ميديا
من بدر الكبرى إلى لبنان.. معركة وجود واجتثاث!

في بدرٍ الكبرى كان الإمام عليٌّ – عليه السلام – من جنود النّبي – صلى الله عليه وآله –، وأنعم به وأكرِم فهو – سلام الله عليه – وحده كتيبةٌ وكان الملائكة المُردفون من ضمن هذا الجيش وأمثال سلمان وأبي ذر وعمَّار ممن قلّ نظيرهم فيه.

[اشترك]

ورغم عظمة هذا الجيش ولكن لم يستغنوا عن دعاء النبي – صلى الله عليه وآله – وهو يدعو الله قائلاً: اللَّهمَّ أَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَني، اللَّهمَّ إنَّكَ إنْ تُهلِكْ هذهِ العِصابةَ مِن أهلِ الإسلامِ، فلا تُعْبَدُ في الأرضِ أبدًا.

لقد كان دعاؤه – صلى الله عليه وآله – بمثابة الجزء الأخير المكمّل لسلسلة علل النَّصر على المشركين، فلولاه لم يكن من نصر.

وكانت بدرٌ حدَّاً فاصلاً بين حياة الإسلام أو موته.

معركة اليوم لا أقارنها بمعركة بدرٍ، ولا رجالها برجال تلك، ولكن لها وجه شبهٍ بتلك المعركة من جهة أنها صارت معركة وجودٍ واجتثاث، بمعنى لو خسرها المؤمنون – لا سمح الله – فالكيان الشيعي في المنطقة سيتلقَّى ضربةً قويةً جداً – لا سمح الله –  على مستوى وجوده السياسي والثقافي والعسكري والاقتصادي.

اذن التعويل على دعاء الإمام المهدي – عليه السلام – لنصر المؤمنين في منازلةٍ غير متكافئةٍ عدَّةً وعددا.

متى ما نظر إليهم وإلينا بعين رحمته ونصره فالنَّصر – إن شاء الله قريب – وبعين الله تعالى تلك الدّماء الزاكية المسفوكة، وأولئك الجرحى وما جرى على أهلينا المؤمنين هناك من تهجيرٍ وتشريد.

اللهم نسألك العفو والعافية من كلّ قصورٍ وتقصير، والنَّصر المؤزَّر عاجلاً غير آجل.

2024/10/23

هل تنجح الكتب والمقالات في مواجهة الجيوش الإلكترونية؟!
الموسوعات المطوّلة، الكتب الضخمة والثقيلة، المجلاّت والمقالات والدراسات التخصّصية التي تتكلّم بلغة علمية بحتة! هل تستطيع التأثير على صنع ثقافة دينية رصينة ووعي مذهبي متكامل لدى أفراد المجتمع المؤمن بصورة واسعة؟

[اشترك]

عندما يرى الشاب مقطعًا يبث الشبهات والمغالطات في دقائق معدودة، وبعد أن تترسّخ تلك الشبهات في ذهنه، هل سيذهب ويفتّش بين الكتب التخصّصية للعثور على الإجابة السليمة؟

وهل يتمكّن جميع أفراد المجتمع من ذلك؟

هذا، إذا أدرك المتلقّي أنّ ما سمعه كان من الشبهات!

وإذا كان عازمًا العثور على الرد والإجابة!

وإذا تمكّن من استيعاب الأجوبة المطروحة في تلك المصنّفات والمدوّنات!

ومن جهة أخرى: إنّ المقطع يجاب بمقطع، والتغريدة بتغريدة، والوثائقي بفيلم مثله، والمشروع الإعلامي بنفس أدواته.. والمسلسلات، برامج الفضائيات، الحوارات، البودكاست، الكتب المسموعة، وما ينشر على صفحات التواصل و... كلّ بمثله لا بغيره.. مع الالتزام بالموازين الشرعية والضوابط المقرّرة.

وبعبارة أخرى: هل تمكِن مواجهة الجيوش الإلكترونية وما تعمله من مشاريع إعلامية كبرى لهدم العقيدة وتحطيم الدين والمذهب، بطباعة بعض الكتب أو المقالات أو نشرها على مجموعة من الصفحات الإلكترونية التخصّصية؟

هل نمتلك منظومة إعلامية متكاملة متناسقة حديثة تعمل وفق مخطّط واضح؛ فترصد أولاً بصورة تامة، ثم تنتج لكل فئة ما يناسبها من حيث المعلومة والطرح وطريقة العرض، ثم تنشر الإنتاج بصورة واسعة؟

إن الأبحاث التخصّصية تبقى تدور في دائرة أهلها، ولا يؤثّر على المجتمع إلاّ ما يمكن أن يستوعبه ويقتنع به مختلف أصناف الناس من رؤى وأفكار؛ فلا بدّ من العمل بمهنية ورؤية واضحة بدل النياحة على الدين والمذهب ليل نهار! والتعويل على الجهود الفردية للدفاع عن منظومة المؤسسّة الدينية ومستقبلها والاكتفاء بوسم الأعداء بما يليق بهم؛ فإنّ ذلك ونحوه لا يترك أثرًا بليغًا!

نعم.. إنّ الأبحاث التخصّصية ضرورية لأهلها، وفي مجالها؛ فإنّها هي التي تبنى عليها المشاريع الأخرى من حيث المعلومات ومنهجيّتها العلمية، لكن لا يعنى ذلك أن نقتصر عليها ونترك الإعلام الديني المؤثّر على أفراد المجتمع المؤمن من أواخر الأمور التي نهتم بها! بل لا بدّ من استخدام جميع الطرق والأدوات الحديثة والقديمة لترويج العقيدة الحقّة والشرع المبين.

2024/06/13

2023/11/10

في عصر الذكاء الاصطناعي.. ماذا تعرف عن القدرات الخارقة لـ «دماغ الإنسان»؟! (فيديو)
في علم النفس، يقول الدكتوراه في هذا العلم جاردن لويس: إن القول بأن الإنسان لا يستخدم إلا 10% من دماغه هذا القول غير صحيح. بل الإنسان يقدر على أن يستخدم دماغه بلا حدود وبلا قيود ولا ينحصر في استخدام 10% من قدره الدماغ.

وفي موقع ستانفك أمريكان ينقل عن فيلسوف في علم النفس بول ريبر قوله: إذا قارنا قدرة الذهن على الاستيعاب وتخزين المعلومات نجد أن هذه القدرة على تخزين المعلومات تقارب ٢٫٥ مليون جيجا بايت أي ما يساوي تقريبا ٣ مليون ساعة من البرامج التلفزيونية.

أي أن ذهن الإنسان يمتلك ذاكرة مساحتها تساوي ٣ مليون ساعة من برامج التلفاز، بمعنى أن لو أردت استيعاب هذه المساحة تحتاج تشغيل التلفزيون لأكثر من ٣٠٠ سنة.

2023/06/06

من أين نحصل على المعلومة.. من «فيسبوك» أم من «المواقع»؟!
تعتمد أهمية نقل المعلومات على الغرض والهدف المطلوب من النقل، والجمهور المستهدف للمعلومات. ومواقع التواصل الاجتماعي تتميز بالقدرة على نقل المعلومات بسرعة كبيرة والتفاعل معها بشكل فوري، وتوفير منصة للتفاعل والحوار حول المعلومات.

[اشترك]

ولكن، يمكن أن تكون المعلومات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي غير دقيقة أو غير موثوقة، كما أنها قد تختفي بسرعة بسبب تغير الخوارزميات أو حذفها من قبل المنصة.

أما مواقع الويب تتميز بالتفصيل والدقة في عرض المعلومات، وتوفر مصادر ومراجع للاستشهاد بها، وتتيح الوصول إلى مجموعة واسعة من المعلومات بسهولة وبأي وقت. ومع ذلك، قد تكون عملية النشر على مواقع الويب تأخذ وقتًا أطول، وتفتقر إلى التفاعل الفوري الذي تتميز به مواقع التواصل الاجتماعي.

لكن بشكل عام، يمكن القول أن كل من مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الويب لها دور مهم في نقل المعلومات، وتعتمد الاختيار على الغرض والهدف المطلوب من النقل والجمهور المستهدف.

نسبة الخطأ أكبر في مواقع التواصل الاجتماعي

كما أن هناك فرق كبير في نسبة الخطأ في نقل المعلومة بين مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الويب.

 في مواقع التواصل الاجتماعي، يتم نشر المعلومات بشكل أسرع وأكثر وضوحًا ويمكن أن يصل عدد الأشخاص الذين يتفاعلون معها بسرعة كبيرة. ولكن، في الوقت ذاته، فإن مواقع التواصل الاجتماعي غالبًا ما تفتقر إلى الدقة والتحقق من الحقائق في المعلومات التي يتم نشرها. وهذا يعني أن نسبة الخطأ في نقل المعلومة على مواقع التواصل الاجتماعي عادة ما تكون أكبر بكثير مقارنة بمواقع الويب التي تفحص المعلومات وتتحقق منها وتنشرها بعناية.

لماذا يجب علينا متابعة المواقع؟

تتميز مواقع الويب عن مواقع التواصل الاجتماعي في نقل المعلومة الرصينة بعدة نقاط، منها:

1- موثوقية المصدر: تتأكد مواقع الويب من مصادر المعلومات وجودتها قبل نشرها، في حين أن مواقع التواصل الاجتماعي تعتمد بشكل كبير على المستخدمين وتفتقر إلى التحقق من صحة المعلومات.

2- الدقة: تحرص مواقع الويب على توفير معلومات دقيقة وشاملة ومفصلة، بينما تعتبر مواقع التواصل الاجتماعي أداة للتواصل وتبادل المعلومات بشكل عام، ولا يتم التركيز بشكل خاص على الدقة فيها.

3- الاستقرار: تتمتع مواقع الويب بالاستقرار والتوافر الدائم، في حين أن مواقع التواصل الاجتماعي قد تشهد تغيرات متكررة وتعطلات وقطع في الخدمة.

4- التنظيم: توفر مواقع الويب طرقاً مرتبة ومنظمة للبحث عن المعلومات، وتساعد على تجميع المعلومات ذات الصلة في مكان واحد، بينما قد تكون مواقع التواصل الاجتماعي غير منظمة وتصعب عملية البحث عن المعلومات الرصينة فيها.

5- العمق: تعرض مواقع الويب المعلومات بشكل مفصل وعميق، وتوفر تحليلات ودراسات وتقارير شاملة، بينما قد تكون المعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي محدودة وغير كافية في بعض الأحيان.

خاص لـ "موقع الأئمة الاثني عشر"
2023/04/23

2023/03/25

2023/03/12

موبايلي ليس في جيبي.. هل أنا عريان؟!

 

هذه القصة حقيقية، حدثت في الواقع ولم يؤلفها الخيال: قبل عشر سنوات، كانت أجهزة الهواتف الجوالة "الموبايل" قليلة التداول بين الناس، وكانت كبيرة الحجم.

 وذات يوم خرج رجل من بيته في الصباح الباكر ذاهباً إلى عمله، وعلى رغم تلهفه إلى الخروج سريعاً كي يدرك الشارع قبل اختناقه بالازدحام المروري، لم ينسَ أن يمد يده إلى هاتفه الجوال الذي كان "مركوناً" على طاولة في صالة المعيشة بشقته ويمضي سريعاً من دون أن يلتفت إلى شيء.

 بعد ساعة أو ساعتين، وبينما كان الرجل منهمكاً في عمله (محاسب بإحدى دور النشر)، تذكر أمراً مهماً يريد أن يبلغ زوجته به، مدَّ يده إلى "الموبايل" سريعاً ليتصل بزوجته، فإذا به يكتشف أنّ الذي يحمله في يده ليس "الموبايل" بل هو "الريموت كونترول" الخاص بتشغيل التلفزيون! كان هذا قبل عشر سنوات، عندما كان الناس مفتونين بـ "الموبايل"، ويوماً بعد يوم أصبح صرعة من صرعات حبّ الظهور ولفت الأنظار في الشوارع والأماكن العامة، وزاد استهلاكه في الاتصال، للضرورة مرة وللّعب مرات.. وهكذا، إلى أنّ التصق بالجيوب، لا يكاد يغادرها، وأصبح المرء إذا غادر بيته ومقر عمله وليس في يده أو في جيبه "الموبايل" يشعر كأنّه عريان! أو – على الأقل – كأنّه نسي بطاقة هويته أو رخصة قيادته أو مفاتيح سيارته، أو أياً من اللوازم الضرورية جدّاً التي لا تخرج من جيوبنا ولا تتركها أيدينا إلا عندما نذهب إلى الفراش.

محطة القرارات السريعة والمتسرعة

أكثر من هذا، أصبحت قرارات فردية خطيرة – سريعة، أو متسرعة – كقرارات الزواج والطلاق، تُتَّخَذ على "الموبايل"، صوتياً بالحديث المباشر، أو كتابياً على رسالة هاتفية قصيرة (SMS) ويُعتدّ بمثل هذه القرارات ويتم الاستشهاد بها في المحاكم ودوائر الشرع والقانون. ويضاعف هذه الأهمية، وهذا الوضع المصيري لـ "الموبايل"، التحديثات والاستحداثات والتجديدات والمستجدات التي تطرأ عليه بين أسبوع وآخر، حيث أصبح بوسعك أن تشاهد على شاشة هاتفك الجوال قنوات التلفزيون، وتتلقى أخبار العالم، وتتواصل عبر الإنترنت والبريد الإلكتروني وغير ذلك ويوماً بعد يوم، وإدماناً فوق إدمان.. بات الناس "يشعرون بأنّ الهواتف الجوالة أصبحت جزءاً من الجسم"، كما أشارت نتائج استطلاع أجري على المستوى العالمي عن طريق الإنترنت قبل أسبوعين، وخضعت له عينة تزيد على ثمانية آلاف شخص ينتمون إلى كلّ من كندا والدنمارك وفرنسا وماليزيا وهولندا والفلبين وروسيا وسنغافورة وتايوان وبريطانيا والولايات المتحدة، وجاء في الاستطلاع أنّه "لم يعد معظم الناس يعيشون من دون هواتفهم الجوالة ولا يغادرون منازلهم من دونها، حتى إن بعضهم يمكنهم التخلي عن حافظات جيوبهم بدلاً من أن يتخلوا عنها".

تحكُّم عن بُعد

 في هذا الاستطلاع الذي أجرته شركة بحوث الأسواق "سينوفيت"، جاء وصف الهواتف الجوالة بأنّها "تحكُّم عن بعد في الحياة"، أي.. "ريموت كونترول" نتحكم به في معظم مواقف حياتنا، الكبير منها والصغير، فقد أصبحت تحظى بوجود قوي إلى درجة أن عدد الذين يملكون هواتف جوالة زاد بشكل كبير خلال العام الماضي، وجاء في الاستطلاع أن ثلاثة أرباع العينة المشاركة فيه قالوا إنّهم يأخذون هواتفهم الجوالة معهم في كلّ مكان، مع التنبيه إلى أنّ الروس والسنغافوريين أكثر تعلقاً به، كما قال أكثر من ثلث العينة إنّهم لا يمكنهم العيش من دون هواتفهم الجوالة، ويتصدر التايوانيون والسنغافوريون هؤلاء مرة أخرى، بينما يجد واحد من كلّ أربعة أشخاص صعوبة في إعطاء أولوية للهاتف الجوال على حافظة النقود، ويذهب نحو ثلثي العينة إلى الفراش وهواتفهم الجوالة بجوارهم، ولا يمكنهم إغلاقها حتى وإن كانوا يريدون ذلك، بسبب خشيتهم أن يفقدوا شيئاً ما.

وجاء في بيان أصدرته جيني شانغ المديرة الإدارية لـ"سينوفيت" في تايوان أنّ "الهواتف الجوالة توفر لنا الأمن والأمان والحصول الفوري على المعلومات، وهي الأداة رقم واحد في الاتصالات بالنسبة إلينا، بل إنّها في بعض الأحيان تفوق الاتصالات وجهاً لوجه فهي اتصالاتنا مع حياتنا".

 نمط حياة جديد

كما غيرت الهواتف الجوالة طبيعة العلاقات، حيث وجد الاستطلاع أن نصف المشاركين تقريباً يستخدمون الرسائل النصية القصيرة في المغازلة، وأن خُمسهم يرتبون أوّل اللقاءات عبر الرسائل النصية، كما ينهون علاقاتهم عبرها، وإلى جانب الاتصال العادي والرسائل النصية القصيرة، هناك أهم ثلاث مزايا تُستخدم بشكل دوري في الهواتف الجوالة على المستوى العالمي هي المنبه والكاميرا والألعاب، أمّا بالنسبة لاستخدام الهاتف الجوال في البريد الإلكتروني والدخول إلى الإنترنت، فقد قال 17% من العينة إنهم اطلعوا على صندوق الوارد لرسائلهم، أو تصفحوا الإنترنت عبر هواتفهم، ويتصدر هؤلاء سكان الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، الذين يتصدرون أيضاً العُشر الذي يدخل مواقع الشبكات الاجتماعية على الإنترنت مثل "فيس بوك facebook"  و"ماي سبيس Myspace" بشكل دوري عبر الهاتف الجوال.

المصدر: البلاغ

[اشترك]

2022/10/12

رواديد الطرب: تبيع عقيدتك بـ 100 دولار؟! (فيديو)
يطرح مقدم البرامج مصطفى ناجي في إحدى حلقات برنامجه "خصم الكلام" فكرة التنازل عن العقيدة بحجة الفقر وسوء الأوضاع المعاشية.

ناجي وجّه رسالة أيضاً إلى من وصفهم بـ "رواديد الطرب".. نتابع الفيديو:

[اشترك]

2022/10/03

موظف بدرجة ’متفرّج’: لا فكاك للعين عن الهاتف!
تشكو إحدى صديقاتي من أن زوجها يحب «كرة القدم» أكثر منها، تقول إنه يعاقر مباريات الدوري الإنجليزي وكأس أوروبا بكرة القدم ويعرف أسماء اللاعبين أكثر مما يحفظ أسماء أبنائه وبناته.

إنها شكوى ليست جديدة، وقد ذكّرتني بفيلم إيطالي قديم عن زوج يتسمّر أمام شاشة التلفزيون ولا يرفع عينه عن مباراة الكرة.

وقد بلغ من ضيق زوجته وغضبها من إهماله ولامبالاته بما يجري داخل منزله أن قررت الانتقام منه.

كثيرون منا تشغلهم هواتفهم النقالة أكثر من أي شيء آخر، إن لا فكاك لأعينهم عن شاشاتها، ولا لأناملهم عن حروفها، وقد وصلتني قبل فترة هذه الحكاية الطريفة بل المؤلمة، وأنقلها لكم هنا كما وصلتني بالحرف:

«كان منشغلاً بالهاتف وضغط على الرقم 7 بدلاً من 9 في المصعد، ولم ينتبه عند وصوله إلى باب الشقة أنها شقة الجيران، مد يده وفتح الباب الذي لم يكن مغلقاً بالمفتاح، ودخل وجلس وهو ما زال مشغولاً بقراءة ما يصله من رسائل على «الواتس آب».

كانت زوجة جاره منشغلة أيضاً بالمسلسل التلفزيوني، وناولته فنجان الشاي دون أن تنظر إليه.

وفجأة دخل زوجها وكان أيضاً مشغولاً بالهاتف، وعندما نظر ووجد رجلاً غريباً اعتذر وقال «آسف دخلت إلى الشقة بالغلط...»».

تختتم الحكاية بعبارة «إنها وسائل التباعد الاجتماعي»، فهل وصلت ببعضنا الحال حد نسيان مفردات حياتهم والانشغال بما هو غير واقعي؟

أعرف موظفاً من أقاربي مدمناً على الفرجة على أفلام موقع «تيك توك»، يستعرضها واحداً بعد الآخر طوال ساعات الدوام، إنه موظف بدرجة متفرج، ولا أدري كيف يحلل المرتب الذي يتقاضاه آخر الشهر.

شخصياً، أحب هاتفي ولا أستغني عنه، ولو نسيته سهواً في البيت أعود من آخر الدنيا لاستعادته، ولو ضاع مني أضيع، أفقد مفكرتي وصوري ورسائلي وعناوين أهلي وأرقام هواتف دنياي، لكنني حين يحين وقت الجد، أغلقه وأنجز ما هو أهم، ولن أقول لكم ما هو الأهم لكل منكن، ومنكم، أولوياته في الحياة.

2022/07/19

كيف نحمي أطفالنا من فيديوهات ’يوتيوب’ و ’تيك توك’؟
حذرت دراسة اجتماعية حديثة صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية من آثار ترك الأطفال والمراهقين بلا رقابة على الـ«يوتيوب» ومواقع الـ«سوشيال ميديا» والألعاب الإلكترونية خاصة بعد أن صارت هذه الوسائل هي الأيسر والأسهل والأرخص للشباب وكذلك الأطفال لشغل أوقاتهم وتسلية أنفسهم لا سيما في شهور الإجازة الصيفية.

[اشترك]

وقالت الدراسة: إن الأزمات التي تسببها هذه الوسائل والفيديوهات أكبر بكثير من نفعها خاصة على الأطفال والمراهقين، وهذه الأزمات للأسف لا يدركها الآباء والأمهات مبكراً والكثير منهم يستسلمون تماماً لانشغال أطفالهم لساعات طويلة تصل لحد الإدمان أمام فيديوهات «يوتيوب» و«تيك توك» ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى والألعاب الإلكترونية.

تزامن ذلك مع عدد من الحملات أطلقها رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان «راقب طفلك»، وأخرى بعنوان «أطفالك أمانة»، بهدف محاربة بعض برامج «اليوتيوب» الشهيرة وكذلك صفحات «تيك توك» التي يشترك فيها الملايين من الأطفال وتتجاوز المشاهدات للفيديو الواحد الملايين، وبعض هذه الفيديوهات تتحدث عن العلاقة الزوجية والاغتصاب وفقد العذرية، وهذه الفيديوهات بالطبع تبث محتوى غير صالح ليراه أطفال ومراهقون.

كيف نحمي أولادنا من عالم الإنترنت الذي أصبح كاللغم في حياتهم؟

في البداية يؤكد الدكتور إيهاب ماجد، استشاري الصحة النفسية والعلاج الأسري والتربوي، أن الأطفال في العصر الحالي أصبحوا يعيشون في كم هائل من الرسائل الإلكترونية التي تبثها المنصات الإعلامية والألعاب الإلكترونية مما ينعكس سلباً على اتزانهم النفسي وأدائهم الدراسي، خاصة بعد أن وصل الأمر لدى البعض إلى درجة إدمان الفيديوهات والـ«سوشيال ميديا».

ويشير الاستشاري النفسي إلى أنه خلال الآونة الأخيرة ظهرت حملات شتى ضد بعض الأزمات التي تواجه الأطفال في عالمنا العربي بسبب برامج «اليوتيوب» غير المناسبة لأعمارهم وكذلك الفيديوهات المخيفة التي تظهر في شكل مادة إعلانية لكن فحواها يحث الطفل على أفعال قد تودي بحياته في الحال إلى الموت مثل فيديوهات الدمية «مومو» التي تظهر من حين لآخر بين فيديوهات الأطفال على «يوتيوب» لتحثهم على الانتحار أو إيذاء النفس معتمدة على وجهها المرعب الذي يخشاه الطفل بطبيعة الحال.

ويقول «دائماً ما أحذر الآباء والأمهات من هذه اللعبة المتداولة بين الأطفال وغيرها من الألعاب المشابهة والتي ترسل للطفل سلسلة من التحديات وتجبرهم على التنفيذ والانتحار خشية العقاب من الدمية المرعبة»

ويحذر الدكتور إيهاب ماجد من ترك الأطفال طول اليوم أمام الهاتف المحمول بهدف إلهائه وتسكيته وإبعاده من أجل «أداء المهام المطلوبة مني كأم في شغل البيت وأداء الأعمال المنزلية في هدوء، لأننا بعد فترة وجيزة سنكتشف إدمان الطفل لهذه الأجهزة الإلكترونية ومكوثه أمامها ساعات الليل والنهار كالصنم دون حركة وهذا الأمر مضر جداً، ولا يفيد فيه العلاج بإلغاء الإنترنت تماماً لأن الأمر سيكون بلا جدوى، إنما علاجه يكون بتقليل المدة واحدة واحدة، لأن الموضوع دخل في مرحلة الإدمان فنعالجه بنفس طريقة الانسحاب المتدرج التي تحدث للمدمن الذي يتعاطى المواد المخدرة، فمثلاً نقلل مدة الساعة لـ45 دقيقة وبعدها بفترة نقللها لـ 30 دقيقة وهكذا».

المحتوى المسيء على «يوتيوب»

ويتفق معه الدكتور محمد حمودة، استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين بكلية الطب، في ضرورة حماية أطفالنا من المحتوى المسيء على «يوتيوب» وغيرها من المنصات الإعلامية لأن الكثير منها يتم تصنيفه على أنه مواقع ليست إباحية لكن لا يمكن وصفها بأنها مواقع آمنة لأولادنا.

