الإمام المهدي
هل أهل اليمن أفضل أنصار الإمام المهدي (ع)؟!

جاء في الأحاديث أن أنصار الإمام المهدي (صلوات الله عليه) هم أهل اليمن وأهل خراسان، وأن الراية اليمانية هي أهدى الرايات. فما سبب أفضلية الراية اليمانية؟ هل لأنهم زيدية أم لأنهم سيصبحون اثني عشرية؟

الجواب: نعم ورد في الأحاديث ذلك، ولكن بعض أنصاره (عليه السلام) من أهل اليمن ومن أهل خراسان ولا ينافي ذلك أن من بقية البلدان مَن سيحظى بنصرة الإمام (عليه السلام).

أما كون راية اليماني هي أهدى، فيبدو أن راية اليماني رايةٌ خالصةٌ بولائها للإمام (عليه السلام)، وأن اليماني وأصحابه يرون وجوب نصرة الإمام تكليفاً خالصاً لا يشوبه شيء، أي الولاء الكامل والطاعة التامة للإمام (عليه السلام) من قبل اليماني وجيشه، هذا من ناحية.

ومن ناحيةٍ أخرى فإن عقيدة اليماني الاثني عشرية وأصحابه الميامين تؤهلهم إلى أن تكون رايتهم أهدى الرايات، وليس لزيديتها كما ورد في السؤال.

بل العكس فإن خليط الزيدية الذين سيكونون مع الخراساني هو سببٌ مهم في تفضيل راية اليماني على راية الخراساني، وفي تعبير الإمام الباقر (عليه السلام) عن راية اليماني بأنها أهدى كما ورد في النص (وليس في الرايات أهدى من راية اليماني، هي راية هدى لأنه يدعو إلى صاحبكم)(1) فتعليله بقوله (عليه السلام): (لأنه يدعو إلى صاحبكم) واضح من كون اليماني يدعو مباشرةً لنصرة الإمام (عليه السلام)، في حين سيكون الجيش الخراساني ذا تركيبة لخليطٍ سياسي متنوع تحمل معها توجهاتٍ سياسيةٍ مختلفة، وأكثرها خطراً هو ذلك التوجه الزيدي الذي يرى في الخراساني أنه إمام مفترض الطاعة. وكون كل من قام بالسيف وتصدى فهو الإمام المفترض الطاعة. وتكون نصرتهم للخراساني بهذا الداعي البعيد عن نصرة الإمام وتأييده، معتقدين أن خروجهم مع الخراساني هو لهذا الداعي وليس لغيره، لذا ورد أن هؤلاء الخليط من الجيش الخراساني سيعارضون الإمام (عليه السلام) ويعترضون عليه وهم الزيدية كما ورد في نص رواية أبي عبد الله (عليه السلام) إلى أن قال في حال الخراساني الحسني: ويبايعه - أي المهدي (عليه السلام) - سائر العسكر الذي مع الحسني إلّا أربعين ألفاً أصحاب المصاحف المعروفين بالزيدية فإنهم يقولون: ما هذا إلّا سحر عظيم، فيختلط العسكر فيقبل المهدي (عليه السلام) على الطائفة المنحرفة فيعظهم ويدعوهم ثلاثة أيام، فلا يزدادون إلّا طغياناً وكفراً، فيأمر بقتلهم فيقتلون جميعاً ثمّ يقول لأصحابه: (لا تأخذوا المصاحف ودعوها تكون عليهم حسرة كما بدلوها وغيروها وحرّفوها ولم يعملوا بما فيها).

إذن فجيش الخراساني - بما فيه هذا الخليط الزيدي - سيشكل تهديداً لحركة الإمام (عليه السلام) وسيعاجلهم الإمام بالتحدي وإحباط محاولاتهم، على أن الزيدية هؤلاء إما أن يكونوا زيديةً حقيقة، مذهباً واتجاهاً، وإما أن يكونوا زيديةً نعتاً لعقائدهم ومبانيهم في كون كل من تصدى بالسيف كان إماماً يجب اتِّباعه وطاعته.

هذا ما دعا الروايات إلى الإشارة بموقف اليماني ورايته التي هي راية هدى. ولا ننسى أن الخراساني سليماً في توجهاته صحيحاً في معتقداته، إلّا أن الكلام في بعض أصحابه وأتباعه.

