الإيمان بالله تعالى يخفف وقع الأزمات والمصائب
يحسن التنبيه لأمر له أهميته، وهو أن الأزمات والمشاكل والمآسي والمصائب التي يمرّ بها الفرد والمجتمع في هذه الحياة الفانية يخفّ وقعها على المتدين المؤمن بقدرة الله تعالى وعدله وحكمته، وحسن اختيارهلعبده المؤمن.
حيث يرى أنه مرعيّ من قبل الله عز وجل، وأن ذلك ـ في علم الله عز اسمه ـ صالح له في الدنيا والآخرة، ولا يذهب هدراً، ولا يكون خسارة بل هو في عاقبة الأمر ربح له.
فهو نظير الآلام التي يعاني منها الإنسان نتيجة عملية جراحية تحت إشراف طبيب حاذق، حيث يكون وقعها أخفّ في نفس صاحبها من الآلام الطارئة من دون رعاية مأمونة.
وهذا يزيد المبتلى مناعة وطاقة إزاء الأزمات والمصائب والمصاعب المذكورة، ويخففها عليه كثيراً، ويرفع معنوياته، ويقوي نفسه.
على أن الأمل يبقى أمامه مفتوحاً بالتوجه إلى الله تعالى والتوكل عليه ودعائه واللجأ إليه، والاستشفاع بأوليائه وأصفيائه صلوات الله عليهم.
كما أن للنهي الشديد دينياً عن الإغراق في الجزع والحث المؤكد على الصبر واحتساب المصائب مهام عظمت، بانتظار الخلف في الدنيا، والأجر العظيم في الآخرة، والتأسي بمصائب النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) وشيعتهم، كل ذلك له أعظم الأثر في تخفيف وقع المصائب والحد من ردود الفعل العنيفة التي يتعرض لها المصاب والمبتلى.
ولذا لا تبدو ظاهرة الانتحار في المجتمع المتدين مهما عظمت المشاكل، واكفهرت الأجواء، وتواترت المصائب والمتاعب.
ولاسيما مع النهي الشديد عنه في الكتاب المجيد والسنة الشريفة. قال الله عز وجل (تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) (2)، وقال تعالى: (أَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (3)، الى غير ذلك.
بينما تبدو هذه الظاهرة في المجتمعات غير المتدينة لأتفه الأسباب، ومنها الملل والشعور بتفاهة الحياة.
وهنا تبدو أهمية الدين والعقيدة وفاعليتهما في حفظ نظام المجتمع، وفي تخطي المشاكل ومواجهة المصاعب والمصائب.
الهوامش:
(1) سورة هود الآية: ٣٨.
(2) سورة النساء - الآية 29.
(3) سورة البقرة - الآية 195.
المصدر: خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله)، المرجع الراحل آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم، ص441-443.