ويوضح «للأسف الطفل يمكنه بنقرتين أو ثلاثة الوصول إلى محتويات فيديوهات بها الكثير من الانحراف الجنسي والشذوذ والعنف، خاصة أن «يوتيوب» لا يمنع نشر المقاطع الجنسية الشاذة غير الإباحية».

ويضيف «دائماً ما أحذر الآباء والأمهات من هذا الأمر وأقول لهم إنه ليس بالضرورة أن يقوم الطفل بالبحث عن المحتوى المسيء على «يوتيوب» بل يمكن أن يجده مصادفة خلال تصفحه، وهذا يحدث دائماً ولا يمكن تفاديه إطلاقاً، كما أن الطفل عندما يفتح الصفحة الرئيسية للمنصة تظهر أكثر المقاطع شيوعاً من حيث المشاهدة في البلد الموجود فيه والعديد منها ذو محتوى سيئ وقد يظهر محتوى مخل بالأدب أحياناً.

ورغم أن «يوتيوب» وغيره من المنصات الإعلامية تتيح لك وضع تقييد للمحتوى الذي يعرض لك كما يتيح لك اختيار بلدك من أجل وضع قيود ضد المحتوى المسيء لكن هذا لا يمنع ظهور مقاطع سيئة».

ويلفت الدكتور حمودة إلى أن الغرب أنفسهم يشتكون من أن يوتيوب لم تقدم الحماية اللازمة للأطفال من المحتوى المسيء رغم أن معايير المحتوى المسيء عندهم ضعيفة جداً.

ويشدد استشاري نفسية الطفل على أن أطفالنا بعد إدمان مثل هذه المواقع سيصبحون شخصاً آخر تماماً ويطلعون على أشياء جديدة ومثيرة ستغير مجرى نظرتهم وتفكيرهم واهتماماتهم وربما حياتهم بالكامل.

دور الآباء والأمهات

أما الدكتورة سهام حسن، استشاري الطب النفسي وخبيرة نفسية الطفل وتعديل السلوك بالقاهرة، فترى أنه قبل الحديث عن مخاطر وتأثير إدمان «يوتيوب» ومواقع الـ«سوشيال ميديا» في الأطفال علينا توعية الأبوين أولاً قبل الطفل من إدمان الهاتف، خاصة أن الأطفال يقلدون الأبوين والإخوة الكبار، لذا يجب عليهما أولاً وأخيراً أن يكونا قدوة لأطفالهما الصغار من خلال عدم انهماكهما هما أيضاً في مشاهدة مثل هذه المواقع.

وتشدد د. سهام حسن على ضرورة وجود اتساق في التربية بين الوالدين فهو أمر مهم حتى لا يهدم أحدهما ما يبنيه الآخر «دائما ما أدعو الآباء والأمهات إلى الاتفاق على أسلوب تربوي موحد واحترام قرارات بعضهما البعض أمام الأطفال، حتى لو وجد أحدهما أن الآخر عنيف ومتعنت مع الأولاد يجب عدم مواجهة ذلك بالدلال وترك الحبل على الغارب من الطرف الآخر بل يجب أن يتوقف المتعنت ويتوقف الدلال الزائد أيضاً، فمثلاً لا يقرر أحدهما تحجيم الطفل ومتابعة استخدام الطفل للـ «يوتيوب» والألعاب الإلكترونية ويترك الآخر الأمر على مصراعيه أمام الأبناء».

وتنصح الاستشارية النفسية أولياء الأمور وخاصة الأمهات بعدم ترك أطفالهن فريسة لهذه المواقع والألعاب الإلكترونية، وتشدد على ضرورة عدم الاستهتار بظاهرة الهواتف المحمولة التي يحملها الطفل والمراهق والشاب ليل نهار، وتبين «لا ترهقي عقل طفلك ولا تستسلمي لرغباته حتى وإن بدا الأمر صعباً خاصة أننا في عصر التكنولوجيا».

وتنصح الدكتورة سهام حسن الأمهات بأن يتبعن مع الأبناء أسلوب الإقناع وليس الإجبار «أقنعيه بترشيد استخدام هذه المواقع ولكن لا تجبريه وقدمي له المنح والمكافآت على التزامه وانتظامه في هذا الأمر».

*إيمان الحلواني

2022/07/13

كيف تهدم التكنولوجيا علاقتنا بأطفالنا
أول ما يتأثر به الطفل عندما يصاب أهله بإدمان الهواتف المحمولة، هو إحساسه بأن الهاتف أكثر أهمية منه شخصيًا.

[اشترك]

ويقول موقع “very well family” المتخصص بالشؤون العائلية، إن هذا السلوك يضر بنوعية العلاقات، كما أن التعامل الزائد مع الهواتف المحمولة يؤدي إلى التعاسة والاكتئاب.

كما أن استخدام الهاتف المحمول بشكل دائم يؤدي إلى شعور الطرف الآخر بعدم الأمان، وهذا التعامل الدائم يعد “قاتلًا للوقت”، وهو ما يجعل لدى الأهل وقتًا أقل بكثير للانتباه إلى الأطفال.

عند ملاحظة الأطفال عدم اهتمام آبائهم بهم، يتعلمون من هذا السلوك ويحاولون تقليده، وهذا يعني قضاءهم وقتًا أطول مع الأجهزة الخلوية، وبالتالي يحد هذا الفعل من الأنشطة التي تحفز الإبداع لديهم وتطوير خيالهم.

ويوصي الموقع بأن يبتعد الأهالي عن هواتفهم بشكل كلي أثناء تفاعلهم مع أطفالهم، فبمجرد وجود الهاتف جنبًا إلى جنب مع طفلك، يعني أن الأهل لم يقضوا وقتًا طويلًا فعلًا مع أطفالهم.

وأشار موقع “human performance resourses” المتخصص بأداء الموارد البشرية، إلى أن غياب الهواتف المحمولة يجعل الأسرة أكثر تواصلًا ومحادثاتهم أكثر فاعلية، وغياب الهواتف المحمولة الحديثة يعني خروج الأطفال إلى الحدائق وممارستهم لنشاطات بدنية أكثر، وهو ما يعني في نهاية المطاف ميلهم لأهداف علمية أكبر.

ونشرت صحيفة “EXPRESS” البريطانية في 24 تشرين الأول من عام 2016، تقريرًا حذرت فيه من أن الهواتف المحمولة “تدمر” علاقة الأهل بأطفالهم.

وقالت الصحيفة بناءً على دراسة علمية، إن التعامل المستمر مع الأجهزة الإلكترونية الحديثة تسبب “توترات وتفاعلات سلبية بين الأطفال وأهلهم.

وأشار المشتركون في الدراسة التي نشرتها الصحيفة، إلى “صراع داخلي مستمر” بين استخدام التكنولوجيا والأطفال والإفراط في المعلومات، فيما قال مشتركون آخرون إن بعض الأخبار السيئة التي تلقوها عبر الأجهزة الذكية، أثرت على استجابتهم لأطفالهم.

*عنب بلدي 
2022/06/28

تبويق ’سياسي’ و ’إغراء جنسي’.. كيف يؤثر الإعلام المعاصر على الشباب؟!

في عالمنا المعاصر تطورت وسائل الاتصال، ونقل الأفكار والمعلومات، بشكل لم يسبق له مثيل، فهي تنتقل بسرعة الضوء والصوت، وتغزو العالم في ثوان معدودة.

[اشترك]

وهناك أعداد ضخمة من المؤسسات والأجهزة والأدوات الخاصّة بالتثقيف الجماهيري وتكوين الرأي العام، وتصميم الشخصية، وغدت وسائل الإعلام والمعلومات، كالتلفزيون وشبكات الإنترنيت والكومبيوتر والصحافة والراديو والكتاب والمجلة... هي القوة المهيمنة على التفكير والفعّالة في تكوين نمط السلوك، فالإعلام يساهم في تكوين الفكر السياسي والدعاية للشخصيات والأفكار، كما يساهم مساهمة فعّالة، لا سيما الإعلام المصوّر، كالتلفزيون والسينما والفيديو والمجلة بالإغراء الجنسي، والتعريف بالأزياء والسلوك والأفكار والإثارة، وتوجيه الرأي العام.

والشباب لا سيما في مرحلة المراهقة مهيؤون أكثر من غيرهم، لتقمص الشخصيات، والتأثير بالشخصيات التي تظهر على شاشة التلفزيون، أو السينما، من الممثلين وعارضي الأزياء، ورجال العصابات، وشخصيات العنف... إلخ. كما يتأثر الشباب بالشخصيات التي تمثل دور البطولة السياسية والاجتماعية والثورية وعظماء التاريخ، ذلك لأنّ المراهق من الإناث والذكور في هذه المرحلة هو في طور تكوين الشخصية، وانتقاء المثال الذي يتأثر به، وحيث إنّ الغرائز والمشاعر، لا سيما غريزة الجنس، هي في قمة القوة والعنفوان، والضغط على المراهق، وتبحث عن طريق للتعبير والتفريغ، فإنّ وسائل الإعلام ساهمت مساهمة فعّالة في إثارة الغريزة الجنسية عن طريق الأفلام والصور الخلاعية والماجنة والمغرية وعن طريق القصص الغرامية والأدب والثقافة، كما ساهمت أفلام العصابات والإجرام في حرف الكثير من المراهقين وتدريبهم على اقتراف الجريمة، لذا فإنّ الرقابة في بعض دول العالم تمنع العديد من عرض الأفلام الجنسية، وأفلام العصابات، كما تمنع أحياناً حضور المراهقين إلى قاعات عرض تلك الأفلام، وتفرض بعض دول العالم الرقابة على أفلام الفيديو الخليعة والمثيرة، أو التي تدرّب على تناول المخدرات والجريمة، سجل الدكتور اسكندر الديلة نتيجة إحصائية قام بها في لبنان، تخص مشاهدة الفيديو، جاء فيها: (أنّ مشاهدة الأفلام الاجتماعية والعاطفية حازت على الدرجة الأولى، وحلت الأفلام البوليسية في المرتبة الثانية...). وجاء في تقرير آخر: لقد تبين من دراسة أُجريت في الولايات المتحدة على 110 من نزلاء مؤسسة عقابية أنّ 49% من هذه المجموعة أعطتهم السينما الرغبة في حمل السلاح و12- 21% منهم أعطتهم السينما الرغبة في السرقة ومقاتلة الشرطة، ومن خلال دراسة أُجريت على 252 فتاة منحرفة بين سن 14- 18 سنة تبيّن أنّ 25% منهن مارسن العلاقات الجنسية نتيجة مشاهدتهن مشاهد جنسية مثيرة في السينما، و41% منهن قادتهن المشاهد إلى الحفلات الصاخبة، والمسارح الليلية، و54% منهن هربن من المدرسة لمشاهدة الأفلام. و17% تركن المنزل لخلاف مع الأهل حول ذهابهن إلى السينما. وجاء في تقرير الهيئة الصحّية العالمية عن انحراف الأحداث، وعلى لسان أحد القُضاة الفرنسيين العاملين في ميدان الأحداث ما يأتي: "لا يخالجني أي تردد لبعض الأفلام، وخاصّة الأفلام البوليسية المثيرة معظم الأثر الضار على غالبية حالات الانحراف لدى الأحداث". وفي انجلترا تمكّنت بعض الدراسات من خلال التجاوب 1344 شخصية اختصاصية حول العلاقة بين السينما وانحراف الأولاد دون السادسة عشرة فأجاب ستمائة منهم بوجود علاقة بين انحراف الأحداث والسينما، كما أظهرت بعض الدراسات في الغرب على أنّ بعض السرقات الكبيرة كان الدافع إليها تردد الأحداث بشكل متكرر إلى قاعات السينما، وهكذا يتضح أنّ مشاهدة الأفلام العاطفية، ومنها الجنسية هي في المرتبة الأولى، وأنّ مشاهدة الأفلام البوليسية يأتي في المرتبة الثانية، وكما أكدت الدراسات العلمية، فإنّ المراهق في هذه المرحلة يسعى من خلال المحيط لتكوين شخصيته، وهو سريع التأثر والتقبل، لوجود العواطف والغرائز والشحنات النفسية والجسدية المتوثبة، والباحثة عن التعبير والتفريغ، ومن هذه الإحصائية ندرك أهمية العمل الإعلامي في تكوين السلوك العاطفي والغريزي، والإقدام على تقمص شخصيات أبطال الأفلام والمغامرات.

*مقتطف من كتاب قراءة في عالم الشباب

 

 

 

2022/05/22

حب من وراء الزجاج: هل ’فيسبوك’ مكان مناسب لـ ’تتغزّل’ بزوجتك؟!

هل الفيس بوك مناسب لتعبيرك عن حبك لزوجتك؟

علي خيري:

هل الفيس بوك مكان مناسب لتخبر فيه زوجتك أنك تحبها، وأنك لا تستطيع العيش من دونها، وأنها هي النعمة الكبرى التي أنعم الله بها عليك؟ وهل هو المكان الأمثل لتعترفي لزوجك فيه بأن أسعد أيام حياتك هي تلك التي عرفتيه فيها!

[اشترك]

هذا هو السؤال الذي يخطر في ذهني باستمرار عندما أجد من يتكلم بهذه الأمور والتي هي بالمناسبة من أشد أمور الإنسان خصوصية هكذا على الملأ قد أفهم أن تكتب السيدة منشورا من هذه النوعية، وذلك مع اعتراضي الشديد على هذا الأمر، فهي قد تريد إعلام صديقاتها بحجم السعادة التي تنهل منها!، أو إنها تريد إيصال رسالة لفلانة أنها تزوجت قبلها وتعيش بسعادة مع زوجها، إلى أخر هذه الأمور التي قد تعنى بها فئة معينة من النساء.

لكن ما لا أفهمه واستهجنه وأجده يقدح في رجولة ومروءة من يفعله، هو أن يتغزل رجل بزوجته على الفيس بوك أو أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي فتجد أحدهم يدبج منشورا طويلا عن مدى شغفه بزوجته، وتجد الأخر يحكي لنا قصة طويلة عن مشاعره في اليوم الأول الذي قابلها فيه، بل والأسوأ إنه قد يرفق المنشور بصورة له هو وزوجته وهما في وضع غرامي! لماذا يا أخي تصنع هذا بنفسك ورجولتك، ما الذي سأستفيده أنا من معرفتي بمقدار حبك لزوجتك، لماذا تجعل بيتك من زجاج وتعرض علينا فيه أخص خصوصياتك، ألا تعلم أن الفيس بوك والإنستغرام وغيرهما من وسائل التواصل الاجتماعي كالشارع الذي يرد فيه البر والفاجر، الطيب والشرير، الغابط والحاسد.

لماذا يا صديقي تتنازل بمطلق إرادتك عن حرمة حياتك الخاصة، تلك الحياة التي من المفترض أن تتهم من يود الاطلاع على أدنى تفاصيلها بالتطفل وسوء الأدب، بل إن الشرع قد أنزل وحي يتلى إلى يوم القيامة عن آداب الاستئذان التي تحمي حياتك الخاصة من تطفل الأخرين عليها، هل تتخيل أن معنى الحياة الخاصة التي من المفترض أن تتنعم بنعمتها يحسدك عليها الكثير من الناس، فكثيرا ما كنت أتفاجئ بغضب فنانون من سؤالهم عن حياتهم الشخصية أمام الكاميرات أو في حوار صحفي، وأجده يصمم على أن حياته الخاصة خط أحمر لا يسمح لأي شخص بتجاوزه.

 

وإذا أردت مثالا على هذا فلك أن تبحث عن المقابلة التي أجراها احد الصحفيين مع فنان معروف وتطرق فيها الصحفي إلى الحياة الخاصة للفنان، وأطلب منك يا صديقي أنت تتفحص بتمعن الضيق الذي ظهر على ملامح الفنان، والعصبية التي ظهرت في طريقة كلامه، وعلى الرغم من الضغط السمج الذي قام به الصحفي إلا أن الفنان لم يتطرق إلا مكرها لبعض تفاصيل حياته، هذا الفنان المشهور الذي تتصيد الصحف والكاميرات أخباره كان يتمنى لو عاش حياته الخاصة مثلك، أما أنت يا صديقي فتأبى إلا أن تكون حياتك الخاصة عامة فرجة ومشاعا لكل من هب ودب.

هذا بفرض أن الشخص الذي يقوم بهذا العمل سعيد فعلا في حياته الخاصة، أما الطامة الكبرى والداهية السوداء لو أن حياته الحقيقة على النقيض مما يحاول إظهاره على الفيس بوك، فنحن هنا سنكون أمام ظاهرة تستحق الدراسة، وللأسف الشديد هذا النوع الأخير الذي أتكلم عنه موجود وبكثره شديدة، وقد شهدت على الكثير من هذه الأمثلة من واقع عملي كمحامي، فلماذا لا نهتم بتزيين البيوت من داخلها ونحاول فقط تزويق الأبواب والستائر.

لماذا لا نعيش السعادة بدلا من التظاهر أمام الناس أننا سعداء، هل المهم أن تخرج أنت وزوجتك وتشعروا بالانبساط والفرحة الحقيقيين، أم الأهم هو إعلام الناس أننا خرجنا وعشنا أجمل لحظات العمر! ومثل هذا الكلام المستهلك، حاولوا التركيز على إسعاد أنفسكم ولا تشتتوا انتباهكم بالدعاية والإعلان عن هذه السعادة، حاولوا أن تعيشوا السعادة بدلا من التظاهر بالعيش فيها.

 

2022/02/13

غسيل التواصل الاجتماعي: الأسرار خلف الأزرار!

الأسرار خلف الأزرار

عادل جبار:

) خلف كُلِ بابٍ سر) هذا ماكُنا نسمعه وماكان يُردده الاباء لأولادهم نُصحا وموعظة وحِفاظا على ما يدور داخلها، لا احد يعلم ما يدور خلف الابواب ولاحق لاحد بالتدخل مهما كانت صِلته بأهل الدار، حتى الجار والاقارب.

[اشترك]

 لذا كانت تُحل أغلب المشاكل داخل البيوت والتي غالبا ما تكون ابوابها موصده بإحكام ودِقة دون اللجوء للتهويل والتشهير والامر ايضا ينطبق في حالات الخصام الزوجي فالبيوت كانت مكامن خفية لا يعلم أحد ما يدور في كنفِها وحتى المناسبات الخاصة كانت لا تتعدى جدران المنزل لذا كان أحدنا يخرج للناس بوجه حسنٍ بشوش يخفي جراحاته وهمومه بعيدا عن الاعين ولا يُظهر الا الجانب المشرق من حياته، بمرور الايام وتقادم الزمن واستهلاك الساعات وبعد ان اقتحمت التكنولوجيا اعمارنا وحشرت في كل تفاصيلنا من اصغرها لأكبرها  وخلافا لكل ما قد سمعناه من آبائنا واعتدنا على حفظه اثرا يبقى لأجيال أُخر، فما نعيشه اليوم بات مُختلفا بشكل جذري حيث لم  يعد للبيت سرا فكلها اصبحت بمتناول الجميع خصوصا في الآونة الاخيرة وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي وبهذا الكم الهائل التي اجتاحت حياتنا وخصوصيتنا وانتهكت جميع الاسرار ورُفع عنها الحجاب واخترقت جميع القيم والعادات وبدأت توثق ادق تفاصيل حياتنا فلم يعد للإنسان مكمن لأسراره الا نفسه التي ربما لا تريد ذلك هي الاخرى.

فالخصومات والافراح والاحزان والمواقف العائلية البحتة أصبح الجميع يعلم عنها حتى الشعور النفسي هو معلوم من خلال الخاصيات التي تعمل عليها مواقع التواصل الاجتماعي فلانٌ يشعر بالجوع او الغضب او الغبطة او الحزن، واخر يحتفل بعيد ميلاده او زوجته او اطفاله، وهناك عائلة اخرى لديها مشاكل بين الابناء والاباء او الازواج ويطلبون الحل والمشورة،  كُثر هي حالات الطلاق والزواج والفضائح التي  نسمع ونشاهد عنها عشرات الحالات يوميا او ذهابنا الى مكان ما وجلسنا في ذاتِ مطعم وكان مذاقه ليس جيدا ويبدأ الناس بإعطاء آرائهم وتحليلاتهم حول المواضيع التي تُطرح على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة الى العنف الاسري والاضطهاد وبعض المفاهيم العشائرية التي سادت بالفترة الاخيرة تُجاه العوائل وانتشرت بشكل موسع في الفضائيات ومواقع التواصل كُلها امورٌ ادت بطبيعة الحال الى تلاشي اسرار تلك البيوت واصبحت حديث الشارع العراقي، فجدران المنازل لم تعد تُخفي ما يدور خلفها بعدما اُخترقت من قبل تلك المنصات الاجتماعية  التي اضحت شاهدةً على كل شاردة وواردة داخل كنف العائلة، استسهال استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، الكبت النفسي، الضغوطات الاقتصادية، عدم ايجاد فرص العمل، عدم استخدام الانترنت بصورةٍ سليمةٍ كُلها عوامل تظافرت بإعلان المواقف الحياتية للجميع وإباحتها للعلن كما ان ظهور ما يسمى بالـ( الكروبات) على مواقع السوشال ميديا جعل من مُرتاديها كاميرات مُراقبة على تفاصيل الحياة اليومية وتداولها كل هذا  يُعد تطورا تكنولوجيا علينا ان نبقى مفتوحي الاعين بشكل مستمر، هل هو تطورٌ ام انفتاح ام حريةٌ ان اسرارك باتت بين صفحات ملايين البشر الالكترونية؟ هل تلك المواقع قلبت موازين المعادلة الحياتية وهل هذا التفكك الاسري والاضطهاد والعنف هو جزء من كينونة المجتمع في فترة الحرية والديمقراطية، تتكاثر الاسئلة وتكبر وتتعقد الاجابات ويبقى الجزء الاكبر معقودا على فقدان الحصة الاكبر من المنظومة التعليمية على وجه الخصوص، فأضحت جميع مفاصل الحياة بحاجة الى اعادة ترميم لما فقدته من تلك القيم والعادات التي غادرت ونخشى ان تكون دون رجعة، مالم تكن هناك وقفة حقيقة وجادة تبدأ من داخل العائلة وصولا الى جميع افراد المجتمع مع اشراك الدولة في مفاصلها كافة لإعادة تلك المنظومة القيمية والاخلاقية الى رونقها والسمة الانسانية التي خُلقنا بها، فإحكام العقل قبل العواطف تُجاه الاشياء المصيرية او الاسرية للحفاظ عليها من التفكك.

 

 

2022/02/09

نصائح من السيد محمد باقر السيستاني حول ’تأثير وسائل التواصل على الشباب’

السؤال: مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وملاحظة تأثيرها السلبي على الشخص وخاصة على فئة الشباب من نواحٍ متعددة، فما هي النصيحة للتعامل الأمثل معها؟

[اشترك]

الجواب:

لا شك في أنّ لوسائل التواصل الاجتماعي فوائد من نواحٍ متعددة إلا أن الإنسان بحاجة إلى تحديدٍ وتقنينٍ لاستعمالها من حيث المدة ومن حيث طبيعة الاستعمال حتى لا يؤدي استعمالها إلى مضاعفات سلبية على ثقافة الإنسان وشخصيته وقيمه والتزاماته الاجتماعية والوظيفية والأسرية، وهي مضاعفات كبيرة وخطيرة وأساسية ملحوظة بأدنى استقراء للواقع المعاش، كما تؤكده الدراسات الاجتماعية والنفسية والطبية والتربوية والإحصاءات المتعلقة بها، ويستطيع الإنسان الراشد أن يلمس ذلك بوضوح عند التأمل في تأثير هذه الوسائل على نفسه وعلى آخرين من حوله.

وهذا التقنين ينبغي أن يتكفله الإنسان بنفسه ـــ بشكل طوعي ـــ بعد بلوغ الرشد والنضج في القرار وخاصة عند تكوين الأسرة بالنسبة إلى نفسه.

كما ينبغي أن يمارسه الأولياء بالنسبة إلى الأطفال والمراهقين قبل بلوغ تلك الدرجة من الرشد والنضج، بل ويتحقق بعدها بعض الشيء حتى الاستقلال عن الوالدين وتكوين الأسرة.

والذي نتحدث عنه فعلاً هو حول تقنين الإنسان استخدامه لهذه الوسائل.

أهمية عملية التقنين

وينبغي أن يُعلَم أوّلاً أهمية عملية التقنين، وذلك أنّ القانون يكون كالمسطرة التي تضبط حركة القلم في حد معين، وكذلك فإنه يضع حداً ملائماً للممارسات الإنسانية بغية حفظها في حدود الاعتدال وضبطها في دائرة الاستقامة والاحتراز عن الإفراط والتفريط.

