمة ، والمدينة المنورة وربما عند تحريرها . ثم معركته مع السفياني في العراق ، ومعركته الكبرى معه في فلسطين .

وجاء في بعضها قتاله عليه السلام للخوارج عليه في العراق ، وإباحته دماء سبعين عشيرة أو عائلة . ولذلك ورد عن الإمام الصادق عليه السلام ( إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف ) 6.

ومنها ، أحاديث الخسف والزلازل ، في جزيرة العرب ، وفي الشام ، وفي بغداد وبابل والبصرة . وخروج نار في الحجاز أو في شرقي الحجاز ، تدوم ثلاثة أيام ، أو سبعة أيام . وهي من علامات الظهور ، لكن ليست من المحتومات  7.

=============

الهوامش:

  1. البحار : 52 / 11.
  2. مستدرك الحاكم: 4 / 239.
  3. الإرشاد للمفيد ص 364.
  4. البحار : 52 / 214.
  5. البحار : 52 / 231 .
  6. البحار : 52 / 355.
  7. المصدر: كتاب عصر الظهور ، الشيخ علي الكوراني العاملي (رض)
2024/10/15
قبل خروج السفياني.. ماذا يحدث في بلاد الشام؟!

يطلق اسم الشام ، وبلاد الشام ، والشامات في مصادر التاريخ والحديث الشريف على المنطقة التي تشمل سوريا الفعلية ولبنان ، ويسمى لبنان أيضاً بر الشام ، وجبل لبنان .

ويشمل اسم الشام أيضاً الأردن ، وربما يشمل فلسطين . وإن كان يعبر عن المنطقة كلها ببلاد الشام وفلسطين .

والشام في نفس الوقت اسم لدمشق عاصمة بلاد الشام .

وأحاديث بلاد الشام وأحداثها وشخصياتها في عصر الظهور كثيرة ، ومحورها الأساسي حركة السفياني الذي يسيطر على بلاد الشام ويوحدها ، ويكون لجيشه دور واسع قرب ظهور المهدي عليه السلام وفي حركة ظهوره ، حيث يبدأ السفياني بعد تصفية خصومه في بلاد الشام بقتال الترك في معركة قرقيسيا ، ثم يدخل العراق .

كما يكون له دور في الحجاز في محاولة قواته مساعدة حكومة الحجاز في القضاء على حركة المهدي عليه السلام ، حيث تقع في جيشه معجزة الخسف الموعودة ، قرب الدينة وهو في طريقه إلى مكة .

وأكبر معارك السفياني على الإطلاق معركة فتح فلسطين التي تكون مع المهدي عليه السلام ، ويكون وراء السفياني فيها اليهود والروم ، وتنتهي بهزيمته وقتله ، وانتصار المهدي أرواحنا فداه فيفتح فلسطين ويدخل القدس . ونذكر هذه الأحداث فيما يلي بشئ من التفصيل .

أحداث بلاد الشام قبل خروج السفياني

من السهل نسبياً أن نستخرج من أحاديث الظهور شريط أحداث حركة السفياني من بدايتها إلى هزيمته في معركة فتح القدس .

وفي المقابل يصعب استخراج الأحداث التي تكون قبل السفياني لأن الأحاديث حولها موجزة في الغالب ، وفي رواياتها تقديم وتأخير في ترتيب الأحداث . ولكن الحاصل من مجموعها الأمور التالية :

1 - وجود فتنة شاملة للمسلمين ، وسيطرة الروم والترك عليهم ( لعل المقصود الغربيين والروس ) .

2 - وجود فتنة خاصة ببلاد الشام ، تسبب في أهلها الاختلافات والضعف والضائقة الاقتصادية .

3 - صراع بين فئتين رئيسيتين في بلاد الشام .

4 - حدوث زلزلة في دمشق تسبب هدم غربي مسجدها ، وبعض ضواحيها .

5 - صراع ثلاثة زعماء على السلطة في بلاد الشام ، الأبقع والأصهب والسفياني ، وغلبة السفياني وسيطرته على سوريا والأردن ، وتوحيد المنطقة تحت حكمه .

6 - دخول قوات أجنبية إلى بلاد الشام .

أما ظهور اليماني الموعود ، فقد ورد أنه مقارن لخروج السفياني أو متقارب معه ، وكذلك الخراساني قائد الإيرانيين ، كما سيأتي .

