لماذا نزل القرآن الكريم باللغة العربية لا بلغة أخرى؟!

القرآن كلام الله المنزل على صدر الرسول أمر معجز كما يقول المسلمون؟ كيف أثبت لغير العربي أن القرآن من عند الله؟ عن غير طريق الاعجاز اللغوي؟

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

لقد أجبنا على سؤال مشابه من قبل ونختصر الإجابة هنا بالقول إن نزول القرآن بلسان عربي لا يعني أن حجيته مختصة بالعرب، فالحجة تدور حول الحقائق التي يحتويها النص، وليس حول اللغة التي يتم التعبير بها. وبالتالي، يعتبر القرآن خطاباً للإنسان بوصفه عاقلا، ولا يتعلق الأمر بلغة النص.

وإذا افترضنا نزول القرآن بلغة أخرى، لكانت حقائقه حجة على العرب كما هو حجة على غيرهم. ويعود الأمر في ذلك إلى طبيعة الحقائق العلمية والمعارف الإنسانية التي تعتبر عابرة للزمان والمكان واللغة، وعليه فإن نزول القرآن باللغة العربية لا يمنع الآخرين من فهم حقائقه ومعانيه، ويمكن للناس من جميع الثقافات واللغات أن يتعلموا ويستفيدوا من القرآن ويستوعبوا حقائقه ويحصلوا على الحجة العقلية التي تثبت صحته ودلالته على الحق. 

ومع ذلك، فإن هناك سؤال حول سبب نزول القرآن باللغة العربية دون غيرها، والإجابة على ذلك ترتبط بمميزات اللغة العربية ومبحث البيان، وليس لها علاقة بمبحث الحجية، وقد بين علماء اللغة مميزات اللغة العربية وسر أفضليتها على جميع اللغات، وهو ما يفسر اختيار اللغة العربية لنزول القرآن بها.

ومن بين المميزات التي أوردها علماء اللغة العربية:

1- قدرتها على التعبير عن المعاني بشكل دقيق ومنمّق، حيث تحتوي على عدد كبير من الكلمات والتراكيب اللغوية التي تمكّن من التعبير بشكل دقيق عن الأفكار والمفاهيم المعقدة.

2- تميّزها بالنظام والتنظيم، حيث تعتمد اللغة العربية على نظام دقيق في بناء الجمل والعبارات وترتيب الكلمات، مما يجعلها تمتلك تنظيماً واضحاً وسلساً. 3- قوتها الشاعرية، فهي تمتلك قدرة كبيرة على الإيقاع والترتيل والتجانس الصوتي، مما يجعلها مناسبة للخطاب.   

وفي النهاية، فإن الإجابة على سؤال لماذا نزل القرآن بالعربية دون غيرها من اللغات، يرتبط بمميزات اللغة العربية التي جعلتها مناسبة لنقل الحقائق العلمية والدينية بشكل دقيق وواضح، وليس لها علاقة بمبحث الحجية والدلالة، ونزول القرآن باللغة العربية لا يمنع الآخرين من الوقوف على حقائقه ومعانيه، فكما أن اللغة اليونانية لم تمنع العرب من التعرف على الفلسفات اليونانية كذلك لغة القرآن لا تمنعهم من الوقوف على حقائقه، وخير دليل على ذلك واقع المسلمين اليوم حيث نجد نسبة غير العرب أكثر بكثير من نسبة العرب.