مصابيح الأرض
ارتحل صبيحة اليوم.. من هو آية الله السيد علي الموسوي البعّاج؟

ارتحل صبيحة هذا اليوم الأربعاء إلى جوار ربه آية الله السيد علي الموسوي البعاج عن عمر ناهز الـ 105 عاما قضاها بالعلم والتدريس وخدمة المؤمنين.

[اشترك]

فمن هو آية الله السيد علي الموسوي البعاج؟

السيد علي بن رخت بن رعد الرضوي الموسوي البعاج، عالم جليل، ولد في ناحية الدغارة - الديوانية سنة ١٣٤١هـ الموافق 1922م ونشأ بها، كان شغوفاً بدراسة العلوم الإسلامية، وجدّ في تحصيلها.

انتقل إلى النجف الأشرف سنة ۱۳۸۰هـ ، وأكمل دراسته فيها، فقرأ سطوحه على السيد محمد حسين الحكيم والسيد مسلم الحلي، والشيخ نور الدين الجزائري، وحضر الأبحاث العالية فقهاً وأصولاً على السيد أبي القاسم الخوئي وعليه تخرج، زُود بوكالات شرعية من أعلام الدين، ومنهم : السيد عبد الهادي الشيرازي، والسيد محسن الحكيم، والسيد حسن البجنوردي، ليمثلهم.

أقام صلاة الجماعة في (جامعة النجف الدينية )، وأتم به جمع غفير من المصلين.

روى بالإجازة عن السيد حسن البجنوردي، والسيد علي السيستاني، والسيد عبد الأعلى السبزواري.

من آثاره :

ــ  مسائل وأجوبة في الصوم

ــ  شرح المكاسب للشيخ الأنصاري

ــ  تقريرات الفقه وأصوله

المصادر: المنتخب من أعلام الفكر والأدب، كاظم عبود الفتلاوي

2024/11/06

يعد فراشه بنفسه.. المرجع الأعلى للطائفة يخدم نفسه
كان مرجع الطائفة  آية الله العظمى السيد محسن الطباطبائي الحكيم (قدس سره)  يحرص على القيام بأعماله بنفسه إلى أقصى حد ممكن وحتى في التفاصيل الصغيرة.

[اشترك]

فكان يقوم بالبحث، والتدريس، والمراجعة، والكتابة، والتصحيح لكتاباته، دون أن يكلف أحداً من طلابه، أو ذويه حتى في أيام شيخوخته ومرجعيته.

كما كان ـ أيضا ـ يحاول أن يعتمد على نفسه في قضاء حاجاته الخاصة، ويتجنب إلى أقصى حد تكليف الآخرين، أو الطلب منهم في قضاء هذه الحاجات، وحتى في زمن الشيخوخة، لم يتخل عن هذا الاتجاه النفسي، حيث كان يعد بنفسه كأس الليمون الحامض، الذي وصفه الأطباء له، كشراب مفيد.

كما أنه كان يبادر بنفسه لشرب الماء دون أن يطلب من أحد تحضير الماء، وهو شيخ تجاوز السبعين.

وكان يعد بنفسه فراشه، وأدوات الكتابة، وأقلام القصب، أو ملء القلم بالحبر، او غير ذلك من الأمور البسيطة والدقيقة، دون أن يكلف أحدا بذلك، حتى خدمه، أو أولاده.

2024/05/18

وصفة الكمال الروحي
يقول السيّد حسين الشاهروديّ (حفظه الله): طلب منّي بعض أهل الحجاز الشباب أن أسأل الشيخ بهجت وصفة إن التزمنا بها فإنَّها تؤدّي بنا للكمال الروحيّ والسموّ النفسيّ، وكنت في الطريق يوميّاً أراه، فانتهزت الفرصة وسألته عن ذلك.

فقال لي: قل لهم: إنَّ وصفتكم الآن العمل بالرسالة العمليّة لمن تقلّدونه.

فلمّا بلّغتهم بذلك قالوا لي: إنَّ هذا المقدار نحن نعمل به ونريد زيادة على ذلك.

فلمّا بلّغته بما قالوه غضب وقال لي: هم يقولون نحن نعمل، والحال أنَّهم ليسوا كذلك، فالعمل بالرسالة العمليّة لا يقتصر على الالتزام بمسائل صلاة وصيام كما يتوهّمون، بل هنالك أحكام تتعلّق بالمعاملات، وأحكام تتعلّق بحقوق الإخوان وحقوق الزوجين، وغير ذلك.

فأجبتهم بما قال وقلت لهم: أضيف على جوابه : بأنَّ هذه الرسالة العمليّة تشتمل على مستحبّات ومكروهات فهل عملتم بها جميعاً ؟ 

 المصدر: فوائد وعوائد - نقلاً عن رياض العلماء
2024/02/20

قصة ملهمة: يتيم يغيّر حياة عالم شيعي كبير
يقول آیة الله العظمی الشبیري الزنجاني [دام ظله:نقل عن المرحوم آية الله الشاه آبادي ما اشتهر من أنّ البعض رأى المرحوم العلامة المجلسي في عالم الرؤية، وهو يعيش حياة رغد و رفاه.

فسألوه عن علة هذه المكانة؟ هل كانت بسبب الدرس الفلاني؟ أو تأليف الكتاب الفلاني؟ هل هي بسبب تأليف كتاب بحار الأنوار؟ نتيجة أي خدمة كانت؟ فقال: لا، هذه المكانة هي أثر إعطائي تفاحة لطفل يتيم.

كان المرحوم الشاه آبادي يقول في تحلیل هذه المسألة:

أنّ للأعمال آثاراً ونتائجاً، تبرز وتظهر في مختلف العوالم، بعض الأعمال يظهر أثرها في هذه الدنيا، وبعض الأعمال الصغيرة والبسيطة يظهر أثرها في عالم آخر أصغر من عالم الآخرة ، وهذه العوالم لا تصلح لأن يظهر فيها آثار الأعمال والخدمات الكبيرة من قبيل تدوين بحار الأنوار ونشر تعاليم الأئمة المعصومين عليهم السلام، فآثار هذه الأعمال العظيمة ستظهر في عالَم أوسع وأكبر؛ أي في عالم الآخرة.