 فتنة بلاد الشام

ذكرت الأحاديث الشريفة فتنة تكون ببلاد الشام قبل السفياني ، وقد تكون نفس الفتنة الغربية والشرقية العامة على المسلمين ، التي تقدم الحديث عنها .

فعن النبي صلى الله عليه وآله قال : ( يوشك أهل الشام أن لا يصل إليهم دينار ولا مد . قلنا من أين ؟ قال : من قبل الروم . ثم سكت هنيهة ثم قال : يكون في آخر الزمان خليفة يحثي المال حثياً لا يعده عداً ) 1 .

فالسبب في هذه الضائقة الاقتصادية المالية والغذائية ( منع الدينار والمد ) هم الروم ، أي الغربيون .

وعن جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام الباقر عليه السلام قال في قوله تعالى : ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ 2 فقال : الجوع عام وخاص . فأما الخاص من الجوع فبالكوفة ، يخص الله به أعداء آل محمد فيهلكهم . وأما العام فبالشام ، يصيبهم خوف وجوع ما أصابهم قط . أما الجوع فقبل قيام القائم ، وأما الخوف فبعد قيام القائم 3.

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : لا بد أن يكون قدام القائم سنة يجوع فيها الناس ، ويصيبهم خوف شديد من القتل ، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ، فإن ذلك في كتاب لبين ، ثم تلا هذه الآية : ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ 2 3 .

ووجود هذه الضائقة في سنة الظهور لا يمنع أن تكون موجودة قبلها بمدة ، ثم تكون في سنة الظهور أشد مما سبقها ، ثم يكون الفرج .

أما مدة الفتنة على بلاد الشام ، فتذكر الأحاديث أنها طويلة متمادية ، كلما قالوا انقضت تمادت وأنهم ( يطلبون منها المخرج فلا يجدونه ) 4، وتصفها بأنها تدخل كل بيت من بيوت العرب ، وكل بيت من بيوت المسلمين ، وبأنها : ( كلما رتقوها من جانب انفتقت من جانب آخر ، أو جاشت من جانب آخر ) كما في ص 9 و 10 من مخطوطة ابن حماد ، وغيرها .

بل تسميها بعض الأحاديث صراحة باسم : ( فتنة فلسطين ) ! كما تقدم عن مخطوطة ابن حماد ص 63 .

هزة أرضية في بلاد الشام

وتحدد رواياتها بعض أماكنها ، ووقتها بأنه عند اختلاف فئتين على السلطة ، وتسميها أيضاً ( الرجفة والخسف والزلزلة ) كالحديث المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام ، قال :

( إذا اختلف الرمحان بالشام ، لم تنجل إلا عن آية من آيات الله . قيل : وما هي يا أمير المؤمنين ؟ قال : رجفة تكون بالشام ، يهلك فيها أكثر من مائة ألف ، يجعلها الله رحمة للمؤمنين وعذاباً على الكافرين . فإذا كان ذلك ، فانظروا إلى أصحاب البراذين الشهب المحذوفة ، والرايات الصفر ، تقبل من المغرب حتى تحل بالشام ، وذلك عند الجزع الأكبر والموت الأحمر . فإذا كان ذلك فانظروا خسف قرية من دمشق يقال لها حرستا . فإذا كان ذلك خرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس ، حتى يستوي على منبر دمشق . فإذا كان ذلك فانتظروا خروج المهدي ) ( غيبة النعماني : 305 ) .

والبراذين الشهب المحذوفة : وصف لوسائل ركوب المغاربة أو الغربيين بأنها شهباء الألوان ، ومقطعة الآذان !

وابن آكلة الأكباد : أي ابن هند زوجة أبي سفيان ، لأن السفياني من أولاد معاوية ، و ( الوادي اليابس ) يقع في منطقة حوران عند أذرعات ( درعا ) ، في منطقة الحدود السورية الأردنية .

الصراع على السلطة بين الأصهب والأبقع

عن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( فتلك السنة فيها اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب ، فأول أرض تخرب الشام ، يختلفون على ثلاث رايات : راية الأصهب ، وراية الأبقع ، وراية السفياني ) 5 .

