ترجمات
وثائق: الأمريكيون استخدموا «الأطفال السود» طُعماً لاصطياد التماسيح

مترجم:

- الآراء الواردة في هذا المقال لا تمثل بالضرورة رأي موقع "الأئمة الإثني عشر"

كشفت وثائق صادمة إلى أن الامريكيين استخدموا الأطفال السود طُعماً لاصطياد التماسيح في عصر العبودية وحتى القرن العشرين.

[image] - new.local

وأفادت التقارير أنَّ الصيادين البيض الباحثين عن الربح استخدموا «أطفال الرقيق» السود لجذب التماسيح من المستنقعات، ومن ثم قتلها واستغلال جلودها.

ادعى كثير من الناس، بمن فيهم أولئك الذين يقيمون في بلدة تدعى تشيبلي في فلوريدا حيث وردت التقارير، أنَّ المقالات التي تتحدث عن استخدام الأطفال كطعم التماسيح مزيفة وسخيفة.

ومع ذلك، فإنَّ الوثائق المجمعة من مقالات الصحف في متحف جيم كرو للعنصرية يبدو أنَّها تؤكد وقوع هذا الفعل الشنيع.

أطفال السود طعم للتماسيح

[image] - new.local

في القرنين التاسع عشر والعشرين، كان صيد التماسيح مربحاً للغاية حيث استُخدمت جلودها في صناعة الحقائب والأحزمة والأحذية وغيرها من الأشياء، إلا أنَّ هؤلاء الصيادين البيض غالباً ما فقدوا أذرعهم وأحياناً أرواحهم «وهم يتسللون في مياه المستنقعات ليلاً في محاولة لسحب التماسيح إلى البر».

وهكذا فعلوا ما لا يمكن تصوره: استخدموا أطفال الرقيق السود المستعبدين كطُعم.

في مقال لصحيفة Washington Times بتاريخ 3 يونيو/حزيران 1908، أرسل أحد حراس حدائق حيوانات نيويورك طفلين أسودين في حاوية تضم أكثر من 25 تمساحاً عادياً واستوائياً.

طاردت الزواحف الجائعة الأطفال، وفي أثناء ذلك، أُقتيدت التماسيح خارج بيت الزواحف الذي أمضوا فيه الشتاء، ونُقِلوا إلى بركة حيث يمكن رؤيتهم خلال فصل الصيف.

وورد في المقال ما يلي: «حدث وأن أُلقي بطفلين صغيرين في بيت الزواحف وسط حشود الزائرين، وزُجَّ بهم في الخدمة. تحركت التماسيح بكل سرعتها وراء الطفلين اللذين اندفعا في جميع أركان البركة في الوقت الذي سقطت فيه هذه الوحوش المطاردة في الماء وهي تُهمهم بأصوات توحي بالغم والكآبة. وهكذا تم استدراج التماسيح إلى مأواهم الصيفي باستخدام «الأفارقة الصغار ممتلئي الجسم».

كانوا يربطون الحبل حول رقاب الأطفال وخاصرتهم، بينما كانوا يصرخون حتى «تهاجم التماسيح أحدهم»/ theundefeated.com ظنَّ حارس الحديقة أنَّ التماسيح الاستوائية والعادية كانا لديهما «ولع مترف بالإنسان الأسود».

لم يذكر المقال ما إذا كان حارس الحديقة المذكور قد تعرض للعقاب، مما يؤكد الاعتقاد بأنَّ حياة هؤلاء الرضع والأطفال ربما لم تكن تستحق ذلك.

غير أنَّ حارس الحديقة لم يكن وحيداً في هذا الأمر، إذ قيل إنَّ هذه الممارسات غير الإنسانية قد حدثت في منطقة إيفرجليدز التي تحوي المستنقعات العشبية في الطرف الجنوبي من ولاية فلوريدا الأمريكية.

أكثر من صحيفة توثق الممارسة

الرواية نفسها أكدتها مجلة Time، التي نشرت عام 1923 أنَّ «الأطفال الملونين كانوا يستخدمون كطعم للتماسيح» في تشيبلي في فلوريدا.

«كان يُسمح للأطفال الرضع باللعب في المياه الضحلة بينما كان يراقبهم رجال السلاح المحترفون من مكان قريب متَخَّفي. وعندما يقترب التمساح من هذه الفريسة، يطلق الصياد النار عليه».

ووفقاً لمقال نشرته صحيفة Miami New Times، كان صائدو التماسيح أطفالاً  باكين لم يكن بمقدورهم المشي على حافة الماء.

كانوا يربطون الحبل حول رقاب الأطفال وخاصرتهم، بينما كانوا يصرخون حتى «تهاجم التماسيح أحدهم».

لم يقتل الصيادون التمساح إلا بعد أن يكون الطفل بين فكيه، وطبعوا كروت بريدية وصور وحُلي لتخليد ذكرى هذه الممارسة.

تزعم مقالات أخرى أنَّ الرضع السود لم يُستخدموا بانتظام كطُعم للتماسيح فقط بل كانوا «يُسلخون أحياء» تحضيراً لذلك.

الأدلة في الصور والبطاقات والأغاني

[image] - new.local

موقع face2faceafrica.com جمع هذه الوثائق، معززا إياها بمعروضات متحف جيم كرو للتذكارات العنصرية في ميشيغان.

«في رفوف المتحف تقبع صور كاريكاتورية للأطفال السود (وأحياناً البالغين السود) إلى جانب العديد من الصور النمطية عن «البيكانينيز» (تمويه عنصري يُطلق على الشباب الأمريكيين من أصل أفريقي) وهم يتحدثون الإنجليزية المكسورة، ويأكلون البطيخ، ويصطادون الأبوسوم الذي يشبه الفأر، وما إلى ذلك، وتجسدهم وهم طعم رخيص لا قيمة له يُقدم للتماسيح، بحسب الروايات.

ويمكن التعرف على فعل استخدام الأطفال السود «كطعم للتماسيح» في الصور المتحركة والأغاني الشعبية مثل أغنية الأطفال «Mammy’s Little Alligator Bait»، من تأليف هنري وايز وسيدني بيرين في عام 1899.

ومع ذلك، بالنسبة لبعض الأشخاص، لا يوفر وجود هذه الوثائق أدلة كافية على استخدام الأطفال السود كطُعم للتماسيح.

أياً كانت الطريقة التي ينظر بها المرء إلى هذا الماضي المظلم، فهذه الأخبار تعزز الروايات الخاصة بكيفية النظر إلى السود على أنهم «غير آدميين» والذين غالباً ما تم تصويرهم على أنَّهم «مخلوقات وحشية لا قيمة لها».

هذا الخبر يذكر الجميع بالجرائم التي ارتكبت ضد السود والبشاعة العنصرية التي سادت في ذلك الوقت.


-نقلاً عن "عربي بوست"

 

2019/07/22

للنساء فقط: 3 طرق للتغلب على «تقلصات» و «آلام» الدورة الشهرية

مترجم:

أحيانًا ما تعرقل الدورة الشهرية لدى النساء سير حياتهن الطبيعي. في هذا التقرير المترجم جمعت صحيفة «الجارديان» البريطانية مجموعةً من النصائح من طبيبات نساء، من تناول الزنجبيل إلى ممارسة التمارين إلى المسكنات.

تحدثت الدكتورة كارولين أوفرتون، الاستشارية في أمراض النساء والمتحدثة باسم الكلية الملكية لأطباء النساء والتوليد، إلى «الجارديان»، وقالت: إن «تقلصات الحيض تحدث عندما يضيق جدار عضلات الرحم لتشجيع بطانة الرحم على السقوط».

وأضافت: «ينتج الإحساس بالألم عن تقلص الجدار ضاغطًا على الأوعية الدموية، التي تقطع عن الرحم إمدادات الدم بشكل مؤقت، وبالتالي الأكسجين». وتؤكد كارولين أن الدورة الشهرية يجب ألا تعرقلك عن ممارسة حياتك اليومية أو العمل دائمًا.

وقالت: «إذا كنت مضطرة لتغيير الطريقة التي ترتدين بها ملابسك أو الغياب عن العمل أو الأنشطة الاجتماعية والتخطيط لحياتك طوال فترة الدورة الشهرية، فإن دورتك الشهرية ليست طبيعية». وأشارت «الجارديان» إلى أن ما يصل إلى 20٪ من النساء يعانين آلامًا حادة خلال فترة الطمث، لافتةً إلى أن الأطباء قد يقترحون أقراص منع الحمل الفموية المركبة أو غرسات منع الحمل أو الحقن أو اللولب الهرموني.

جربي الزنجبيل لحدة التقلصات

قالت الدكتورة أنيتا ميترا، طبيبة أمراض النساء ومؤلفة كتاب «The Gynae Geek» لصحيفة «الجارديان»: «إن المسكنات التي لا تحتاج إلى وصفة طبية مثل الباراسيتامول والإيبوبروفين غالبًا ما تكون كافية لكثير من النساء، طالما تؤخذ بجرعة صحيحة، ويمكن أخذ الاثنين سويًا بأمان».