الخدمات الجليلة التي قدمها العلامة المجلسيّ لمدرسة أهل البيت عليهم السلام سوف تظهر في عالم الآخرة، وليس في عالم البرزخ القابلية لذلك. 

يجب علينا جميعا أن نحرص على مراعاة  الجوانب الإلهية في الأعمال التي نقوم بها، وأن نعلم أن كلّ خطوة نخطوها في خدمة مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وفي خدمة شيعة أمير المؤمنين (سلام الله عليه) لن تذهب سدى، وأنّ آثارها سوف تظهر في مختلف العوالم.

فوائد زنجانية - نقلاً عن رياض العلماء 
2024/02/16

المرجع الزنجاني يكشف أسباب عدم استجابة الدعاء
الكسب الحرام یمنع من الوصول إلی المقامات المعنویة، ویمنع من استجابة الدعاء.

[اشترك]

من یرید أن يُستجاب دعواته لابدّ أن یعتني بالكسب الحلال.

عدم أداء الخمس و الزكاة أحد مصادیق المال الحرام.

الخمس یكون للإمام المعصوم (علیه السلام) و الهاشمیین الفقراء و یجب صرفه في جهته ومن یمتنع عن أداء الخمس في الحقيقة یغصب أموال الآخرین.

لدینا روایات كثیرة تشیر إلی أنّ الرزق مقدّر ویأمر بأن لا تلوثوا الرزق بالحرام.

نحن لابدّ لنا من أن ننتبه إلی هذه الملاحظات ونبذل الجهد في كسب المال من الطریق الصحیح. علماؤنا العظام كانوا یدقّقون كثیراً في هذا الموضوع.

الكسب الحرام یمنع من التقدم الروحاني للإنسان و ینتج العذاب الأخروي.

المصدر: الموقع المرجع الزنجاني دام ظله
2023/12/12

البقاء على الجنابة والملائكة! .. قصة نادرة يرويها السيد الميلاني
هناك قصة حدثت في بيت جدّي المرجع الديني المرحوم السيّد محمّد هادي الميلاني قدس اللَّه سرّه الذي مرّ على وفاته خمسة وثلاثون عاماً، فقد نقل لي من أثق به من الفضلاء قائلًا:

[اشترك]
سافر أحد علماء طهران يوماً ما بصحبة أحد أصدقائه التجّار لزيارة الإمام الرضا عليه السّلام، وخلال أيام زيارتهم حصلوا على إذن من السيّد الميلاني للقاءه لقاءً خاصّاً في صبيحة أحد الأيام، إلّاأنّ الذي حدث للرجل التاجر صبح يوم الموعد أن نام بعد أداءه صلاة الصبح، فلمّا استيقظ وجد نفسه قد احتلم ووجب عليه الغسل. لكنه لاحظ أنه إن اغتسل فسيتخلّف عن الموعد المقرّر ولا يحظى بزيارة السيد، فقرّر أن يذهب حسب الوقت المقرر بحال الجنابة، ومما شجّعه على الذهاب هو أنّ رفيقه السيد العالم قال له: إن بيت السيد الميلاني ليس مسجداً حتى يحرم دخوله على الجنب، فذهب بصحبة العالم، وبعد انتهاء اللقاء، استدعاه السيد الميلاني رحمه اللَّه وأسرّ إليه قائلًا: يا هذا، هذا المكان محلّ استنباط الأحكام الشرعية وتبيانها، ولهذا السبب فهو مهبط الملائكة باستمرار. فما كان من اللّائق دخولك إليه بهذه الحال.
فإذا كان هذا شأن السيد الميلاني قدس سرّه، فما بالك بالأئمّة عليهم السّلام الذين أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
وخلاصة الكلام، إن الأئمّة عليهم السّلام تختلف إليهم الملائكة جيئة وذهاباً، عروجاً وهبوطاً، وإذا حصل شي‏ء من هذا القبيل لآحاد من الصالحين، فهو ببركة ارتباطهم وقربهم من أهل بيت النبوّة عليهم السّلام، ولارتباط المكان ببيان أحكامهم الشرعية.

نقلاً عن كتاب: "مع الأئمة الهداة"
2023/11/29

أذّن بصوت عالٍ في بيتك واقرأ سورة ياسين.. وصيّة من عالم شيعي
كتب آية الله السيد محمد باقر الخوانساري الجهارسوقي (صاحب الروضات) في جزء من وصيته مخاطبا أخاه:

[اشترك]

عزيزي! أقم الصلاة في أول وقتها، وارفع الأذان بصوت عال في بيتك، ففي ذلك خلاص من كلّ الهموم، ادع بأدعية الصباح والمساء بصوت عال، وأمُر جميع أهل بيتك بالدعاء بها.

عامل والدتك وأخوتك وأخواتك أحسن المعاملة، وتحبب إل كلّ واحد منهم، حتى يكون الباري تعالى ووالدك وأستاذك الذي هو والدك جميعا راضين عنك.

وانشغل في النهار بالمطالعة وكسب العلم ولا تصاحب العاطلين (أي المضيعين للوقت)، اسأل الباري تعالى أن يمنّ عليك بالعزة في الدنيا والآخرة.

 واقرأ في كلّ يوم على الحساب حزبا من القرآن الكريم؛ ففي ذلك إصلاح أمر المعاش وتحقيق الآمال، وسُرّ أمواتك؛ ولا سيما أهل الحقوق منهم في ليالي الجمعة وأيامها بقراءة سورة ياسين والرحمن أو غيرهما، وقدّم في كل عام قربانا ضأنا صحيحا، ولو كان بالاقتراض، كما أمر رسول الله (صلی الله عليه وآله).

 وأقم لا محالة لا محالة في العشر الأوّل من المحرّم عشرة مجالس عزاء لذكر مصيبة مولانا سيد الشهداء – عليه التحية والثناء- ولا تنس ذكر أبیك وأمّك، حتى ولو في قنوت صلاتك، وعليك بالقيام من النوم باكرا في الصباح حتى تكون لا محالة مستيقظا وقت الأذان، حتى يوسع الله سبحانه في رزقك".