ويعتبر التقنين على العموم ضرورة إنسانية عامة، فالإنسان لا يمكن أن يندفع نحو كل ما تقتضيه غرائزه وانفعالاته على حد الحيوان، بل لا بدّ أن يرعى حدوداً تضمن المصلحة العامة للإنسان، وقد أُودِع في فطرة الإنسان النزوع إلى القانون والنظم والاطراد والاتساق، وليست القوانين البشرية إلا نتاج هذه الفطرة الإنسانية، ولذلك يصح القول إنّ الإنسان بفطرته هو موجود قانوني ولو تأمل الإنسان السلوك السائد بين الناس لوجد أنّه يجري عموماً وفق قواعد عامة وإن كانت غير مدوّنة، كما يظهر ذلك بملاحظة تعامل أفراد الأسرة في ما بينهم وتعامل الإنسان مع الجِوار والأصدقاء والأرحام وسائر الأصناف والمجتمع العام، فيسعى الوالدان منذ ولادة الطفل إلى اتباع نظام ملائم في إدارة أمور الطفل ورعايته مما يتعلق بصحته وتغذيته وسلوكه، وكلما كبر الطفل احتاج إلى مزيد من التقنين لسلوكه في الأبعاد المختلفة التي يكتشفها وتتجدد له القدرة على التعامل معها.

والتقنين على ضربين:

1- تقنين نوعي: وهو التقنين الذي ينظم حياة الناس في ما بينهم.

وهذا التقنين:

منه تقنين رسمي ومدوّن: من خلال التشريعات التي وضعت في الدين أو من قبل الدولة وما يتبعها من القرارات والأوامر التنفيذية.

ومنه عرفي: وهو يتمثل في الأعراف والآداب الاجتماعية، فإنّ كل مجتمع لا يخلو عن حدود مرعية غير القانون الرسمي، وهذه الحدود هي تساعد الإنسان على رعاية القانون الرسمي وتحقق له المصالح الاجتماعية الخاصة مثل مصلحة الأسرة ومصلحة العشيرة ومصلحة أهل المدينة الواحدة أو المحلة الواحدة وهكذا.

2- تقنين شخصي: وهو القانون الذي يضعه الإنسان لنفسه ويلتزم به تحقيقاً لمصلحته، وهذا التقنين هو أيضاً أمر مهم، بل هو ظاهرة حضارية وعقلانية راقية تعبّر عن رقي الإنسان وكماله النفسي والعقلي، بل يمكن القول إنّه لا يخلو أي عمل إنساني مثمر فردياً كان أو اجتماعياً في أي مجال عن ضرب من التقنين وإن لم يكن مدوّناً، ويساعد تقنين الإنسان لسلوكه على تكوين التزامات نافعة، ويسهل الأعمال الراشدة عن طريق ربط السلوكيات بعضها ببعض وإيجاد نسق واحد لها، وتكوين عادات داخلية تسهل للإنسان مقتضياتها وتقلل له عناء التكلف والعزم، فإنّه متى اعتاد الإنسان على شيء تذلل له وصار سهلاً. ومن دون التقنين يميل الإنسان في تعامله مع الأشياء إلى الإفراط أو التفريط في جهة على حساب جهة أخرى أو يقع في الفوضى والضياع. ويكون التقنين الشخصي من الإنسان لعمله لغايتين:

الأولى: رعاية القوانين القائمة الدستورية والعرفية حيث إنّ رعاية تلك القوانين قد تتوقف على إيجاد أرضيات مناسبة لها من خلال التزامات شخصية.

والثانية: تحقيق مصالح شخصية للإنسان لن يتأتى للمرء تحقيقها إلا من خلال تقنين سلوكه والتزامه بنظمٍ معين لا يعدوه عموماً.

وأهمُ بُعدٍ يرعاه الإنسان العاقل في سلوكياته والتزاماته هو تقييم الأمور من خلال مضاعفاتها وعواقبها وآثارها وعدم اقتصار الإنسان على النظر إلى لحظته التي يعيشها، فربّ ممارسة من كلمة أو سلوك أو مسار تثير الشعور بالمتعة واللذة والسعادة في حينها ولكنها تترك ندوباً لا يمكن إزالتها من حياة الإنسان فهي أشبه بالسم اللذيذ الذي سوف ينقض على من تناوله تدريجاً ويؤدي فيه إلى عوارض مرضية ومؤذية على وجه مزمن.

وكلما كان الإنسان أكثر تعقلاً وتجربة ووعياً كان انتباهه وحذره عن العواقب التي يتبعها أشد وآكد، وربّ أمر لن يستطيع المرء من توقي ضرره بعد ممارسته؛ لأنّه سوف يؤثر فيه أثراً لا يمكن إزالته، أو لأنّه سوف يتعلق به بحسب طبيعته التي تؤدي إلى الاعتياد عليه والتمسك به، فلا يكون له مهرب عنه، وأخطر شيء هو الأشياء الخدّاعة للإنسان وهي أشياء ما لا يضر قليلها فيغري متعتها المرء، ولكنها تستدرج المرء إلى الإكثار منها فينزلق إليها ويتضرر بها تضرراً فاحشاً.

ويحتاج تقنين التعامل مع وسائل التواصل إلى عدة عناصر:

1 - الانتباه والوعي إلى مقاصد هذا التقنين.

2- الصيغة الملائمة لهذا التقنين.

3- الأداة الملائمة لتنفيذ هذا التقنين.

أما العنصر الأوّل: فإن لكل تقنين راشد مقاصد مناسبة تضمن للإنسان مصالحه في هذه الحياة على وجه ملائم، والالتفات إلى هذه المقاصد يساعد على مزيد الاقتناع بالقانون ويسهل له الالتزام بها، ويقيه من الأخطاء في فهمه والاستجابة له.

ومن جملة المقاصد التي ينبغي للإنسان الالتفات إليها عند التقنين لوسائل التواصل ما يلي:

الأوّل: ينبغي للإنسان الاهتمام بالحفاظ على ما يقتضيه نظام الحياة، فللحياة الإنسانية الراشدة مقتضيات تتقوّم بها، فالإنسان منذ المراهقة ثمّ الرشد وقبل تكوين الأسرة ينبغي أن يكوّن لنفسه شخصية مناسبة؛ ليرتقي الذَكَر من فتى مراهق إلى شخصية رجل يتجه ليكون صاحب مسؤولية ورب أسرة، وترتقي الأنثى من فتاة مراهقة إلى شخصية امرأة تكون صاحبة مسؤولية كربة بيت وذات مسؤولية تجاه الآخرين، ومع ذلك فإنّ على الإنسان اهتمامات شخصية ضرورية بنظافته ومأكله وملبسه وخلقه، واهتمامات أخرى دراسية في أوان الدراسة، أو عملية إذا كان يعمل، فالمفروض بالإنسان أن يواظب على هذه الاهتمامات بنحو ملائم.

وقد لوحظ في العديد من الحالات تضرر الشباب بالانشغال بوسائل التواصل عن الاعتناء بالحوائج الشخصية، مما أدى إلى ضعف الدراسة أو تركها وتراجع الطموح والتفكير بشأنها، أو الإعراض عن البحث عن العمل، أو التهاون في العمل بما يؤدي إلى مشاكل مع رب العمل وتدني العمل في مدته ومستواه وكفاءته وإتقانه.

ثمّ بعد تكوين الأسرة يتأكد في شأنه الاعتناء بقوام شخصيته ونضجه ومتانته واستقامته من خلال رعاية الاهتمامات المتقدمة بشكل أكبر، وتضاف إليها اهتمامات أسرية مثل المعاشرة الملائمة بين الزوج والزوجة والأولاد، فتهتم المرأة بإدارة البيت وحضانة الأولاد والعناية بالزوج وبنفسها، وقد يكون لها عمل أو وظيفة ينبغي القيام بمقتضياتها في حدود لا تخل بدورها الأسري ويتم ذلك من خلال التفاهم مع الزوج، ويهتم الرجل كذلك بالعمل والوظيفة وتحصيل الرزق وحسن المعاشرة بالمعروف مع الزوجة والسهر على راحة الأسرة والقيام بشؤونها، والاستعداد للمستقبل.

وقد لوحظ في العديد من الحالات التأثير السلبي لاستخدام وسائل التواصل على أداء المرأة أو الرجل للدور الأسري بانشغال المرأة عن الاهتمام بالبيت أو الأولاد أو الزوج والإكثار من التواصل مع الصديقات والزميلات أو اكتساب صداقات أخرى بشكل يخرج عن الحد المعقول. وربما اتفق ـــ نعوذ بالله ـــ حصول علاقات وصلات خاطئة أو غير لائقة تثير شكوك الزوج في زمان تكون الثقة فيه هي أهم احتياجٍ في داخل الأسرة، وكذلك انشغال الزوج بهذه الوسائل عن المعاشرة اللائقة مع الزوجة والأولاد أو عن القيام بالوظيفة أو العمل على وجهه أو وقوعه في علاقات خاطئة وضارة تهدد سلامة حياته الأسرية وصلاحها ولا تجلب له ما يتوقعه من السعادة، بل تستتبع النكد والعناء والشقاء النفسي والأسري والاجتماعي والوظيفي.

فعلى الرجل والمرأة الاهتمام بعدم اختلال هذا النظام وعدم تشويهه بالإفراط في استخدام هذه الوسائل أو الاستخدام غير الملائم لها.

الثاني: ينبغي اهتمام الإنسان بالحفاظ على العقيدة وقوتها، فلا يصح للإنسان بعد أن اتخذ عقيدة راشدة على أصول موثوقة أن تُختلَس منه هذه العقيدة أو تهون عليه بسبب منشورات إعلامية وترويجية تهوِّن من تلك العقيدة أو تحرفه لصالح عقيدة أخرى بأسلوب السخرية والاستهزاء أو الانتقاص ونحو ذلك من الأساليب غير الجادة في نقد العقائد وتمحيصها.

وقد لوحظ في عدد من الحالات تأثر بعض الناشئين ممن يعتقد بعقائد موضوعية ومنطقية لها حجج موثوقة ومقنعة بشبهات بسيطة أو بأساليب فكاهية لا تصح في ميزان العقل والحكمة أن تكون مأخذاً لفكرة ولا مصدراً لحقيقة ولا مستشاراً ناصحاً ولا دليلاً واعياً ولا مستقراً لرأي ولا منيراً لطريق، فوسائل التواصل ليست مصدراً موثوقاً للعقيدة ولا دليلاً أميناً لاختيار الدين.

الثالث: ينبغي اهتمام الإنسان بالإيفاء بالواجبات والاستحقاقات الشرعية مثل الصلاة والزيارات ونحوها، فلا يصح استخدام هذه الوسائل على وجه يؤدي إلى الإخلال بهذه الواجبات والاستحقاقات إما بتركها أو تقطّعها أو التساهل فيها، بل لا بدّ من التعامل مع هذه الواجبات والاستحقاقات كجزءٍ أساس من السلوك الإنساني السليم.

وقد لوحظ في العديد من الحالات أنّ الانشغال المتصل والكثير بوسائل التواصل أدى إلى الاختلال في الإيفاء بذلك مثل تأخير الصلاة أو تضييعها ـــ نعوذ بالله سبحانه من ذلك ـــ ، أو النوم عنها، أو الزهد في تلاوة القرآن الكريم والاستماع إليه وقراءة الأدعية والزيارات الشريفة التي تعطي الإنسان تذكراً للمثل العليا.

والواقع أنّه بغض النظر عن تعبدنا بالأدلة الشرعية التي توجب أعمالاً وتندب إلى أخرى فإنّ الحياة المعاصرة تؤكد حاجة الإنسان إلى رعاية الجوانب الروحية والمعنوية في خضم تنامي الجوانب المادية والحسية للحفاظ على الاستقامة والطمأنينة والسكينة فضلاً عن الاستعداد لما بعد هذه الحياة والذي ينبغي أن يكون هاجساً لدى الإنسان المؤمن في جميع الأحوال.

الرابع: ينبغي اهتمام الإنسان بالإيفاء بالحقوق والاستحقاقات الاجتماعية الحية مثل التواصل مع الوالدين والأسرة والأولاد والأرحام والأصدقاء وسائر المجتمع كل بحسب مقتضى الوشيجة الفطرية معه من حضور أسبوعي أو شهري أو في المناسبات الخاصة من الأفراح والأتراح.

وقد لوحظ في العديد من الحالات اختلال أداء الحقوق عن طريق الانعزال والانغلاق على وسائل التواصل بما أدى إلى خمول الإنسان وتقوقعه في داخله وتراجع قابلياته النفسية والاجتماعية.

الخامس: ينبغي اهتمام الإنسان بالحفاظ على الاستقامة الأخلاقية التي زُوّد بها الإنسان بحسب فطرته النقية وقريحته الصافية والتربية السليمة، فإن في كثير من المنشورات في وسائل التواصل والاتصال ما يشوّه هذه الفطرة ويحرف المرء عن تلك الوجهة ويوجب له خصالاً سيئة، وقد يوجب له بعضها عادات وعاهات أخلاقية مستدامة لا تزال تكون مصدراً للوساوس الخاطئة والهواجس السلبية والأفكار الخاطئة، وتوجب اختلالاً في شخصية الإنسان وحياته الأسرية والاجتماعية.

وقد لوحظ في العديد من الحالات ابتلاء الشباب ولا سيما في مرحلة المراهقة التي تتبلور وتتشكل فيها شخصية الإنسان بمحاذير مختلفة بسبب الانفتاح والتوسع في استخدام هذه الوسائل.

السادس: ينبغي اهتمام الإنسان بالحفاظ على روح الرشد والحكمة في داخله، فإن في بعض المنشورات في هذه الوسائل ما يؤدي إلى ضياع الإنسان وانسياقه وراء أفكار غير مدروسة وانفعالات غالبة وهيجانات كاذبة، وتبعده عن العقلانية الراشدة والحكيمة والتدبر في العواقب ومراعاة الأولويات وتوجب تأثره بالتلقين والتقليد الأعمى.

وقد لوحظ في العديد من الحالات ظواهر من هذا القبيل لدى بعض المراهقين في أثر التعامل المسترسل والاندفاع الخاطئ في التعامل مع هذه الوسائل.

السابع: ينبغي اهتمام الإنسان بالحفاظ على صحته النفسية والجسدية، فإن في التعامل الخاطئ مع هذه الوسائل ما يؤدي إلى عوارض مرضية جسدية أو نفسية إما من جهة الإكثار من استخدامها أو التوقيت الخاطئ لها، أو لطبيعة المنشورات التي يتم الاطلاع عليها.

ومن العوارض المعروفة: الإدمان، والوسوسة، وفقدان الطمأنينة والسكينة وزيادة القلق، واضطرابات النوم، وقلة النوم، وحدّة الانفعال، وضعف التركيز والحفظ، وضعف الإرادة والعزيمة، وروح الإهمال والتكاسل، ونحو ذلك.

ومن مؤشرات الإدمان: عدم استقرار المرء من دون اصطحاب هذه الأجهزة، أو في حال بعض الانقطاع عنها، وصعوبة أن يمارس عملاً من دون أن تكون معه وهو يستمع أو ينظر إليها، ومراودة هواجس مؤذية ومقلقة له في حال الانفصال لبعض الوقت عنها، ودوام الانتظار والتفكير فيها وحولها.

الثامن: ينبغي اهتمام الإنسان بالحفاظ على وحدة شخصيته وتناسقها والتوقي عن الازدواجية والانفصام، وهو ما يكون المرء عرضة له بسبب استعمال هذه الوسائل.

وقد لوحظ في العديد من الحالات، وقوع الإنسان في هذا المحذور، فكانت له شخصية ذات مواصفات ملائمة في التعامل الاجتماعي العام مع الناس من حيث الأخلاق والآداب والسلوك بمراعاة الحدود الشرعية اللائقة أمام الآخرين، لكنه يتحرر من كل ذلك في وسائل التواصل في ما يطلع عليه أو يتفوه به ويبديه من خلال الأسماء المستعارة والرمزية والتقمصات الكاذبة.

التاسع: ينبغي اهتمام الإنسان بحفاظه على خصوصياته الشخصية والأسرية، من معلومات وصور، وسلوكيات، ويتجنب عن عرضها للآخرين بحثاً عن الشهرة ولفت الأنظار، فإنّ تلك العروض مضاعفات سلبية وخيمة على حياة الإنسان ونفسيته وأسرته في وقت لا يستطيع أن يمحو تلك المعلومات عن ذاكرة المطلعين عليها ولا عمّا انتشر فيها من وسائل التواصل وغيرها.

وقد لوحظ في العديد من الحالات اهتمام  بعض الناس بعرض خصائصهم على الآخرين ومعاناتهم من آثار ذلك لاحقاً حتى أدى ذلك إلى إثارة اضطرابات في حياته الشخصية والأسرية والاجتماعية، وهو عاجز عن إصلاح ذلك، بل أدى مثل ذلك في بعض الحالات إلى محاولة الانتحار تخلصاً عن الضغوط التي يشعر بها المرء في إثر ذلك.

وعلى الإجمال فينبغي للمرء أن يرعى جميع الجوانب العقلائية والأخلاقية والدينية والشرعية في هذه الوسائل كما يرعاها في الأجواء الحية والواقعية وأن يكون واعياً وفطناً ومنضبطاً في التعامل مع هذه الوسائل في ما تنشره من مواد في جميع المجالات.

العاشر: ينبغي اهتمام الإنسان بمسؤوليته في عدم تلويث الجو الاجتماعي في هذه الوسائل بنشره ما يؤدي إلى نشر الفساد والرذيلة سواء كانت قصصاً حقيقية أو قصصاً مخترعة أو صوراً خادشة للحياء والآداب العامة أو تعابير فاحشة أو إشاعة لأمور كاذبة أو تشويهاً لشخصيات مصونة ومستورة، وذلك لأنّ لهذه الأجواء وإن كانت افتراضية حرمتها كالأجواء الاجتماعية الحية مادام أنّها محل إطلاع الآخرين وهو مؤثر عليهم من النواحي النفسية والتربوية والأخلاقية والدينية.

وقد لوحظ في العديد من الحالات أنّ بعض الناس يعمدون إلى نشر وإرسال أمور فاحشة من هذا القبيل، ويصطنع بعضهم قصصاً واهمة للرذيلة يوهمون أنّها واقعية أو يصفون أموراً فاحشة لا يصح الإعلان عنها ولو على وجهٍ مبهمٍ، وهم يشعرون بذلك بالمتعة العابرة والكاذبة ويسرون بإبداء الآخرين الإعجاب بها في اندفاع غريب إلى استحصال تحسين المجهول من أناس آخرين مجهولين.

الحادي عشر: ينبغي اهتمام الإنسان أن يكون مؤثراً في أجواء هذه الوسائل تأثيراً إيجابياً من خلال نشر ما ينفع الناس ويثير فيهم روح الوعي والرشد والتعقل والفضيلة والمعروف ويبعدهم عن الغفلة والجهل والتسرع والرذيلة والمنكر، داعياً إلى الحق والحقيقة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، فأجواء هذه الوسائل وإن كانت افتراضية إلا أنّها تشبه الأجواء الاجتماعية الحقيقية من حيث تأثيرها على الناس فمن نطق بكلمة حسنة فيها كان له أجرها ومن أثر تأثيراً حسناً كتب له ثوابه والله يضاعف لمن يشاء.

وأمّا العنصر الثاني: ــــ وهي الصيغة الملائمة للتقنين ــــ فهي تشتمل على عدة بنود:

1- ينبغي للإنسان التحديد الزمني الكمي للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، بأن يحدد الإنسان لنفسه مدة لا يتجاوزها عموماً كثلاث ساعات في اليوم مثلاً، وضبط هذا الأمر متاح وفق إمكانات الأجهزة المتداولة.

2- ينبغي للإنسان تحديد وقت الانشغال بها وذلك باختيار أوقات ملائمة مع مجموع وظائفه وواجباته والامتناع عن الانشغال بها في غيرها كاستعمالها حين معاشرة الآخرين والاستماع إليهم وقبل النوم وعند الغداء ونحو ذلك.

3- ينبغي تحديد المادة التي يطلع عليها بالاستفادة من المواد النافعة والمفيدة في المجالات المختلفة وتجنب المواد الضارة والقبيحة وغير الموثوقة والابتعاد عن المحرمات كالمواد الخلاعية وأشباهها.

4- ينبغي للإنسان تحديد المهمات التي يعتمد فيها على العالم الافتراضي على وجه ملائم والتحرز عن اتخاذه بديلاً عن العالم الحي في التعلم والتربية والعلاقات الاجتماعية ونحوها، فإنّ العالم الافتراضي لا يلبي الحاجات النفسية والاجتماعية والفكرية العميقة للإنسان فلو عوّل عليه بدلاً عن العالم الحقيقي الحي لأدى ذلك إلى التضرر والإخلال بهذه الحاجات عن المستوى المطلوب فيها، كما أنّه يؤدي إلى الإفراط والزيادة في استخدام تلك الوسائل لجبران ما يعوزه من فقدان التواصل الحقيقي.

وأمّا العنصر الثالث: ــــ وهي الأدوات الملائمة لتنفيذ هذا التقنين ــــ فهي:

1- ينبغي أن يعي المرء أهمية هذا التقنين في حياته وشخصيته وفي شأن حياته الأخرى أيضاً، وهذا ما يجد كل إنسان منبهات وشواهد عليه من خلال الحالات السلبية التي يطلع عليها عند غياب التقنين الملائم لاستخدام وسائل التواصل ولا سيما من الشباب في سن المراهقة.

2- ينبغي للمرء أن يمتلك العزيمة والثقة بالنفس والقدرة على التحكم في القرار وإنجاز هذا الأمر المهم والضروري، وعدم الاندفاع وراء الرغبات الملحة، وليعلم المرء أن صعوبة هذا الأمر تكمن في أوائله حتى إذا أصبح عادةً مستقرةً سهل ذلك عليه ولم يعانِ في مراعاته.

3- ينبغي للمرء أن يجعل علائم للاتصالات والتواصلات الضرورية، كي لا يقع المرء في فخ احتمال المراجعة الدائمة لهذه الوسائل ومعايشة حال الانتظار والاستعداد نتيجة اتصالات وتواصلات هامشية وترفيهية وغير ضرورية.

4- ينبغي للمرء أن يقتصر في ما يتعلق بكسب المعلومات والأخبار على القنوات الموثوقة، وترك القنوات المتسرعة والمعتمدة على كسب الشهرة بنشر الأخبار المريبة والكاذبة.

5- ينبغي أن يقتصر المرء في ما هو محل احتياجه على ما يفي به والنماذج المعبرة ويتجنب الاطلاع على الأمور المكررة سواء كان ذلك لكسب خبر ومعلومة أو لأجل التنفيس عن النفس، أو للاطلاع على الأحوال العامة والخاصة.

6- ينبغي للإنسان أن يجعل من نفسه رقيباً داخلياً عليها دوماً حذر الانزلاق إلى الإفراط الكمي والكيفي في اتجاه مزيد من الارتباط والتواصل والانغماس في هذه الوسائل، ويهتم بنقد النفس وتقييم سلوكها بشكل دوري.

7- ينبغي للإنسان أن يشعر بشخصيته في مقابل سيطرة هذه الوسائل عليه وصيرورته ألعوبة في وسطها بتتالي الاقتراحات والخواطر التي تتراءى لها وتجدد الميول المحفزة على الإفراط.

8- ينبغي للإنسان النظر إلى النماذج المثلى في مجال السيطرة على التعامل مع هذه الوسائل، وعدم التعالي عن حسن التأسي والاقتداء بالآخرين، فإنّ عنصر الاقتداء من أهم العوامل الباعثة على الخير، قال تعالى: [الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ]([1])، وأولى من ذلك الاعتبار بملاحظة النماذج السيئة والاعتبار بها والتوقي عن الوقوع في ما وقعت فيه من الأخطاء والخطايا.

9- ينبغي للإنسان دائماً التوقي من أن يبلغ في تعامله مع هذه الوسائل إلى درجة يكون الاهتمام بها هو الشغل الشاغل للمرء، أو الهاجس الأكبر، ويمثل المساحة الأصلية في نفسه، بل لا بدّ أن يكون طموح المرء وهاجسه هو حياته الأسرية من جهةٍ وعمله الذي يرتزق منه من جهةٍ أخرى، ولا تكون هذه الوسائل بديلاً عن الأسرة ولا العمل ولا الدراسة ولا التربية ويكون موقع هذه الوسائل موقع الأداة للمقاصد المعقولة والملائمة. بل ينبغي أن يسعى الإنسان إلى أن لا تكون هذه الوسائل هي الأسلوب الوحيد للترفيه والتنفيس عن النفس، بل هناك حاجة إلى السفر والزيارة والاختلاط والرياضة ونحوها.

10 - 0- 1- ية عملية التقنين]ينبغي للإنسان تنمية قدراته على التحكم في الانشغال بهذه الوسائل مثل القدرة على قطع سلسة المتابعة إلى حد معين رعايةً للحدود الملائمة التي قدرها وحذراً من الوقوع في الإدمان ولا تستدرجه المواد إلى المتابعة المفتوحة لها.