وأشارت الصحيفة إلى دراسة أجريت عام 2012 كشفت تأثير الزنجبيل على تقلصات الدورة الشهرية المؤلمة إذ ركزت على تأثيره المهم من الناحية الإحصائية في تخفيف شدة الألم ومدته. ذكرت المشاركات في مجموعة الدراسة اللواتي تناولن مسحوق الزنجبيل أنهن عانين ألمًا أقل مقارنة بالمشاركات في المجموعة الثانية؛ مما يشير إلى أنه يمكن أن يكون فعالًا إذا جرى تناوله في بداية الدورة الشهرية أو قبلها بثلاثة أيام.

جربي بعض التمارين البسيطة

قالت الدكتورة أنيتا: «أظهرت دراسات مختلفة أن النساء اللائي يمارسن التمرينات قد يتعرضن لدورة شهرية أقل إيلامًا، لكن من المهم الإشارة إلى أن تلك النساء مارسن الرياضة على مدار الشهر»، على الرغم من أنها قالت: «إن النساء يجب ألا يشعرن بالسوء إزاء عدم ممارسة الرياضة خلال فترة الحيض إذا لم يعجبهن ذلك».

وذكرت صحيفة «الجارديان» أيضًا اقتراح هيئة الخدمات الصحية الوطنية بالمملكة المتحدة بممارسة تمارين لطيفة، مثل السباحة أو المشي أو ركوب الدراجات. وقالت كارولين: «إن طرق التدليك والاسترخاء مثل اليوغا أو البيلاتس يمكن أن تكون مفيدة أيضًا في معالجة آلام الدورة الشهرية».

حافظي على الترطيب واستخدمي الحرارة

قالت الدكتورة كارولين: «يمكن للجفاف أن يجعل التقلصات أسوأ، لذا يجب على النساء التأكد من شرب الكثير من الماء، وتناول الكافيين باعتدال». بالإضافة إلى فائدة الماء، يمكن أن يكون شاي الأعشاب مفيدًا. يمكن أن تكون الحرارة فعالة أيضًا في تخفيف التقلصات، إذ قد يكون من المفيد استخدام حمام دافئ أو دش، أو قربة ماء ساخن، وكذلك لصقات الحرارة والكريمات لتخفيف آلام العضلات.


*نقلاً عن ساسة بوست

2019/07/21

صحيفة أسترالية: ملابس النساء المغرية تحرش جنسي تجاه الرجال

في مقال نشر على صحيفة سيدني مورنينغ هيرالد الأسترالية المضغوطة كتبت الأخصائية النفسية الأسترالية بيتينا أرندت) Bettina Arndt الحاصلة على شهادة الماجستير في علم النفس والتي تعمل في مجال الاستشارات الجنسية وكتابة المقالات الصحفية):

اÙصÙرة اÙرئÙسÙØ©

"لبس المرأة للملابس المثيرة والمغرية هو بمثابة تحرش جنسي بيولوجي تجاه الرجال"، وأن ارتداء المرأة لتلك الملابس الفاضحة هو يعد عنفاً نفسياً ضد الرجال!!، واضافت أن النساء يمارسن فعل يتّسم بالازدواجية والتناقض عندما يقررن ارتداء ملابس مثيرة و”جذابة” ثم يتذمرن من انجذاب الرجال نحوهن ونظرهم إلى اجسادهن!

ولفت إلى أن النساء اللواتي يعرضن أنفسهن دون أن يتوقعن ردة فعل عكسية يمارسن فعل غير مهذب وغير مدروس، مؤكدة إنه بمثابة عمل عدواني يستخدمن فيه قوة جنسهن كسلاح ضد الجنس الآخر.

وتقول الكاتبة في العنوان الفرعي المقتبس من كلامها: إن النساء هذه الأيام يشعرن بشكل كبير بحريتهن في ارتداء ما يروق لهن لكنهن يشعرن بالاستياء إذا ما جذبت تلك الملابس نظرة "الرجل الخطأ".

واقترحت بيتينا أرندت عمل تعديلات على قوانين التحرش الجنسي بحيث تلزم النساء بارتداء ملابس لائقة وغير مستفزة !


* لقراءة المقال الأصلي: Busted: the politics of cleavage and a glance

 

 

2019/06/04

مترجم: من بيوت النمل الأبيض.. كيف تصمم مبنىً يبرد نفسه؟!

المحاكاة الحيوية: مبنى «الإيست جيت» إنموذجاً

اصدرت منظمة ناشيونال جيوغرافيك الأمريكية الشهيرة المتخصصة في الجغرافيا والعلوم الطبيعية والدعوة للحفاظ على البيئة والثقافة الإنسانية فيلماً قصيراً عما يعرف بالمحاكاة الحيوية Biomimicry وهو عملية تقليد التصاميم الطبيعية الموجودة في الكائنات التي صنعها الله والاستفادة من روعتها ودقتها في الابتكارات البشرية.

في زيمبابوي، يوجد مبنى فريد تم تصميمه لتبريد نفسه بدون نظام تكييف كبير. إنه لأمر مدهش كيف يمكن للهندسة المعمارية السليمة أن تجعل المبنى أكثر اقتصادية وأكثر راحة وأكثر مراعاة للبيئة. هذا المشروع بالذات مستوحى من تلال النمل الأبيض وأشكالها الطبيعية المدروسة جيدًا.

في عام 1991، واجه المهندس المعماري ميك بيرس مشكلة. قامت مجموعة استثمار في هراري (زيمبابوي) بتعيينه لتصميم أكبر مبنى للمكاتب والمحلات في البلاد. لكنهم لا يريدون أن يدفعوا ثمن مكيف الهواء باهظ الثمن، اللازم لتبريد مثل هذا المبنى الكبير. ترك ذلك بيرس في تحدٍ مستحيل على ما يبدو: كيف تصمم مبناً يبرد نفسه؟

هذا هو تل النمل الأبيض. يعيش الملايين من النمل الأبيض داخل هذه الهياكل، بعضها يمتد الى ارتفاعات مذهلة تصل الى 30 قدم. على الرغم من أن ناطحات السحاب هذه قد تبدو صلبة من الخارج، إلا أنها مغطاة بالفعل بثقوب صغيرة تسمح للهواء بالمرور بحرية. كرئة عملاقة يشهق الهيكل ويزفر مع ارتفاع درجات الحرارة وانخفاضها على مدار اليوم. ألهمت تهوية النمل الأبيض بيرس هذه على استخدام منهج يعرف باسم "التقليد الأحيائي"، وهو تقليد البراعة الموجودة في الطبيعة لحل المشكلات الإنسانية.

اÙصÙرة اÙرئÙسÙØ©

تعرف على مركز إيست جيت. المبنى مصنوع من ألواح خرسانية وطوب. تماماً مثل التربة الموجودة داخل تله النمل الأبيض، تحتوي هذه المواد على كتلة حرارية عالية، مما يعني أنها يمكن أن تمتص الكثير من الحرارة دون تغيير حقيقي في درجة الحرارة.

السطح الخارجي للمبنى شائك مثل الصبار. عن طريق زيادة مساحة السطح، يتم تحسين فقدان الحرارة في الليل، بينما يتم تقليل اكتساب الحرارة خلال النهار. داخل المبنى تقوم المراوح منخفضة الطاقة بسحب هواء الليل البارد من الخارج وتفريقه في الطوابق السبعة. كتل الخرسانة تمتص البرودة وتعزل المبنى مبردة بذلك الهواء المتداور. عندما يأتي الصباح وترتفع درجات الحرارة، يتم تفريغ الهواء الدافئ من خلال السقف ويتم إطلاقه بواسطة المداخن.

اÙصÙرة اÙرئÙسÙØ©

بفضل هذا التصميم المبتكر تبقى درجات الحرارة في الداخل عند درجة حرارة مريحة تبلغ 82 درجة فهرنهايت خلال النهار و57 درجة فهرنهايت في الليل. ناهيك عن حقيقة إنه يستهلك طاقة أقل بنسبة تصل إلى 35% مما تستهلكه المباني المماثلة في زيمبابوي.

اÙصÙرة اÙرئÙسÙØ©

منذ افتتاحه في عام 1996، جعل نظام ميك بيرس للتحكم في المناخ الطبيعي بنسبة 90٪ من مركز إيست جيت مركزًا عالميًا للاستدامة. لذا، علينا أن نسأل أنفسنا، إذا كان المهندس المعماري يمكنه تصميم مبنى تبريد ذاتي مزود بنظام تحكم في المناخ مستوحى من النمل الأبيض، فما هي الابتكارات الأخرى التي يمكن أن نستلهمها الطبيعة الأم إذا ما أوليناها اهتمامًا أوثق.