ويبدو أن هذا الزعيم الأبقع أي المبقع الوجه يكون في العاصمة ، لأن الرواية تذكر أن ثورة الأصهب تكون من خارج العاصمة أو المركز ، فيثور عليه الأصهب فلا يستطيع أحدهما أن يحقق نصراً حاسماً على الآخر ، فيستغل السفياني هذه الفرصة ويقوم بثورته من خارج العاصمة أيضاً فيكتسحهما معاً .

ومن المحتمل أن يكون الأصهب غير مسلم ، لأن بعض الأحاديث وصفته بالعلج ، وهو وصف للكفار عادة .

كما يبدو أن المرواني الذي ورد ذكره في مصادر الدرجة الأولى ، مثل غيبة النعماني ، هو الأبقع نفسه ، وليس زعيماً منافساً للسفياني .

أما الاتجاه السياسي للأبقع والأصهب فيظهر من أحاديث ذمها أنهما معاديان للإسلام ومواليان لأعدائه من القوى الكافرة .

وعلى هذا ، يكون معنى اختلاف رمحين في بلاد الشام الوارد في الأحاديث هو اختلاف زعيمين يمثلان اتجاهين متنازعين ، فقد جاء في الحديث المتقدم عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال الجابر الجعفي رحمه الله :

( إلزم الأرض ولا تحرك يداً ولا رجلاً حتى ترى علامات أذكره لك : اختلاف بني فلان ، ومناد ينادي في السماء ، ويجيؤكم الصوت من ناحية دمشق بالفرج ، وخسف قرية من قرى الشام تسمى الجابية . وستقبل إخوان الترك حتى ينزلوا الجزيرة . وستقبل مارقة الروم حتى ينزلوا الرملة . فتلك السنة فيها اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب ، فأول أرض تخرب الشام ، يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات : راية الأصهب ، وراية الأبقع ، وراية السفياني ) .

والمقصود باختلاف بني فلان كما ستعرف في حركة الظهور ، اختلاف أسرة حاكمة في الحجاز أو غيره ، يظهر على أثره المهدي عليه السلام .

والصوت الذي يجئ من ناحية دمشق لا بد أن يكون صوت الفتنة وبداية الأحداث ، وليس النداء السماوي الموعود في شهر رمضان .

وفي رواية أخرى ( ومارقة تمرق من ناحية الترك ، ويتبعها هرج الروم ) 6 .

فقد عبر عنهم من ناحية الترك ، فيحتمل أن يكونوا أتراكاً ويحتمل أن يكونوا أقواماً أخرى كالروس يجيئون من جهة الترك .

يبقى أن نشير إلى رواية وصفت الرايات الثلاث التي تختلف في بلاد الشام بأنها راية حسنية وراية أموية وراية قيسية ، وأن السفياني يأتي فيقضي عليها . فقد رواها في البحار عن الإمام الصادق عليه السلام قال :

( يا سدير إلزم بيتك وكن حلسا من أحلاسه ، واسكن ما سكن الليل والنهار ، فإذا بلغك أن السفياني قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلك .

قلت : جعلت فداك ، هل قبل ذلك شئ ؟ قال : نعم ، وأشار بيده بثلاث أصابعه إلى الشام وقال : ثلاث رايات ، راية حسنية ، وراية أموية ، وراية قيسية . فبينما هم على ذلك إذ قد خرج السفياني فيحصدهم حصد الزرع ، ما رأيت مثله قط ) .

ويشكل قبول هذه الرواية لأنها تعارض الأحاديث الكثيرة التي تحدد الرايات الثلاث بأنها راية الأبقع والأصهب والسفياني ، ولأن الكليني رحمه الله رواها في الكافي : 8 / 264 ، إلى قوله عليه السلام : ( ولو على رجلك ) فقط ، فيحتمل أن يكون آخرها إضافة أو تفسيراً لبعض الرواة اختلط بالأصل 7.

 الهوامش:

 ---------------

  1. البحار : 51 / 92.
  2. a. b. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 155، الصفحة: 24.
  3. a. b. البحار : 52 / 229.
  4. البحار : 52 / 298.
  5. البحار : 52 / 212.
  6. البحار : 52 / 237.
  7. المصدر: كتاب عصر الظهور ، الشيخ علي الكوراني العاملي (رض)
2024/10/14
هل أهل اليمن أفضل أنصار الإمام المهدي (ع)؟!