11- ينبغي اهتمام الإنسان بالشعور الفعلي بالوقت واستحضاره عند الاشتغال بهذه الوسائل، وإلا فإنّه سيفاجأ ويندم بمرور وقت طويل من دون أن يشعر بذلك، ولا بدّ من الشعور بقيمة الوقت الذي هو رأس مال الإنسان في هذه الحياة وتجنب ضياعه وإهداره بالمعاذير المتكلفة والمصطنعة.

12- ينبغي اهتمام الإنسان بحيوية وفاعلية الدوافع والحوافز الطبيعية والمتعارفة عند العقلاء والراشدين وعدم انطفائها بسبب التوغل في الاشتغال بهذه الوسائل.

13- ينبغي اهتمام الإنسان بتجنب متابعة الأشياء التافهة والقبيحة وغير اللائقة بحجة الترفيه عن النفس وبحثاً عن الإثارة لذاتها، فإنّها تؤدي تدريجاً إلى الاعتياد عليها وتؤثر على سريرة الإنسان وخلقه وسلوكه وأدبه، وربما قلدها بنحو لا شعوري.

14- ينبغي التجنب الأكيد عن الاعتماد على هذه الوسائل كمصدر للعقيدة وسائر القضايا الجادة العلمية والسلوكية، والاعتماد بدلاً عن ذلك على الدراسات العلمية والمصادر الموثوقة والمتابعات الجادة والتحريات الملائمة.

وبعد فإنّ الإنسان المؤمن أوعى من غيره، لأنّ الإيمان الصحيح يفتح منافذ التعقل والرشد والحذر الملائم في داخل الإنسان، وينبّه على أنّ هذه الحياة مبنية على سنن تنتهي إلى الخير وأخرى تنتهي إلى الشر، والمرء يعيش حالة الاختيار في مسيرته بين هذه وتلك، فإن التفت إلى عواقب الأمور سار سيراً حكيماً وأوتي خيراً كثيراً، كما أنّه ـــ أي الإيمان الصحيح ــ يوصي الإنسان دائماً بالاعتبار بالحوادث قبل اختبارها والانتفاع بتجربة الآخرين قبل الوقوع في مثلها، وكذلك يجد من خلال الدين والعقيدة أنّ هذه الحياة فرصة اختبارية للإنسان يزرع فيها المرء ما شاء ليحصده غداً، فمن نسي الحقائق الماثلة من وجود الله سبحانه والدار الآخرة وأهمل الوظائف اللازمة والقيم الفاضلة فقد نسي نفسه وخسرها وقد قال عز من قائل: [فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ]([2])، وقال سبحانه: [لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا]([3]).

نسأله سبحانه أن ينيرنا بما أودع في فطرتنا، وأكّده برسالاته إلينا، ويقينا من الفتن المضلة والمزالق المهلكة، ويعيننا على أنفسنا وما ائتمنّا عليه وولانا شأنه من أسرة وأولاد ومتعلمين بما أعانه الصالحين، وأن يسيّر لنا الانتفاع بما أنعم به علينا حتى لا يعود بسوء تصرفنا نقمة علينا وسبباً لشقائنا، وأن يكتب لنا سيرة راشدة يرضاها فهو ولينا في الدنيا والآخرة إنّه سميع مجيب.

 


([1]) سورة الزمر: آية 18.

([2]) سورة الزمر: آية 17 ـــ 18.

([3]) سورة النساء: آية 114.

2022/01/29

المسلسلات التركية: انتحار و’تقديس’ الحب وشرير دون عقاب!

الدراما التركية وبعض آثارها السيئة على الأبناء

تسنيم عبد الرحمن النمر:

اجتاحت الدراما التركية بيوت كثير من الأسر العربية، وصارت متاحة في كل مكان سواء على التلفاز أو على شبكة الإنترنت وللأسف فإن المتابعين هم من كل الأعمار بما فيها سن المراهقة.

 [اشترك]

وقد اشتهرت المسلسلات التركية بتنوع أبطالها وقصصها التي لا تخلو من الرومانسية والإثارة والدراما وغيرها كثير، إلا أن مساوئ تلك الدراما قد تغدو أكثر من مميزاتها أحيانًا، خاصة بالنسبة لتلك السن الغضة.

ومن أبرز عيوبها انتشار الكثير من الأفكار والقيم السيئة التي تروج لها معظم تلك المسلسلات، ومن أبرز هذه الأفكار:

1- الكذب وإخفاء الحقيقة وتبريرهما:

يكاد يكون الكذب أو إخفاء الحقائق أحد المحاور الرئيسية لكثير من قصص الدراما التركية، والسبب وراء الصراع الأزلي بين الأبطال، وتكمن خطورة الأمر في التبريرات العديدة التي قد تبدو واقعية ومنطقية وقد تنطلي على كثير من المشاهدين بما فيهم المراهقين سيما وأن معظم المبرات تتلخص في حرص الأبطال على حماية بعضهم من عواقب معرفة الحقائق التي لا مفر من معرفتها.

وهذا الأمر قد يؤدي بالكثير من المراهقين للتحجج بالكذب خوفًا من تحمل العواقب، أو لوم الأهل، أو إغضاب الأصدقاء أو الإخوة أو غيرهم.

فيجب تعليم أطفالنا أن الحقيقة لا ريب كاشفة، وإخفاؤها إنما يزيد الموقف سوءًا وكثيرًا ما يؤدي لأكاذيب أخرى، ويجد الإنسان نفسه في دوامة من الحيرة والخوف من المواجهة.

يجب تعليم أطفالنا أن الحقيقة لا ريب كاشفة، وإخفاؤها إنما يزيد الموقف سوءًا وكثيرًا ما يؤدي لأكاذيب أخرى، ويجد الإنسان نفسه في دوامة من الحيرة والخوف من المواجهة، كذلك نلحظ في تلك المسلسلات خلطًا كبيرًا بين الكذب وإخفاء الحقائق، لذا صار الكثيرون يتهمون الإنسان الذي يًخفي أمرًا بأنه كاذب، والحقيقة أنه أخفى الأمر ولم يكذب، فشتان بين عدم قول الحقيقة أو عدم البوح بأمر ما.

أما الأول فلا تبرير له إلا كما بيَّن الشرع في الحالات الثلاث المسموح بها للكذب.

وأما الثاني فتختلف ضرورته باختلاف الموقف، فأحيانًا يكون من المستحسن إخفاء أمر ما، سيما وإن كان لن يترتب عليه إلا الضرر ولا خير يرجى من ذكره.

فمثلًا إذا عمل أحدهم خطأ ما، ثم حرص على تصحيحه لاحقًا وانتهى الأمر عند ذاك الحد، فما الفائدة المرجوة من إعادة فتح الموضوع؟ وما المانع من إخفائه ولو من باب السَّتر على النفس الذي نتعلمه في إسلامنا؟ سيما إن كانت المصارحة لن تُصلح ما فات، وقد تُضيِّع الثقة بين الطرفين، ويختلف الأمر بطبيعة الحال من موقف لآخر.

2- تقديس الحب:

غالبًا ما يُصوَّر الحب بين الأبطال على أنه لا غنى عنه، وعندما تسوء العلاقة بينهما لأي سبب من الأسباب يتم تصوير الأمر على أنه نهاية العالم، وأن أحدهما لا يستطيع الحياة بدون الآخر، بل وأن الحياة بهذا انتهت.

وكثيرًا ما يتخلى الأبطال عن الكثير من المبادئ والقيم السامية، كالصدق أو الوفاء بالعهد، في سبيل ذلك الحب، وهذا قطعًا أمر غير واقعي وغير صائب، ويجعل الكثير من الفتيان والفتيات المراهقين والشباب بالذات يغرقون في أحلام وردية عن الحب، ثم ينصدمون بالحقيقة؛ لصعوبة تحقق الأمور التي يشاهدونها في التلفاز على أرض الواقع.

الكثير من الفتيان والفتيات المراهقين والشباب بالذات يغرقون في أحلام وردية عن الحب، ثم ينصدمون بالحقيقة، لصعوبة تحقق الأمور التي يشاهدونها في التلفاز على أرض الواقع

3- العلاقات غير الشرعية:

للأسف صارت إقامة علاقات حب وصداقة مع الجنس الآخر ظاهرة شائعة في عالمنا العربي، وإن اختلفت عن نظيرتها الغربية في أن كثيرًا من أصحاب تلك العلاقات يبررونها بنيتهم "الصادقة" و"المخلصة" بتتويجها بالزواج.

ولكن، تتعدد الأسباب والدوافع والحرام واحد، ولشديد الأسف فإن المسلسلات التركية أسهمت بشكل كبير في ترويج هذا المبدأ المختل والمنحل في آن، فصار الأبطال يبررون العلاقات غير الشرعية مع حبيباتهن، والتي ينتهي بعضها بإنجاب الأطفال، ولا يجدون فيها غضاضة طالما كانت نية البطل "شريفة" ورغب في النهاية بالزواج بحبيبته تلك.

ومثل تلك الترويجات وغيرها صار لها صدى في مجتمعنا العربي المحافظ، حتى بات غير محافظ في كثير من الأحيان، وصار كثير من المراهقين والشباب يقيمون علاقات غير شرعية ومشكوكاً فيها وبدون أية نية واضحة أو ضمنية للزواج!

4- عدم المسامحة:

ويعد هذا الأمر من أكثر الأمور المثيرة للرثاء، ذلك أن إسلامنا يحثنا على العفو والتسامح والتجاوز، ومع ذلك نجد عبارة: "لن أسامحك أبدًا" تتكرر قولًا وفعلًا على لسان كثير من أبطال تلك المسلسلات، وكثيرًا ما نجد التأييد من بقية الأبطال على هذا الفعل، وذكرهم لقائمة من الأسباب المنطقية، وذلك لأن البطل إنما يرفض المسامحة على فعل مشين قامت به بعض الشخصيات وإن كانوا الآباء أو الأمهات.

وهذا ينشر روحًا من عدم التسامح والرغبة في الانتقام أو التشفي في نفوس بعض المشاهدين، وربما دون وعي منهم.

5- الروح الانتقامية ممثَّلة في القتل والانتحار:

مسلسل تركي بلا مستشفى، كبئر بلا ماء، فالقتل والانتحار من القضايا الجوهرية التي تظهر في معظم المسلسلات.

والمحزن أنها تظهر كحلول لمشاكل تواجه الأبطال، فإذا ما عانى الإنسان من ابتلاء أو أزمة نفسية فالانتحار أحد الحلول التي يضعها المُبتَلى على رأس القائمة، والفاسد أو المجرم عقابه القتل أو الانتقام، فيأخذ البطل زمام الأمور في يده وينتقم ممن بدا له دون اللجوء للعادلة أو القانون.

وربما تكون كثرة الترويج لمسألة الانتحار بالذات، هي من أسباب حالات الانتحار الكثيرة بين الشباب سواء لأسباب قوية أو تافهة فمن ضحايا الاكتئاب لضحايا العنف الأسري وانتهاء بضحايا الثانوية العامة وغيرهم كثير.

6- عقوق الوالدين:

أن يتطاول الابن على أبيه أو أمه وكذلك البنت، أمر طبيعي ووارد ومبرَّر في كثير من المسلسلات التركية، وإذا كان الوالدان من الشخصيات الشريرة، فللبطل حجة أقوى ومبرِّر أمضى، فتجد أحد الأبطال يتطاول على أبيه من أجل حبيبته، أو يرفع صوته على والدته لسوء تفاهم حاصل بينهما بسببها، ولا تجد من ينهاه عن هذا الموقف إلا فيما ندر، وإن كان هذا النهي غالبًا ما يُتوَّج بتبرير تصرفه وأحقيته للقيام بهذا الفعل.

7- كثيرًا ما يُترك الشرير دون عقاب:

فتجد القاتل أو الرأس المدبر في المسلسل يستمتع برؤية الجميع يتعذب ثم لا يناله من العقاب إلا العتاب واللوم في كثير من الأحيان، وتجد الكثير من الطيبين والمعطاءين وأصحاب القلوب الرحيمة يعانون الأمرَّين من الألم والحزن والفراق والقتل، قطعًا هناك الكثير من الأحيان التي يعاقب فيها الجاني بالسجن أو القتل، ولكن تظل الصورة الأولى بارزة بالقدر الكافي لكي تستفز ذوي الضمائر الحية، وقد تُوجه من خلالها رسائل غير مباشرة إلى الشباب والمراهقين بأنهم قد يفلتون من العقاب إذا ما ارتكبوا عملاً غير شرعي، أو قانوني، خاصة وأن الجهات الرسمية تركز على الصورة البيروقراطية الروتينية التي قد لا تهتم بإحقاق الحق بقدر اتباع الإجراءات اللازمة ومن ثم غلق الملفات.

هذه بعض السلبيات والأفكار المؤذية المنتشرة في كثير من المسلسلات التركية، ذكرناها لكي ينتبه الناس أثناء المشاهدة ولا يتأثروا بهذه الأفكار، والأهم أن يهتم الآباء بدرجة أكبر لما يشاهده الأبناء، ويحرصوا على مناقشتهم فيما يشاهدونه وما استفادوه، أو على الأقل معرفة الأفكار التي ملأت رؤوسهم وغربلتها وتوضيح حسنها من قبيحها.

2022/01/22

ألعاب مسلية تزعزع ’العقيدة’!

يبدو أن الجيل الجديد من ألعاب الفيديو والإنترنت قد جاوز حد التسلية، ليزج بناشئتنا في اغتراب ثلاثي الأبعاد، وليضع الأسرة والمدرسة والأجهزة الرقابية في كل بلد عربي أمام تحدٍ ينبغي كسبه بأي حال من الأحوال.

[اشترك]

إذ حين تتحول التسلية الإلكترونية إلى نسق ثقافي مرعب يُجرد الطفل من انتمائه، ويخلق هوة بينه وبين واقعه، ثم يُغريه بالذوبان في هوية الآخر ومعتقده وقيمه، فإن التصدي الحازم، وتقوية الجهاز المناعي للأمة ينبغي أن يحتل الصدارة في سلم الأولويات كضرورة حضارية.

إن جولة قصيرة في محلات الألعاب الإلكترونية، أو استعراضا سريعاً لألعاب الإنترنت التي تحظى بإقبال كثيف من لدن الصغار، كفيلان بتشكيل قناعة مفادها أننا بتنا نواجه هيمنة ذكية ومدمرة، وأن الاستعلاء الثقافي المدعوم باستبداد تقني، هو ديدن الغرب في علاقته بالعالم الإسلامي، رغم كل دعاوى احترام الخصوصية والحق في الاختلاف، فالعوالم الافتراضية التي تؤسس لها الألعاب الالكترونية الحديثة، لا تروم فقط توفير المتعة والفرجة وتنشيط قوى الخيال كما يُروج لها، بقدر ما تعمل على تغذية العقول بقيم وتمثلات تزعزع العقيدة، وتُشكك في الثوابت، وتعيد تشكيل السلوك، بما يمنح للتغريب والتنميط مشروعية ووجاهة إزاء الوضع الذي تعيشه الأمة الإسلامية، بمعنى أن ينحاز الجيل القادم لمنظومة بديلة تُجرده من كل مظاهر الانتماء لدينه وتاريخه وهويته.

إذا كان التلفاز يمنح للطفل فرصة المشاهدة فقط، فإن ألعاب الفيديو الحديثة أتاحت له إمكانية التحكم فيما يُشاهده، وحرية التصرف وإدارة العالم الافتراضي الذي ينجذب إليه بقوة، وبالتالي فإن عدد ساعات لعبه يتضاعف كلما طُرحت في الأسواق نسخة مطورة من لعبته، أو حينما يُمكنه الموقع الالكتروني للعبة من الانتقال إلى طور جديد يتسع فيه هامش حريته وتصرفه، وتتزايد فيه المغريات وحظوظ النجاح!

فقد كشفت دراسة أجراها المعهد الوطني للإعلام والعائلة بجامعة “أيوا” الأمريكية أن معدل ساعات اللعب لدى الفتيان يصل إلى 4-16 ساعة في الأسبوع، ولدى الفتيات إلى 2-9 ساعات، وأن المعدل قد يصل إلى 24 ساعة -أي حوالي ثلاث ساعات ونصف يومياً- لدى الأطفال الذين بدت عليهم مؤشرات الإدمان المرضي للتسلية الإلكترونية، وفي المقابل يتخلى الطفل عن هواياته الأخرى، وعن متعة اللعب والتفاعل مع أترابه، وبالتالي عن المواقف التربوية والاجتماعية التي تغذي قدرته على الحوار وحل المشكلات، فأسلوب اللعب المنفرد الذي يعتمده مصممو هذه الألعاب يُعزز من انطوائية الطفل وانكفائه على نفسه، خصوصاً في مرحلة البلوغ التي من أهم سماتها:

ميله للانعزال، وانسحابه من جماعة الأصدقاء، زد على ذلك ما تضج به البيئة العربية من أساليب التربية الخاطئة، ومظاهر العجز عن التعاطي الإيجابي مع التغيرات المصاحبة لدورة النمو النفسي!

إن اعتماد ألعاب الفيديو على الجاذبية الآسرة للصورة، وسعيها للالتصاق بالواقع، يُمَكِّنُها أن تشغل حيزاً مهما من نشاط الطفل الخيالي، وبالتالي العبث بتمثلاته وأفكاره ومواقفه، ذلك أن الاستغراق الدائم في اللعب يُوهمه بانتفاء الحيز الفاصل بين واقعه العملي والافتراضي، يقول الدكتور فرانك كيلش: “إن الهدف الرئيسي من كل لعبة هو أن يدخل في روع المشاهد نوعاً من المصداقية ولو إلى حين، وعندما تأسر اللعبة لب اللاعب للدرجة التي قد ينسى نفسه تماماً في خضم أحداثها، فإن جزءاً من تجربة اللعبة نفسها، وهو الشعور بعدم المصداقية، يكون في تلك اللحظة مرجئاً، وهكذا تجر اللعبة لاعبها إلى النقطة التي تصبح فيها حقيقة”.

وحين يلتفت الطفل إلى واقعه بحثاً عما يُطابق ما انغرس في مخيلته من رسائل وتمثلات جراء اللعب، لا يجد شيئاً من ذلك، فيؤثر الانسحاب من واقعه، وتغليف ذاته بأحاسيس الغربة والانسلاخ، بل وصل الأمر اليوم إلى التعبير عن عدم الانتماء للمجتمع واللغة ومنظومة القيم الحارسة للهوية والدين!

عندما نتفحص الرسائل المبثوثة عبر الآلاف من هذه الألعاب الحديثة نخلص إلى أننا أمام قصف ممنهج لا يستهدف الأبنية أو المنشآت، بل يروم وبكل قسوة تحطيم البراءة الطفولية، وحرمان الأمة من خزان وقودها الذي تراهن عليه لاستكمال بنائها الحضاري، لذا فالوقائية، باعتبارها مبدأً أصيلاً في المنهج التربوي الإسلامي، تُلزم القائمين على الشأن الأسري والتربوي بالمبادرة للحد من الآثار الضارة للتسلية الإلكترونية، لا من خلال تكثيف الرقابة الأسرية والرسمية فقط، بل كذلك بتوفير البدائل، وتوجيه اهتمام الأطفال للتسلية التي تجمع بين المتعة والجدة والإفادة.

مواقع إلكترونية

2022/01/22

’حقوق المشاهدين’.. هكذا تضبط دول العالم وسائل الإعلام المظللة!

ما هي جمعيات حقوق المشاهدين؟

فهد بن عبد الرحمن الشميمري:

١ـ توجد في عدد من دول العالم المتقدمة جمعيات أهلية غير حكومية، تمثل رأي المشاهدين (من أعضائها) فيما تعرضه وسائل الإعلام، وتدافع عن حقوق المجتمع والمشاهدين، خصوصاً فيما يتعلق بحماية القيم والآداب العامة.

[اشترك]

2- تقوم هذه الجمعيات الأهلية بمهام عديدة، وقد أشرنا إلى جزء منها، إلا أن أبرز هذه المهام هو مخاطبة وسائل الإعلام والمعلنين والحوار معهم، حول انحرافات محددة قد تطرأ على ممارستهم الإعلامية، والمطالبة بتصحيح ذلك الخطأ المحدد، وإيقاف الانحراف المعين.

3- تقوم تلك الجمعيات الأهلية بتقديم الشكر والثناء للجهات المتجاوبة المتعاونة، وتعلن عن ذلك في مواقعها الإلكترونية باعتبار أن الرجوع عن الخطأ فضيلة.

4- في حال عدم الوصول إلى نتيجة إيجابية لتصحيح الخطأ، فإن هذه الجمعيات الأهلية ترفع الدعاوي القضائية، ضد وسائل الإعلام المنتهكة للقيم والآداب العامة لدى المحاكم والسلطات المختصة.

5- تكتسب هذه الجمعيات الأهلية قوتها وتأثيرها من أعضائها المنتسبين إليها، الذي يشعرون بواجبهم تجاه مجتمعاتهم، ومسؤوليتهم في حماية مستقبل أبنائهم.

6- يكون هؤلاء الأعضاء عادة من جميع فئات المجتمع رجالاً ونساءً وخصوصاً الشخصيات العامة، والأكاديميين، والأطباء، والمهندسين، والمعلمين، والمحامين، ورجال الأعمال، والنقابات المهنية، وهم يعلنون عن شخصياتهم، ودعمهم لهذه الجمعيات، وتعاونهم معها، من خلال المناسبات العامة التي تقيمها الجمعيات بين فترة وأخرى.

7- تركز هذه الجمعيات الأهلية نشاطها عادة حول قضيتين، وهما: (إثارة الشهوات، والتشجيع على العنف)، لأن هاتين القضيتين تتفق عليها الآراء، بين أتباع الديانات المختلفة، والتيارات السياسية المتناقضة.

تحفل الكثير من دول العالم بالأنظمة والقوانين التي تحمي المجتمعات من انحرافات بعض وسائل الإعلام، وتتصدى لممارساتها الضارة بالمجتمع، والمؤثرة سلبياً على أفراده، والمنتهكة للقيم الأخلاقية والآداب العامة. وتختلف قوة القانون والنظام من دولة إلى أخرى، وكذلك مدى جدية التطبيق والتنفيذ.

كذلك للأفراد دور مهم في الحد من الثقافة الهابطة والإعلام السلبي، وذلك من خلال الامتناع عن التعرض لهذه الوسائل، والاتصال الشخصي للأفراد فيما بينهم لتدعيم هذا السلوك، والتواصل الفردي الشخصي عبر وسائل الاتصال، مع ملاك الوسائل الإعلامية والمسؤولين عنها، لتوضيح وجهة النظر في محتوى الثقافة الهابطة، ومضمون الإعلام السلبي، وأن يطالب المشاهدون بحقهم وحق المجتمع في الإنتاج الجيد والإعلام الإيجابي، وحمايتهم وحماية أطفالهم من الإسفاف والابتذال.

إن المشاهد هو الذي يختار الوسيلة الإعلامية، وهو الذي يختار المضمون الذي يتعرض له، ويؤثر فيه، ويتفاعل معه، ويشبع احتياجاته.

فكلما كان المشاهد واعياً استطاع أن يمارس انتقائية ناجحة ومثمرة، فينتقي المضمون الإعلامي الإيجابي الذي يتعرض له ويتابعه.

مقتطف من كتاب التربية الإعلامية

2022/01/19

علامات تدل على إدمانك لـ ’مواقع التواصل’!

أسباب إدمان مواقع التواصل الاجتماعي

كتبت رقية وليد:

تتضمّن سلوكيات المُدمنين عادةً صعوبة في التحكم بالنفس عند استخدام الشيء المدمَن عليه، والشعور بأعراض عدة نتيجة الانقطاع عن هذا الشيء، ومنها القلق والرغبة الشديدة في العودة إليه.

[اشترك]

 لذلك فإن الشخص المُدمِن على مواقع التواصل الاجتماعي يتّصف بعدم القدرة على التوقف عن تصفّح هذه المواقع طوال اليوم لعدة أسباب، وفيما يأتي طرح لبعض منها:

(الفومو) FOMO بالإنجليزية: Fear Of Missing Out))، ويقصد به الخوف من فوات الشيء كالاطلاع على الأحداث، أو الخبرات، أو التفاعل مع الآخرين، وهو دافع كبير لاستخدام الشبكة الاجتماعية.

الأنا: يحتاج بعض الأشخاص إلى منصّة لعرض أنفسهم، وتعدّ الشبكات الاجتماعية أفضل خيار لذلك، حيث وجد أنَّ 80% من المحادثات عبر الإنترنت تكون مليئة بمعلومات تفصح عن الذّات.

كيمياء الدماغ: حيث أظهرت دراسة من جامعة هارفارد أن الحديث عن النفس عبر الإنترنت يحرّك المنطقة نفسها في الدماغ التي تتأثر بتناول مادة تسبب الإدمان، مثل الكوكايين.