سيرة حياة آية الله الجهارسوقي، ص 86 و 87. نقلاً عن إعلام مكتب المرجع الديني السيد موسى الشبيري الزنجاني دام ظله
2023/11/21

أدهشني وحيّرني: السيد الخوئي يتحدّث عن ولعه بـ «القرآن الكريم»
كنت ولعا منذ أيام الصبا بتلاوة كتاب الله الاعظم، واستكشاف غوامضه واستجلاء معانيه. وجدير بالمسلم الصحيح، بل بكل مفكر من البشر أن يصرف عنايته إلى فهم القرآن، واستيضاح أسراره، واقتباس أنواره، لانه الكتاب الذي يضمن إصلاح البشر، ويتكفل بسعادتهم وإسعادهم.

والقرآن مرجع اللغوي، ودليل النحوي، وحجة الفقيه، ومثل الاديب، وضالة الحكيم، ومرشد الواعظ، وهدف الخلقي، وعنه تؤخذ علوم الاجتماع والسياسة المدنية، وعليه تؤسس علوم الدين، ومن إرشاداته تكتشف أسرار الكون، ونواميس التكوين. والقرآن هو المعجزة الخالدة للدين الخالد، والنظام السامي الرفيع للشريعة السامية الرفيعة.

أولعت منذ صباي بتلاوته، واستيضاح معانيه، واستظهار مراميه، فكان هذا الولع يشتد بي كلما استوضحت ناحية من نواحيه، واكتشفت سرا من أسراره، وكان هذا الولع الشديد باعثا قويا يضطرني إلى مراجعة كتب التفسير، وإلى سبر أغوارها. وهنا رأيت ما أدهشني وحيرني :

رأيت صغارة الانسان في تفسيره وتفكيره أمام عظمة الله في قرآنه.

رأيت نقص المخلوق في تناهيه وخضوعه أمام كمال الخالق في وجوبه وكبريائه.

رأيت القرآن يترفع ويرتفع، ورأيت هذه الكتب تصغر وتتصاغر.

رأيت الانسان يجهد نفسه ليكتشف ناحية خاصة أوناحيتين، فيحرر ما اكتشفه في كتاب، ثم يسمي ذلك الكتاب تفسيرا يجلو غوامض القرآن، ويكشف أسراره، وكيف يصح في العقول أن يحيط الناقص بالكامل.

على أن هؤلاء العلماء مشكورون في سعيهم، مبرورون في جهادهم. فإن كتاب الله ألقى على نفوسهم شعاعا من نوره، ووضحا من هداه، وليس من الانصاف أن نكلف أحدا ـ وإن بلغ ما بلغ من العلم والتبحر ـ أن يحيط بمعاني كتاب الله الاعظم، ولكن الشئ الذي يؤخذ على المفسرين أن يقتصروا على بعض النواحي الممكنة، ويتركوا نواحي عظمة القرآن الاخرى، فيفسره بعضهم من ناحية الادب أو الاعراب، ويفسره الآخر من ناحية الفلسفة، وثالث من ناحية العلوم الحديثة أو نحو ذلك، كأن القرآن لم ينزل إلا لهذه الناحية التي يختارها ذلك المفسر، وتلك الوجهة التي يتوجه إليها.

وهناك قوم كتبوا في التفسير غير أنه لا يوجد في كتبهم من التفسير إلا الشئ اليسير، وقوم آخرون فسروه بآرائهم، أو اتبعوا فيه قول من لم يجعله الله حجة بينه وبين عباده.

على المفسر : أن يجري مع الآية حيث تجري، ويكشف معناها حيث تشير، ويوضح دلالتها حيث تدل. عليه أن يكون حكيما حين تشتمل الآية على الحكمة، وخلقيا حين ترشد الآية إلى الاخلاق، وفقيها حين تتعرص للفقه، واجتماعيا حين تبحث في الاجتماع، وشيئا آخر حين تنظر في أشياء أخر.

على المفسر: أن يوضح الفن الذي يظهر في الآية، والادب الذي يتجلى بلفظها، عليه أن يحرر دائرة لمعارف القرآن إذا أراد أن يكون مفسرا. والحق أني لم أجد من تكفل بجميع ذلك من المفسرين.

*مقتطف من كتاب: البيان في تفسير القرآن
2023/10/09

تغزّل ولم يفحش: لماذا كتب الشريف الرضي الشعر الغزلي؟
الشريف الرضي هو أبو الحسن محمد بن الطاهر الأوحد ذي المناقب أبي أحمد الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن ابراهيم بن موسى الكاظم (عليه السلام)، وقد عُرف بالعلم والفضل والشعر، وكان عفيفاً عالي الهمّة متديناً، صرّح بفضله ومكانته الكثير من الأدباء والنقاد، ومن ألقابه التي اشتهر بها (نقيب النقباء)، (الشريف الاجّل)، (ذو المنقبتين)، (الرضي ذو الحسبين).

فقد كان أديباً بارعاً في النثر والشعر، فامتازت كتاباته في العلوم اللغوية والشرعية بقوة العبارة ورصانة اللفظ، ويشهد على ذلك ما كتبه في نهج البلاغة، وكتابه خصائص الائمة، مضافاً إلى اهتمامه بشرح الخصائص البلاغية للقرآن الكريم كما في كتابه (حقائق التنزيل) و(مجاز القرآن).

أما في الشعر فقد كان شاعراً شيعيّاً، شديد الإيمان والاعتقاد بأصول التشيّع، ولعلّ من أسباب عدم اهتمام بعض النقاد به وبشعره هو تشيّعه وإيمانه الخالص بأهل البيت (عليهم السلام) وولاؤه لهم. فقد كان حريصاً بشعره على تقديم النصح ما وسعه ذلك، ويجهد في أن يكون معلم الاخلاق في كلّ قولٍ وفعلٍ، وقد غلبت على شعره الحماسة والفخر، كما برع في الرثاء والغزل العفيف، يقول الفاخوري عن شعره: (كان شعره تغنياً بحبّه وآلامه ونشيداً من أناشيد الفخر والعزة)، ولذا قيل عنه أنه أشعر الطالبيّين.