جاء في الأحاديث أن أنصار الإمام المهدي (صلوات الله عليه) هم أهل اليمن وأهل خراسان، وأن الراية اليمانية هي أهدى الرايات. فما سبب أفضلية الراية اليمانية؟ هل لأنهم زيدية أم لأنهم سيصبحون اثني عشرية؟

الجواب: نعم ورد في الأحاديث ذلك، ولكن بعض أنصاره (عليه السلام) من أهل اليمن ومن أهل خراسان ولا ينافي ذلك أن من بقية البلدان مَن سيحظى بنصرة الإمام (عليه السلام).

أما كون راية اليماني هي أهدى، فيبدو أن راية اليماني رايةٌ خالصةٌ بولائها للإمام (عليه السلام)، وأن اليماني وأصحابه يرون وجوب نصرة الإمام تكليفاً خالصاً لا يشوبه شيء، أي الولاء الكامل والطاعة التامة للإمام (عليه السلام) من قبل اليماني وجيشه، هذا من ناحية.

ومن ناحيةٍ أخرى فإن عقيدة اليماني الاثني عشرية وأصحابه الميامين تؤهلهم إلى أن تكون رايتهم أهدى الرايات، وليس لزيديتها كما ورد في السؤال.

بل العكس فإن خليط الزيدية الذين سيكونون مع الخراساني هو سببٌ مهم في تفضيل راية اليماني على راية الخراساني، وفي تعبير الإمام الباقر (عليه السلام) عن راية اليماني بأنها أهدى كما ورد في النص (وليس في الرايات أهدى من راية اليماني، هي راية هدى لأنه يدعو إلى صاحبكم)(1) فتعليله بقوله (عليه السلام): (لأنه يدعو إلى صاحبكم) واضح من كون اليماني يدعو مباشرةً لنصرة الإمام (عليه السلام)، في حين سيكون الجيش الخراساني ذا تركيبة لخليطٍ سياسي متنوع تحمل معها توجهاتٍ سياسيةٍ مختلفة، وأكثرها خطراً هو ذلك التوجه الزيدي الذي يرى في الخراساني أنه إمام مفترض الطاعة. وكون كل من قام بالسيف وتصدى فهو الإمام المفترض الطاعة. وتكون نصرتهم للخراساني بهذا الداعي البعيد عن نصرة الإمام وتأييده، معتقدين أن خروجهم مع الخراساني هو لهذا الداعي وليس لغيره، لذا ورد أن هؤلاء الخليط من الجيش الخراساني سيعارضون الإمام (عليه السلام) ويعترضون عليه وهم الزيدية كما ورد في نص رواية أبي عبد الله (عليه السلام) إلى أن قال في حال الخراساني الحسني: ويبايعه - أي المهدي (عليه السلام) - سائر العسكر الذي مع الحسني إلّا أربعين ألفاً أصحاب المصاحف المعروفين بالزيدية فإنهم يقولون: ما هذا إلّا سحر عظيم، فيختلط العسكر فيقبل المهدي (عليه السلام) على الطائفة المنحرفة فيعظهم ويدعوهم ثلاثة أيام، فلا يزدادون إلّا طغياناً وكفراً، فيأمر بقتلهم فيقتلون جميعاً ثمّ يقول لأصحابه: (لا تأخذوا المصاحف ودعوها تكون عليهم حسرة كما بدلوها وغيروها وحرّفوها ولم يعملوا بما فيها).

إذن فجيش الخراساني - بما فيه هذا الخليط الزيدي - سيشكل تهديداً لحركة الإمام (عليه السلام) وسيعاجلهم الإمام بالتحدي وإحباط محاولاتهم، على أن الزيدية هؤلاء إما أن يكونوا زيديةً حقيقة، مذهباً واتجاهاً، وإما أن يكونوا زيديةً نعتاً لعقائدهم ومبانيهم في كون كل من تصدى بالسيف كان إماماً يجب اتِّباعه وطاعته.

هذا ما دعا الروايات إلى الإشارة بموقف اليماني ورايته التي هي راية هدى. ولا ننسى أن الخراساني سليماً في توجهاته صحيحاً في معتقداته، إلّا أن الكلام في بعض أصحابه وأتباعه.