2019/05/02

مترجم: المادية تتكئ على «قصة خيالية» لنشأة الحياة على الكوكب

- ماتي ليسولا و جوناثان ويت

أحد أركان الإيمان المادي هو قصة خيالية حول كيفية نشأة الحياة الأولى على كوكب الأرض. هنا أحد رواياتها:

"من الواضح أن البحار الأولية احتوت على كميات كبيرة من المركبات العضوية المختلفة التي جمعت وشكلت جزيئات عملاقة. أصبحت بعض الهياكل المستقرة بين تلك الأكثر شيوعًا ببطء. خطوة بخطوة من خلال إضافة عناصر جديدة حصلت على هذه الجزيئات خصائص جديدة. تعلمت الحصول على الطاقة الكيميائية من تفاعلات عمليات بنائها الخاصة. أصبح بإمكانها أن تنمو، وتنقسم وتجدد إلى بنى وهياكل مماثلة. ثم بدأت في الحصول على خصائص الكائنات الحية النموذجية"([1]).

عشرات الالاف من طلاب الثانوية الفنلنديين درسوا هذا النص منذ ١٩٧٤من كتاب مادة الأحياء. هذا مثال عن النموذج المسيطر للقصة الخيالية الذي لا يوجد له أساس في القوانين الطبيعية المعروفة، ولا في مبادئ التفاعلات الكيميائية.

فهل تسبب النص بفضيحة؟ هل كل أولئك العلماء القاسين والشائعين الذين يطالبون في أدلة قاطعة تسلقوا الى الحواجز محتجين؟ هل حصل الكتاب على "جائزة الكلام الفارغ"؟

من مجتمع العلماء التطوريين؟ لم يحدث شيء من هذا لان النص يناسب الرأي الطبيعي عن أصل الحياة.

رواية القصص واسعة الخيال عن أصل الحياة، الذي أيضاً يسمى بالتطور الكيميائي، لديها تاريخ طويل. بعد عشر سنوات من ظهور "أصل الأنواع"، الألماني النشوئي ارنست هيكل صنع رسومات تصور أصل الحياة الذاتي، بما فيها ما خمنه عن دورة تكاثر الكائن الوحيد الخلية الذي دعاه مونيرا([2]). ما صوره هنا لم يكن قد اكتشف في ذلك الوقت، ولم يكتشف منذ ذلك الحين، للسبب البسيط الذي هو أنه ليس موجود ولن يكن موجود. فقط كان التفكير الرجائي لمادي ملتزم. 

اÙصÙرة اÙرئÙسÙØ©

الشكل 1.2 - دورة التكاثر المتخيلة للمونيرا كما رسمها ارنست هيكل

في نفس العصر، الانجليزي توماس هكسلي ألقى كلمة في الجمعية الجغرافية الملكية. تحدث هناك عن مادة تشبه الهلام وجدت في بقاع البحر. سماها Bathybius haeckeli إكراماً لهيكل، زميله التابع الدارويني، وأقترح أن طبقة لزجة من هذه المادة تغطي ربما المئات من الأميال (المربعة) في قاع البَحْر. صرح بأنها الرابط المفقود بين المادة غير العضوية والحياة العضوية. في الواقع كانت فقط عبارة عن ترسب شُكِّل عندما تم أضافة الكحول الى مياه البحر([3]). 

ساهم داروين الى هذا التقليد في رواية أصل الحياة بطريقة خيالية في رسالة سنة ١٨٧١ الى جوزيف هوكر:

"يُقال عادةً أن جميع شروط الإنتاج الأول لكائن حي موجودة في الوقت الراهن، ومن الممكن أنها كانت موجودة في أي وقت مضى. لكن فيما إذا – ويا لعظمة قولنا لهذه الـ"إذا"– إذا استطعنا تصوّر أنه في أحد المستنقعات الصغيرة الدافئة الذي يحوي جميع أنواع الأمونيا وأملاح الفوسفور والضوء والحرارة والكهرباء، بحيث يتم تشكيل بروتين جاهز للخضوع إلى تغيرات أكثر تعقيدًا، هذه سوف تتبدد أو تمتص في يومنا الحالي، لكن هذا لم يكن ليحدث قبل تشكل الكائنات الحية"([4]).

العلم التجريبي: ظهور تلقائي للحياة

مؤَكد انه من المعقول، مقابل رواية كهذه، أن نسأل ماذا يقول لنا العلم التجريبي عن أصل الحياة، من غير القصص الخيالية؟ جزء من الجواب هو أن، لبعض الوقت، العلم التجريبي بدا يقدم دعم تمهيدي لفكرة أن الحياة يمكن أن تظهر تلقائياً من مصادر مواد متواضعة.

الصينيون القدماء وجدوا أدلة على أن حشرات المن يمكن أن تولد تلقائياً من الخيزران. وتشير وثائق من الهند القديمة الى التكون التلقائي للذباب من التراب. واستنتج البابليون ان طين القناة يمكن أن يولد الديدان. ووافق مفكرون من مستوى أرسطو على عدم رؤية اسباب للشك في هذه الشهادات القديمة.

بعد ذلك، في عصر النهضة، الكيميائي الطبيب الفلمنكي جان ڤان هلمون كتب تعليمات حول كيفية الحصول على الفئران تخرج من قدور تحتوي على بذور رطبة والخرق القذرة.([5])

ولكن كيفية حدوث كل هذه الأحداث بقي لغزاً.

اكتشاف الكائنات الحية الدقيقة بدأ يلقي ظلالاً من الشك على فكرة أن الحياة تنشأ بانتظام وبسهولة من اللاحياة. في النهاية وعدت الاكاديمية الفرنسية مكافأة لمن يستطيع حل اللغز. لويس باستر حصل على الجائزة بعد ان اظهر بتجربة بارعة أظهرت أن الكائنات الحية-  وبالتحديد في قضيته، الكائنات الدقيقة-  لا تتكون بشكل تلقائي. التجارب في العقود التالية أكدت اكتشافاته. سرعان ما أصبح الرأي السائد: في السياق الطبيعي للأشياء، فقط الحياة تولد الحياة([6]).

لكن لم يتم التخلي عن الأمل على العثور ادلة تجريبية للتشكيل التلقائي للحياة. اتضح الان بأن فكرة الحياة من اللاحياة ليست جزءاً من المسار المعتاد للأشياء، لكن ربما كانت تنتمي الى العالم الاستثنائي ومنذ فترة طويلة، وربما من الممكن اظهار هذا الاحتمال في المختبر. البيوكيميائي الكساندر اوبارين في كتابه الروسي، المنشور عام ١٩٢٤ "أصل الحياة"، قدم فرضية قابلة للاختبار الجزئي عن كيف من الممكن ان يحدث ذلك. وعلى ما يبدو جون هالداين كان على غير علم بعمل اوبارين في اللغة الروسية عندما قدم اقتراح مماثل في اللغة الإنجليزية في ١٩٢٩. وبعد مرور حوالي جيل، في عام ١٩٥٣، أختبر ستانلي ميلر افكارهما.

قد وضعت صورة لمعدات ميلر (انظر الشكل 1.3) في كل كتاب علم الأحياء تقريباً منذ ذلك الحين. والحشود قد انقادت الى الاعتقاد انه بفضل تجربة ميلر تم حل مسألة أصل الحياة الى حد كبير، على الأقل في الخطوط العريضة.  

الأعلان العام في سنة ١٩٦٠ لعالم الحفريات المشهور جورج كايلورد سيمبسون في مجلة العلوم كان نموذجي. كتب سيمبسون" الاجماع هو ان الحياة نشأت بشكل طبيعي من اللاحياة وحتى الكائنات الحية الاولى لم يتم إنشاؤها بشكل خاص، حقاً لقد أصبح الاستنتاج حتمياً، لأن الخطوات الاولى في تلك العملية قد تكررت بالفعل في العديد من المختبرات"([7]). 

ولكن هنا أيضا جئت لأرى أن ما كان تدعيه كل من الكتب المدرسية والمصفقون للمادية العلمية في العلن هو في الحقيقة مختلفٌ تماماً عما كان يقوله المتخصصون العلميون فيما بينهم. من وقت لآخر كنتُ اواجه مقالاً أو كتاباً من قبل بعض العلماء المحترمين في هذا المجال معربين فيه عن عدم إحراز تقدم. وهذه الاعترافات لم تأت بعد أسابيع أو أشهر من تجربة ميلر، ولكن بعد سنوات وعقود.

اÙصÙرة اÙرئÙسÙØ©

صورة ١.٣ رسم تخطيطي لتجربة ميلر 

 


([1]) Veikko Sorsa et al., Lukion Biologia (Helsinki, Finland: WSOY, 1974), 219.

([2]) Ernst Haeckel Natürliche Schöpfungs-Geschichte (Berlin: Reimer, 1868), 184. English version: The History of Creation, trans. E. Ray Lankester (New York: D. Appleton & Co., 1876).

([3]) Willy Ley, Exotic Zoology (New York: Viking Press, 1959), 409–11.

([4]) Charles Darwin to Joseph Hooker, February 1, 1871, in the University of Cambridge’s Darwin Correspondence Project, https://www.darwinproject.ac.uk/letter/DCP-LETT-7471.xml.