أما الغزل في شعره فحسبه أنّه تغزّل ولم يفحش، فهو ابن السادة الأشراف المعروفين بالتقى والورع، فمكانته الدينيّة والاجتماعيّة والأخلاقيّة تجعله يترفّع عن الفحش في القول، فحافظ الشريف على تعاليم دينه واعتبرها أساساً في التخلق، (وهكذا فقد كان الشريف الرضي في الغزل مهذّباً رقيقاً، وهو رجل إحساس مرهف ينثر على طريق الحج فلذ قلبه وكبده)، يقول الفاخوري: (والغزل عند الشريف أمانِ وتحيّات، والتياع وأشواق، وإرسال العبرات والنظرات، وخفقات فؤاد يروعه البين، وتقطعه حسرات وأسئلة ومناداة، وكل شيءٍ ما عدا الفظاظة والقباحة والقاذورات)، ولذا يعد الشريف الرضي من رواد المدرسة العذريّة بما تحمله من خصائص ومميّزات.

وقد سميت غزليّات الشريف (بالحجازيّات)؛ لأنه أنشدها في مواسم الحجّ على الجبال وفي الأغوار، وعلى حدّ تعبير زكي مبارك في كتابه عبقرية الشريف الرضي (لا مفرّ من الاعتراف بأنّ الشريف كان مثال الجرأة والشجاعة حين استطاع أن يؤرّخ هواه في أيّام الحجّ بقصائده الحجازيّات، وهذه الجرأة كانت من فيض الشاعريّة. فإنّ الشاعر الحقّ أشجع الناس وأقدرهم على الاستهانة بالمكاره والحتوف، والشريف أشجع الشعراء وأشعر الشعراء).

2023/10/04

من هو آية الله السيد محمد مهدي الخرسان؟ .. ترجمة بقلم الفقيد
مالي لا أُترجم لنفسي بقلمي أُسوة بمن ترجموا لأنفسهم من مشايخي في العلم والرواية في كتبهم بأقلامهم، فقد كتب شيخنا المغفور له صاحب الذريعة شيئاً من ترجمته في أوّل مصفى المقال وذكر مؤلفاته في الذريعة كل في مكانه حسب اسمه، وأمّا سيّدنا الاُستاذ المغفور له السيّد الخوئي فقد ترجم لنفسه في معجم رجال الحديث[1].

وأنا لمّا منَّ الله سبحانه عليَّ أن وفقني لطلب العلم وألهمني حبّه منذ بداية شبابي وحتّى اليوم، وها أنا قد بلغت من العمر ما صح فيَّ (زرع آن حصاده) فأسأله تعالى العفو والرضوان فأقول في ترجمتي بقلمي في سطور:

فأنا محمّد مهدي السيّد حسن الموسوي الخرسان:

1 ـ ولدت في النجف الأشرف في 9 رجب سنة 1347 هـ كما سمعته من المرحوم السيّد الوالد (قدس سره) وثمة تاريخ شعري في ذلك.

2 ـ ربّيت بين أبوين كريمين فجزاهما الله عني خيراً فقد أحسنا التربية على معاناة من شظف العيش، أُسوة بالآخرين من مجتمع الأُسرة والجيران، إذ لم يولد أحدهم وفي فمه ملعقة ذهب، فكان الإيمان عند الجميع أقوى من المادة.

3 ـ أدخلت الكتّاب وأنا قد تعلمت القراءة قبل ذلك عند الوالدة رحمها الله، واستدارت أيام التعليم على عدة كتاتيب بمثابة النجاح من صف إلى صف، وأخيراً في منتدى النشر وإلى جانب مناهجها كانت الدراسة الحوزوية التقليدية وسرت فيها من السطوح وحتّى الخارج.

4 ـ وإلى جانب ذلك كانت المجالس العلمية وهي بحق خير مدارس، وكان أحدها مجلس أُسرتنا الّذي رعاه المرحوم الوالد طيلة ثلاثة عشر عاماً في كل يوم عصراً، وفي كل يوم خميس صباحاً وهذا الأخير استمر أكثر من ذلك بكثير، فتعلّمت من آداب المجلس والحديث مع المشايخ، وقد ذكرت جانباً من ذلك في كتاب (ذكرياتي في حياتي) ولا ينشر لو قدر له النشر إلاّ بعد وفاتي، لما فيه من حقائق مرّة.

5 ـ بدأت علاقتي بالكتاب حين كتبت عن الصحابي الجليل ابن عباس حبر الأُمة، ولم أكن أملك كتاباً واحداً يسعفني في حاجتي سوى كتاب شرح نهج البلاغة للمعتزلي ومروج الذهب للمسعودي وبعض أجزاء البحار في مكتبة المرحوم السيّد الوالد(قدس سره)، فكان من الطبيعي أن أسعى في طلب المصادر في المكتبات العامة، وليس يومئذ منها في النجف الأشرف سوى مكتبة المرحوم المغفور له الحجة الشيخ كاشف الغطاء(قدس سره)في مدرسته، ومكتبة الحسينية الشوشترية، والاستفادة منهما برهن مجيئ الناظر ليفتح المكتبة، ولي في ذكرياتي عنها بعض الحديث.

6 ـ ومرت السنون سراعاً وقد استعرتْ الدنيا نار الحرب العالمية الثانية ثم ما بعدها من حروب وادلهمت الخطوب، وعشناها أياماً مريرة وعسيرة، خشية معتد غاشم وسطوة حاكم ظالم (كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا)(2) وما أن أُطيح أخيراً بالصنم، حتّى ازداد الخطب والليل ادلهم، فرّج الله عن المؤمنين بظهور المصلح المنتظر عجل الله فرجه الشريف، وجعلنا من أنصاره وأعوانه والذابين عنه والممتثلين لأوامره والمستشهدين بين يديه، كما في دعاء العهد.

7 ـ لقد وُفقت لتأليف عدة كتب، كما وفّقت لتقديم عدة كتب من تآليف الآخرين، وعربّت كتاباً وبعض الفصول من كتب فارسية.

8 ـ ولي بحوث في شتى فنون المعرفة من فقه وتفسير وحديث ورجال وتاريخ وأنساب وآداب.

9 ـ لقد حاولت بقدر ما وسعني أ نّي ما أضعت عمري فيما لا ينفعني حسب نظري، فلم أدخل في السياسة مطلقاً، ولا انتميت إلى أيّ حزب مهما كان الشعار براقاً والبرقع شفّافاً ولا إلى أيّ جمعية أو مؤسسة أيضاً، إيماناً عميقاً بصحة ما في أوّل الصحيفة السجادية من قول الإمام الصادق(عليه السلام): (ما خرج ولا يخرج منّا أهل البيت إلى قيام قائمنا أحدٌ ليدفَعَ ظلماً أو يُنعش حقاً إلاّ اصطلمته البلية وكان قيامه زيادة فى مكروهنا وشيعتنا) .