الهوامش:

 

(1) البحار ٥٢: ٢٣٢.

المصدر : محكمات السنن في الرد على شبهات أهل اليمن ـ شبهات الزيدية حول الإمام المهدي (عليه السلام)

 

نقلاً عن موقع الحجة بن الحسن

2024/10/08

بسبب تغييب المُختص.. الخيال يجتاح روايات الظهور!

إنَّ المتصدّي للتعامل مع الروايات الواردة في الفروع هو الفقيه، وهو على أعلى درجات التخصّص والمهنية لا يلج هذا الباب إلَّا بعد طيّ صفحات عديدة يسبر خلالها أغوار علوم شتّى، وبمستويات مختلفة من النحو والبلاغة والمنطق والدراية والرجال والحديث والأُصول وبعض مطالب علم الكلام وعلم الفلسفة. وبعد متابعة الأساتذة لسنوات عديدة في الدرس وهم يمارسون عملية الاستنباط حتَّى تحصل الملكة والأهلية عنده، فيتصدّى بعدها للاستنباط.

ولا يكون استنباطه لغيره في الفترة الأُولى، ولو قُدِّرَ له أن يستنبط لغيره فإنَّ ذلك سيكون بعد مدَّة مديدة بحسب العادة.

وأمَّا من تصدّى للكتابة والاستنباط في روايات الظهور فلم يؤخذ فيه أيّ شرط ممَّا سبق حتَّى تصدّى لهذا الباب كلّ من هبَّ ودبَّ، واقضِ عجباً ممَّا تجده قد سُطِرَ في كتبهم التي جمعت الغثّ والسمين. وحين تقرأ لبعضهم ترى خيالاً خصباً تجرَّد عن عالم الطبيعة وراح ينسج صوراً لا تمتُّ إلى الواقع بصلة.

وذهبت الأماني ببعض إلى مدى بعيد وتصوَّر أنَّه قد أتى بالعجب، وجزم في مقدّمة كتابه بأنَّ من قرأ كتابه لا يموت موتة جاهلية. ولا أتَّهم بذلك أحداً بسوء النيّة، بل إنَّ هذا وأضرابه نتيجة حتمية لفتح الباب أمام غير المتخصّص لإبداء رأيه فيما يتوقَّف على التخصّص.

نعم كتب بعض أكابر علمائنا في ذلك لكنَّهم ليسوا كثيرين، وما أكثر من كتب من غير المتخصّصين في ذلك. وبذلك يبرز أمامنا سبب إضافي لاحتمال الخطأ في التعامل مع هذه الأدلَّة لا وجود له في علم الفقه، حيث إنَّه لا يوجد تقليد في أمثال هذه المسائل، وهذه الكتب موجودة بين أيدي الناس، ومن أراد التحدّث عن هذه المواضيع ليس متخصّصاً، فيأخذ من هذه الكتب في مقام بناء رؤيته عن الظهور وعلاماته.

والحاصل أنَّ أثر هذا المبحث إنَّما يكون على غير المتخصّصين من عامّة الناس وبعض أهل الموعظة ممَّن لا تخصّص له، وهؤلاء أكثر تواصلاً مع عامّة الناس بحكم مهنتهم، وإن كانت من باب أداء الوظيفة الشرعية ونشر الوعي، والمشكلة في الموضوع أي في الصغرى والوعي المتصوَّر.

وإذا أضفنا إلى ذلك واقعاً مُرَّاً تعيشه الأُمّة يتمثَّل في ترك البحث العلمي، بل والقراءة والاختصار على السماع مع ملاحظة أنَّ المتحدّثين ليسوا من أصحاب النظر وهذا واقع لا ينكر، تبيَّن عمق المأساة واتّساع دائرة احتمال الخطأ في التصوّرات المبنية عند عامّة الناس من المتلقّين.

ومثل هذا غير موجود في عملية الاستنباط وإن كثرت دعاوى الاجتهاد في أيّامنا هذه، ولم يقترن مع كثير منها شاهد حقّ على صدقها.

المصدر: علامات الظهور (قراءة في المعرفة والتطبيق) ـ تأليف: الشيخ كاظم القره غولّي

نقلاً عن موقع الحجة بن الحسن

2024/10/05

2024/05/02