([5]) André Brack, “Introduction,” in The Molecular Origins of Life: Assembling Pieces of the Puzzle, ed. André Brack (Cambridge, England: Cambridge University Press, 1998).

([6]) Siegfried Scherer and Reinhard Junker, Evolution - Ein Kritisches Lehrbuch (Gießen, Germany: Weyel, 2013), 90-108.

([7]) George Gaylord Simpson, “The World into Which Darwin Led Us,” Science 131, no. 3405 (1 April 1960): 966, http://science.sciencemag.org/content/131/3405/966.

2019/04/30

اعتقاد يناقض الواقع: الرجال والنساء متساوون.. إنه وهم!

يتناول الأستاذ المساعد في علم اللاهوت والفلسفة في جامعة بيولا، البروفيسور شون ماكدويل[1] في مقالة منشورة على موقع جامعة براغر مشكلة محاولة البعض ازالة الفوارق الجنسانية والجسمانية والبيولوجية والنفسية والاجتماعية بين الذكور والإناث في سعيهم العبثي للمسواة بين الجنسين ودمجهما.

قسم الترجمة في موقع الأئمة الإثني عشر يقدم لكم نص المقال:

تنويه: ما يرد في المقال من بعض المفردات والآراء والمعلومات لايمثل بالضرورة رأي «موقع الأئمة الإثني عشر»

هل الفوارق الجنسانية هي غير مهمة حقاً؟

- شون ماكدويل

هل سبق وان حاولت دفع كرة الشاطئ وغمرها تحت الماء؟ ماذا حدث؟ ستعاود الخروج ثانية! بسبب طبيعتها، لن تبقى كرة الشاطئ مغمورة، الشيء نفسه ينطبق على الرجال والنساء. كل لديه طبيعة مميزة والتي تطفو دائماً على السطح.

ببساطة، الرجال والنساء مختلفون فهيئتهم مختلفة ولديهم أعضاء جسمية مختلفة، وبيولوجيا مختلفة، وهرمونات مختلفة، ويعبرون عن مشاعرهم بشكل مختلف، ولديهم احتياجات ورغبات مختلفة.

الآن، إذا قلت ذلك لجدتك التي لم تذهب إلى الكلية، ولم تستخدم آي فون، ولم وتستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، فستسألك: "لماذا تقول لي شيئا واضحا جدا؟" ولكن إذا قلت نفس الشيء لطالب الدراسات العليا في علم الاجتماع أو الأنثروبولوجيا، ناهيك عن الدراسات الجنسانية، فانهم سيقولون إنك مخطئ.

سيقول طالب الدراسات العليا: "الرجال والنساء متساوون في الأساس، الجنس موجود على الهامش. فهو يتحدد بمشاعر الناس الداخلية". بين الجدة وطالب الدكتوراه في الدراسات الجنسانية، سأذهب مع الجدة وحسها السليم.

إن الاعتقاد بأن الرجال والنساء هم نفس الشيء هو تصديق الوهم، الوهم هو الاعتقاد الذي يتناقض مع الواقع.  يمكنك أن تقول أنك نابليون، لكن هذا لا يجعلك نابليون.  يمكنك محاولة جعل الفتيات يتصرفن كالأولاد بالسلوك الاجتماعي أو جعل الأولاد يتصرفون كالفتيات، لكن هذا لن ينجح.  يمكنك دفع كرة الشاطئ تحت الماء، ولكن ليس لفترة طويلة.

يروي طبيب الأطفال في نيويورك جورج لازاروس قصة زوجين لا يريدان أن تتوافق ابنتهما الصغيرة مع صورة الوردي والأزرق النمطية المعتادة. فاشتروا لها مجموعة من شاحنات الألعاب. ذهب الأب إلى غرفتها للاطمئنان عليها، فأخبرته أن يكون هادئًا – لأن شاحناتها كانت نائمة.

وروى الرئيس السابق لجامعة هارفارد، لورانس سامرز، قصة مماثلة عن ابنتيه التوأمتين اللتان كانتا تعاملان الشاحنة الكبيرة "كشاحنة اب" وهي تحمل الشاحنة الصغيرة وكأنها "طفلتها". امنح صبيًا صغيرًا شاحنة - أو أي شيء آخر - وعاجلاً أم آجلاً، وسيحولها إلى سلاح. هذا هو الواقع.

التصديق بالأوهام تجعل الناس يفعلون ويقولون اشياء حمقاء ومدمرة للذات.

إليك مثال: إذا كان الرجال والنساء متماثلين في الأساس، فهم يتصرفون بنفس الطريقة الجنسية، أليس كذلك؟ لكن هذا غير صحيح. تميل النساء إلى أن يكونوا أكثر انتقائية حول الشركاء الذين يختارونهم. تلك هي الطبيعة الأنثوية. الرجال يميلون إلى أن يكونوا، كما نقول، أقل تميزًا. هذه هي طبيعة الذكور.

ذات يوم، كان هذا يعتبر من الفطرة السليمة. ليس على احد ان يذهب الى الدراسات العليا أو ان يجري دراسة أكاديمية لمعرفة ذلك. ولكن الآن انقلب كل شيء رأسا على عقب. نحن نحاول دفع كرة الشاطئ تحت الماء.

اليوم، طلاب الجامعات من الذكور والإناث الذين عاشوا، قبل 50 عامًا، في مبانٍ منفصلة وكانوا تحت المراقبة، يتشاركون الآن نفس صالات النوم المشتركة وحتى نفس الحمامات.

والجنس - حسنًا، إنه مجرد شكل آخر من أشكال الترفيه الجامعي. فهو لا يعني شيئًا وليس له عواقب - عاطفية أو نفسية أو جسدية.

لكن، بالتأكيد، فيما يتعلق بمعظم النساء، هذا ليس صحيحًا. إذا كان الجنس لا يعني أي شيء، فلماذا تشعر أي امرأة بانتهاكها اذا ما تحرش احد بها؟ هل تعتقد أن الرجل يشعر بنفس الانتهاك اذا ما تحرشت به امرأة؟

هذا أحد الأسباب العديدة التي جعلت الجنس يقتصر تقليديا على الزواج. ولماذا تُظهر الابحاث أن الجنس داخل إطار الزواج أكثر إرضاءً من الناحية والنفسية والجسدية - ناهيك عن الناحية الروحية - عن الجنس خارج إطار الزواج.

أي شخص يخبرك أن الرجال والنساء متساوون في الأساس وأن الجنس لا يعني شيئاً للمرأة كما لا يعني شيئاً للكثير من الرجال فهو لا يقول لك الحقيقة. فهم يقومون باختلاق الامور. وينفذون خططهم واجندتهم. لذلك، ثق بالجدة وفطرتها السليمة. وتذكر كرة الشاطئ.


[1] البروفيسور شون ماكدويل هو أستاذ مساعد في علوم الدفاع عن الأديان بجامعة بيولا.  تخرج من كلية تالبوت اللاهوتية بدرجة ماجستير في الفلسفة واللاهوت.  حصل على الدكتوراه  في علوم الدفاع عن الأديان والدراسات النظريه من المدرسة اللاهوتيه المعمدانيه الجنوبية.  وهو مؤلف ، أو مؤلف مشارك ، أو محرر لأكثر من خمسة عشر كتابًا.

2019/04/28

مترجم: مخترع «آيباد» منع أطفاله من استخدامه.. كيف تحول «فيسبوك» من المتعة إلى الإدمان؟!

إيّاك أن تستهلك المواد التي تبيعها للناس([1])

في مُؤتمر شركة آبل التعليمي([2]) في يناير 2010 قدّم ستيف جوبز جهاز "الآيباد" الى العالم قائلاً:

"ما يفعله هذا الجهاز هو أمر فوق العاديّ.. أمرٌ استثنائيّ.. إنه تجربة لا تصدّق.. إنّه مدهش في المراسلة.. إنّ استخدامه يشبه الحلم…"

ولمدة تسعين دقيقة ، قام جوبز بشرح كيف يوفر لنا الآيباد الطريقة المُثلى للنظر إلى الصور ، والاستماع إلى الصوتيات، واخذ الدروس عبر الإنترنت عن طريق تطبيق اى تيونز يو([3])، وتصفح الفيسبوك، وممارسة الألعاب، والتعامل مع الآلاف من التطبيقات، كان جوبز يعتقد أن على الجميع اقتناء اجهزة الآيباد اللوحية.

لكنّه رفض أن يسمح لأطفاله باستخدام الآيباد.

مخترع آيباد لا يسمح لأطفاله باستخدامه!