وفي التاريخ شواهد كثيرة على صحة ذلك.

10 ـ وأقمت حياتي وقومتها ـ وليس من الغرور العلمي ولا التباهي ـ لو تحدثت فقلت إنّ تجربتي في الحياة كانت ناجحة ونافعة فيما رأيت خير نهج لحياة طالب العلم أن يستقيم، معتمداً على الربّ الكريم الرحيم، وينصرف مكباً على درسه وكتابه ولا يتمنى بلوغ الغاية من دون سلوك الطريق الموصل إليها. والعلم ليس حكراً على قوم دون قوم، ولا حصراً في فئة، ولا وراثة في الحياة، يورثها الآباء إلى الأبناء، فكم من عصامي ساد العظاميين بعلمه.

11 ـ ولقد كانت تمر بي خواطر وخوالج فأفزع إلى التنفيس عن نفسي من ضغطها بنظم قد لا يكون خاضعاً لبحور العروض، ولكنه على كل حال فهو معبّر عن حالة فيها تسجيل موقف، وقد تجمّع من ذلك ما سميته ديواناً.

12 ـ ولقد أنعم الله عليَّ فهداني إلى سواء الصراط، فلم أرغب في حبّ الظهور ولا تباهيت بالغرور، ولولا أن التحدث بنعمة الله تعالى مأمور به فقال تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)(3) لما ذكرت كثيراً ممّا مرّ ممّا يوحي بحبّ الذات وطموح النفس، ورحم الله البوصيري إذ يقول:

والنفس كالطفل إن تهمله شبّ على *** حبّ الرضاع وإن تفطمه ينفطم

13 ـ ومن نعم الله تعالى علىَّ أن انصرفت إلى جانب البحث والتحقيق والتأليف، وفي ذلك تعويض خدماتي للناس عمّا يقوم به الغير في صراط تفعيل العلم في جهات أخرى، ربّما تكون المسؤولية الشرعية فيها أكبر وأخطر.

14 ـ ومن نعم الله عليَّ تمكنت من ضبط هواي من الاندفاع وراء مغريات في الحياة كثيرة اُتيحت لي فرصتها، فأعرضت عنها خشية السقوط وسوء العاقبة وسوء الحساب.

وحسبي بهذا أكتفي، وفيما أظن أني عرضت صفحة من العمر كما عشتها من دون تزويق وأنا في نهاية الطريق، وحسبي بما عرضت صورة صادقة فيما حسبت، ربّنا لا تؤاخذني إن نسيت أو أخطأت.

هامش: [1] معجم رجال الحديث 22: 22 ـ 26 ط الآداب في النجف.
2023/09/17

تحدّثوا عن عطش الحسين (ع)!
يقول آیة الله العظمی الشبیري الزنجاني هذه القصة سمعتها من السيد مروارید: كانت تعقد ثلاثة مجالس ذات أهمية للعزاء في سامراء: واحدة في بيت ميرزا الشيرازي، واحدة في بيت ميرزا حسين النوري و واحدة في بيت الشيخ حسن علي الطهراني.

و كان یقول في وصف المجلس الذي كان ینعقد في بيت ميرزا الشيرازي: عندما كان الميرزا یحضر المجلس، كأنه لم یتنفس أحد في الجلسة من شدة عظمته و هیبته الحاكمة علی الجمیع، وكانت الجلسة في صمت تام، على الرغم من أنها كانت مكتظة بالناس.

وكان للميرزا عظمة و مهابة خاصة.

و كان یقول في وصف المجلس الذي كان ینعقد في بيت الشيخ حسن علي الطهراني: تأخر الشيخ حسن علي مرة في المجیئ، وعندما دخل الجلسة، كانت عيناها منتفخة من كثرة البكاء إلی حد كأنها ترید الخروج من حدقتها. و قال في سبب ذلك: كنت في المنزل، رأیت في المكاشفة سیدالشهداء علیه السلام أنه أدخل رأسه الشریف من نافذة الغرفة و قال: “تحدثوا عن عطشی!”.

المصدر: shobeiryzanjani

[اشترك]

2023/08/17

في ذكرى رحيله: ما قصة الرسالة التي طلب السيد الخوئي أن تُدفن معه؟!
كان السيد الخوئي يتابع أخبار المسلمين أولا بأول ويطلب من أبنائه والمقربين بإطلاعه على آخر الأخبار وتفاصيلها كما تنقلها الصحف والناس، ويشرف على إرسال المعونات والمساعدات وبرقيات المواساة للمناطق والعوائل المنكوبة.

كانت أيام المرجع الديني آية الله السيد أبوالقاسم الخوئي (قدس سره) كلّها حافلة بالعمل الجاد، حيث كان يستيقظ قبل الفجر، فيتوضأ للصلاة وكان يتهجد إلى أن يحين وقت صلاة الصبح، ثم يصلّي ويفطر مع عائلته.

وعادة ما يكون إفطاره قطعة من الخبز والجبن المحلي والشاي وكان يصرّ على أن لا يأكل وحده بل ينادي أفراد العائلة أو عمال البيت أو الضيوف لمشاركته الطعام.

وبعد الإفطار يستريح قليلاً ثم تبدأ جلسة الاستفتاءات الشرعية في الساعة الثامنة صباح كل يوم.

وعندما تأتيه رسائل من مختلف بلدان العالم يصرُّ سماحته على فتحها بنفسه وقراءتها واحدة واحدة ويجيب على ما فيها من المسائل الشرعية.

لجنة مناقشة المسائل الفقهية

وكان يحضر مجلسه بصورة شبه دائمة مجموعة من العلماء لمناقشة المسائل الفقهية.

وكان منهم آية الله علي البهشتي، وآية الله السيد مرتضى الخلخالي، وآية الله الشيخ محمد إسحاق الفياض، وحجة الإسلام والمسلمین الشيخ جعفر النائيني ” حفيد الشيخ النائيني الكبير.

هذه اللجنة الدائمة كانت تضم في بعض الأيام علماء أفاضل آخرین للمناقشة، وللاستفادة من كيفية استنباط الأحكام ولا سيما في المسائل الصعبة.

