ما حقيقة أن الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين (ع) ليست جزءاً من الصلاة؟

موقع الأئمة الاثني عشر
زيارات:3988
مشاركة
A+ A A-
كيف تكون الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مستحبة؟ وفي حال كون نية المصلي أنها جزء من صلاته فان صلاته تبطل؟!

وفي نفس الوقت فإن الإمامة هي جزء مهم من ديننا وأن عبادات المرء لا تغنيه شيئا يوم الحشر إن لم يعتقد بولاية يعسوب الدين؟

الجواب من آية الله السيد منير الخباز:

إن الشهادة الثالثة تارة تلحظ بالنسبة للأذان، وأخرى بالنسبة للصلاة.

فإذا لوحظت بالنسبة للأذان فالمشهور لدى فقهائنا أنها مستحب من مستحبات الأذان، بل هي مستحب في كل وقت، لا أنها جزء من الأذان، فهناك فرق بين فقرة «حي على خير العمل» وفقرة «أشهد أن علياً ولي الله»، فإن فقرة «حي على خير العمل» جزء من الأذان والإقامة بمعنى أن من لم يقل ذلك يعتبر أذانه لاغياً شرعاً، وأما من ترك الشهادة الثالثة فأذانه صحيح شرعاً وإن حرم نفسه من الأجر والمثوبة المترتبة على الشهادة الثالثة، فهي مستحب ومن أفضل المستحبات النفسية، وقد ورد عن الإمام الصادق : ”من قال لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فليقل علي أمير المؤمنين“ فاستفيد من هذه الرواية أن الشهادة لعلي بالإمامة مستحب عند الشهادتين لله بالوحدانية وللنبي  بالرسالة.

ولا ملازمة بين كون الإمامة هي الركيزة الأساسية للدين وبين كون الشهادة للإمام علي  بالولاية جزءاً من الأذان أو الصلاة، فإنه لا ملازمة بين الأمرين، فلا إشكال أن من أصول الدين العدل، ومن أصول الدين المعاد، مع أنه لا وجود لهما في الأذان؛ إذ ليس من فقرات الأذان «أشهد أن الله عادل» أو «أشهد أن القيامة آتية لا ريب فيها»، فمجرد كون المعتقد ركيزة أساسية للدين لا يستلزم أن يكون التلفظ به والشهادة اللفظية به جزءاً من أجزاء العبادة، فلا يوجد تناقض في البين، فما هو ركيزة الدين هو الإعتقاد القلبي للإمام علي  بالولاية لا التلفظ اللساني؛ فإن التلفظ اللساني مجرد ذكر من الأذكار وليس هو ركيزة للدين كي يقال بأن عدم كون التلفظ اللساني جزءاً من الأذان أو الصلاة يتناقض مع اعتقادنا بأن الإمامة ركيزة للدين.

وأما بلحاظ الصلاة، فهناك خلاف بين فقهائنا، فمنهم من يرى بأن ذكر الشهادة الثالثة أثناء الصلاة أي بعد تكبيرة الإحرام سواء قالها قبل قراءة الفاتحة أو قالها في ركوعه أو في سجوده أو في التشهد الأول أو الأخير فإنه أمر مستحب لأنها ذكر من الأذكار الإلهية، وهناك من يستشكل كالسيد السيستاني دام ظله فإنه يستشكل في ذكر الشهادة الثالثة أثناء الصلاة، أي بعد ذكر تكبيرة الإحرام؛ اعتمادا على ظاهر بعض الروايات، كما في الرواية الصحيحة الواردة عن الصادق : ”كلما ذكرت الله والنبي  فهو من الصلاة فإذا قلت كذا انصرفت“، فإنه قد يستظهر من هذه الرواية أن ما هو الذكر السائغ في الصلاة هو ذكر الله والنبي  وليس أكثر من ذلك.

إنتهى جواب آية الله السيد منير الخباز جواب آخر: ثلاثة أمور مهمة

هناك أمور ثلاثة لابدّ من الإنتباه إليها كي يتّضح الجواب على السؤال:

الأوّل : أنّ الصلاة عبادة ، والعبادات الإسلاميّة بشكل لعامّ توقيفيّة ، بمعنى أنّ الإنسان لا يجوز له شرعاً أن يضيف فيها و يزيد على صيغتها التي وردت في الشريعة بقصد جعل الزائد جزءاً من العبادة ، فإنّ ذلك تشريع محرّم ؛ فالتعبّد و الالتزام الحرفي بنفس الصيغة المشرَّعة من قبل الله تبارك و تعالى شرط أساسي و ممّا لا بدّ منه في العبادة.

أمّا تشريع الإنسان من عند نفسه وتقنين صيغة أُخرى للعبادة ـ أزيد من الصيغة الواردة أو أقلّ منها ـ فهو حرام وممنوع شرعاً ومبطل للعبادة ، ومن الواضح أنّ الشهادة الثالثة لعليّ سلام الله عليه بالإمرة والولاية ليست جزءاً مشرّعاً في الصيغه الواردة التشهّد في الصلاة ، فلا يجوز النطق بها التشهّد في الصلاة بقصد جعلها جزءاً من التشهّد ، وإذا فعل بطلت صلاته.

الثاني : أنّ من جملة مبطلات الصلاة التكلّم بكلام الآدمي إلّا إذا كان دعاءاً ، فلا يجوز التفوّه في الصلاة إلّا بما هو قرآن أو ذكر لله تعالى أو دعاء ، أمّا الكلام الخارج عن القرآن والذكر والدّعاء فهو ممّا يبطل الصلاة حتّى إذا لم يكن بقصد الجزئيّة.

الثالث : أنّ الشهادة الثالثة ليست قرآناً ، ولا هي ذكر لله تعالى ، ولا هي دعاء ، وإنّما هي شهادة وإقرار من الإنسان بحقيقة من حقائق الإسلام ، وهي إمامة عليّ سلام الله عليه ولايته وإمرته ، فهي من الكلام الآدمي المبطل للصلاة حتّي إذا لم يكن بقصد الجزئيّة.

وعلى هذا الضوء نعرف حكم الشهادة الثالثة في الأذان ، فلا يجوز الإتيان بها في الأذان بقصد الجزئيّة ؛ لأنّ الأذان أيضاً عبادة ، وقد قلنا : إنّ العبادات توقيفيّة ، لكنّه يجوز الإتيان بها في الأذان لا بوصفها جزءاً من الأذان وفصلاً من فصوله بل بقصد الشهادة بحقيقة من حقائق الإسلام ؛ إذ ليس من مبطلات الأذان التكلّم بكلام الآدمي أثناءه.

مواضيع مختارة