اÙصÙرة اÙرئÙسÙØ©

في أواخر عام 2010، أخبر جوبز الصحفي نيك بيلتون([4]) الذي يعمل في النيويورك تايمز، إن أطفاله لم يستخدموا جهاز الآيباد، حيث قال "نحن نحد من حجم التكنولوجيا التي يستخدمها أطفالنا في المنزل". اكتشف بيلتون، بعد ذلك، أن عمالقة التكنولوجيا الآخرين – غير جوبز – فرضوا قيودا مماثلة. فقد قام كريس أندرسون، المحرر السابق لمجلة وايرد، بفرض قيود صارمة على كل جهاز في منزله، معلّلاً ذلك بقوله "لأننا شهدنا مخاطر التكنولوجيا (الرقمية) بشكل مباشر". ولم يسمح أبداً لأطفاله الخمسة باستخدام الأجهزة اللوحية في غرف نومهم. اما مُؤسس منصات بلوغر وتويتر وميديم، إيفان ويليامز، فقد وفر لولديه الصغيرين مئات الكتب المطبوعة التي يُمكنهم الحصول عليها وقراءتها في أي وقت. بدلاً من إعطائهما أجهزة الآيباد اللوحية. وتتبع المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة "سوزرلاند غولد كروب" للعلاقات الإعلامية، ليزلي غولد، قاعدة صارمة بعدم استخدام الأطفال الأجهزة خلال أيام الأسبوع.  ولا تخفف من حدة موقفها إلا عندما يكونون بحاجة إلى أجهزة الكمبيوتر للعمل المدرسي. اما والتر إيزاكسون، الذي تناول العشاء مع عائلة جوبز أثناء بحثه في السيرة الذاتية لستيف جوبز، فقد أوضح بدوره للصحفي بيلتون: "أن أطفال جوبز غير مُدمنين على الإطلاق لهذه الأجهزة فلم يُخرج أحد منهم أي جهاز آيباد أو جهاز كومبيوتر على الأطلاق". يبدو أن الأشخاص الذين ينتجون منتجات التكنولوجيا كانوا يتبعون القاعدة الأساسية لدى تجّار المخدّرات: إيّاك أن تتعاطى من الرزمة التي تبيعها للناس.

اÙصÙرة اÙرئÙسÙØ©

إنه لأمرٌ يدعو للقلق، لماذا نرى ان أكبر مناصري التكنلوجيا عالمياً هم أكثر المتخوفين منها شخصياً؟ هل يمكنك تخيل الضجة التي ستحصل لو رفض الزعماء الدينيون السماح لأطفالهم بممارسة الدين؟ الكثير من الخبراء([5]) داخل وخارج عالم التكنولوجيا يشاركونني وجهات نظر مماثلة. أخبرني عدد من مصممي ألعاب الفيديو أنهم تجنبوا لعبة ورلد أوف وركرافت World of Warcraft المعروفة بشكل سيئ بأنها مُسببة للأدمان. ووصفت أخصائية نفسية في مجال ادمان التمارين الرياضية ان ساعات اللياقة البدنية الذكية خطرة – وقالت انها "أغبى الأشياء في العالم" – وأقسمت أنها لن تشتري واحدة منها؛ وقد أخبرتني مؤسِسة عيادة إدمان الإنترنت (إعادة التأهيل الرقمي) أنَّها تتجنَّب الأدوات الإلكترونية الأحدث منذ ثلاث سنوات. ولم تستخدم أبداً جرس هاتفها، وتتعمد "وضع هاتفها في غير مكانه" حتى لا تنجذب الى التحقق من بريدها الإلكتروني (قضيت شهرين في محاولة الوصول إليها عن طريق البريد الإلكتروني، ونجحت فقط عندما صدف وان اجابت على هاتف مكتبها الأرضي). لعبة الكمبيوتر المفضلة لديها هي ميست، التي تم إصدارها في عام 1993 عندما كانت أجهزة الكمبيوتر لا تزال شديدة البطيء في التعامل مع رسومات الألعاب. وقالت لي إن السبب الوحيد الذي يجعلها ترغب في لعب لعبة ميست، هو أن حاسوبها كان يتوقف كل نصف ساعة ويستغرق وقتاً طويلاً لإعادة التشغيل.

أدرك أحد المهندسين المؤسسين لإنستغرام، جريج هوتشموث([6])، أنه كان يبني محركاً للإدمان فقال "يوجد دائماً هاشتاك آخر متاح للنقر، ثم تصبح لهذا الهاشتاك حياة خاصة به مثل اي كائن حي، وقد يصيب هذا الناس بالهوس".

فالإنستغرام، شأنه شأن العديد من منصات وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، هو تطبيق غير محدود. اما منشورات الفيسبوك فلا نهاية لها، تنتقل خدمة نتفليكس للبرامج التلفزيونية والأفلام تلقائياً إلى الحلقة التالية من المسلسل؛ كما يشجع تطبيق تندر مستخدميه على الاستمرار في البحث عن خيار أفضل. ففي الحقيقة قد يستفيد المستخدمون من هذه التطبيقات ومن مواقع الويب، ولكنهم يصارعون أيضاً لاستخدامها باعتدال. يرى خبير أخلاقيات التصميم في غوغل تريستان هاريس أن المشكلة ليست أن الناس يفتقرون إلى قوة الإرادة؛ ولكنها تكمن في أن "هناك آلاف البشر يعملون على الجانب الأخر من الشاشة لكسر حواجز المسؤولية التي تتولاها".

اÙصÙرة اÙرئÙسÙØ©

خبراء التكنولوجيا هؤلاء لديهم سبب وجيه للقلق. فهم عند عملهم الى اقصى حافة من الاحتمال، اكتشفوا شيئين. أولاً، أن فهمنا للإدمان ضيق للغاية، فنحن نميل إلى التفكير في الإدمان على أنه شيء متأصل في بعض الناس - أولئك الذين نصفهم بالمدمنين، مدمني الهيروين في بيوت الخلاء الشاغرة، مدمني التدخين المتواصل([7]) للنيكوتين، مدمني العقاقير الطبية المخدرة. فوصفنا إياهم بالمدمنين يدل على أنهم مختلفين عنا نحن بقية البشر، وأنهم قد يتركوا إدمانهم في يوم من الأيام، لكنهم الآن ينتمون إلى فئتهم الخاصة. في الحقيقة يُنتج الإدمان بدرجة كبيرة بفعل البيئة والظروف، وقد عرف ستيف جوبز هذا وقام بإبعاد الآيباد عن أبنائه لأنه أدرك أنهم – مع جميع المزايا التي قد تبعدهم من ان يكونوا مدمنين للمخدرات – كانوا عرضة لسحر هذا الجهاز اللوحي. حيث ان رواد الأعمال هؤلاء يدركون جيداً أن الأجهزة التي يروجون لها – والتي صُممت لتكون غير قابلة للمقاومة – ستوقع بالمستخدمين دون تمييز. فلا توجد حدود واضحة بيننا وبين المدمنين. نحن جميعاً ننتمي الى منتج واحد أو تجربة واحدة إذا ما اقتربنا من إنشاء إدماننا الخاص.

صنارات الألفية الثانية!

اكتشف خبراء التكنولوجيا في شركة بيلتون أيضاً أن البيئة وظروف العصر الرقمي أكثر ملائمةً للإدمان من أي شيء عايشه البشر في تاريخنا. ففي الستينات من القرن الماضي، كنا نسبح في مياه فيها بضع صِنّارَات فقط: كصِنّارَات السجائر والكحول والمخدرات التي كانت باهظة الثمن ولا يمكن الوصول إليها بشكل عام. ولكن في العقد الثاني من الألفية الثانية، مُلئت هذه المياه التي نسبح فيها بالصنارات. فهناك صِنّارَة الفيسبوك وصِنّارَة الإنستغرام وصِنّارَة الأفلام الإباحية وصِنّارَة البريد الإلكتروني وصِنّارَة التسوق عبر الإنترنت وهلم جرا. القائمة طويلة – أطول مما كانت عليه من أي وقت مضى في تاريخ البشرية، ونحن نتعلم فقط قوة تأثير هذه الصِنّارَات.

فيسبوك كان ممتعاً أما الآن أصبح دافعاً للإدمان

كان خبراء شركة بيلتون يقظين لأنهم كانوا يعلمون أنهم يصممون تقنيات لا تقاوم مقارنة بالتكنولوجيا عالية الدقة في التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة، فإن التكنولوجيا الحديثة تتسم بالفاعلية والقدرة على التسبب بإدمان يشارك مئات الملايين من الناس حياتهم في الوقت الآني من خلال مشاركات الإنستغرام، وبسرعة يتم تقييم حياتهم على شكل تعليقات واعجابات. اما المقاطع الصوتية التي كانت تستغرق فيما مضى أكثر من ساعة ليتم تحميلها اصبحت تصل الآن في ثوانٍ، وقد تبخر التباطؤ الذي كان يثني الناس عن التحميل في بادئ الأمر. فقد اصبحت التكنلوجيا توفر الراحة والسرعة وتلقائية المعالجة([8])، ولكنها توفر أيضاً تكاليف باهظة. يُقاد السلوك البشري جزئياً عن طريق سلسلة من حسابات التكلفة والفائدة الانعكاسية التي تحدد ما إذا كان سيتم تنفيذ الفعل مرة واحدة أو مرتين أو مائة مرة أو ولا مرة. عندما تتغلب الفوائد على التكاليف، يكون من الصعب عدم القيام بالأعمال مراراً وتكراراً، خاصة عندما تعزف على النوتات والأوتار العصبية المناسبة.