ومن الشخصيات العلمية التي كانت تحضر أحياناً مجتهدون كبار آخرون من أمثال آية الله الشيخ مرتضى البروجردي وآية الله الشيخ علي اصغر الأحمدي.

وبعد نقاشات وأبحاث يتوصل إلى إجابات فقهية يتولى الأربعة (أعضاء اللجنة الأصلية) كتابة هذه الإجابات بخط اليد ومن ثَمَّ تعرض على سماحة السيد حيث يتحقق منها فيوقع عليها بخاتمه الشريف.

جلسة المسائل الشرعية

ولم يكن ليسمح لأحدٍ مهما كان باستخدام خاتمه، بل كان يحتفظ به دائماً مع مفاتيحه الخاصة، ولا يمضي إلا هو بنفسه على كل رسالة أو جواب.

وتستمر جلسة المسائل الشرعية حتى قبيل وقت الظهيرة حيث يتهيأ للصلاة فيؤم الناس في جامع الخضراء الملاصق للحرم العلوي الشريف من جهة الشرق.

وشهد هذا الجامع دروساً ومحاضرات للسيد على مدى ستين عاماً، (إلى ما قبل سنتين عندما منعته حالته الصحية من الذهاب إلى الجامع).

وبعد الصلاة يبقى فترةً وجيزةً في المسجد يتوافد فيها عليه الزائرون للسلام عليه والتبرك بتقبيل يديه الكريمتين، ثم يرجع لتناول طعام الغداء مع العائلة أو الضيوف.

وبعدها يستريح حتى الساعة الرابعة عصراً ثم يبدأ مجلسه الثاني لمناقشة الأمور العامة والرسائل الواردة في هذا الخصوص.

هذه الجلسة ليست لمناقشة فتاوى شرعية وإنما لمناقشة القضايا الاجتماعية وشؤون الوكلاء ومتابعة مسؤوليات المرجعية في العالم من حوزات علمية، ومؤسسات ومشاريع وأمور عامة من قبيل إرسال برقيات التعازي أو التبريكات أو الرسائل التوجيهية للمؤمنين في جميع أنحاء العالم.

ما خاب من استشار!

وكان ممن يديم الحضور في جلسة العصر المرحوم آية الله العظمى السيد عبد الهادي الشيرازي وحجتا الإسلام والمسلمين السيد محمد إبراهيم الشيرازي (1) والسيد محمد علي الشيرازي (قدس سره) وكذلك بعض من له علاقة بالمشاريع والقضايا الاجتماعية والإدارية والسياسية وما شاكلها.

وتضم الجلسة أحيانا عشرين أو أكثر من المتخصصين في مختلف الشؤون.

وكان المدير للأمور المالية ومسؤول توزيع الرواتب على العلماء والطلاب هو العلامة الحجة الشيخ فخر الدين الزنجاني ويساعده في ذلك العلامة الشيخ أحمد الكاظمي.

وكان سماحته يحب الإكثار من التشاور وتبادل الرأي ويردِّد دائماً: “ما خاب من استشار”.

وتستمر جلسة العصر حتى السادسة مساءً يتهيأ بعدها لتجديد الوضوء وأداء صلاتي المغرب والعشاء في جامع الخضراء أيضاً.

استقبال الناس والوفود

وبعد الصلاة يجلس في “البراني” يستقبل الناس الذين يتوافدون من المدن والبلاد المختلفة للسلام عليه والتبرك بزيارته، وغالباً ما يعرض عليه كثير منهم مشاكله.

فيستمع إليها بعناء ويأمر بحلّها ويتابع ذلك بنفسه ويستمر المجلس حتى الساعة التاسعة مساءً وقد يتأخر أحيانا إلى الحادية عشرة ليلًا.

وبعدما يرجع السيد إلى البيت يجلس مع الأسرة حيث يلاطف أفرادها ويتباحث معهم في أمورهم العائلية الخاصة فينصح هذا الابن ويسلي تلك الحفيدة وهكذا، وكانت لغرفته بابان، واحدة تؤدي إلى المجلس والأخرى إلى بيت العائلة.

مع العائلة

ويقول نجله عبد المجيد: كان الوالد يقضي بين عياله إذا اختلفوا في أمرٍ ما فکان مرحاً معهم، سريع البديهة إذا دخل عليه أحدٌ مهموماً أو فرحاً أو ما شابه، فينظر إليه متفحصاً ويسبقه بالسؤال مبادراً عن سبب شعوره وبما يحس به، وفي كل ليلة كان يعطي الأطفال بعض الحلوى ويوزع عليهم ما اهدي إليه من قبل الزوار، وتستمر الجلسة العائلية لمدة ساعة أو أكثر بقليل ثم ينصرفون من غرفته ويبدأ سماحته بالمطالعة والاستماع إلى الأخبار العالمية حيث كان مواظبا على متابعة أخبار العالم والمسلمين على وجه الخصوص، وأحيانا يشكي بأنه لم ينم الليلة الماضية لسماعه خبر مؤلم عن كارثة في هذا القطر الإسلامي أو ذاك أو سمع بمقتل المسلمين في أفغانستان أو لبنان أو فلسطين أو على جبهات القتال خلال الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

نعم كان السيد الخوئي يتابع أخبار المسلمين أولا بأول ويطلب من أبنائه والمقربين بإطلاعه على آخر الأخبار وتفاصيلها كما تنقلها الصحف والناس، ويشرف على إرسال المعونات والمساعدات وبرقيات المواساة للمناطق والعوائل المنكوبة.

وكان يوزع ما يأتيه من الحقوق الشرعية على الفقراء والمحتاجين ويتابع شكاواهم(2) حتى إذا نسي أحدٌ أمراً ما ذكره به وسأله عما قام به تجاه الطلبات الواردة.

وكان يوصي من حوله بالعوائل المحترمة التي أصيبث بالضراء ويكرر دائماً «اهتموا بشأن هؤلاء الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، وكانت المعونات ترسل إليهم بطريقة سرّية وبكل هدوء لحفظ ماء وجوههم.

متابعة قضايا العالم اﻹسلامي

وعلى نطاق أوسع كان يتابع أمور الكوارث الطبيعية في مختلف أصقاع العالم الإسلامي، ويوصي بإرسال المعونات لهم والوقوف إلى جانبهم.