التحقق من قبول الفرد اجتماعياً: وذلك من خلال الحصول على القبول أو الاستحسان من الأقران.

وكذلك أظهرت الدراسات الحديثة أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يرتبط بمشاعر العزلة الاجتماعية، والاكتئاب، وانعدام الأمن، والغيرة، وسوء تقدير الذات.

علامات إدمان مواقع التواصل الاجتماعي

لمعرفة ما إذا كان الشخص مدمن على مواقع التواصل الاجتماعي، يجب أن تتوافر لديه بعض العلامات التي تشير إلى ذلك، وفيما يأتي بعض منها:

- قضاء أكثر من ساعة يومياً على مواقع التواصل الاجتماعي.

- تصفّح مواقع التواصل الاجتماعي كلّما أمكن ذلك.

- الإفراط في المشاركة على هذه المواقع.

- تأثر الأداء المهني، أو الدراسي، أو الاجتماعي للفرد.

- وجود أعراض نفسية انسحابيه عند محاولة تقليل وقت تصفّح مواقع التواصل.

- اللجوء إلى مواقع التواصل لتجنب المشاكل التي تحدث في الحياة الواقعية.

- تصفح مواقع التواصل الاجتماعي عند النوم مما يسبب الأرق.

آثار إدمان مواقع التواصل الاجتماعي

 يسبب الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي آثاراً سلبية على حياة الأفراد سواءً أكانت جسدية أو عقلية، وفيما يأتي شرح لهذه الأعراض:

الآثار الجسدية:

- متلازمة النفق الرسغي وهي مشكلة تحدث في اليدين أو الرسغين بسبب الكتابة الكثيرة.

- الضغط على أوتار الأصابع بسبب الكتابة على الهاتف.

- إجهاد العين نتيجة التحديق في الشاشة لفترة طويلة جداً.

الآثار النفسية والعقلية:

- انخفاض تقدير الذات.

- توليد مشاعر الحسد عند النظر إلى حياة الآخرين التي تبدو مثالية على وسائل التواصل الاجتماعي.

- عدم الرغبة في الحصول على تفاعلات اجتماعية حقيقية إذا أمكن قول شيء واحد لمئات الأشخاص بنقرة واحدة.

- انشغال العقل في أمور لا تعود بالفائدة بدلاً من تعلم شيءٍ جديد.

2022/01/19

الألعاب الإلكترونية تشويه لمستقبل أجيالنا

خليل فاضل

إن الألعاب الإلكترونية تؤثر في كلّ مراحل التطور والنمو لدى الطفل، فهي تقدم حالة عضوية خاصة (بدءاً من جلسة الكمبيوتر أو الـPlay Station  منصة اللعب) أو غيرهما، إلى كلّ الطقوس المصاحبة لها، كما أنّها - أيضاً - تقدم بيئة (مجردة) ومحددة سلفاً تعتمد على الأثر الذي تحدثه اللعبة.

[اشترك]

 ففي سن 7 إلى 14 سنة، يحتاج الطفل إلى مشاعر حقيقية، ومعان اجتماعية، أخلاقية، على العكس نجده مدفوعاً إلى دائرة أحاسيس العنف والتنافس اللااجتماعي، وفي حال المراهقين، نجد انحسار التفكير الموضوعي، وانتهاء النشاط الذهني الواعي نتيجة للغوص عميقاً في عالم تلك الألعاب الإلكترونية لأنّه إذا حكّم المراهق عقله وتفكيره، فسيكون بطيئاً في اللعبة مما قد يؤدي إلى خسارته.

والخطر هنا أن الطفل/المراهق/الشاب وحتى الرجال عندما يتذكرون أحداثاً ومشاهد بعينها من تلك الألعاب المرعبة، كما يتذكرون أحداثاً حياتية سلبية ومؤلمة، يربكهم هذا ويوتّرهم ويتركهم نهباً لتوتر وكرب ما بعد الصدمة ولنا هنا أن نورد حالات عقلية بعينها تعود في مجملها إلى تسلسل وتتابع مشاهد وأحداث حدثت في الطفولة الأولى وما تلاها وهو ما يقوم به المحللون النفسيون من (استدعاء حر)، تحليل، مواجهة وتفسير.

 تنطبع مشاهد العنف المصوّرة إلكترونياً في تلك الألعاب الجهنمية على سطح العقل الباطن، أو تقبع في صخب في تلك المنطقة الواقعة بين الشعور، واللاشعور، تكمن وتكون بذرة لما هو آت، يحدث هذا أكثر في حالات الأطفال المهيئين أكثر لاستقبال تلك (الاندفاعات) من بيئتهم المحيطة.

والصغار لا يستطيعون - بل لا يتمكنون - من فهم ذلك الفارق الكبير بين العنف المصور في اللعبة ووحشية ما يحدث في الحياة، إنّهم لا يحسون بتلك التأثيرات التي تنزع عنهم حساسيتهم، لا يدركون فيستمرون في اللعب ليلاً ونهاراً - دون هوادة - وقد يستمر اللعب لأيام دون كلل أو ملل، لا يقطعه سوى تناول القليل من الطعام، قليل من النوم، والذهاب إلى الحمام لقضاء الحاجة مع إهمال تام في المظهر.

ودعونا الآن نسمِّ بعض تلك الألعاب بأسمائها كما هي Space Invaders, Pack Man، مع ألعاب أخرى شتى عنيفة كانت أم عدوانية، ولنا أن نتأمل تدفق الدم الذي يجعله الـ CD أكثر واقعية، وتصوره التكنولوجيا الرقمية للأقراص الصلبة المتعاملة مع الليزر Lazer Disk. إن التطور الهائل لتلك التكنولوجيا المركبة والمعقدة قد سمح بمشاهدة عنف أكثر تجسيماً وتجسيداً للعنف (بما يحويه ذلك من كميات دم تفور في كلّ مكان)، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإنّ لعبة Mortal Kombat, تصور أحد أبطالها يفصل رأس ضحيته عن جسمه، والآخر يصعقه كهربياً، والثالث يمزقه إرباً حتى أن قلبه الطالع من صدره، وهو مازال ينبض يقطعه بكلتا يديه العاريتين، والرابع يشد رأس غريمه عن جسده ويرفعها كعلامة للنصر، وفي لعبة أخرى Nite Trap نرى مصاصي الدماء متعطشين يتتبعون وينتهكون خمس نساء، يحفرون في رقابهن حفراً بحفارة كهربية ثم يعلقن كالذبائح من أسفل لأعلى.

إن ذلك الفعل العنيف المراوغ الحي بكل تقنياته - مع الأسف - يجعل من العنف أكثر واقعية، وندخل من هذا المدخل الصعب إلى ما يمكن تصوّره عن ذلك الزخم الذي يصاحب تسويق تلك الألعاب الإلكترونية، وهو أمر يصعب أحياناً تصديقه. إن تلك الأعداد المهولة من تلك الألعاب المزعجة والمسلية في آن واحد وتجارتها وتداولها أصبحت أمراً يستحق التوقف والدراسة.

ماذا نفعل؟

إزاء كلّ هذا ماذا نحن فاعلون؟ في أستراليا تحرّكت مجموعة من البرلمانيين لوضع حد على الألعاب التي تحوي في طياتها عنفاً وجنساً، فلعبة  Nite Trap، صودرت ومنعت من الأسواق بأمر المحكمة حتى صدور تصنيف حكومي لتلك الألعاب كما في الأفلام (للكبار فقط) ويقترح التقسيم العام (كلّ الأعمار) وعام (للأطفال فوق سن الثامنة) وبالغون (لمن هم فوق سن 15سنة) ومحدود (لمن هم 18 سنة فما فوق فقط) ومرفوض Refused R ممنوع مطلقاً. فألعاب مثل Mortal Kombat & Street Fighter II Turbo تشد اهتمام الأطفال من 8 سنوات فما فوق، أما Nite Trap، فتشد اهتمام البالغين 15 سنة فما فوق.

وبذلك التقسيم والمراقبة والترتيب، قد تزول بعض مخاوفنا (لا كلها بالطبع) وفي بعض المدن الأمريكية يمارس عمدتها التدقيق على بيع وشراء وتأجير الألعاب الإلكترونية مانعين ذلك بتاتاً خلال ساعات الدرس وأيام الدراسة، وبالطبع فإنّ مسألة المنع التام ستعيد إلى أذهاننا (تفاحة آدم) المحرمة، وأن كلّ ممنوع يصير مرغوباً أكثر، لا لشيء إلّا لأنّ أهم ما في الموضوع هو ضمير الإنسان نفسه، ولي أمر كان أو مراهقاً أو بائعاً، لكن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الوالدين لأنّهما المتحكمان في عملية الشراء واللعب والوقت لأولادهما كما يجب أن يراقبا بحذر وبحب عملية اختلاط الأولاد بأولاد آخرين، وتبادلهم تلك الألعاب وتوخي ضرورة التعاون والتواصل مع أولياء الأمور الآخرين بغية تكوين شبكة اجتماعية متآلفة ضد خطر عنف اللعب الإلكتروني بكل ما يحويه من دمار نفسي وعصبي ولمنع تلك الآفة من أن تصبح وباء، من أجل تحقيق وعي اجتماعي عام يتمحور حول أخطار استخدام تلك الألعاب وآثارها الجانبية خاصة على النشئ.

2022/01/17

سلوكيات غير أخلاقية على التواصل الاجتماعي.. من يراقب؟!

طارق عبد الله العيدان

لا أعتقد أن هناك من يشكك اليوم في أثر تطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت جزءا رئيسيا من حياة معظمنا، منذ أن بدأت الثورة التي أطلقها موقع «فيسبوك» ثم «تويتر» و«انستغرام» و«سناب شات»، إلا انه يبدو من واقع ممارستنا لهذه المواقع اننا نفتقر إلى القواعد الأخلاقية والتشريعية والقانونية لمجاراة بعض الممارسات التي تتم في تلك المواقع والتطبيقات الإلكترونية.

[اشترك]

ولا أقصد هنا ما يطرحه مستخدمو هذه التطبيقات في التعبير عن آرائهم، وإنما من يستغل وسائل التواصل الاجتماعي لممارسة الأنشطة التجارية من دون أن يكون هناك غطاء قانوني وتشريعي يحمي تجارته والمستهلك من الغش والمبالغة في تقدير أسعار بعض السلع، التي ربما يشكك البعض في كونها أصلية وقد تضر بالصحة أيضا.

للأسف نجد أن البعض يستغل غياب رقابة بعض الجهات المختصة لبعض الحسابات التي تمارس أنشطة غير مرخصة ومخالفة للقانون، مثل وجود حسابات تروج وتبيع أدوية وعقاقير مختلفة، والتي يتطلب بعضها وصفات طبية من دون رقابة أو وجود وصفة، إلى جانب بيع علاجات السمنة الخطيرة والمميتة من دون أن تتحرك وزارة الصحة لإيقاف مثل تلك الحسابات.

ولا يتوقف الأمر على الأدوية، فالبعض الآخر يروج لعمليات ربما تدخل فيها شبهة غسل أموال إلى جانب خدمات أخرى مخالفة للقانون مثل «تكييش القروض وإعادة الجدولة» وحسابات تعرض على المواطنين الحصول على دعم العمالة الوطنية من دون الحاجة إلى الحضور إلى مقر العمل، إلى جانب قيام البعض ببيع منتجاتهم الغذائية المعدة في مطابخ لا تخضع للرقابة، وذلك في ممارسة في غياب لافت لوزارات التجارة والصناعة والمالية والشؤون الاجتماعية والعمل.

وعلى السياق ذاته، تمارس بعض الشخصيات المؤثرة في مواقع التواصل الاجتماعي بعض السلوكيات غير الأخلاقية، حيث تعرض وتروج لمنتجات تبدأ من المياه المعدنية إلى العقارات في الدول الأجنبية، من دون أن توضح لمتابعيها أن ما يعرض ويروج له عبارة عن إعلانات مدفوعة الأجر، فمن الواجب الأخلاقي قبل أن يكون القانوني أن يتم توضيح هذا الأمر.

ففي الإعلام المكتوب التقليدي توضح الصحف للقارئ منذ عقود طويلة عن الإعلانات التحريرية (المكتوبة)، فهي توضع داخل إطار رفيع وموضح في أسفله أنه إعلان مدفوع الأجر، كما امتنعت الصحف عن نشر إعلانات السجائر منذ فترة طويلة نظرا لضررها على صحة الإنسان رغم أنها مدّرة للأرباح.

في الختام: لا أهدف من وراء المقال مهاجمة المبادرين والمبدعين من شباب بلدي، إلا أن الحكومة مسؤولة عن وضع القوانين لمواكبة ما يحتاجه الشباب للقيام بهذه المشاريع بطرق قانونية تحفظ حقوقهم وحقوق المستهلكين وصحتهم أيضا، ولسنا بحاجة إلى خطابات المسؤولين الرنانة التي لا ترافقها الأفعال على أرض الواقع.

2022/01/17

يوتيوب وإنستغرام: نحن وسيلة يكسب بها غيرنا الأموال!

لم أكُن من المولّعين بالإنستغرام أبداً، لكنّني سجّلت دخولي إليهِ من بابِ الفضولِ، ومع ذلك فقد بَقِيَ مهجوراً بالكادِ أطلّ عليهِ مرّتينِ في السّنةِ، إلى أن حذفتهُ للأبدِ، على عكس اليوتيوب التي كنت ألتهمُ فيها وقتي لحظات الفراغ، وإذ بالرّبع ساعة تصبحُ أربع ساعاتٍ! لكنّ الأمرَ لم يدُم طويلاً ما أن اكتشفتُ أنّ هناكَ تأثيراً خفيّاً عَلَيَّ، فللصورةِ رسائلٌ، وللكلماتِ رسائل، ولأيّ فيديو أفكاره التي يروّجُ لها بشكله الخاص، فمع توالي الفيديوهاتِ، وقفتُ متسائلةً بعد تكرّر نفس الأحداث فقط بأشخاص مختلفين: فيما سيفيدني أن أعرف كيفَ تلقّى فلان خبر حمل زوجته الكاذب؟ في أيّ شيءٍ يعنيني أن تسافرَ فلانة وتواجهها مشاكل في الطّريق؟ على أيّ أساس أضيّع وقتي في مشاهدة حياة الآخرين التي لا تعنيني بالمُطلق؟

[اشترك]

في القانون الأخلاقي الذي خَطَّهُ الفيلسوف كانط، كان من جملة ما قاله أنّ ليس من حقّ الإنسان أن يستغلّ الإنسانَ أبداً، وأن يتعامل معه كغايةٍ في ذاته وليس كمجرّدِ وسيلة، لكنّ اليوتيوب والإنستغرام لم يجعلوا منّا سوى وسيلة ليدرَ بها أشخاص آخرون الأموال، فلسنا إلّا مُنتجاً يروّجونَهُ ويتقاذَفونَهُ كما يشاؤون، إذ أنّنا مجرّد دُمى مضحوكٍ عليها، ونشاهد أمامنا نموذجاً لحياةٍ لا تتجاوَزُ ثلاثين دقيقةً، ونقول إنّها الحياة، كما لو أنّ الكواليس لا تخفي وراءَها الآلام، والبكاء، والفشل، والخيبة.. كما لو أن الحياة المثالية هي كلّ ما يعيشونَه!

إنّ للصورةِ سلطةً خاصة علينا، أتذكّرُ أنّ احداهنّ قالت بأنّها كلّما تجوّلت في الإنستغرام قليلاً، كلّما نظرت إلى وجهها دونَ أن تَراهُ، ونظرت إلى حياتها بسخط كبير، فالكل هناك يسافر، والكل جميل، لدرجة أنّ هناك فتيات طلبن عمليات تجميل تُحاكي "الفلتر" الذي يفضّلونَه، وهذا إن دلّ على شيءٍ، فإنّما يدلّ على التعطّش نحو المثالية والجمال الذي يصعبُ اقتفاءُ أثرِهِ.

إنّ من المُهوِلِ أن تُنتَهكَ خصوصيات الآخرين، دونَ أيّ إجبارٍ، وبدافع الرّغبة المحضة، في فيلم الدّائرة «Circle, 2017 »، كانت ‘ماي’ أوّل يوتوبرز بمفهومنا الحالي، فقد تلقّت عرضاً مغرياً من إحدى أكبر شركات مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى إثرهِ أصبحت حياتها مكشوفةً للعامةِ، أربعة وعشرين ساعة على أربعة وعشرين، ما عاد وقت النّومِ، وبالفعلِ، استطاعت كسب مشاهدين بالملايين، والبرنامج كانَ وضع كاميرات في كلّ مكانٍ، ومنها كاميرات طائرة تستطيع إيجاد الأشخاص عن طريق مسح الوجه، إلّا أنّ هذه الوضعية الجديدة مُفرطة التخلّي عن الخصوصية جعلتها تخسرُ صديقها، وتُشهر بمشهدٍ غير لائق من حياة والديها اللذان رفضا أن يكونَ جزءاً من هذا الذي أقحَمت نفسها فيهِ، لكنّها في الأخير عادت إلى حياتها الخاصة، ووصفت ما كانت عليهِ بالظّلامِ الذي لم تعد تستطيع تحمّله.

تصلني روابط لدعم قنواتٍ ناشئة، وأرفضُها صريحةً ما وجدت في المحتوى ما يتنافى مع معايير الخصوصية والترويج لما لا يعنيني أن أعرفه، فقد أصبح الرّكضُ وراء الشهرةِ هو الهدف الأسمى، دون أن يتذكّر الإنسان بأنّ حياته الخاصة خيرٌ ألف مرّةٍ من أن يكون حديث الجمعِ، وموضوع السّاعةِ، وعُرضةً للمارّةِ الفضوليينَ.. فقد شاعَ أنّ هناك ثروة تنتظركَ إن نجحت قناتُكَ، أو كثر عدد متابعيك، لكن، هل هذه هي الحقيقة كاملةً؟

في حوارٍ مع أحدهم، قالَ لي بأنّه تعلّمَ عن أحد الشيوخ حكمة لا يمكن أن ينساها وهي أنّه لا يمكنك أن تأخذ شيئاً كاملاً، قد تعتقد أنّك حصلت على ذلك الشيء، لكنّك في المقابل ستكونُ قد خسرت أشياءً أخرى، وكلام هذا الشيخِ بالفعلِ يصفُ وقع الحالِ، فها أنتَ قد حزتَ مال قارون، وتاجرتَ بالأشخاص وخدّرت عقولهم بجعلها تتعطّش للمزيد والمزيد من المنتجات، وها أنتَ نفسكَ، تصبحُ سلعةً، وزهرةً تنفتحُ وتتعرّى من خصوصيتها، وفجأةً، تغدو بلا هوية، فأينما بحثت عن نفسك، لا تَجِدكَ.. لا في الماركات الباهظة المحيطة بك، ولا في الوجهِ الذي تلاعبت به الأيدي حتّى ما عُدتَ تعرفُهُ.

إنّ على المراهقات أن يُحظرن من هذه المواقع، فهي الباب الأوسع لاحتقار الذّات، والتعرّض للتنمّر، واتخاذ أمثلة مصطنعة، والعيش في حيّز الصورة التي تشبه زوبعةً تطحنُ كل ما لا يأتي على نفسِ معاييرها، فهل يتخيّل الأهل أن هناك أيّاماً تشعرُ فيها بنتهم بالحزن والكآبة فقط لأنّ شخصا ما أخبرها في تعليق أنّ لها أذناً كبيرة مع أنّها عادية، أو لأنّها شاهدت جولةً في غرفة احداهنّ فقارنتها بما لديها من فساتين وسرير ومساحةٍ فشعرت بأنّ ما لديها غير كافٍ، ممّا قد يجعلها غداً أو بعده ترافق شخصاً قد يستغلّها فقط لتحصل على ما ترغب بهِ، فكل ما يوجد سواءً في الإنستغرام أو الروتين اليومي لأشخاص على اليوتيوب لا يدفع الإنسان إلّا لأن يكونَ مادّياً، ويفكر بطريقة مادية، ويقتنع –غصباً عنه- بأنّ المال هو أهمّ ما في الحياةِ، ويغفل عن قاعدة شيخ صديقنا.

لا وجودَ لحياةٍ مثالية، وهناك في الإنسان جوهرٌ أسمى من أيّ جمالٍ، ولا يجب على الإنسان أن يتقيّد بالمعايير التي يرسمونها له كي يحيا، فليس من الضروري أن تسافر لمكانٍ بعيد، وتختار فندقاً فاخراً كي تعيشَ، وليس من الضروري أن تشتري ساعةً تستطيعُ أن تُكفّل بها يتيماً لو صرفتها أموالاً، فكلّ الساعات تعطي توقيتاً واحداً، ولا فائدة من أن تحزني لأنّ زوج إحداهنّ يغرقها بالهدايا وزوجكِ بالكادِ يستطيعُ تقسيمَ راتبِهِ على شهرٍ كامل، فالعطاءُ يكونَ قدرَ المقدرة، ولربّ بسمةٍ تنبعُ من القلبِ، فكأنّما -بها- يهبُكِ صاحبها الدّنيا بما فيها.

بعدَ كلّ جميلٍ، يوجَدُ الأجمل، وسلسلة أجمل جميل لا تنقضي، وعلى قدر دقّة الكاميرا سيكونُ الوجهُ مُشكّلاً، بدل أن نلحقَ ما لن نبلُغَهُ، يجبُ أن نكتفيَ بما نملكُ، وننظر للجوانب الإيجابية فينا، وفي حياتنا التي نعيشُ، فمبدأ المقارنات يجعل الإنسانَ حبيس دوامةٍ لا تكلُفةَ له بها ولا فائدة ترجّى منها، ويجدر التنويه إلى أنّ لكل شيء سلبيات وإيجابيات، وإن كانت هذه بضع من آثار ما رأيتُ من سوءٍ، فلا يجبُ أن نغفل عن إيجابيات هذه المواقع أيضاً، وهذه بضع نصائح أوجّهها لنفسي قبل أيّ شخص آخر:

1.    على المرء أن يحرص على عمره، ولا يهب دقيقة منه لمن لا يستحقّ.

2.    ما لم يكن المحتوى ينفعني فلا حاجة لي به.

3.    لا تتابع شخصاً يراك كسلعةٍ يُتاجر بها على هواهُ، ويقلّبها بالوجه الذي يشاء.

4.    لا تجعل القدوة شخصاً أكبر همّه بيتٌ، وإشباع بطنٍ، وتفاخرٌ بما سيموت غداً ويتركه.

5.    حاول أن تتابع فئة مثقّفة، ولا تنحصر وسط الأشخاص الذين يشبهونك فقط، بل إنّ التعرف على وجهة نظر الآخرين ستساعدك في بناء شخصيتك واستقلاليها والتمييز بين صوابها والخطأ.

6.    تخلّص فوراً من أيّ شخص/محتوى يشعرك بطاقة سلبية أو يدخلك في دوامة المقارنات.

7.    لا تجعل للتافهينَ سلطةً، وتثنيَ كذباً على شخص فقط لتشجّعَهُ.

8.    العالم الرّقمي ليس عالماً حقيقيّاً، لكنّ تأثيره حقيقيٌّ.

9.    لا وجود لما يسمى بحياةٍ مثالية.

والأخيرة تكمن في أنّني أتمنّى من كلّ الآباءِ أن يبعدوا أطفالهم عن الشاشاتِ، فإنّ من المُشين للطفولةِ أن تغرقَ وسط عوالم تستغبيها، وتقتل إبداعها، فلسنا بحاجة لجيل تشبه فتياته بإربي، ويولع فتيانه بالسّيارات، إنّ الطفولة تضيعُ، ويمكن لمن يرغب في معرفة طرق فعّالة في التعامل مع الأطفال أن يقرأ قليلاً عن منهج مونتيسوري في التربية، وسيتعلّم منها وسائل أكثر نفعاً وإفادة للأطفالِ.

في كتاب الأمير لميكيافيلي، يقرّ بأنّ على كلّ حاكم أن يكون نفسه النموذج الخاص، ولا يستلهم النموذج من خارجه، وهذا يكون عن طريق تلقي تربية وتعليم يؤهلان الشخص للحكم، وفي المقابل، فإنّني أرى، بأنّ على الطفل ألّا يلهثَ وراءَ أيّ قالَبٍ مُكرّر، ويكون نسخة عن نفسه، وهذا لن يحدث ما دمنا نُسكتُهُ، ونخدّر عقله بحشوه في ركنٍ يضمن عدم حِراكهِ، ويقيّدهُ بتلفازٍ يشغّل فيديوهات ملوّنة تستهويهِ، وتعرض نموذج أطفالٍ يجعلون من أطفالكم عقولاً منوّمة، يسيلُ لُعابها عند أيّ منتجٍ من الذي يقدّمونه، ويصيرون هم أنفسهم إدماناً يجبُ أن يكونَ نصب أعينهم دائماً، إنّ للتسويق العصبي فعله في العقلِ، وليس من اللائق أن نهمل هذا الجانب ونتخلّص من الطفل بإسكاته.

