لماذا تُكسر أختام المجتهدين ومراجع الدين؟!

موقع الأئمة الاثني عشر
زيارات:4592
مشاركة
A+ A A-

بالمطرقة والسكين ووسط جمع من أساتذة وطلبة الحوزة العلمية في النجف الأشرف كسر آية الله السيد محمد تقي الحكيم خاتم المرجع الديني الراحل آية الله السيد محمد سعيد الحكيم (قدس سره) وختم مكتبه في عرف حوزوي دَرَجت عليه الحوزة العلمية بعد وفاة المجتهدين ومراجع الدين.

اشترك في قناتنا ليصلك كل جديد

وتمارس الحوزة العلمية منذ قرون هذا الطقس الحوزوي لكنه لم يكن شائعاً في الأوساط الشعبية وبين عامة الناس قبل العام الماضي بعد وفاة آية الله السيد محمد رضا الخرسان (رحمه الله)، وتداول صور لعملية كسر خاتمه على يد المرجع الكبير الراحل السيد محمد سعيد الحكيم (قدس سره).

منع الاستغلال

وتعود أسباب عُرف "كسر الخاتم" الى عدة أسباب في مقدمتها قطع الطريق أمام من يريد استغلال ثقة الناس بالمجتهدين او المراجع العظام، وفقاً لأستاذ الحوزة العلمية آية الله السيد محمد صادق الخرسان.

ويضيف السيد الخرسان، وهو نجل آية الله الراحل محمد رضا الخرسان (قدرس سره) في حديث لـ "الائمة الإثنا عشر"، ان الختم يستعمل لتوثيق ما يصدر عن شخص معين أو جهة معينة، ليكون هذا التوثيق بطريقة أبعد عن التزوير؛ لأن الختم عادة يحمله الشخص نفسه، ولا يعطيه لغيره. وحتى أختام الدوائر الرسمية تكون في عهدة شخص مؤتمن عليها؛ لئلا يستعملها كل أحد ويُسئ استعمالها أو يستغلها لمنافع معينة.

ويشير الى انه في حياة والده "عرفنا في حياته أن بعض الأشخاص ادعى أن والدي يشهد له بالاجتهاد، أو بالسيادة، أو أنه شهِد على وصيته مع أنه لم يحدث ذلك مطلقاً لهؤلاء المدّعين وقد كذّبنا في حينها دعاواهم".

ما الذي يميز ختم المرجع؟

وعن الفرق بين ختم المرجع وختم المجتهد، يوضح السيد الخرسان، انه لا يتحدد امتلاك أحد للختم بدرجة علمية معينة، بل يظهر من الوثائق العراقية وغيرها أن الختم كان يستعمله جميع فئات المجتمع ومن القديم، كما يُلحظ لدى القدماء من البابليين والآشوريين حين تراجع الآثار العراقية في المتحف العراقي وغيره، ولو لسهولة إنجاز التوثيق به؛ لأنه كالتوقيع أو البصمة الآن.

ويمضي بالقول، ان الناس لم يستغنوا عن الختم حتى مع وجود التوقيع، كما يحصل في توثيق الشهادات الجامعية أو ما يكتبه الأطباء وغيرهم. فالختم على الوثيقة اعتراف الشخص أو الجهة بصحة صدورها وعليه فالختم يستعمله المرجع والمجتهد وغيرهما من أفراد الناس.

ويلفت سماحته، الى ان المرجع او المجتهد يختص بشيء، وهو أنه بموته يُبادر أولاده ويُسرعون إلى الإعلان عن كسره؛ لئلا يستعمله أحد فيزوّر عن والدهم شيئاً بعد موته لم يصدر منه في حياته.

موضوعية وشفافية

ويبين، أن كسر الختم وعدم إبقائه في متحف خاص أو عام، يمثِّل إعلاناً عن إنهاء هذا الملف تماماً، وبالتالي فهو مؤشر إيجابي على موضوعية الولد، وشفافية تعامله مع هذه القضية المهمة التي لا تحتمل التأخير.

ويتحدث السيد الخرسان عن كسر خاتم والده الراحل قائلاً، ما تميزت به عملية كسر ختم المرحوم الوالد السيد محمد رضا الخرسان، هو تصويرها المباشر وتناقله في صفحات التواصل، مما حقق انتشاراً واسعاً بين صفوف الناس الذين لم يطلعوا على الموضوع بحكم عدم احتكاكهم، وإلا فهو ليس الأول بل يوجد الآن في النجف الأشرف علماء على قيد الحياة حفظهم الله قد حضروا مجالس كسر ختم المراجع كالسيد الخوئي والسيد السبزواري والشيخ علي الغروي وغيرهم، كما يمكن البحث في الإنترنت عن مقاطع تعرض مثل ذلك قد حدث قريباً في مدينة قم المقدسة.

وبحسب السيد الخرسان، فإن والده الراحل كان يستخدم الختم عند إعطائه وصولات قبض الحقوق الشرعية منذ أيام حياة أستاذه السيد الخوئي، ولم يحدث ذلك متأخراً، لكن ما استجدّ هو أنه كان يرى رحمه الله ضرورة صرف الشخص بنفسه لخُمسه في البلد، وعدم نقلها عنه، حتى إذا حصل اكتفاء ذاتي لفقراء البلد فيتم نقله إلى فقراء بلد آخر محتاج للدعم المالي.

عُرف حوزوي

ويقول الأستاذ في الحوزة العلمية الشيخ قيصر الربيعي في حديث لـ "الائمة الاثني عشر"، ان الختم هو وسيلة للتوثيق يستخدمها المرجع والمجتهد والمعلم والطبيب واستاذ الجامعة والوزير ومدير الشركة، وهو ليس أمر مستحدث بل يستخدمه الناس منذ القدم.

ويضيف الربيعي، أن المرجع يستخدم الختم لتوثيق شخصية معينة او عند استلام الحقوق الشرعية، او عند إثبات نسب عشيرة معينة، او إثبات اجتهاد شخص معين، او عند إصدار فتوى او بيان معيناً يوثّق ذلك بختمه الشريف الذي يحمل عادة اسمه الشريف

صون الأمانة

ويشير الربيعي، الى ان العادة جرت في الأوساط الحوزوية انه إذا توفي مرجع ديني يبادر نجل المرجع أو اولاده بحضور شخصيات علمائية متعددة او مراجع دين عظام الى تقديم الخاتم الى احد العلماء الحاضرين ويطلب منهم ان يقوموا بكسره، ولا يقوم بذلك نجل المرجع بل احد العلماء او المجتهدين الموجودين احتراماً للمجتهد ومكانته.

ويؤكد أستاذ الحوزة العلمية، ان تطبيق هذا العرف انما هو صون للأمانة، فقد يقوم شخص ما توسوس له نفسه ان يستلم حقاً او يوثّق شخصاً فيستخدم ذلك الختم الشريف، فهي مبادرة لصون الأمانة وقطع الطريق أمام من كل من تسوّل له نفسه استغلال هذا الخاتم.

المصدر: الأئمة الاثنا عشر

مواضيع مختارة