كما كان يتحقق من الصرف على المدارس والمستشفيات ومراكز رعاية الأيتام في العراق وفي أنحاء العالم الإسلامي، وفي نفس الوقت كان يشارك جيرانه والمقربين أفراحهم وأتراحهم.

أما في البيت فقد كان يهتمّ بالأيتام ممن حوله حتى إذا تنازع أحد عياله مع يتيم قضى بالحق لليتيم، وإذا إحتج الابن الذي يحسب أنه على حق كان يذكره بأن له أب يرعاه بينما ليس للينيم أحد يلجأ إليه فلا باس بالعطف عليه.

كان “قدس سره” يمنع المحيطين به عن مجابهة أعدائه بالشدة، حيث كان يكرمهم كثيراً ويدعو لهم بالتوفيق والهداية عندما ياتون إليه ويستضيفونه سأله یوماً أحد أبنائه: هل ترجو لهم الهداية حقاً يا أبي، أم إنك تجاملهم لكونهم ضيوفاً ؟

فكان رده واضحاً وقوياً : إبدأ يا بني إنني أدعو لهم بصدق أن يهديهم الله ليكفي المؤمنين شرهم.

فلم يحمل سماحته في قلبه بغضا على احد، حتى لو كان من الحاقدين الذين كانوا يرسلون رسائل الشتم والسباب له. ويمنع من حوله من الرد عليهم.

قال له احد ابنائه يوماً: يتهمونك بالبهتان والزور! فكان ردّه: إذا كان الحق لي فأنا أبريء ذممهم.

فقال ابنه: وماذا عن حقنا نحن أبناؤك؟ أليس من واجبنا الرد على هؤلاء والدفاع عنك؟

فكان جوابه: أنتم لكم حق في ذلك، ولكني ما دمتُ حياً فأنا صاحب الحق والردِّ. أما أنتم فلا تردّوا عليهم.

الرسالة التي آلمت السيد الخوئي

كان السيد الخوئي يفتح رسائله الواردة إليه باستثناء المرسلة لعائلته حيث كان يسلمها لأصحابها داخل العائلة ولم تزل مغلقة، وإذا صادف أن كانت الرسالة مفتوحة فإنه يسلمها إلى صاحبها مشيراً إليه بأنه لم يقرأ محتواها.

يقول أحد أبنائه: قلت له يوماً، سيدي ليس عندنا سرٌّ مخفي عليك. ولكنه يصرّ على عدم قراءتها.

لكن الرسالة الوحيدة التي آذته وأثرت فيه كثيراً جاءت إليه قبل سنوات من ”أحد طلاب الدنيا باسم الدين”، وفد احتفظ بها في جيب سترته الداخلية يحملها معه أينما ذهب.

وأوصى بأن تدفن الرسالة معه حيث كانت الرسالة تشكك في نسبه الشريف وأنه ليس من عترة رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم”.

وقد آلمته كثيراً إلى درجة كان يردد معها إنه يريد أن تدفن الرسالة معه ليريها إلى جده مصطفي صلى الله عليه وآله وسلم” وجدّته فاطمة الزهراء “عليها السلام” ليشتكي عندهما ممن يشكك في نسبه لهما.

نقلا عن Iraq shafaqna الهوامش: 1- معتقل لدى السلطات البعثية العراقية منذ إنتفاضة شعبان المباركة. 2 – مذكرات السيد عبد المجيد الخوئي. المصدر: الكتاب: سيرة حياة الإمام الخوئي ، دراسة عن حياته العلمية ونشاطاته الفكرية والإجتماعية في إطار الحوزة الدينية المؤلف: أحمد الواسطي عدد الصفحات: 120 صفحة الناشر: دار الكاتب العربي للطباعة والشر التوزيع – إبداع للنشر الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ
2023/08/08

صاحب أشهر كتاب فقهي.. ماذا تعرف عن «السيد اليزدي»؟
مرَّ الفقه الشيعيُّ بأدوارٍ كثيرة، ومضت عليه عهودٌ طويلة تناوب فيها على سدَّة المرجعية العظمى بعد وقوع الغيبة الكبرى علماء كثيرون، وكذلك - من جهةٍ أخرى- مرَّت على تلك الحوزات العلمية متونٌ فقهيةٌ كثيرة، كانت مدار الدرس والتدريس، ومحور المناقشة والمباحثة.

وكان منذ نحو مئة عام كتاب "العروة الوثقى فيما تعم به البلوى" محوراً للأبحاث المُتخصصة في الفقه تدور على مسائله رحى الأنظار العاليَّة، ومورد النظر لتعليقات العلماء تجوس بين ثنايا تفرّعاته عيون أقلامهم البارعة،  ذلك السفر العلميُّ النفيس  الذي دبجته يراعة سماحة اية الله العظمى السيد اليزدي.

فمن هو السيد اليزدي؟

ذلك ما سنتعرف عليه - مختصراً - في السطور الاتية.

حياته ونشأته:

هو آية الله العظمى سماحة السيد محمد كاظم اليزدي بن السيد عبد العظيم الطباطبائي، ابصر النور في قرية نائية تغفو بين مروج الطبيعة الساحرة في ( كسنوية ) من قرى يزد حدود سنة 1247 ه‍ ،حيث اناسها الوادعون الذين يمتهنون الزراعة حرفة، وبيع المحصولات الزراعية عملا.

وهنا لا نجد التاريخ يحدّثنا قليلاً أو كثيراً عما كان في مطلع صباه الباكر أو طفولته الأولى غير ان والده قام بحثِّه في تلك السن المبكرة على الدرس في كتاتيب تلك القرية الصغيرة.

نشأته العلمية:

شرع في طلب العلم، وبدأ تحصيله على أيدي معلمي تلك القرية  بحثٍّ من والده - قدس سره – فقرأ الأدبيات والمقدمات الحوزوية على المرحوم ملا محمد إبراهيم الأردكاني والمرحوم

الآخوند زين العابدين العقدائي ، والسطوح الأعلى على المرحوم الآخوند الملا هادي في يزد .

ولكن همته لم تقف عند هذا الحدِّ، ولم تنتهِ عند هذه النقطة، فطالب العلم منهوم لا يشبع، وعطشان الى المعرفة لا يرتوي، وحيث ان امكانيات يزد ومعلميها لم تعد تلبي طموحات سيدنا المترجم فانه قرَّر أن يشد الرحال الى مشهد حيث مربض الامام على الرضا صلوات الله وسلامه عليه لينال بغيته من العلم، ويظفر بحظه من المعرفة.