وكما أنّ الطفولة مهمّة، فإنّ المراهقة مرحلة انتقالٍ لا يجب أن نغفل عنها، ويجب أن نراقب أبناءنا في هذه الفترة، ولا نغفل عن التحدّث معهم، ومعرفة أفكارهم، وإقناعهم أنّهم أشخاص جميلون، وأن نتقبّلهم كما هُم، ولا نجعلهم في علاقة مباشرة مع هذه المواقع دونَ تحذيرات ونصائح وتوجيه.. ومُراقبة.

مواقع إلكترونية

2022/01/12

نساء جميلات ومقاطع جنسية.. منصات التواصل الاجتماعي وتسليع المرأة!

علي لفتة العيساوي:

يعيش شبابنا العربي والإسلامي في محنة كبيرة بين ما ورثه من أخلاق إسلامية وعادات وتقاليد تحافظ على الروابط بين أبناء المجتمع وبين سلوكيات وثقافة العولمة التي تحيط به من كل جانب والتي تسعى بكل وسائلها لضرب منظومة القيم الاجتماعية وتختزل المرأة على أنها جسد فاتن ومبتذل.

[اشترك]

فما من وسيلة إعلامية من فضائية أو إحدى وسائل التواصل أو الألعاب الإلكترونية أو كتاب أو مجلة أو جريدة أو... إلا وترى إيحاءات او تصريحات الجنس جزء منها.

وهذا ما أكّدته إحدى المؤسسات المتخصصة في وقف العنف ضد الاطفال؛ حيث وجّهت الجمعية الوطنية البريطانية لمحاربة العنف ضد الأطفال (NSPCC) في دراسة جديدة إصبع الاتهام إلى شركة التواصل الاجتماعي العالمية (فيسبوك) قائلة: إن نصف جرائم العنف بكل أنواعه ضد الأطفال على الإنترنت، تمت عبر تطبيقات مملوكة لها.

وبحسب موقع «تكنوسايت» التقني الأميركي، إن الجمعية حصلت على إحصائيات تملكها الشرطة البريطانية، كشفت أن أكثر من 4000 حالة من حالات إساءة معاملة الأطفال ومشاركة الصور غير الأخلاقية عبر الإنترنت، وقعت عبر فيسبوك وإنستغرام، وواتس آب، خلال العام الماضي، محذرة من أن خطط التشفير التي تعتزمها فيسبوك، ستجعل اكتشاف الجرائم ضد الأطفال مستحيلاً.)

إن أغلب الاعلانات التي تنشر على صفحات الفيسبوك عادةً ما تكون منافية للأخلاق والذوق العام خصوصاً فيما يُنشر في الفضائيات لقلة الرقابة عليها، فهي جداً مثيرة للغرائز وأكثر جاذبية لكي يتلذذ بها المشاهد خصوصاً وأن أغلب من يشاهده الشباب.

أمّا في الفيسبوك فترى المصممون يبدعون في تصميمهم للإعلانات التي تنشر على صفحات الفيسبوك حيث الصور الخليعة والإيحاءات الجنسية والألفاظ البذيئة، وظهور لجسد المرأة، مما تجعل من الشاب يسيل لعابه لما يراه من نساء جميلات تم اختيارهن بعناية كبيرة لأداء هذا الدور في مقاطع الفيديو والصور الاعلانية.

المصدر: كتاب الفيس بوك الوطن البديل للشباب

2022/01/12

بلدان تخصص ميزانيات لمحاربة ’الأمّية الرقمية’ والألعاب الإلكترونية!

أزمة الأميّة الرقميّة

ممّا لا شكّ فيه أنّ العالم الذي نعيشه اليوم هو ليس نفس العالم الذي كان بالأمس، فقد طرأت عليه مجموعة تغيّرات أثرت على طبيعة الحياة فيه وغيّرت كلّ كبيرة وصغيرة، وأهمّ شيء تغيّر في عالمنا الحديث هي الثورة الرقميّة التي يعيشها حيث أصبحت كلّ جزئية في حياتنا تتمّ عبر العمليات الرقميّة بل حتى ترفيه أبنائنا أصبح رقميّا.

[اشترك]

وفي خضمّ هذه الأحداث طرأ تغيير على مفهوم "الأميّة" فلم يعد مقتصرا على الجهل بالقراءة والكتابة بل ظهرت عدّة أميّات معاصرة والتي من أبرزها ما بات يعرف بـ "الأميّة الرقميّة" والتي يقصد بها جهل الإنسان وعجزه عن التعامل مع هذا العالم الرقمي الكبير، ولعلّك لا تعلم أنّ الحكومات أصبحت ترصد الميزانيات الضخمة وتقيم الأنشطة والفعاليّات لمحاربة هذا النوع من الأميّة في بلدانها!

هنا نحتاج أن نضيّق الدائرة ونطرح هذا السؤال على أنفسنا: هل مجتمعنا مهتمّ بمحاربة هذه الظاهرة أم لا؟ قد يقول قائل: ما الفائدة من ذلك؟ فهب أنّ أحدا كان أميّا بهذا المعنى فما الذي سيضرّه؟ وأين الخطورة في ذلك؟

المشكلة تكمن في أنّ أبناءنا وشبابنا بلا استثناء يقضون أغلب وقتهم في العالم الرقمي الافتراضي، وأميّة الوالدين وجهلهم بهذا العالم ستكون عائقا أمام قيامهم بمهامهم في عمليّة التربية للأبناء، وعدم قيامهم بهذه المهمة سيؤثر كثيرا على الأبناء بل على كلّ المجتمع في المستقبل، إذ أنّ هذا العالم سيكون هو العقل المكوّن لأبنائنا لا العائلة أو المجتمع!

والمشكلة هي نفس الجهل بالمشكلة حيث أنّك لو سألت أحدا عن سبب إعطائه أجهزة ذكيّة لأطفالها دون رقابة ودون حساب لقال: أبنائي فقط يلعبون ألعابا إلكترونية! ولا يعلم أنّ خطورة هذا الأمر لا تقلّ عن أي مصيبة أخرى:

هل تعلمون أنّ كثيرا من الحكومات والبرلمانات العالميّة والعربيّة قد جعلت موضوع الألعاب الالكترونية على طاولة النقاش؟

هل تعلمون أنّ هناك دولا قد حضرت بعض الألعاب الالكترونية بسبب تأثيرها السلبي على الأطفال والشباب؟

هل تعلمون أنّ هذه الألعاب أصبحا ميدانا لترويج المخدرات بين الشباب وحثهم على الرذيلة؟!

هل تعلمون أنّ هذه الألعاب الالكترونية قد خلّفت ضحايا كثيرين بين جريمة قتل وانتحار وغيرها؟!

من هذا المنطلق فإنّ "الأميّة الرقميّة" هي حاجز كبير بيننا وبين أبنائنا يمنعنا من الرقابة التي تقتضيها المسؤوليات التربوية ولهذا لابد من التصدّي لها سواء على نطاق الفرد أو على نطاق المجتمع:

أمّا الفرد فلا بدّ للإنسان أن يقتطع من وقته قليلا للاطلاع على خفايا هذا العالم الرقمي، فليس من المعقول أن يقضي أبناؤنا الساعات الطوال في مكان لا يعلم عنه الوالدين شيئا! لابدّ للأب للأم للكبار أن يكتشفوا هذا العالم أن يقتحموه لينظروا أين يذهب أبناؤهم.

أمّا المجتمع فكما حارب الأميّة القديمة وهي الجهل بالكتابة والقراءة لابدّ أن يحارب الأميّة المحدثة بأنّ تقام الدورات والندوات لمحو هذه الأميّة ورفع نسبة الوعي بين الكبار وتعريفهم بكلّ ما يحتاجونه عن هذا العالم الخطير الشائك فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع لا على عاتق جهة من الجهات.

2022/01/11

7 خطوات لحماية أطفالك من مخاطر الإنترنت

انتشر استخدام الشبكة العنكبوتية في العقد الأخير بشكل غير مسبوق، حيث أنها قد غزت كل البيوت ووصلت الى كل أفراد الأسرة، الصغير منهم والكبير، وأصبح وجودها في البيت أمراً أساسيا وضرورة ملحة.

[اشترك]

والإنترنت بحد ذاتها عالم كبير، تختلف فيه الثقافات والألسن، والأجناس والألوان والأديان، كما أنها تحوي الشر والسلبيات بنفس ما تحوي الخير والإيجابيات وبهذا يكون الإنترنت سيفا ذو حدين.

وإذا كان أبناؤنا وفلذات أكبادنا من أبرز مستخدمي الانترنت، سواء كان استخدامهم للعب أون لاين أو للتواصل أو للبحث والتعلم، فلا بد من حمايتهم من كل الأخطار التي قد تهددهم أثناء إبحارهم في بحر الشبكة العنكبوتية.

ما الأخطار التي قد يتعرض لها طفلي على الشبكة؟

أطفالنا ببراءتهم يظنون أن الإنترنت ليس أكثر من فيديو مضحك، أو صورة بالأبيض والأسود يطبعونها لتلوينها، أو قد تكون مصدرا لإجابة تساؤلاتهم الكثيرة والبريئة، لكنهم بالتأكيد لا يعلمون شيئا عن الفيروسات، أو الخصوصية الإلكترونية، أو منتحلي الشخصيات، وأيضا الذئاب البشرية الباحثة عن الوجوه الغضة.

إذا كيف أحمي أطفالي من هذه الأخطار؟

خطوات حماية أطفالك من الإنترنت

1- ابدأ بمناقشة موضوع الأمان الالكتروني في سن مبكرة، فأطفالك يبدؤون في سن مبكرة جدا باستخدام الشبكة العنكبوتية، ولأن الإنترنت عالم مواز لعالمنا الحقيقي بخيره وشره، فلا بد من توعيتهم بأن الأخطار قد تتواجد حتى في أبسط الأنشطة على الشبكة.

 بعد ذلك يبدأ الأطفال بالغوص أكثر وأكثر في عالم الإنترنت، وقد يبدؤون بإنشاء الحسابات على بعض مواقع الألعاب وغيرها، وهنا من الضروري البدء بتوضيح فكرة الخصوصية وأيضا حماية كلمات السر، هذا بالإضافة إلى تحسيس أطفالك بأهمية “السمعة على الإنترنت” والتي تشمل جميع المعلومات الخاصة بأطفالك على هذه الشبكة، سواء عبر محركات البحث أو وسائل التواصل الاجتماعي.

2- “مالا تستطيع القيام به وجها لوجه لا تقم به على الإنترنت”، يجب أن يستوعب أطفالك هذه العبارة جيدا، فمجرد الشعور بالأمان بسبب بعد المسافة والتخفي خلف اسم مبهم، لا يمنح الطفل صلاحيات ليست متاحة له في العالم الحقيقي، وعلى سبيل المثال فليس من المألوف في عالمنا الحقيقي أن تتجه إلى شخص غريب لا تعرفه وتفتح معه حوارا ما، وعليه فعليك الحرص على أن لا يفعل طفلك ذلك على الشبكة.

3- اسألهم بشكل متكرر عن آخر ما قاموا بوضعه على صفحاتهم الشخصية، أو علق على صورة قاموا بمشاركتها، فهذا الأمر يذكرهم باستمرار بتحديد خصوصية صفحاتهم الشخصية ويحسهم بتواجدك الدائم معهم.

4- حذرهم بشكل مستمر من الغرباء الذين يقدمون هدايا مجانية على الشبكة، ولا تتوقع أن يتصرف أطفالك بشكل مختلف عن تصرفاتهم الحقيقية إذا كنت قد شرحت لهم مرارا وتكرارا عن أنواع الجرائم التي قد يرتكبها مجرمون دخلوا من خلال الشاشة أكثر من دخولهم من الشباك مثلا، لذلك احرص على تثقيفهم حول مخاطر الاستجابة لرسائل البريد الإلكتروني، والإعلانات، والمسابقات التي تقام عبر الإنترنت، وخصوصا عندما تكون من مصادر غير معروفة، ففي كثير من الأحيان يمكن أن تكون ملغمة بفيروسات أو برامج التجسس على أجهزة الكمبيوتر أو تستخدم لسرقة المعلومات الشخصية.

5- “بمجرد أن تكتب شيئا، فلن يُمحى أبداً”، عبارة مهمة ومعناها عميق، صحيح أن ما يكتب على صفحتك قد تمسحه فورا، لكنه يكون قد تم نسخه مرارا وتكرارا على محركات البحث وغيرها، لذلك احرص على أن توعي طفلك بهذا لكيلا يقوم بكتابة شيء يندم عليه كلما عاد وظهر له.

قد يشارك الأطفال دون قصد وبسذاجة معلومات حساسة أو صور خاصة على الإنترنت عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها من المواقع، ويمكن استخدام هذه المعلومات ضدهم، ويمكن أيضا التلاعب بالصور وتدمير سمعة طفلك على الانترنت، وهنا يأتي دورك لتنفيذ الخطوة الأولى وهي مناقشة موضوع الأمان الإلكتروني بانتظام وإشعار أطفالك بأهمية الخصوصية وخطورة تبادل الصور والأفكار على شبكة الإنترنت.

6- لا تكتف بتلقينهم القوانين، بل اقض معهم بعض الأوقات أثناء تصفحهم للشبكة، واجعلهم يعتادون وجودك حولهم أثناء استخدامهم لمختلف التطبيقات التي تستهويهم، فذلك يساعد كثيرا لتقوية خط التواصل والتفاهم بينك وبينهم.

7- كن صديقا لهم على الشبكة، اطلب من أطفالك أن يقوموا بإضافتك على مختلف شبكات التواصل إذا كانوا من مستخدميها، وراقب تصرفاتهم من بعيد، لا تعلق عليها كلها، فالأطفال في هذا السن لديهم اهتمامات تختلف عن اهتماماتك، بل نبهم على الخطير منها.

أطفالك عندما يكبرون ويصبحون في سن المراهقة، سيصعب عليهم تقبل نصائحك، بل قد ينزعجون منها، لذلك لا تثقل عليهم، وحاول طرح نصائحك وتوجيهاتك بصيغة غير مباشرة، أو قص عليهم قصة حدثت لصديق، واجعل العبرة مبطنه داخلها.

ماذا لو فكرت في منع طفلك من استخدام الإنترنت بشكل نهائي؟

إنك بذلك لن تحل المشكلة، كمن يقرر أن يقفل بيته للأبد خوفا من اللصوص، بل إنك تجعل المشكلة أكبر لأنهم لا بد أن يستخدموا الشبكة خارج البيت إذا منعوا من استخدامها داخله، لكنهم في هذه الحالة سيستخدمونها ويدمنونها دون أي ضوابط مما سيؤثر سلبا عليهم.

ختاما، فإذا كان للإنترنت هذا الحضور القوي في عصرنا الحالي، فلابد من حضورنا بشكل أعمق وأقوى في مستقبل أبنائنا، من أجل ذلك علينا أن نكون حريصين على تمكين أسس الحماية في نفوسهم، كي ينطلقوا نحو المستقبل محصنين من أي أخطار قد تصيبهم نتيجة لاستخدام الشبكة العنكبوتية.

كيف

2022/01/10

شهرة خلال 15 دقيقة.. كيف تساهم مواقع التواصل بنرجسية مرتاديها؟

في أواخر الستينيات من القرن الماضي، تنبّأ الرسام الأميركي "آندي وورهول" بظهور وسيط إعلامي يوفر للشخص العادي حلم الشهرة السريع، وعبّر عن ذلك في إحدى مقابلاته بمقولته الشهيرة: "في المستقبل، سيتمكن الجميع من أن يصبحوا مشهورين شهرة عالمية خلال 15 دقيقة فقط".

[اشترك]

ورغم أنه في الستينيات لم تكن وسائل الإعلام واسعة الانتشار بما يحقق نبوءة "ووهول"، فإنه بعد أكثر من خمسين عاما من نبوءته، ستظهر وسائل التواصل الاجتماعي التي حملت على عاتقها تلك المهمة، فصار ما يكتبه المرء في الشمال الأقصى بإمكانه أن يصل إلى أدنى الجنوب في اللازمن، فحسب موقع "Mamsys"، فإنه في عام 2017 فقط، كان معدّل الدخول على موقع فيسبوك نحو 900.000 في الدقيقة الواحدة، مقابل 46.200 صورة يتم تنزيلها على إنستغرام، و452.000 تغريدة على تويتر، ونحو 4 ملايين مشاهدة على يوتيوب في الدقيقة ذاتها.

وذلك الزخم الذي أفسح كثيرا لانتشار المشاهير على نطاق واسع -ضخم- لم يسبق له مثيل في الماضي، ولأسباب تختلف -كذلك- عن أسباب الشهرة في الماضي البعيد، وحتى القريب، فصارت وسائل التواصل عامرة بالكثير من الأسماء المشهور -على اختلافاتها- فما بين الجاد الذي يقدم محتوى علميا أو معرفيا ما، أو بين الوجه الآخر من المشاهير الذين يتفننون في المحتوى الفارغ، تبرز لنا ظاهرة الشهرة على مواقع التواصل كحالة تحتاج إلى التأمل والتساؤل.

فعلى إنستغرام تتفاوت أسماء العارضات -الفاشيونيستا- في تسابق على أرقام المتابعين المقدرة بمئات الآلاف، وربما الملايين؛ لأنهن يقدمن صورتهن في أزياء ومستحضرات تجميل جديدة. وكذلك هو الحال على فيسبوك ويوتيوب لبعض صانعي المحتوى الذي لا يضيف قيمة تتناسب مع شهرة صاحبها، فهذا يحرك شفتيه على أنغام أغنية شعبية فيحصد مئات ملايين المشاهدات بلا أي سبب منطقي لهذا، وآخر يصور محتوى ساخرا عن يوميات أسرته، وهذا يستعمل إفيهات الأفلام، وآخر يقلّد المعلقين الرياضيين، إلى آخر تلك القائمة الطويلة.

ذلك العرض المستمر للذات على الآخرين لاجتلاب اهتمامهم بصرف النظر عن جودة المحتوى المقدم يدفعنا إلى التساؤل حول الأمر، هل هو حدث عارض صنعته وسائل التواصل، أم هي شهوات للذات خدمها فيسبوك وأقرانه؟ وما نتيجة الشهرة السريعة فارغة المحتوى؟ وكيف هو حال الجماهير في التعامل مع المشاهير في العصر الحديث؟ لكن قبل ذلك، نحن في حاجة إلى معرفة الدافع: لِمَ يحدث هذا من الأساس؟

عندما تبحث عن الاحتياجات البشرية، فإن عالم النفس الأميركي "أبراهام ماسلو" سيعطيك الإجابة، وفق دراسات قام بها على زائري عيادته، على النحو التالي: في البدء، يحتاج الإنسان إلى إشباع رغباته الفسيولوجية، ثم الأمنية، مرورا بالرغبات الاجتماعية، ليقف بك التدرج عند الحاجة إلى التقدير، ثم يمضي إلى الحاجة الذاتية في التميز والتفرّد.

الحاجة إلى التقدير إذن، ذلك الدافع الطامح إلى إشباع رغبته والمتمركز حول "الأنا"، "حيث تقترن حاجات تحقيق الذات اقترانا وثيقا بالسعي وراء الشهرة وحب الظهور"، وفي هذا السياق، يذكر الدكتور "ميتش برينشتاين" أحد الباحثين البارزين في علم نفس الشعبية بجامعة "نورث كارولينا"، أن الباحثين يُقسمون الشعبية إلى نوعين:

النوع الأول، وهي الشعبية القائمة على التفضيل الاجتماعي، أو المحبة والاحترام اللذين يلقاهما المرء نتيجة لتمتعه بشخصية جذّابة و"كاريزما" لطيفة. والنوع الثاني، وهي الشعبية المتمحورة حول السمعة الاجتماعية، والتي يسعى من خلالها المرء لحيازة الإعجاب بصرف النظر عن كونه محبوبا أم لا.

ويرى "برينشتاين" أن هذا النوع الأخير بات الأكثر انتشارا في العالم، وهو آخذ في التزايد بصورة خطيرة، "ومقارنة بالعقود القليلة الماضية، أصبحت أهداف حياتنا اليوم تعكس رغبتنا في امتلاك المزيد من الممتلكات، والحصول على المزيد من القوة، والشعور بمكانتنا ونُفُوذِنا، وكوننا مؤثرين وأصحاب سلطة بين مجتمعاتنا. ويتناقض هذا بشكل صارخ مع رغبتنا في تعزيز المجتمع وتنميته، والتعاون بعضنا مع بعض كما كان منذ بضعة عقود".

فالرغبة في الشهرة -لدى هذا النوع- قد تُخفي إحباطا أو اضطرابا نفسيا غير مشخّص، كما تقدم الشهرة وعدا -كذلك- بالهروب من العزلة، سواء كان ذلك حقيقيا أو بصورة متخيلة. "إنها تردع المنتقدين، بل وربما تعتصر بعض الفُتات من التقدير من أولئك الذين استكثروا علينا الابتسامة بينما كنا نتشبث بطريقنا للخروج من أرض النكرات".

فكلما جمعنا المزيد من التقدير كانت الجرأة على تجاهلنا أقل، فالشهرة -في حالات كتلك- تلعب دور الدرع المُحصِّن لنا من الإحباط، "إنها تصرح بأهميتنا لأي شخص يحاول أن يضعنا جانبا وتهدده بعواقب في حال تماديه.. إنها تساعد على تهدئة الأصوات المنتقدة التي قمنا بكبتها في داخلنا من الآباء والأمهات، وزملاء الدراسة والمدرسين".

في وصفه لطبيعة التفاعل الاجتماعي يرى عالم الاجتماع "إرفينغ غوفمان" في نظريته عن عرض الذات أن ثمة جدلية أساسية تكمن خلف جميع تفاعلاتنا الاجتماعية، وهي أن الفرد عندما يكون في حضور الآخرين فإنه يسعى لاستكشاف واقعهم، ومن ثم يقوم بتصدير صورته إليهم بالشكل الذي يتسق مع مصلحته الذاتية، وهو ما يحققه له الاهتمام بالمظاهر في كثير من الأحيان.

فحسب "باوميستير وهيوتن"، فإن عرض الذات يمكن التعبير عنه بالسلوك الذي "يتوخى توصيل بعض المعلومات حول الذات أو بعض من صورة الذات إلى الآخرين"، وهو ما لا يتم "إلا إذا كان هناك من سيطلع على هذا العرض ومن سيقيّمه". فحينها يتحرك المرء لعرض ذاته بدافعين رئيسيين، أولهما: هو إرضاء الجمهور، بمقارنة المعروض من الذات مع توقعات وتفضيلات الآخرين لينال إعجابهم وإثابتهم.

وثانيهما: هو إرضاء الذات نفسها، أو بمعنى أدقّ بناؤها، وذلك عن طريق مقارنة المرء لها (ذاته الفعلية) مع التصور النموذجي لديه عنها (ذاته المرجوّة)، فتراه يصدّر للجمهور صورة الذات التي يود أن يكون عليها، لا ذاته التي هو عليها بالفعل، فترضى ذاته الفعلية عن تلك الصورة المعروضة التي تجتذب الإعجاب، وكأنها هي في حقيقة الأمر.

ذلك الدافع الأخير، وحسب الباحث "طارق عثمان"، قد وفّرت له وسائل التواصل الاجتماعي منصة عريضة لمزاولته من خلال "بروفايل" المرء ومدوناته و"سيلفيهاته"، "فالأصدقاء والمتابعون على فيسبوك بمنزلة الجمهور الذي يعرض المرء جزءا من ذاته أمامه"، إمّا لكسب رضاهم، وإمّا لإقناع ذاته بصورته التي يود أن يكون عليها. الأمر الذي يوافقه "جيفري هانكوك"، أستاذ التواصل بجامعة "ستانفور" من خلال بحث نشره في مجلة "Cyberpsychology Behavior and Social Networking"، يُفيد أن فيسبوك قد يملك تأثيرا إيجابيا على تقدير الذات لدى طلاب الجامعات؛ "لأنه في الغالب يُظهر النسخة الإيجابية من أنفسنا. كذلك، وجدت دراسة أخرى نُشرت في نفس المجلة، أن استعراض وتعديل حساب الفيسبوك الخاص بك، يمكنه أن يُعزز ثقتك بنفسك وتقديرك لذاتك".

مما تقدّم، فأن تكون مشهورا يعني أننا أمام احتمالين: أن تكون مستحقا لذلك لما لديك من الإفادة أو الشخصية النافعة/ذات الكاريزما، وإما أن تكون ساعيا للشهرة بلا أي رصيد معرفي يضيف إلى متابعيك أي شيء. لكن ماذا عن النرجسية؟ هل تدعم الشهرة النرجسية، أم نسعى نحن لها لكوننا نرجسيين؟

بداية، فيمكن تعريف النرجسية بأنها "سمة أو خصيصة شخصية تنطوي على رؤية الشخص لنفسه ككائن متفوق وأرفع مقاما ومنزلة. وهذه الشخصية تأتي مع الإحساس بالتخويل أو التفويض "أستحق الأفضل"، أي الميل لوضع الذات أولا والاستخفاف برغبات وحاجات الآخرين وفرط تقدير الذات".

