إن السيطرة على الرغبات تتحقق بعدة أمور معاً:
الأوّل: إيجاد فاصل نفسي من الانسان بين ذاته ورغباته، حتى يستطيع أن يقيم هذه الرغبات وعواقبها من موقع أعلى، لأن نفس المرء إذا فنيت في رغباته كانت تلك الرغبات هي الحاكمة طبعاً فيه، بل لا يجد مساراً له عداها، ولكنه إذا استطاع أن يوجد هذا الفاصل بين ذاته وبين رغباته فإنه يمكنه أن يقيم تلك الرغبات فيقول في نفسه مثلا: (إنني أرغب في أن أمارس العمل الفلاني أو أشاهد كذا، لكن ينبغي أن أتريث في ذلك فقد يضرني هذا العمل أو المشاهد بآثاره عَلَيّ)، وكثير من الناس يعجز عن إيجاد هذا الفاصل فيعتقد أن رغباته التي يحملها هي نفس الرغبات التي من المفترض أن يتحلى بها المرء وبالنتيجة لا يستطيع ان يخالف رغباته في شيء.
الثاني: تقوية نداء العقل والحكمة والقيم في داخل الإنسان من خلال الأدوات التالية:
١- التفكير والتأمّل فلا ينبغي أن يكون الإنسان مقلداً لكل ما يطلع عليه ومتأثراً فيه، بل لابد أن يكون له فكره وتأمله متحرزاً من التأثيرات الإعلامية والعاطفية التي تسوقه إلى منحى معين من دون تفكير وتأمل.
٢- القراءة لما يثير هذه المعاني في داخل الإنسان، بالاطلاع على المصادر والبرامج والمقالات التي تثريها وتنميها في داخله.
٣- تكوين بيئة أسرية واجتماعية سليمة يتفاعل معها الانسان ويعيش فيها، لأن للبيئة أعظم الأثر في تذليل مسار معين في حياة الانسان، ولذلك نجد أن كثيراً من الأقليات في المهجر تحافظ على قيمها ومفاهيمها من خلال الرابط القوي بين افرادها.
الثالث: تقوية الإرادة والعزيمة في داخل الإنسان، بمعنى أنه ينبغي أن يكون لجام تصرفاته وسلوكياته بيده، بحيث قد تلح عليه نفسه في شيء ولكن يستطيع أن يمنعها ويشعر بالقدرة والقوة على ما يمنعها، كما هو حال الصائم تجاه ما يجده من اندفاع الى الرغبات الممنوعة في حال الصيام كالطعام والشراب.
الرابع: توفير مستوى ملائم غير ضار للاستجابة للرغبات، ليكون بديلاً للأمور الضارة والمريبة وغير الموثوقة؛ فإن إتاحة البديل المناسب يساعد على الصدود عن الرغبات الضارة طبعاً؛ لأن الرغبات الأساسية العامة للإنسان تبقى تلحُّ عليه، فإذا وفر المخرج المناسب لها استطاع أن يقاوم دفعها في الاتجاه الخاطئ وغير الموثوق، وإلا فإنه لا يستطيع أن يطيل المقاومة إلى زمان طويل.