 وفعلاً، سافر إلى مشهد المقدسة، يحدوه الامل بالتفقه في الدين، ويسوقه الرَّجاء لترويج شريعة سيد المرسلين -صلى الله عليه وآله- وهناك واصل دراسته فيها ، فقرأ علوم الهيئة والرياضيات ، ولما نال منهما وطره، وقضى من دروسهما حاجته  توجه إلى أصفهان حيث اراد التزود من العلم قدر مايستطيع، فالتحق بعد وروده مباشرةً بدروس

1- العلامة المرحوم الشيخ محمد باقر النجفي ابن الشيخ محمد تقي " صاحب هداية المسترشدين "

2- واستفاد من محضر " صاحب روضات الجنات " المرحوم السيد محمد باقر الموسوي الخوانساري المتوفى سنة 1313 ه‍

3- كما درس عند اية الله الحاج ميرزا محمد هاشم چهارسوقي " صاحب مباني الأصول " .

4-ودرس عند آية الله المرحوم الشيخ محمد جعفر آبادي .

الهجرة الى النجف الاشرف

ولكن عين عزمه كانت تطمح الى سماء الاجتهاد، وبصر همَّته كان يرنو إلى أفق الفقاهة، وليس يلقى بغيته إلاَّ في رحاب بلدة باب مدينة العلم - النجف الاشرف-  فعزم على المهاجرة إلى بلد الفقاهة والعلم .

هاجر إلى النجف الأشرف في السنة التي توفي فيها الشيخ المرتضى الأنصاري سنة 1281 ه‍ ، فلم يحظَ بشرف التلمذة عليه، والدراسة عنده ،وكان الشيخ الانصاري آنذاك ممن القيت اليه وسادة الفقاهة، وانتهت اليه الرياسة العامة للتشيع، فحضر بحوث الآيات العظام

1- المرحوم الميرزا الشيرازي،

2-والمرحوم الشيخ راضي ابن الشيخ محمد الجعفري ( فقيه العراق ) ،

3-والمرحوم الشيخ مهدي الجعفري

4-والمرحوم الشيخ مهدي آل كاشف الغطاء، ونهل من نمير علومهم رضوان الله

عليهم أجمعين .

السيد اليزدي مدرسا:

بعد هجرة الميرزا الشيرازي إلى سامراء- وكان زعيم الحوزة النجفيَّة، وخَلَفَ الشيخ الانصاري، ورائد مدرسته، وربيب حوزته- شكَّل السيد اليزدي حلقةً دراسيَّةً لتدريس العلوم الفقهية، والقاء ابحاثه الأصولية وفق أحدث ما توصل اليه هذا العلم، وأرقى ما تمخضت عنه ابحاثه في عصر السيد -قدس سره-

وسريعاً ما تحولت تلك الحلقة الصغيرة إلى حوزةٍ دراسيةٍ كبيرةٍ، مشحونةٍ بأولي الفضل من الحضور، و مترعةٍ بأهل التحصيل من الطلبة، ونظراً لدقة تحقيقاته، وعمق تدقيقاته، كان عدد الطلاب الحضور في تزايدٍ مستمر ، حتى قال صاحب أحسن الوديعة في وصف حوزته رضوان الله تعالى عليه : " وكانت حوزته الباهرة في هذه الأواخر أجمع وأوسع وأسد وأنفع من أكثر مدارس فقهاء عصره وفضلاء مصره . . . "

وهي شهادة عالم معروفٍ بالتتبع، في حق عالمٍ معروفٍ بالفقاهة.

2023/05/20

نقلاً عن «المرجع الزنجاني»: الشيخ البهائي يتخلّص من ديونه بـ «دعاء».. جرّبوه
يقول آية الله العظمى السيد موسى الشبيري الزنجاني:

[اشترك]

في وقت من الأوقات تراكمت الديون على الشيخ البهائي حتى بلغت (أكثر من 1500 دينار)، وتقطعت أمامه سبل أداء الدين، وأهمه الأمر، وحزن حزنا شديدا منعه من القيام بأعماله لعدّة أيام.

يقول الشيخ البهائي: في تلك الأيام وقع بين يديّ نصّ دعاء، ورحت أدعو به وأكرره، وبعد فترة قصيرة قُضيَت ديوني من طريق لم أحتسبه، والدعاء هو:

«اللَّهُمَّ أَغْنِنِي‏ بِحَلَالِكَ‏ عَنْ حَرَامِكَ وبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاك‏».

اُدعُو الباري تعالى بهذا الدعاء بعد الصلوات، وليس هناك عدد خاص لمرات تكرراه، ومضمونه في الغاية من العلو والسمو.

المصدر shobeiryzanjani
2023/05/16

زعيم الحوزة العلمية يختار «التقشف» و «الجوع»
مضافا إلى الاستعداد الذاتي.. اتصف السيد الخوئي بالجد والدأب في العمل، كان له أخٌ يقطن طهران، وكان يقول: لقد اتبع أخونا طريق المجاهدة، وكان يعني أنّ السيد الخوئي اختار طريق التقشف والجوع ومشقة تحصيل العلم.

[اشترك]

وقد سمعت أنّ والد لسيد الخوئي قد حضر درسه یوما، ولكنّ السيد الخوئي أوقف الدرس احتراما لوالده، ونُقل أنّ الشيخ محمد رضا آل ياسين -الفقيه ومرجع الدینی الكبير عند العرب- قد قال لوالد السيد الخوئي: "إنّ الحوزة العلمية تدور مدار رأس ولدك".
كان درسُ السيد الخوئي مختصرا وناضجا وخاليا من الحشو والزوائد، وقد قال الشيخ محمد رضا آل ياسين للسيد الخوئي نفسه: الأشخاص (طلبة العلوم الدينية) الذين يأتون إلى النجف إنما يقصدونها طلبا للمشاركة في درسك.

مقتطف من كلمة لآية الله العظمى الشبيري الزنجاني (دام ظله): المصدر: من كتاب «جرعه‌ای از دریا» بالفارسیة ج2، ص679
2023/05/09