وفي هذا الشأن، فقد أفضت دراسة لمجموعة من الباحثين الكنديين بجامعة "يورك" إلى أن "الأفراد الذين يُمضون أوقاتا أطول على فيسبوك، يميلون إلى امتلاك شخصيات نرجسية وشعور دفين بعدم الأمان". الأمر الذي يدفعهم إلى ترويج ذاتهم كالسلعة المعروضة للجماهير، ويزيد -بدوره- من نرجسيتهم واعتدادهم بأنفسهم.

حيث أثبتت العديد من الدراسات "وجود صلة مباشرة، بين الزيادة الحادة في تشخيص اضطراب الشخصية النرجسية خلال عشر السنوات الأخيرة، وانتشار شبكات التواصل الاجتماعي في كل مكان" ذلك فضلا عن تصنيف الباحثين لبعض السلوكيات "التي يتبعها رواد تلك الشبكات مثل السعي لاجتذاب مزيد من المتابعين، والظهور في صورة إيجابية أمامهم طوال الوقت، ومشاركة تفاصيل حياتهم معهم، ضمن صفات الشخصية النرجسية على وسائل التواصل".

كما أُجريت بعض الدراسات على عينة من المشاهير، فأظهرت مستويات عالية من السمات النرجسية أعلى مما لدى الناس الآخرين، لكن ما وجدته هذه الدراسات هو أنه لا علاقة للنرجسية بالفترة الزمنية للشهرة، مما قد يعني "أن النرجسيين ينجذبون إلى أسلوب حياة المشاهير وليس أن أسلوب حياة المشاهير يحول هؤلاء تدريجيا إلى نرجسيين".

لكن -ووفقا للدكتور "تيسير حسون" أخصائي الطب النفسي- فإن حالة الشهرة تزيد بدورها من النرجسية، وهو ما يسميه "النرجسية الظرفية المكتسبة"، أي "الإحساس المتضخم بالتخويل والتفوق الذي يأتي من كون الشخص مشهورا، غير أنه من المرجح أن يسير سهم الأسباب بالاتجاهين: النرجسيون يسعون بجهد ليصبحوا مشاهير، وأسلوب حياة المشاهير يزيد النرجسية".

الأمر الذي يؤثر بدوره على العلاقات الإنسانية بين هؤلاء المشاهير -المصابين بتضخم النرجسية- وبين من يخوضون معهم أي علاقة إنسانية، فالمشاهير بشكل عام أكثر جاذبية من الناس العاديين، الذين يصطفون في طوابير لينخرطوا في علاقة رومانسية مع المشاهير. "فأن تكون شهيرا فهذا يعني أن تعيش في بحر من الإغواء، وإذا ما صادف أنك من النمط الأكثر نرجسية، فإن لديك أرجحية كبرى لأن تشبك صنارتك مع شخص آخر غير شريكك".

في العلاقة بين عالمين: يضع "زيجمونت باومان" تفصيله بين عالم حقيقي نحياه، وعالم افتراضي نحيا به. ففي نظرية "باومان" عن تلك العلاقة، يرى عالم الاجتماع البولندي أن مواقع التواصل الافتراضية قد عكست القواعد التي ينبني عليها التفكير والشعور، فأصبح العالم الافتراضي هو المعيار الذي يحتكم إليه العالم الحقيقي، لا العكس، وبهذا تصبح شهرة مواقع التواصل -والتي لا تعبر بالضرورة عن قيمة صاحبها في الواقع- شيئا حقيقيا يستحق كل هذا المجهود لعرض الذات.

لكن يبقى السؤال: هل يستحق الأمر هذا الاهتمام؟ أو بصورة أدق: هل تحقيق الشهرة في فضاء كهذا يغني صاحبه؟ على ما يبدو أن "باومان" يمتلك إجابة أخرى، فهو يرى أن الشهرة فقدت قيمتها عمّا كانت عليه فيما سبق، ويضع في ذلك مقارنة بين شهرة الشهداء -مثلا- في العصور السابقة، وشهرة نجوم الصورة والبروباغندا الحالية.

فيقول: "كانت شهرة الشهداء والأبطال تُستمَد من أفعالهم، وكانت ذكراهم حيّة حتى يمكن تخليد تلك الأفعال"، فالأسباب التي وضعت المشاهير في بؤرة الضوء هي أقل الأسباب أهمية للاشتهار، فالسبب الرئيسي هنا هو تكرارهم وانتشارهم بصورة فجّة على وسائل الإعلام/التواصل دون أن يمتلكوا سببا نافعا لشهرتهم.

الأمر الذي يُسلِّع هؤلاء المشاهير مرة أخرى، أي يحولهم إلى مجموعة من السلع، فبعد عرض الذات الذي يتجاوز أحيانا أدق الخصوصيات -كما تسمح بعض الفاشيونيستا للجمهور بمعاينة تفاصيل يومها الخاصة، يقف المشهور ثانية على خشبة الجمهور كسلعة يمكنه الاستغناء عنها والانتقال إلى غيره، فالاشتهار يختلف عن الشهرة في كونه يتكون من أحداث منفصلة/مجموعة من المنشورات أو الفيديوهات غير ذات القيمة.

فكل "موكب من مواكب المشاهير يطلع من مكان غير معلوم لتطويه بعد فترة وجيزة صفحة النسيان"، فمعجبو المشاهير غير معجبي الشهداء أو الأبطال؛ ذلك لأنهم لا يستبعدون ولا يمتنعون عن الانتقال إلى غيرهم ممن يقدّمون أنفسهم في أثواب الموضة أو الابتذال، وهو ما تشجع عليه سمات العصر الاستهلاكي الحديث وفقا لـ "باومان".

فالأمر في النهاية -حسب "باومان"- لا يبدو ذا قيمة حقيقية ما لم يكن للمرء نفع أو بطولة فعلية تغيّر وجه الحياة لمعجبيه، فلو كانت الشهرة، بصورتها السائلة الحديثة، شيئا يُسعى إليه، بل تُكتَب فيه النصائح لتضجّ بها محركات البحث على الإنترنت، فما القيمة الفعلية التي يحققها المرء من ذلك؟

هل هي احتياجات الذات الساعية إلى التقدير؟ وإن كان الأمر كذلك، فهل كل ما تحتاجه النفس يكون مشروعا دون تحجيم أو تهذيب؟ وهل يمكن اعتبار هذا الطلب خللا نفسيا يفضي بصاحبه إلى النرجسية والتعالي على الآخرين بسبب عدد المتابعين في صفحته على أحد مواقع التواصل؟ وإذا كان ذلك مقبولا لدى البعض ويستحق التجربة، فيبقى السؤال الذي طرحه "باومان" على استحياء لكل مشهور بلا بطولة: هل يستحق الأمر -فعلا- كل ذاك؟

الجزيرة

2022/01/10

مسلسلات بمشاهد خيالية: كيف نحمي أبناءنا من هوس تقليد المشاهير؟

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «الأئمة الاثنا عشر»

 

كتبت غدير سالم:

كثير من مشاهدي الدراما ينتابهم وتحديداً فئة الشباب والمراهقين حالة من التعلق والتقمص الوجداني أو التماهي مع شخصيات المسلسلات الدرامية، وهي حالة نفسية شائعة، تزداد وتيرتها عند الفئات الاجتماعية الأقل وعياً وثقافة.

[اشترك]

وعلى الرغم من أن غالبية المشاهدين يعون تماماً أن ما يشاهدونه محض خيال ولا يمت إلى الواقع بصلة إلا أن تقمص الشخصيات التلفزيونية وتحديداً الدرامية مسألة لا مفر منها لدرجة قد تُربك الكثيرين فيخلطون ما بين الواقع والخيال.

استشاري العلاج النفسي الدكتور عبد الله رعود يقول: «حسب التحليل النفسي يعتبر التقمص مصطلحاً لا شعورياً ويعد من الحيل الدفاعية التي تتم على مستوى لا شعوري، وهو عملية تلجأ النفس البشرية إليها ليدمج بداخله دوافع واتجاهات وسمات شخص آخر لدرجة تصبح كأنها سمات متواصلة بالشخصية، وهي عملية نفسية يتقمص الشخص بواسطتها بعض مظاهر أو خصائص أو صفات شخص آخر كلياً أو جزئياً حسب درجة الاقتداء والتأثير الذي يؤثر فيه النموذج».

ويضيف: «وقد يلجأ الفرد إلى تقمص وتقليد شخصيات مثل الأب عند الأطفال، أو الأمهات عند البنات أو قد يكون القدوة المعلم في المدرسة، لكن في مرحلة المراهقة وهي أصعب مرحلة يلجأ فيها إلى التقمص وتقليد خصائص وسمات لبعض الشخصيات مثل المطربين أو الممثلين ويعمد إلى تطبيق سلوكيات وخصائص هذه الشخصية».

وعن أنواع التقمص يبين الرعود: «إن أنواعه تتبع لتقسيمات فرويد لها، ويعد التقمص الأولي تقمصا بدائيا يظهر فيه التعلق العاطفي بشخص ما، ويعتبر التقمص الأولي للفرد وهو الأكثر أهمية، وهو تقمص الفرد مع الأب أو الأم.

ويلجأ الأطفال خلال عملية التقمص تقليد سمات الوالدين بشكل غير واع ولا إرادي، ويقومون بعملية ربط أنفسهم مع هؤلاء الآباء لدرجة متطابقة، ويجب التمييز بين التقمص والتقليد لأن التقليد يكون الشخص فيها واعياً ويحاول تقليد بعض السمات بطريقة واعية عكس التقمص».

ويتابع: «ويطور الطفل خلال التقمص الأولي التعلق العاطفي (الأنا العليا)، والتي تمثل القيم الأخلاقية والمبادئ الدينية، فالتقمص الأولي له قدر كبير من الأهمية في بناء شخصية الطفل».

ويوضح الرعود: «وهناك التقمص النرجسي وهو عبارة عن التقمص الذي يقوم على فقدان هدف معين، يبدأ خبرة الفقد هذه في سن مبكر للغاية، مثل ارتداء ملابس أو مجوهرات تعود لشخص متوفى مقرب هذا النوع يساعد على تطور وتقمص الأنا مع الهدف أو الشيء الذي قد يكون مفقوداً عند الشخص، لذلك قد يلجأ الشخص للتقمص لعدم تحقيق أهدافه بالواقع».

ويضيف: «وهناك التقمص الجزئي الذي يقوم على تقمص ومعرفة ميزة خاصة عند شخص لديه شخصية قيادية حيث يمكن تقمصها. وهذا النوع من التقمص يدفع المجموعة إلى الاندماج وتنمية روح الفريق، ويقول فرويد أن التقمص هو العملية التي بفضلها تتكون شخصية الفرد، ويؤكد أن التقمص ربما يدل على خاصية في الشخصية لكن على الشخصية بصورة كلية».

وينوه الرعود إلى أنه: «غالباً ما يكون التقمص لغايات منها التقمص الانفعالي مع درجة عالية من الذكاء بحيث يكون الفرد قادراً على تقمص الجوانب الانفعالية لشخص آخر وهو ما يدعى الامتصاص الإسفنجي اللاشعوري. ويمكن أن يكون التقمص نتيجة الفشل وضعف القدرات بالواقع فيلجأ الشخص للتقمص للهدف الذي فشل في تحقيقه من رموز أخرى، وقد يكون هنالك نوع من التقمص الرومانسي عند المراهقين والشباب في مقتبل العمر نتيجة الحرمان أو عدم القبول من الطرف الآخر أو بسبب التأثر بوسائل الإعلام والفضائيات من بث مسلسلات رومانسية مبالغ فيها لرموز محببة من الممثلين، وقد يلجأ البعض إلى التقمص لضعف في شخصيته وعدم القبول من الآخرين ودرجة عالية من التهميش فيتقمص سلوكيات لأشخاص آخرين لنيل ما فقده وما هو محروم منه».

ويبين الرعود: «التقمص في بعض الأحيان قد يكون له فوائد في تنمية الشخصية إذا تقمص شخصية قيادية أو شخصية بناءة مثل الأب أو المعلم، وقد يؤدي التقمص إلى الاستغلال للأشخاص المتقمصين وسهولة التأثير عليهم من قبل الشخصيات المؤثرة والقيادية، وإذا ظهرت الجوانب السلبية للتقمص عند الفرد وكانت ذات تأثير سلبي على حياته وحياة الآخرين عندها يجب أن يكون هناك تدخل للعيادة النفسية من البدايات حتى لا تتفاقم المشكلة إلى أمراض نفسية مزمنة».

وتوضح التربوية المتخصصة في مجال الإرشاد والصحة النفسية نجوى حرز الله عن هوس التعلق بالمشاهير فتقول: «قديماً كان حب الشخصيات لأداء وسلوك الشخص، وكان الهوس بشكل بسيط جداً وبطريقة جمع الصور، ولكن بعد التقدم التكنولوجي والتقرب أصبح سهلاً جداً من الشخصيات وليس هوساً بالشكل والظهور بل هوس بتقليد الشخصية بسبب معرفة تفاصيل حياة هذه الشخصية والقيام بتقليدها بسلوكيات لا تظهر أبداً شخصية المهووس بل تعكس الشخصية المشهورة مما يتعب الفرد، لأنه سيقلده بطريقة اللباس والماركات المشهورة وطريقة الأكل والذهاب إلى الأماكن التي يذهب إليها الشخصية المشهورة مما يهلكه مالياً ونفسياً دون معرفة هل يناسبه أم لا».

ويضيف: «ولكنه يسد النقص لدى المهووس وسببه عدم الثقة بالذات فيقع ضحية مرض اضطراب يسمى (هوس المشاهير) وقد يتعب الشخص المهووس نفسياً لعدم تحقيقه لرغباته في الوصول لتقليد هذه الشخصية، ويتعب أيضاً عندما يقضى ساعات طويلة لمتابعة حياة هذه الشخصية».

وتبين حرز الله أسباب التعلق بهذه الشخصيات قائلة: «إن الدافع الذي يجعلنا نتعلق بهذه الشخصيات أولاً طريقة عرض هذه الشخصيات على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تجعلنا نعتقد بأن حياتهم واقعية وأن على الجميع أن يعيشها دون العلم بأنه يكون مصدر رزق لهم في الظهور ولكن دون تقليدهم أي هدفهم لغايات مالية أحياناً لأن ما يعرضونه ليس هي الحياة الواقعية لهم على مدى يومهم».

وتتابع قائلة: «وليس بالضرورة تقليدهم بجميع التفاصيل سواء بطريقة اختيار الأصدقاء والملابس والأماكن التي نرتادها، وهناك من يؤثر تأثيراً إيجابياً على الفرد بحيث أن الشخصيات المشهورة تعطي انطباعاً بأنهم بسيطون لأنهم يهتمون بالشهرة وجمع المال، ويتم تقليدهم بالبساطة بكل شيء وهو تقليد إيجابي ولكن يفضل أن تكون سلوكيات الشخص من ذاته وكله قناعة بما يفعله».

وتوضح حرز الله أنه: «علينا كأهل الانتباه منذ الصغر على أبنائنا بأن لا يكون هوس الإعجاب ملفتاً للانتباه مثل الشخصيات الكرتونية بجمع الصور أو شراء الملابس التي تخص لاعبين أو شراء أدوات مدرسية لأنها لشخصية معينة لأنه مؤشر على تكرار هذا السلوك مع الشخصيات الأخرى عندما يكبر».

وتضيف: «وعلى الأهل أن يكونوا واقعيين مع أبنائهم وتدريب الأبناء على مواجهة مشاكل الحياة حتى يقتنعوا بأن كل إنسان لديه حياة واقعية عليه أن يعيشها، عدا عن تنمية الثقة بالذات عند ابنائنا يجعلنا نبتعد عن هوس الإعجاب بالمشاهير، مسؤولية الأهل أيضاً هم أنفسهم عليهم أن يكونوا قدوة لأبنائهم بسلوكياتهم وخاصة عند حضور مباراة لشخصية مشهورة او حضور فيلم لممثل مشهور، ولا ننسى بأن المعايير السلوكية لكل مجتمع تختلف من بيئة لأخرى فلا يستطيع الفرد المهووس بأن يقلد سلوكيات لأشخاص لا يعيشون نفس بيئته لاختلاف الدين والعادات والتقاليد».

2022/01/08

لماذا تخافون من ’التغيير’؟.. نصائح لمقاومي ’التكنولوجيا’

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «الأئمة الاثنا عشر»

 

يشكك البعض من الموظفين هذه الأيام في التكنولوجيا الجديدة، وقد يكون السبب في ذلك، هو أن لديهم خبرة كافية لمعرفة كيف يمكن للتكنولوجيا أن تفسد العمل!

[اشترك]

هناك ثلاثة أسباب قوية على الأقل ورواء مقاومة بعض الموظفين ورفضهم للتكنولوجيا، التي يتم إدخالها إلى مكاتبهم، وتلك الأسباب التي تستند إلى الكفاءة التقنية والخبرة؛ بدلاً من انتشار ما يمكن أن نسميه التكنوفوبيا (الخوف الخيالي من التكنولوجيا) [1] هي:

1- الخوف من التغيير: إذا لم تكن التكنولوجيا مصممة بشكل بديهي لمساعدة المبتدئين على العمل السلس من خلالها؛ فإنها مشكلة فعلية للعامل الذي يقاومها! وإذا لم تكن الوسائل التكنولوجية سيئة التصميم، فإن البرامج الداعمة ستساهم في تعليم سريع لهؤلاء الأشخاص، فعلى الرغم من خوف البعض من التغيير، إلا أن الكثير من التقنيات هي مجرد هراء ومضيعة للوقت وتثبت الطرق التقليدية تفوقاً عليها، لذا فإن رد الفعل الإيجابي لرفض الموظفين التعامل مع التكنولوجية، ما هو إلا فرصة لأرباب العمل والشركات، كي تحسن وتطور ما تدخله من وسائل وتقنيات حديثة على خطوط إنتاجها.

2- المشكلة في تطوير الإصدارات: نظراً للمعاناة من سوء بعض إصدارات التكنولوجيا؛ فإن الموظف قد يرفض تحميل الإصدارات الأحدث لبرنامج ما؛ خشية التعرض للمزيد من المشاكل بعد التعامل معها في البداية وإيجاد الحلول لها، وهذه الميزة الزاحفة للتطور التكنولوجي تزيد الطين بِلة، وتكون العواقب سيئة على الموظف ونتاج العمل في آن معاً، فلنأخذ مثالاً في أرشفة السجلات الطبية بشكل إلكتروني أو المعاملات الورقية للأملاك العقارية، حيث تأخذ وقتاً من الموظف حالياً على حساب تسيير شؤون المواطنين، وبعد أن يتم التعامل مع المشاكل المبدئية، قد يسبب الإصدار التالي والأحدث لبرنامج العمل؛ مشكلات جديدة تحتاج إلى حلول جديدة ومختلفة!

3- هل تؤذي التكنولوجيا الموظف!؟ نعم.. من خلال توليد ضغوط عاطفية إضافية أو حالات مرضية متكررة بسبب الإجهاد، حيث لا يحارب الموظفون هذه التكنولوجيا بسبب شعورهم أنهم غير جيدين في استخدام هذه التكنولوجيا، بل يحاربونها لأنها تؤلمهم.. حرفياً!.

فقد لا تسهل بعض التقنيات مهام الموظفين، بل قد تأتي بنتائج عكسية، لنأخذ مثالاً على عمل الروبوتات في مجال البيع في الأسواق الكبرى، ففيها تأثير جانبي غير متوقع، فإلى جانب فقدان بعض العمال وظائفهم، سيفقد آخرون الحيوية في عملهم! من خلال تحفيز الكفاءة المفرطة، حيث حرمت الآلات الموظفين من المهام التي استخدموها لإيجاد متعة، وحددت مهامهم بتدريب زملائهم الجدد على التعامل مع الروبوتات!

وهكذا في حلقة مفرغة من الإجهاد، ولن نخوض في سلبيات الذكاء الصنعي على مستقبل الإنسان، وما تخبرنا به التجربة حتى الآن؛ هو أن الشكوك الصحية حول التكنولوجيا، هي أكثر من مبرر كلما اقترح أي شخص إدخال تكنولوجيا جديدة في مكان العمل، لأن التظاهر بأن المشكلة هي أن الموظفين؛ يخافون التغيير.. ربما هو شيء غبي إلى حد كبير!... خاصة إذا لم يحاول أرباب العمل فهم السبب الحقيقي لهذه المشكلة.

ترتيب الحياة الرقمية

كيف يمكن ترتيب حياتك الرقمية التي لن تتخلى عنها؟

لن أتخيل فوضى حياتي الرقمية؛ إلا في شكل منزلي عندما يكون حوض غسيل الصحون مليئاً بالأطباق القذرة والغسيل منثور على كامل الأرض، كذلك تمتلئ الشرفة ومدخل المنزل بالتراب والحصى... الخ، مشهد رعب تعانيه ربما بعد أن تفتح مثلاً صندوق الوارد في بريدك الإلكتروني!

لا نستطيع التخلي عن التكنولوجيا، على الرغم من أنها قد تسبب مشكلة كما تابعنا أعلاه، لا سيما إذا دخلت في كل تفاصيل حياتنا، كما لن نقاوم أو نقاطع كل هذه التقنيات العجيبة، لكن لنكن منطقيين ونرتب حياتنا الرقمية، حتى يأتي اليوم الذي نستطيع فيه التحكم بحياتنا الافتراضية كاملة ووضع الحدود التي تجعلنا نعيش بسلام.

ما أفعله عادة (متابعة للحديث عن تشوش حياتي الرقمية انطلاقاً من البريد الإلكتروني، وليس انتهاءً مع الدورات التدريبية التي سجلتها عبر الشبكة!)، هو أن أمسح بعض الوارد وأتجاهل غيرها؛ لأشعر براحة مؤقتة، يقض مضجعها كل عملية اطلاع تالية على صندوق الوارد، لذا دعنا نتعلم معاً كيفية ترتيب حياتنا الرقمية، بحيث لا نقاوم ولا نرفض ولا نلغي بشكل كامل حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي [2]:

توليف التكنولوجيا في حياتك إلى حدودها الدنيا: لم أكن أعلم قبل ثمانية أشهر عندما ألغيت تفعيل معظم حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي؛ مدى التشوش والفوضى التي أصابت حياتي الرقمية، حتى لحظة البدء بإعداد هذا المقال، واليوم بعد أن أعدت تفعيل هذه الحسابات، لم أفعّل التطبيقات على هاتفي الذكي ويقتصر تصفحي لها لمدة أقل من نصف ساعة كل يومين أو ثلاثة من خلال فتحها على جهاز الكمبيوتر، بذلك قللت تعرضي لإشعارات الفيسبوك مثلاً، والتي كانت تهاجمني كل لحظة عبر الموبايل، كما قمت بما أحاول شرحه لك في هذه النقطة هنا، وهي تقليل حدودي التكنولوجية للحد الأدنى ولو بمثال بسيط! فأنا في النهاية لست مطوّرة تصاميم أو مواقع وما إلى ذلك من الاختصاصات التقنية، التي تأخذ كامل وقت الشخص المتخصص بها.

بالنتيجة ما أحاول قوله أنه من خلال تبني فلسفة البساطة الرقمية، يمكننا استعادة وقتنا واهتمامنا وعلاقاتنا.. الخ، وبطبيعة الحال من السهل مسح وتنظيف بيئتك الرقمية، فحتى لو قمت بحذف كل تطبيق على هاتفك، لن يحدث شيء ويمكنك فقط إعادة تثبيت تلك التي تستخدمها بشكل ضروري ولا يمكنك الاستغناء عنها.

إزالة العناصر غير الضرورية: كما في مثالي السابق، بحذف التطبيقات غير الضرورية عن هاتفك وكمبيوترك، كما تقوم بتنظيف منزلك سنوياً قبل العيد؛ امسح سجل المتصفح الذي تستخدمه بشكل دائم للبحث عبر الانترنت، وقم إلغاء الاشتراك في النشرات الإخبارية والبودكاست والمدونات، وأي شيء آخر لا تستفد منه، في قائمة وارد بريديك الإلكتروني.

كذلك لا تصرف أكثر من نصف ساعة أو ساعة على الرد وإجابة الرسائل الواردة والضرورية فقط، لا تستثنِ شيئاً إذا لم تكن بحاجة إلى إصدار جديد من تطبيق تستخدمه فعلياً على الهاتف أو الكمبيوتر المحمول.. قم بإلغائه! وما لم تكن مصوّراً محترفاً وهذه هي مهنتك؛ لن تنتهي حياتك إذا توقفت أسبوعاً أو حتى شهراً كاملاً؛ عن نشر صورك اليومية عبر انستغرام!