اÙصÙرة اÙرئÙسÙØ©

فالإعجاب على فيسبوك وإنستغرام يضرب أحد تلك الأوتار، كما هو الحال مع جائزة إكمال مهمة في لعبة ورلد أوف وركرافت، أو رؤية أحد تغريداتك يتم مشاركتها من قبل المئات من مستخدمي التويتر. إن الأشخاص الذين يقومون بإنشاء وتحسين التكنولوجيا والألعاب والتجارب التفاعلية بارعون جداً فيما يقومون به. يتم اجراء آلاف الاختبارات مع الملايين من المستخدمين لمعرفة أي التعديلات تعمل وأيها لا تعمل — أي الخطوط والألوان الخلفية والنغمات الصوتية التي تزيد من التفاعل وتقلل من الإحباط. مع تطور التجربة، تصبح هناك نسخة مسلّحة وغير قابلة للمقاومة من التجربة التي كانت عليها في الماضي. في عام 2004، كان الفيس بوك ممتعاً؛ في عام 2016، أصبح دافعاً للإدمان.

لقد كانت السلوكيات الإدمانية موجودة منذ زمن طويل، ولكن في العقود الأخيرة أصبحت أكثر شيوعاً، وأصعب مقاومة، وأكثر انتشاراً. هذه الإدمانات الجديدة([9]) لا تنطوي على ابتلاع مادة، فهي لا تقدم مواد كيميائية مباشرة الى نظامك الجسدي، ولكنها تنتج التأثيرات نفسها لأنها جَذَّابة ومصممة بشكل جيد. فالبعض منها قديم، مثل المقامرة وممارسة الرياضة؛ والبعض الآخر جديد نسبياً، مثل الإفراط في مشاهدة البرامج التلفزيونية واستخدام الهاتف الذكي. لكنهم جميعاً أصبحوا تدريجياً أكثر صعوبة للمقاومة.

وفي الوقت نفسه، فقد جعلنا المشكلة أسوأ من خلال التركيز على فوائد تحديد الأهداف دون النظر إلى عيوبها. كان تحديد الأهداف أداة تحفيزية مفيدة في الماضي، لأن معظم البشر يفضلون في أغلب الأحيان صرف القليل من الوقت والطاقة بقدر الإمكان. فنحن لسنا مجتهدين، واقوياء، واصحاء حدسياً، لكنّ الاوضاع قد تغيَّرت. نحن الآن نركز بشدة على إنجاز المزيد في وقت أقل الى درجة اننا نسينا استعمال فرامل الطوارئ.

التكنولوجيا الرقمية تسرق أوقات إجازاتنا

لقد تحدثت إلى العديد من اخصائيي علم النفس الإكلينيكيين([10]) الذين وصفوا حجم المشكلة، فقالت لي احداهن وهي اخصائية في علم النفس: "كل شخص أعمل معه لديه إدمان سلوكي واحد على الأقل ولديّ مرضى ينتمون الى كل المجالات: المقامرة، والتسوق، ووسائل التواصل الاجتماعي، والبريد الإلكتروني، وما إلى ذلك". ووصفت العديد من المرضى، بأن جميعهم يتمتعون بوظائف مهنية رفيعة المستوى، ويتقاضون راتباً يقدّر بمئات الآلاف من الدّولارات، لكنهم تعثروا بشدة بسبب إدمانهم. "احدى هؤلاء امرأة جميلة جداً، وذكية جداً، وبارعة جداً، حاصلة على درجتي ماجستير وهي معلمة ايضاً، لكنها مدمنة على التسوق عبر الإنترنت، وتمكنت من تكديس ديون بقيمة 80 ألف دولار. وتمكنت من إخفاء إدمانها عن كل من تعرفه تقريباً".

كانت هذه التجزئة([11])موضوعاً شائعاً. "من السهل جداً إخفاء الإدمان السلوكي - أسهل بكثير من إخفاء الإدمان على المخدرات. وهذا ما يجعلهم خطرين، لأنهم يكونون غير مُلاحظين لسنوات". وقد تمكنت مريضة ثانية، وبنفس براعتها في العمل من إخفاء إدمانها على فيسبوك عن أصدقائها. "لقد مرت بتجربة انفصال مؤلمة، ثم ظلت تتعقب طليقها السابق عبر الإنترنت لسنوات، ففي زمن الفيسبوك أصبح من الصعب للغاية أن تنتهي الأمور بسلام عندما يحدث الإنفصال". وقالت عن رجل آخر رأته يفحص بريده الإلكتروني مئات المرات في اليوم "إنه غير قادر على الاسترخاء والاستمتاع بوقته في إجازة، إنه شديد القلق، لكنه يقدم الكثير من الأشياء الكبيرة الى العالم. فلديه مسيرة مهنية ناجحة في مجال الرعاية الصحية، ولا أحد يعرف مدى معاناته".

أخبرني طبيب نفسي آخر أن "تأثير وسائل التواصل الاجتماعي كان هائلاً، لقد سيطرت وسائل التواصل الاجتماعي على أدمغة الشباب الذين أتعامل معهم بالكامل. وهناك شيء واحد اضعه دائماً في الاعتبار في اي من الجلسات هو أن: بعد خمس أو عشر دقائق من محادثتي مع شاب حول النقاش الذي دار بينه وبين صديقه أو خطيبته، فأنا أتذكر أن أسأله عما إذا كان هذا النقاش قد جرى عن طريق الرسائل النصية أو عبر الهاتف أو على وسائل التواصل الاجتماعي أو وجهاً لوجه، يكون الجواب في أغلب الأحيان هو "عن طريق الرسائل النصية أو وسائل التواصل الاجتماعي"، ولكن في روايتهم للقصة، لا يكون هذا واضحاً بالنسبة لي. بدا الأمر لي كمحادثة "حقيقية" وجهاً لوجه، أتوقف دائمًا عندها واتأمل، هذا الشخص لا يفرق بين اساليب الاتصال المختلفة بالطريقة التي أقوم بها. . . والنتيجة هي مشهد مليء بالانفصال والإدمان".

كتاب "لا يقاوم"..

اÙصÙرة اÙرئÙسÙØ©

يتتبع كتاب "لا يقاوم" الذي ترجمته شعبة البحوث والدراسات التابعة لقسم الشؤون الدينية في العتبة الحسينية المقدسة ظهور السلوكيات الإدمانية، ويدرس مواقع نشوئها، ومن هم الأشخاص الذين يصممونها، والحيل النفسية التي تجعلها مُلحة جدا، وكيفية التقليل من الإدمان السلوكي الخطير، فضلاً عن كيفية تسخير نفس العلم لتحقيق غايات مفيدة. إذا كان بإمكان مصممي التطبيقات إقناع الناس بقضاء المزيد من الوقت والمال على لعبة هاتف ذكي، فربما يستطيع خبراء في السياسات العامة أيضاً تشجيع الناس على ادخار المزيد لفترة تقاعدهم أو التبرع لإنشاء المزيد من المؤسسات الخيرية.

التكنولوجيا ليست سيئة بطبيعتها. عندما انتقلت أنا وأخي مع والدي إلى أستراليا في عام 1988، تركنا جدينا في جنوب إفريقيا. تحدثنا معهم مرة واحدة في الأسبوع عبر مكالمات الخطوط الأرضية الباهظة الثمن، وأرسلنا رسائل وصلت بعد أسبوع. وعندما انتقلت إلى الولايات المتحدة في عام 2004، كنت أرسل بريداً إلكترونياً إلى والدي وشقيقي كل يوم تقريباً، كنا نتحدث عبر الهاتف في كثير من الأحيان، ولوحنا لبعضنا البعض عبر كاميرا الويب كلما استطعنا. لقد قلصت التكنولوجيا المسافة التي بيننا. كتب جون باتريك بولن في مجلة تايم الأمريكية([12]) في 2016 واصفاً كيف أن الشحنة العاطفية للواقع الافتراضي جعلته يبكي:

. . ." أطلق عليّ زميل اللعب ، ايرين ، شعاع التقليص. وفجأة لم تكن جميع الألعاب ضخمة بالنسبة لي فحسب، بل أن صورة إرين الرمزية كانت تبدو وكأنها عملاق ضخم. تغير حتى صوته ودخل رأسي بنبرة خفيضة وبطيئة، أثناء تدفقه من خلال سماعات الرأس. وللحظة، عدتُ طفلاً مرة أخرى بوجود هذا الشخص العملاق الذي كان يلعب معي بمحبة. منحني هذا رؤية عميقة عن كيفية الشعور عندما أكون محل ولدي لدرجة أنني بدأت في البكاء داخل سماعة الرأس. لقد كانت تجربة نقية وجميلة ستعيد تشكيل علاقتي معه للمضي قدماً. رغم انني كنت عرضة لزميلي العملاق، لكنني شعرت بالأمان المطلق."