الهوامش:

 

(1) البحار ٥٢: ٢٣٢.

المصدر : محكمات السنن في الرد على شبهات أهل اليمن ـ شبهات الزيدية حول الإمام المهدي (عليه السلام)

 

نقلاً عن موقع الحجة بن الحسن

2024/10/08
بسبب تغييب المُختص.. الخيال يجتاح روايات الظهور!

إنَّ المتصدّي للتعامل مع الروايات الواردة في الفروع هو الفقيه، وهو على أعلى درجات التخصّص والمهنية لا يلج هذا الباب إلَّا بعد طيّ صفحات عديدة يسبر خلالها أغوار علوم شتّى، وبمستويات مختلفة من النحو والبلاغة والمنطق والدراية والرجال والحديث والأُصول وبعض مطالب علم الكلام وعلم الفلسفة. وبعد متابعة الأساتذة لسنوات عديدة في الدرس وهم يمارسون عملية الاستنباط حتَّى تحصل الملكة والأهلية عنده، فيتصدّى بعدها للاستنباط.

ولا يكون استنباطه لغيره في الفترة الأُولى، ولو قُدِّرَ له أن يستنبط لغيره فإنَّ ذلك سيكون بعد مدَّة مديدة بحسب العادة.

وأمَّا من تصدّى للكتابة والاستنباط في روايات الظهور فلم يؤخذ فيه أيّ شرط ممَّا سبق حتَّى تصدّى لهذا الباب كلّ من هبَّ ودبَّ، واقضِ عجباً ممَّا تجده قد سُطِرَ في كتبهم التي جمعت الغثّ والسمين. وحين تقرأ لبعضهم ترى خيالاً خصباً تجرَّد عن عالم الطبيعة وراح ينسج صوراً لا تمتُّ إلى الواقع بصلة.

وذهبت الأماني ببعض إلى مدى بعيد وتصوَّر أنَّه قد أتى بالعجب، وجزم في مقدّمة كتابه بأنَّ من قرأ كتابه لا يموت موتة جاهلية. ولا أتَّهم بذلك أحداً بسوء النيّة، بل إنَّ هذا وأضرابه نتيجة حتمية لفتح الباب أمام غير المتخصّص لإبداء رأيه فيما يتوقَّف على التخصّص.

نعم كتب بعض أكابر علمائنا في ذلك لكنَّهم ليسوا كثيرين، وما أكثر من كتب من غير المتخصّصين في ذلك. وبذلك يبرز أمامنا سبب إضافي لاحتمال الخطأ في التعامل مع هذه الأدلَّة لا وجود له في علم الفقه، حيث إنَّه لا يوجد تقليد في أمثال هذه المسائل، وهذه الكتب موجودة بين أيدي الناس، ومن أراد التحدّث عن هذه المواضيع ليس متخصّصاً، فيأخذ من هذه الكتب في مقام بناء رؤيته عن الظهور وعلاماته.

والحاصل أنَّ أثر هذا المبحث إنَّما يكون على غير المتخصّصين من عامّة الناس وبعض أهل الموعظة ممَّن لا تخصّص له، وهؤلاء أكثر تواصلاً مع عامّة الناس بحكم مهنتهم، وإن كانت من باب أداء الوظيفة الشرعية ونشر الوعي، والمشكلة في الموضوع أي في الصغرى والوعي المتصوَّر.

وإذا أضفنا إلى ذلك واقعاً مُرَّاً تعيشه الأُمّة يتمثَّل في ترك البحث العلمي، بل والقراءة والاختصار على السماع مع ملاحظة أنَّ المتحدّثين ليسوا من أصحاب النظر وهذا واقع لا ينكر، تبيَّن عمق المأساة واتّساع دائرة احتمال الخطأ في التصوّرات المبنية عند عامّة الناس من المتلقّين.

ومثل هذا غير موجود في عملية الاستنباط وإن كثرت دعاوى الاجتهاد في أيّامنا هذه، ولم يقترن مع كثير منها شاهد حقّ على صدقها.

المصدر: علامات الظهور (قراءة في المعرفة والتطبيق) ـ تأليف: الشيخ كاظم القره غولّي

نقلاً عن موقع الحجة بن الحسن

2024/10/05
2024/05/02