كيف تقرر إزالة بعض العناصر وإبقاء غيرها: ضع في اعتبارك أن التكنولوجيا أمر اختياري، وما لم تكن إزالة بعض التطبيقات المؤقتة؛ مؤذية لحياتك المهنية أو تعطلها بشكل كبير (كأن يكون عملك اختصاصي تسويق على مواقع التواصل الاجتماعي)، فلا تتردد في إزالة ما لا تحتاج إليه، وعندما تقلل من تدفق المعلومات إلى حياتك؛ ستزيد من إنتاجك.

الحد من تأثير إلهاء التكنولوجيا: إمكانية الوصول والتشتت عبر التقنيات التكنولوجية مغرية؛ بسبب سهولة الوصول إليها، ولأن فترة الصباح هي الأكثر إنتاجية بين معظم الناس، يمكنك إيقاف بث الانترنت عبر جوالك، بذلك تحد أسباب التشتت والانحراف، وتكسب نهارك كاملاً من البداية، ولأن قوة الإرادة لا تعمل دائماً لدينا، هناك تطبيقات تكنولوجيا غاية في الأهمية لحظر عوامل التشتت عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثلاً، والتي يشبه الكثيرون إدمانها بإدمان السجائر! وأنت لا تضع ضمن جدولك اليومي وقتاً لتدخين السيجارة، لكنك تشعر بالرغبة بها فقط، هذا هو حال مواقع التواصل الاجتماعي.. أليس كذلك؟!.

لذا امنح نفسك القدرة على التركيز ومعرفة كيفية قضاء وقتك، حيث يمكنك ترك هاتفك الجوال خارج غرفة نومك وقت النوم، وخارج مكتبك أثناء العمل، وخارج المطبخ أثناء الطبخ.. الخ.

تصميم حياة رقمية تعطيك السعادة: تخيل سطح هاتفك وكمبيوترك حقيقي وأمامك على الطاولة وهو مليء بكل هذه التطبيقات ومشتت بكل الإشعارات الواردة، عليك أن تحتفظ بالضروري فقط، وما يقع عليه اختيارك ومهم لحياتك وعملك أيضاً، حتى مع الصورة التي تضعها كخلفية لشاشة الهاتف أو اللابتوب...

في المحصلة.. مخرجك من هذه الفوضى هو الاستهلاك المتعمد للتكنولوجيا، فتخيل حياتك الرقمية كمنزل جديد تبنيه من الألف إلى الياء، وعليك التعامل مع المعلومات التي تستهلكها مثل الطعام الذي تأكله.

نصائح لمقاومي التكنولوجيا

نصائح لكل شخص يرفض التعامل مع التكنولوجيا

بعد أن قمت بترتيب وإعادة تصميم حياتك الرقمية وفقاً لاختياراتك؛ لن تقاوم التكنولوجيا ويمكنك كنظير موازٍ لحياتك الرقمية أن تقوم بالخطوات التالية:

حمل دفتر الملاحظات: إنه الرفيق المثالي للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وخدمات وتطبيقات إدارة الملاحظات الافتراضية والبرامج الرقمية، التي تحاول ألا تكون عبداً لها، فالكتابة اليدوية من أهم الطرق في التحكم بعوامل التشتيت الرقمية، ومنبر فعلي للخيال والتخطيط وترتيب حياتك الخاصة والمهنية كما تريد.

قراءة الكتب الورقية: فنحن جميعاً نقوم باحتواء مئات نسخ (PDF) من الكتب، لكن الكتب الورقية أثبتت قوتها أمام النسخ الالكترونية وقدرتها على الاحتفاظ بالتركيز أثناء تصفحها وقراءتها.

التواصل الحقيقي: لدينا مئات الأصدقاء الافتراضيين، والكثير منهم يتفاعل ويتعاطف معنا عن بُعد، لكن لا شيء يعوض التواصل الإنساني الحقيقي، يمكنك أن تبدأ كخطوة أولى في لقاء أصدقائك على موقع فيسبوك؛ بشكل شخصي وبالتأكيد أولئك المقيمين معك في نفس المدينة أو المنطقة الجغرافية.

في النهاية... عند ترتيب حياتك الرقمية؛ ستتغير حياتك كاملة للأفضل، ستعمل على إدارة يومياتك ووقتك، كما سيكون لديك علاقات أعمق.. وستحقق تقدماً في أهدافك بكل تأكيد.

حلوها

2022/01/05

هل تعلم أن طريقة استخدام ’الموبايل’ تعكس شخصيتك للآخرين؟

إتيكيت استخدام الموبايل والرسائل النصية القصيرة 

كتب أيهاب محمد كمال:

الموبايل أو الهاتف النقال هو سلاح ذو حدين، فهو من جهة اختراع مفيد يضمن سير الأعمال المهمة، لكنه في المقابل يمكن أن يكون وسيلة إزعاج ومصدر استياء لا سيما عند تجاهل أصول استخدامه.

[اشترك]

بات الموبايل اليوم من الضروريات وليس الكماليات، فقد ازداد الاعتماد عليه في شتى مجالات الحياة، إذ أضحى وسيلة أساسية للتواصل وحفظ المعلومات وتوثيق بعضها، يمكن باختصار وصفه بمكتب صغير متنقل، لا سيما أن التطور التكنلوجي أدخل عليه تعديلات كثيرة زودته بخدمات لا تحصى، غير أن مشكلته تكمن في طريقة تعامل الناس معه، فالبعض ينسى انه مجرد آلة فيتعامل معه وكأنه ضيف كبقية الضيوف، خلال اجتماع عمل أو اللقاءات الاجتماعية.

وثمة من لا يرسم حدودا للوقت فيجيز لنفسه الاتصال، أو إرسال الرسائل النصية القصيرة في أي وقت، حتى ولو كان بعد منتصف الليل، منتهكا خصوصية الاخرين، فلو كان مستخدم الموبايل متحضرا يراعي مشاعر الآخرين، لأدرك من تلقاء نفسه كيفية التعامل مع الموبايل بأسلوب لا يزعج أحدا، غير أن هذه السلوكيات السيئة لاستخدام الموبايل وخدماته المتعددة، حتمت على الخبراء وضع بعض القواعد اطلقت عليها عبارة (إتيكيت استخدام الموبايل والرسائل النصية القصيرة) من أجل مساعدة مستخدمي الموبايل على عدم ارتكاب الاخطاء أو الهفوات، وجعلهم أفرادا متحضرين في عالم التكنلوجيا .

آداب استخدام الموبايل

ـ عند اختيار نغمة الموبايل فكر دوما فيما تريدها أن تخبر عن شخصيتك. فكما تعكس ملابسك وطريقة حديثك شخصيتك، كذلك يؤشر اختيارك نغمة الموبايل عنك.

ـ تفادَ استخدام خدمة نغمات الاغاني للمتصلين بك، لا تظن أن الجميع يستمتعون بسماع الأغاني أثناء انتظارهم أن ترد على مكالماتهم، التزم بالرنة التقليدية للتليفون، إذ ليس كل من يتصل بك على استعداد لسماع اغنيتك المفضلة أو أي شيء آخر تختاره.

ـ ضع رنة الموبايل على أقل درجة لا تزعج الآخرين، أو استخدام خاصية الاهتزاز (vibration) بدلا من الرنين، لا سيما خلال اجتماعات العمل أو اللقاءات المهمة، أو عند زيارة مريض أو في دور العبادة أو حتى في المكتب.

ـ احرص دوما على ألا ينتهك حديثك خصوصية أحد، فانت حتما لا ترغب في أن يطلع الجميع على أسرارك وتفاصيل حياتك، ولا أحد يريد أن يستمع لها، لذا تحدث بصوت منخفض أو اختر مكانا خاليا من الناس لإجراء حديثك الخاص.

ـ ابتعد عن استخدام الألفاظ النابية وغير اللائقة أو العبارات التي تخدش الحياء، أثناء حديثك على الهاتف أمام الآخرين.

ـ حافظ على نبرة صوت هادئة، لا سيما إذا كنت في مكان عام، كالمطعم أو بهو فندق أو القطار أو الباص، عليك أن تعي أن هذه الأدوات مزودة بميكروفونات حساسة قادرة على نقل، ليس الأصوات المنخفضة فحسب، وإنما الهامسة أيضا.

ـ لا تستمر في الحديث في حال حصول تشويش على الاتصال، لعبورك منطقة ما خارج نطاق

تغطية شبكة الهاتف، كي تتفادى صدى كلامك مرارا، أو رفع صوتك، ما يزعج الآخرين، إعمل على الاعتذار للشخص الذي تحدثه، وأغلق هاتفك إلى حين زوال التشويش.

ـ إجعل أولوية الحديث للشخص الموجود أمامك، وليس لمن يتصل بك عبر الهاتف النقال، من غير اللائق الرد على الهاتف واجراء حوار وتجاهل الشخص الذي أمامك، هذا التصرف غير الواعي سيفهم على أنه تقليل احترام للشخص الآخر الحاضر أمامك.

ـ لا تضع هاتفك النقال على مائدة الطعام أثناء العشاء مع الآخرين، ولا تعمد إلى النظر إلى شاشته بين الفينة والأخرى، إعط كل مناسبة وقتها، فإذا لم تكن هناك مكالمة ضرورية ومهمة، يستحسن أن تغلق الهاتف، أو تضعه في جيبك أو حقيبتك.

ـ لا تجرِ اتصالا عبر الموبايل من أماكن غير لائقة، كالمراحيض مثلاً، وذلك احتراما للشخص الآخر الذي تحدثه.

ـ لا تطل الحديث على الموبايل، وليكن شعارك (خير الكلام ما قل ودل) فأي كلام أو حديث آخر مهم يستحسن اجراؤه وجها لوجه مع الشخص المعني، لأن نبرة الصوت وملامح الوجه تلعب دورا كبيرا في عملية التواصل مع الآخر، وقد يساء فهمك عبر الهاتف بفعل عوامل خارجية مختلفة تؤثر سلبا في مجرى الحديث.

ـ لا تتحدث على الموبايل أثناء القيادة، وذلك حفاظا على حياتك وحياة الآخرين، أنت حتما لا تريد التسبب في أي اذى ولا ترغب في إجراء اتصال ضروري، إركن سيارتك جانبا وقم باتصالك، أو استخدم سماعات البلوتوث فهي أكثر أمانا.

ـ إحترم التعليمات التي تطلب إغلاق الهاتف في بعض الأماكن، مثل الطائرات والمسارح أو دور السينما، أو المستشفيات، كيلا تكون سبباً في مضايقة أحد أو تعريض حياته للخطر.

ـ لا ترد على الهاتف أثناء قيامك بعمل آخر، كتحدثك مع موظف البنك أو البائع إذ من غير اللائق عدم إعطاء اهتمامك الكامل الأشخاص الذين يقومون بتلبية مطالبك.

آداب الرسائل النصية القصيرة

أصبحت الرسائل النصية القصيرة عبر الهاتف (SMS) شكلا من أشكال التواصل الحديث بين الناس، وعلى غرار الموبايل والمحادثات الهاتفية، على مستخدمها أن يلتزم ببعض الضوابط، والقواعد السلوكية التي تتعلق بكيفية استخدام الرسائل، ومتى يجب أرسالها أو الرد عليها.

ـ تتميز الرسائل القصيرة بسرعة وسهولة إيصال المعلومة. لكن تذكر أن بعض المعلومات المهمة تحتاج إلى شرح مفصل، ولا يجوز نقلها أو إيصالها عبر الـ (SMS).

ـ لا تستخدم خدمة الرسائل القصيرة عبر الهاتف لإلغاء موعد ما، فهذا تصرف غير لائق، ويفضل دوما الإعتذار، بأجراء اتصال هاتفي بالشخص أو الجهة المعنية.

ـ إياك أن ترسل رسالة تعزية إلى أحد، فهذا يعد قمة الا تحضر والا احترام.

ـ تفادَ استخدام الرموز، أو اختصار الكلمات لدى كتابتك رسالة نصية قصيرة موجهة إلى شخص طاعن في السن، وغير ملم كثيرا برموز الــ (SMS) خوفا من عدم فهمها، في مثل هذه الحالة احرص على استخدام لغة واضحة توصل المعلومة بطريقة لا لبس فيها.

ـ احرص على قراءة الرسالة النصية القصيرة قبل إرسالها، وتأكد من التهجية السليمة للكلمات. إعلم أن أسلوبك في كتابة هذه الرسائل يعكس شخصيتك، وقد ينقل عنك صورة غير لائقة في حال اخفقت في اختيار الأسلوب الصحيح والسليم.

ـ تفاد كتابة الـ (SMS) وأنت غاضب لأنك متى أرسلتها لن تتمكن من استعادتها.

ـ إعلم أنك متى بعثت رسالتك سيكون في مقدور المتسلم أن يعيد توجيهها إلى أي شخص آخر، لذا كن حذرا فيما يتعلق بالمعلومات الحساسة أو السرية أو الشخصية التي ترسلها.

ـ لا تكتب الرسائل أو تقرأها أثناء قيادة السيارة، أو خلال حضورك اجتماعا أو وجودك مع أشخاص آخرين.

ـ لا ينقل هذا النوع من الرسائل العاطفة جيدا، أو النوايا أو النبرة، لذا كن حذرا فيما يتعلق بالدعابة والعاطفة، واستخدام الرموز للتعبير عن مشاعرك، ولكن احرص على أن يكون متسلم الرسالة يعي هذه الرموز.

المصدر: كتاب قوة التأثير

2022/01/04

للمشاهير البكاء على ’الحفلات’.. وللمؤسسات الدينية إنقاذ ’مرضى السرطان’!

مجرد حفلة وعشرات الجرائم!

بعد مهرجانات الغناء التي أقيمت في العراق وما تمثله من حدث غريب على جو وثقافة هذا البلد ونوعية من تم تصديرهم إلينا والملاحظات التي عليهم من قبل مؤسسات ومواطني بلادهم الأصلية، حصلت موجة اعتراضات من قبل المواطنين والشخصيات المختلفة ولست في مقام تقييم الاعتراضات، لكنها على كل حال تدخل ضمن حرية الرأي المكفولة للجميع والتي لا يمكن أن يمنعها أحد وفق مزاجه الخاص.

[اشترك]

الذي لاحظناه هو موجة أخرى تلَت هذه الاعتراضات والاستنكارات يتم فيها استغلال أي حادثة مؤسفة تقع بالنيل من المعترضين والاستنكار عليهم بأنهم لا يتضامنون مع القضايا الإنسانية ولا يستنكرون الجرائم التي تحصل إلا الحفلات الغنائية، بشكل يوحي بأن المستنكر للحفلات الغنائية راضٍ بالأفعال الشنيعة التي تحصل!

وهذه الملازمة ليست منطقية ولا عرفية ولا تدخل إلا ضمن المغالطات والتحايل.

هل يعلم الجميع أن كل جريمة تحصل سببها تهاون في حكم شرعي صغير تفاقم ليصل الى مصيبة كبيرة، هل يعلم أن كل الانحطاط الأخلاقي الذي وصلنا إليه هو نتيجة الاستهزاء بالأحكام الشرعية وتصغيرها وجعلها مواداً للسخرية وحذفها بدواعي الحريّة الشخصية؟!

هل تعلم أن كل حكم شرعي عنوانه الحرمة هناك عِلل لحرمته ناظرة الى النتائج الخطرة التي سوف يصل إليها المجتمع فيما إذا اقترفه ولم يتحاشاه تسمى بمقدمات الحرام؟

هل تعلم أن كل مجرم ومريض نفسي لم يُخلق بهذا الإجرام الكبير إلا بعد أن اجتمعت جرائم صغيرة تهاون بها مع نفسه وتهاون المجتمع معه!

لقد قرأتُ قبل أيّام مقالاً فيه إحصائية قامت بها إحدى المراكز الأجنبية حول حالات التحرّش في الحفلات الغنائية في عدّة مدن، وكانت الأرقام مُرعبة والنسب كبيرة!

فماذا نرتجي من اختلاط غير محدود وحركات غريبة وطرب ومحتوى الأغاني أن يحصل؟!

ونحن الآن سوف ننتظر حتى تقع حالة تحرش جرّاء هذه الحفلات أو حالات أخرى لنجلس ونتباكى ويُلعن "المجتمع الذكوري" ورجال الدين من قبل صفحات المشاهير والبلوگرات التي لا تجيد سوى استغلال الأحداث وزيادة المنشورات.

متى تفهمون أن الإنسانية ليست في الكلام ولا التباكي وأن السذاجة لا تدوم، فمئات الحالات الإنسانيّة التي نراها من الأيتام والحالات المرضيّة مثل مرضى السرطان والفقراء، لم ترعها وتشفق عليها إلا مؤسسات دينية.

نحن لا نطالبكم بالدعم الحقيقي بل نطالبكم بعدم استغفال الناس وأنفسكم!

 

2022/01/03

عُريّ وتحرّش ونهايات مأساوية: آثار خطيرة لـ ’تيك توك’!

الآثار الاجتماعية لتطبيق تیك توك

تتراوح الآثار الاجتماعية للتطبيق بین الإدمان والنبذ الاجتماعي وغیر ذلك وهو ما یمكن الوقوف علیه تفصیلاً على النحو التالي:

[اشترك]

1ـ تحدیات خطرة: في "التیك توك" یمكن للمستخدمين الاشتراك في خمس تحديات مختلفة.

(In MyFeelingaschallenge) وهي تحديات التي حظى بعضها بشهرة واسعة، مثل التحدي الذي اجتاح مختلف وسائل التواصل الاجتماعي وعرف باسم " كیكي" (وتطلب الرقص خارج السیارة أثناء سيرها لیتسبب في موت البعض)، بحانب تحدي (Oh Nanana) الذي تطلب أداء حركات راقصة على أنغام الأغنیة نفسها وهو ما أسفر عن كسر كاحل" سابفیر تشارلزوث" من مقاطعة دور هام شمال شرقي انجلترا أثناء تصویر الفیدیو، وتطلب بدوره إجراء جراحة لها.

(breaker Skull) أحد أخطر التحدیات الذي لقي شعبیة كبیرة على التطبیق ویعد تحدي على الرغم من خطورته التي تصل إلى حد الوفاة من ناحیة، وبدایته على سبیل الدعابة بین طالبین في إسبانيا فبموجب ذلك التحدي، يحاول من ناحیة أخرى شخصان عرقلة الثالث أثناء قفزه، وهو ما أسفر عن إصابات عدیدة وخطیرة للعدید من المشاركین وبخاصة في الظهر والرأس، وهو ما حذر منه الأطباء لما قد تنجم عنه من إصابات قد تصل إلى ارتجاج المخ والشلل والوفاة.

وعلى الرغم من ذلك یجدر القول إن تلك التحدیات بشكل عام تمنح التطبیق خصوصیة تضیف إلى جاذبیته، وتدفع المستخدمین لإنشاء محتویات جدیدة ومشاهدة محتوى الآخرین.

وبجانب التحدیات الخطیرة نسبیا، تتعدد بالمثل التحدیات الهادفة على التطبیق والتي منها- على سبيل المثال

Style not Fashion الذي یهدف إلى توعیة الشباب بمخاطر مواكبة الموضة والشراء المتزاید للأزیاء على البیئة، ویشجع على إعادة تدویر الملابس للحد من تلوث البیئة.

2ـ النبذ الاجتماعي: اقترن القبول المجتمعي إلى حد بعید بعدد المتابعین، فإذا كان قلیلا أو معدوما، شعر المستخدمون بأنهم منبوذون لا یرغب أحد في صداقتهم، وهو ما قد یسفر عن الوحدة والاكتئاب ویدفعهم إلى مقارنة أنفسهم بأصدقائهم، بل وجذب الانتباه بأي طریقة ممكنة لیتحول إلى محاولات بائسة وخرقاء للفت الانتباه.

ویعد ارتداء الملابس الضیقة والخفیفة أحد أسهل الوسائل لزیادة أعداد المعجبین، إذ تجذب تلك النوعیة من الفیدیوهات ذوي النفوس الضعیفة لتتجاوز مشاهداتها مئات الآلاف.

أو بعبارة أخرى، یدخل المستخدمون سباقا محتدما للتميیز عن الأقران من مستخدمي التطبیق، ودون تحقیق الشهرة أو امتلاك قاعدة عریضة من المعجبین قد یشعرون بالإحباط أو النبذ الاجتماعي وهو ما یعني أن "التیك توك" تطبیق للباحثین عن الشهرة التي لا یسهل تحقیقها على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل (فیسبوك سنابشات انستجرام) مقارنة بهذا التطبیق، وهو ما قد یسفر في المقابل إدمانه.

3 - الحسابات الوهمیة: یتستر كثیرون خلف حسابات وهمیة للتنمر والتحرش بالمستخدمین، عبر الرسائل والتعلیقات، مع الأخذ في الاعتبار أن تحویل الحسابات إلى حسابات مغلقة للأصدقاء فحسب لا یحول دون ظهور صورة البروفایل والمعلومات أسفله للجميع، وهو ما یمكن فهمه بالنظر لطبیعة المستخدمین، فیمكن لأي شخص إنشاء حساب على التیك توك بشرط عمره 13 عاما، ومع ذلك تتراجع فعالیة الضوابط التي تحول دون تسجیل من قلت أعمارهم عن ذلك فمع تنامي أعداد المستخدمین صغار السن، أفادت بعض التقاریر لاسیما في الهند والبرازیل وبعض الدول العربیة باستدراج الأطفال عن طریق التطبیق والاعتداء علیهم بل وقتلهم في بعض الحالات، وهو ما دفع الهند إلى التحذیر من مخاطره، ویساهم في ذلك تراجع الرقابة الأبویة على التطبیق إلى حد بعید، وهو ما یسفر بدوره عن تعرض المراهقین وصغار السن لفیدیوهات غیر لائقة.

وعلى خلفية ذلك أعلن التطبیق في فبرایر الماضي عن إضافة خاصیة "وضع الأمان العائلي" التي تمكن أولیاء الأمور على الرقابة الصارمة على سلوكیات أبنائهم وتمكنهم أیضا من ربط حسابات أبنائهم بجانب تشغیل الممیزات وإیقافها عن بعد.

4ـ العزلة الاجتماعية: رغم أن التطبیق یدور حول التواصل الاجتماعي مع الجمهور، إلا أنه في الواقع یمیل مستخدمیه إلى العزلة الاجتماعية لدرجة أنهم لا یستطیعون الاهتمام بالعلاقات التي یحیطون بها ویفضلون الشاشة عن تلك.

5ـ مضیعة للوقت والطاقة: یقضي مستخدموه ساعات طویلة على هو التطبیق، ویستنزفون الكثیر من الوقت المال بلا نتیجة ورغم أن البعض قد یجني من ورائه المال ولكن لیس الكل، فهناك مخاطرة بأن المتابعین قد یحبون أو لا یحبون. وعندما لا تقدم ما یریدون فإنك لا تحصل على أي شيء في المقابل.

6ـ العري والدعارة: رغم أن التطبیق لم یكن یقصد استخدامه بهذه الطریقة إلا أننا نشاهد بعض الفتیات الصغیرات یظهرن أجسامهن أثناء الرقص لإرضاء الجمهور في بعض الأحیان، ویقدمن هذا تحت ضغط متابعة المعجبین ولا یردن أن یخسرن لزیادة نسب المشاهدة.

7ـ مصدر التحرش: نظراً لأن التطبیق یسمح لك بمشاركة جمیع أنحاء العالم، فإن فرص التحرش اللفظي والجسدي موجودة، ویعد النقد على الشاشة أمراً طبیعیاً، ولكن قد یصادف نفس الأشخاص في الحیاة وقد یمثلون تهدیدا لهم.

8ـ النرجسیة: معظم مستخدمي التطبیقات مهووسون بنفسهم، قد تعرف صدیقا من مستخدمي التيك توك وكل ما یطلبونه هو تصویر مقطع فیدیو لهم أثناء قیامهم بكل تلك الأعمال المجنونة التي یعتقدون أنها تجعلهم یبدون جذابین.

9ـ الألم الذاتي وتعذیب النفس: مستخدمو TIKTOK تجاوزوا الآن حد إیذاء النفس، أصبحت مقاطع الفیدیو الخطرة، والرقص أمام القطارات والسیارات، والتعذیب لإظهار النفس وزیادة المتابعین.

10- الاكتئاب: مستخدمو هذا التطبيق إذا فشلوا في تحقیق رغبتهم في القبول ینتج عن ذلك التوتر والضغط والاكتئاب.

11 - النهایات المأساویة والسجن: قد یصل جذب انتباه المتابعین إلى المشاهد الفاضحة والتي تؤدي إلى قضایا مخلة بالشرف أو الدعوة إلى الفسق والأمثلة أمام أعین كل أسرة تخشى على أبنائها من تركهم بمفردهم بدون رقابة على هذا التطبیق.

المصدر: من بحث أكاديمي بعنوان "اتجاهات الشباب نحو استخدام التيك توك وعلاقته بالقيم"

 

2021/12/27