التكنولوجيا، في ذاتها، ليست جيدة أو سيئة من الناحية الأخلاقية، حتى تسيطر عليها الشركات التي تصممها للاستهلاك الضخم. وتصميم تطبيقات مثل منصات التواصل الاجتماعي يمكن استخدامها لتعزيز الروابط الاجتماعية الغنية وفي الوقت نفسه يمكن ان يكون تصميمها كتصميم السجائر للمدمن. إن العديد من التطورات التكنلوجية ـ للأسف ـ اليوم تشجع على الإدمان. حتى أن بولن في كلامه المتحمس عن تجربته الواقعية الافتراضية، قال إنه "كان كالمدمن المهووس".

لقد اصبحت التكنولوجيا المسيطِرة والغامرة ـ مثل الواقع الافتراضي ـ في بث الحماس في مشاعر المستهلك الجياشة حتى غدت ـ المشاعر ـ صالحة للاستغلال وإساءة الاستعمال، إلا أن هذه التكنلوجيا لا تزال في مهدها، لذا من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان سيتم استخدامها بمسؤولية.

في كثير من النواحي، يكون إدمان العقاقير والمواد المخدرة والإدمان السلوكي متشابهين للغاية. فهما ينشّطان مناطق الدماغ نفسها، ويتم تغذيتهما من خلال بعض الاحتياجات الإنسانية الأساسية نفسها: كالمشاركة الاجتماعية والدعم الاجتماعي، والتحفيز الذهني، والشعور بالفعالية. قم بتجريد الناس من هذه الاحتياجات، وسينشأ لديهم كلا الإدمانين..

الإدمان السلوكي

يتكون الإدمان السلوكي من ستة مكونات: أهداف مُلِحّة لا يمكن الوصول إليها؛ ردود إيجابية غير متوقعة ولا يمكن مقاومتها؛ الشعور بالتحسن التدريجي والتقدم؛ المهام التي تصبح أكثر صعوبة ببطء مع مرور الوقت؛ التوترات والنهايات العالقة والتي تحتاج الى حلول؛ والعلاقات الاجتماعية المتينة. تجسد الإدمانات السلوكية اليوم، على الرغم من تنوعها، واحداً على الأقل من هذه المكونات الستة. على سبيل المثال، يتسبب الإنستغرام بالإدمان بسبب بعض الصور التي تنجح في جذب الكثير من الإعجابات، في حين تفشل بعض الصور الأخرى. فيقوم المستخدمون بالسعي لتحقيق الرقم الكبير التالي للإعجابات عن طريق الاستمرار بنشر الصور واحدة تلو الأخرى، والعودة إلى الموقع بانتظام لدعم أصدقائهم. يلعب اللاعبون ألعاباً معينة لأيام عديدة لأنهم مدفوعون لاستكمال المهام، ولأنهم شكلوا روابط اجتماعية قوية تربطهم باللاعبين الآخرين.

اذن ما هو الحل؟ كيف نتعايش مع التجارب الإدمانية التي تلعب مثل هذا الدور المركزي في حياتنا؟

لقد تمكن الملايين من المقلعين عن الكحول من تجنب الحانات تماماً، لكن المقلعين عن الإنترنت يجبرون على استخدام البريد الإلكتروني. لا يمكنك التقدم بطلب للحصول على تأشيرة سفر أو وظيفة، أو البدء في العمل، دون عنوان بريد إلكتروني. والعدد القليل المتبقي من الوظائف الحديثة التي تسمح لك بتجنب استخدام أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية آخذٌ بالتناقص. التكنولوجيا الإدمانية هي جزء من التيار الحياتي السائد، وهذا ما يجعلها ذات تأثير أخطر من المواد المخدرة، فالامتناع فيها ليس متاحاً، ولكن هناك بدائل أخرى. يمكنك حصر تجارب الإدمان في احدى زوايا حياتك، من خلال مزاولة العادات الجيدة التي تعزز السلوكيات الصحية. في هذه الأثناء، بمجرد أن تفهم آلية عمل الإدمان السلوكي، يصبح بإمكانك التخفيف من اضرارها، أو حتى التحكم بها للأبد. نفس المبادئ التي تدفع الأطفال إلى ممارسة الألعاب، قد تدفعهم ايضاً للتعلم في المدرسة، والأهداف التي تدفع الناس إلى ممارسة الإدمان قد تدفعهم أيضاً إلى توفير المال للتقاعد.

لا يزال عمر الإدمان السلوكي فتياً، لكن الدلائل المبكرة تشير إلى وجود أزمة. تكون الإدمانات مدمرة لأنها تستبعد القضايا الضرورية الأخرى كالعمل واللعب بل حتى النظافة والتفاعل الاجتماعي. والخبر السار هو أن علاقاتنا مع الإدمان السلوكي ليست ثابتة. هناك الكثير مما يمكننا فعله لاستعادة التوازن الذي كان موجوداً قبل عصر الهواتف الذكية، ورسائل البريد الإلكتروني، والتكنلوجيا القابلة للارتداء([13])، وشبكات التواصل الاجتماعي، والأفلام والعروض التلفزيونية حسب الطلب. المهم هو أن نفهم سبب تفشي الإدمانات السلوكية، وكيفية الإستفادة من علم النفس البشري، وكيفية التغلب على الإدمانات التي تؤذينا، وتسخير تلك التي تساعدنا.

  • من كتاب لا يقاوم - آدم ألتر

([1]) إيّاك أن تستهلك المواد التي تبيعها للناس وهو التنبيه الذي يُعتبر “القاعدة الأساسية لدى تجّار المخدّرات”!

([2]) John D. Sutter and Doug Gross, "Apple Unveils the 'Magical' iPad," CNN, January 28, 2010, www.cnn.com/2010/TECH/01/27/apple.tablet/. Video of the event: EverySteveJobsVideo, "Steve Jobs Introduces Original iPad—Apple Special Event," December 30, 2013, www.youtube.com/watch?v=_KN-5zmvjAo.

([3]) تطبيقiTunes U  أحد التطبيقات للتعليم عن بعد أونلاين ووسيلة لإنشاء ومشاهدة الدورات التعليمية والكورسات من مختلف الجامعات فى العالم على جهاز الآيباد أو الأيفون.

([4]) هذه الفقرة الخاصة بالآراء الواردة من خبراء التكنلوجيا مصدرها:

Nick Bilton, "Steve Jobs Was a Low-Tech Parent," New York Times, September 11, 2014, www.nytimes.com/2014/09/11/fashion/steve-jobs-apple-was-a-low-tech-parent.html.

([5]) تأتي هذه المقتطفات من مقابلات مع فئات من بينها مصممي الألعاب بينيت فودي وفرانك لانتز، وخبيرتا إدمان التمرينات ليزلي سيم وكاثرين شرايبر، ومؤسسة مركز ريستارت لإعادة تأهيل المدمنين على الأنترنت كوزيت راي.

([6]) هذه الاقتباسات مصدرها:

Natasha Singer, "Can't Put Down Your Device? That's by Design," New York Times, December 5, 2015, www.nytimes.com/2015/12/06/technology/personaltech/cant-put-down-your-device-thats-by-design.html.

([7]) التدخين المتواصل هو القيام بتدخين عدة سجائر على التتابع دون توقف، أحيانا باستخدام جمرة السجارة الأخيرة لاشعال السيجارة التالية.

([8]) لمزيد من المعلومات حول الكيفية التي تدفع بها السرعة التقنية الإدمان السلوكي، انظر:

Art Markman, "How to Disrupt Your Brain's Distraction Habit," Inc.com, May 25, 2016, www.inc.com/art-markman/the-real-reason-technology-destroys-yourattention-span-is-timing.html.

([9]) لأغراض هذا الكتاب، اعتمدت تعريفاتي الخاصة للإدمان السلوكي، الوسواس والسلوك القهري المقترضة من عدة مصادر، ولكن على وجه الخصوص اعتمدت على الكتيب التالي، وهو عمل علمي يمكن الوصول إليه عن الإدمان السلوكي يجمع فصولاً من عشرات الخبراء:

Kenneth Paul Rosenberg and Laura Curtiss Feder, eds., Behavioral Addictions: Criteria, Evidence, and Treatment (Elsevier Academic Press: London, 2014). I also relied on: Aviel Goodman, "Addiction: Definitions and Implications," British Journal of Addiction no. 85 (1990): 1403-8. To some extent, I

adopted the definitions in: American Psychiatric Association, Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, 5th ed. (American Psychiatric Publishing: Washington, DC, 2013).

([10]) وافق أخصائيو علم النفس على التحدث بشرط أن لا استخدام أسمائهم، كانوا قلقين من أن مرضاهم قد يتعرفون على الحكايات التي نقلوها دون الكشف عن هويتهم.

([11]) التجزئة أو التقسيم  : Compartmentalizationهي إحدى الدفاعات النفسية تستخدم لتجنب التنافر المعرفي، أو عدم الراحة النفسية والقلق الناجم عن وجود صراع بين القيم، والإدراك، والعواطف، والمعتقدات، وما إلى ذلك داخل نفس الفرد. تتيح عملية التجزئة لهذه الأفكار المتضاربة بالتواجد المشترك عن طريق تثبيط الاعتراف المباشر أو الصريح بها والتفاعل بين أجزائها.

([12]) John Patrick Pullen, "I Finally Tried Virtual Reality and It Brought Me to Tears," Time, January 8, 2016, www.time.com/4172998/virtual-reality-oculus-rift-htc-vive-ces/.

([13]) التكنلوجيا القابلة للارتداء هي اجهزة وادوات تقنية يمكن ارتداؤها كالنظارات المتصلة بالإنترنت، الساعات الذكية، والأجهزة المراقبة للصحة، 

2019/04/24

كاتبة أمريكية تنتقد «تأنيث الشباب» في المجتمعات الغربية: تشويه الرجولة ليس حلاً!

ترجمة: ضرغام الكيار

تتناول الكاتبة والصحفية الأمريكية "الي ستوكي" في مقالها «لنجعل الذكور رجالاً مرةً أخرى» مسألة في غاية الخطورة وهي "تمييع الرجال" وتجريدهم من ملامح الرجولة سواء على مستوى الجسد أو الفكر أو الروح على أمل أن يحل السلام والمساواة في العالم، إذ تنقل "ستوكي" الاعتقاد السائد في المجتمعات الغربية الذي يقول: "إن الرجال هم محور المشاكل كالقتل والاغتصاب والحروب" وتزيد موضحةً لهذه الفكرة الرائجة اليوم: وفقاً لهذا المعتقد فإن الحل هو أن نجعل الرجال «أقل سمّية».. أن نسعى لتأنيثهم!".

تنويه: ما تذكره الكاتبة في المقال من بعض المفردات والآراء والمعلومات لا يتبنّاه «موقع الأئمة الإثني عشر»

الصحفية الأمريكية ومقدمة برنامج "Allie" على البودكاست CRTV في المقال الذي يترجمه لكم قسم الترجمة في موقع الأئمة الإثني عشر تجيب أيضاً عن السؤال التالي: لماذا لا يشكل تشويه الرجولة الحل، بل المشكلة بذاتها؟ إليكم نص المقال:

لنجعل الذكور رجالاً مرةً أخرى

الاغتصاب والقتل والحروب – هي كلها امور واعمال ​بشعة ​والقاسم المشترك بينها هو ان من يقوم بهذه الأمور والأعمال الشنيعة هم الرجال دائماً. فالعدوان والعنف والطموح غير المقيد بالضمير – كلها تعتبر أشياء نابعة من "الرجولة السامة".

 والحل كما يراه البعض هو أن نجعل الرجال أقل "سُمّية" بجعلهم اقل "رجولية" أي أن نجعل الرجال اقرب ما يكونون للنساء، ولكن هذه الطريقة في التفكير ليست خاطئة فحسب، بل إنها خطيرة.

السبب هو عندما تحاولون جعل الرجال كالنساء، فإنكم لا تقللون من "سُمّية الرجولة"، بل أنتم تزيدون السُمية. فالرجال السيئين لا يصبحوا صالحين عندما يتوقفوا عن كونهم "رجال"؛ ولكن يصبحوا صالحين عندما يتوقفوا عن كونهم سيئين. العدوان والعنف والطموح الجامح لا يمكن الغاؤها من روح الذكور؛ يمكن فقط تسخيرها. وعندما يتم تسخيرها، فهي أدوات للإصلاح، وليست للإيذاء. فنفس الصفات الذكورية التي تجلب الدمار هي نفسها التي تهزم الاستبداد. كما أن الصفات التي تعزز الجشع هي نفسها التي تبني الاقتصادات. كما أن الصفات التي تدفع الرجال للمخاطر الحمقاء هي نفسها التي تدفعهم للمخاطر البطولية.

اذاً فالحل لمشكلة السُميّة الرجولية هو ليس "رجولية اقل" بل "رجولية أفضل". ونحن نعلم كيف يبدو ذلك. هذه الرجولية الأفضل تتجسد عندما يفتح الرجل الباب لزوجته. عندما يعمل الأب لساعات طويلة من أجل إعالة أسرته. عندما يخاطر الجندي بحياته للدفاع عن بلاده.

رجال أقل رجولة!!

المشكلة المتنامية في مجتمع اليوم لا تدل على ان الرجال أكثر رجولية، بل أن الرجال أصبحوا اقل رجولة. وعندما يغتنم الرجال رجوليتهم بطريقة صحية ومثمرة، فستجدهم قادة ومحاربون وأبطال. وعندما ينكرون رجولتهم ويهربون من المسؤوليات لا يتركون خلفهم سوى الدمار واليأس.
ويمكننا رؤية تبعات هذه المشكلة في كل مكان. واحد من كل أربعة آباء يعيش الآن بعيدا عن أولاده. وعادة ما يكون الأطفال الذين يكبرون دون أب أكثر اكتئاباً من أقرانهم الذين ينشئون ويترعرعون وسط عائلة من أم وأب. فهم معرضون جداً لخطر أكبر من غيرهم كالسجن والحمل في سن المراهقة والفقر. تشير الإحصائيات الى ان واحد وسبعون في المئة من المتسربين من المدارس الثانوية هم "بدون اب".

تأنيث الشباب لتحقيق المساواة والسلام!!

في عام 2008 قال السناتور باراك أوباما "من بين جميع الأسس التي نبني عليها حياتنا ... الأسرة هي الأهم. ونحن مدعوون إلى إدراك وتكريم مدى أهمية الأب لأساس هذا البناء". وقال ايضاً: "إذا كنا صادقين مع أنفسنا، فسوف نعترف بأن ... الكثير من الآباء ... مفقودون من البيوت ومن حياة عوائلهم."

اننا بقدر ما نحاول إنكار الحاجة إلى قوة الرجولة الحقيقية في المجتمع، لكننا لا يمكننا إنكار ضرورتها. تعتمد العائلات السليمة والمجتمعات القوية على قيادة وشجاعة الرجال الطيبين.
ومع ذلك ، فإن التوجه الحالي هو تأنيث الشباب على أمل تحقيق بعض الطوباوية "الخيالية" بمفهوم المساواة والسلام!! وهو يبدأ في مراحل عمرية مبكرة. في الفصول الدراسية في المدرسة، يكون الأولاد هم دائماً "المشكلة". في الملاعب تم الغاء العاب الفتوة "الرجولية" مثل (دوج بول). نقول للشباب أن رغبتهم الفطرية في التنافس خاطئة. الجميع يحصل على الكأس. لا ترفع مستوى النتيجة. ويستمر هذا الميل لمكافحة الرجولة من خلال التعليم العالي وفي مكان العمل. لقد خلق الملايين من الرجال المترددين، والنساء غير السعيدات، والفتيان والفتيات المرتبكين.

هناك سر تعرفه كل النساء: جميع النساء في العالم بجميع جنسياتهن واعراقهن وطوائفهن يردن رجال حقيقيين: رجال يمكنهن الاعتماد عليهم ويتطلعن لهم. ومهما كان حجم النظرية النسوية التي تطالب بتأنيث الرجال فلن تغير حقيقة ذلك. فأنا لا اعرف أي امرأة، في أي سن، تنجذب الى رجل سلبي ينظر اليها لتكون له مُعيلة وحامية وقائدة. كل امرأة اعرفها تريد رجلاً مسؤولاً وقوياً. هذا ليس نتيجة لبناء اجتماعي او ضغوط ثقافية – انه امر فطري.

لن تنتهي الرجولة بسبب هذه النظرية السلبية. فالرجال السلبيون لا يستطيعون إيقاف الشر. والرجال السلبيون لا يدافعون ولا يحمون ولا يعول عليهم. والرجال السلبيون لا يقودون مجتمع. والرجال السلبيون لا يفعلون الأشياء التي نحتاجها من الرجال لكي ينهضوا بالمجتمع.

في كتابه "الغاء الرجل" يكتب الفيلسوف الاجتماعي الإنجليزي كليف ستيبلز لويس عن هذه المشكلة. ويصف التوتر بين "الرجل الدماغي والرجل الباطني". يشرح لويس بذكائه ان "الرجل هو مجرد روح وأن شهوته مجرد حيوان". ونحن بحاجة الى كليهما. إذا اخذت جزءاً واحداً وتركت الآخر فسينتج لك رجل اما ضعيف او شرير. وفي عالم الشر الرجال الضعفاء ليسوا الا أدوات مساعدة للأشرار.

الاغتصاب والقتل والحروب كلها امور لها قاسمان مشتركان (وليس قاسماً واحداً): رجال سيئون يمارسون الاغتصاب والقتل والاقتتال. ورجال ضعفاء لن يوقفوهم. نحن بحاجة الى رجال صالحين ليقوموا بذلك. فالرجولة ليست هي المشكلة بل نقص الرجولة.  

2019/03/05