تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «الأئمة الاثنا عشر»
محافظة كربلاء المقدسة هي إحدى محافظات البلاد التي تتسم بصغر حجمها السكاني نسبياً طوال المدة الممتدة من (1977 – 2007)م، بدليل أن حجمها السكاني لم تصل نسبته المئوية إلى(4%) من حجم سكان العراق، مما جعل مكانتها السكانية ضمن المراتب الأخيرة، بالرغم من أن حجمها السكاني قد تضاعف خلال مدة العشرين سنة الأولى.
إن للعوامل الجغرافية (الطبيعية والبشرية) أثراً واضحاً في توزيع سكان المحافظة وتباينه، وتتفاوت درجة تأثير تلك العوامل في رسم صورة التوزيع الجغرافي لسكان المحافظة، حيث ظهر عاملان بارزان في هذا الجانب، أحدهما طبيعي (الموارد المائية)، والآخر بشري (وجود العتبات المقدسة).
ونتيجة لسيادة ظروف المناخ الجاف، جاء توزيع السكان متفقاً تماماً مع توزيع الموارد المائية السطحية والجوفية، ماعدا المركز - مدينة كربلاء المقدسة - التي تأثر توزيع السكان فيها بالعامل الديني والتاريخي والتي تمثل مركز (التجمع السكاني).
وعلى هذا الأساس، يمكن القول أن العوامل الطبيعية قد رسمت صورة هذا التوزيع، وجاءت العوامل البشرية - وعلى وجه التحديد العاملين الديني والتاريخي - لتكمل هذه الصورة من خلال رسم إطارها العام.
تميزت المحافظة بانخفاض الكثافة السكانية فيها، والتي بلغت في تعداد(1997م، 27 نسمة / كلم2)، ثم ارتفعت في تقديرات (2007م إلى 33 نسمة /كلم2)، مما جعلها تأتي بالمرتبة الأخيرة في توزيع الكثافة السكانية؛ وذلك لاتساع مساحة الهضبة.
كما إن الكثافة السكانية لكربلاء المقدسة كانت أقل من ذلك بكثير قبل الاستقطاع من مساحتها؛ ولو نظرنا إلى كثافة السكان في محافظة كربلاء المقدسة في إحصاء سنة (1977) م لوجدناه خمسة أشخاص لكل كم2؛ لأن المحافظة كانت على مساحتها السابقة قبل الاستقطاع لصالح محافظة الأنبار، وكانت الكثافة السكانية في الأخيرة مساوية لكربلاء المقدسة.
ولم تتوزع الكثافة السكانية تلك بصورة متساوية بين وحداتها الإدارية؛ وذلك لتباين توزيع العوامل الجغرافية الطبيعية والبشرية بين جهات المحافظة التي تقع فيها تلك الوحدات، لذلك كان أعلى مستوى لها -خلال مدة هذه الدراسة- في مركز قضاء الهندية الذي يقع في منطقة السهل الرسوبي، وأدنى مستوى لها في مركز قضاء عين التمر الذي يقع في منطقة الهضبة.
أما توزيع السكان ما بين الحضر والريف في المحافظة، فقد دلت نتائج تعداد (1997)م على سيادة الطبيعة الحضرية لسكان المحافظة؛ إذ بلغت نسبتهم (66 %)من مجمل سكان المحافظة، ويتركز(4,62%)منهم في مدينتي كربلاء والحر (4,11%) في مدينة الهندية (طويريج)، والباقي يتوزعون على بقية وحداتها الإدارية بنسب متقاربة.
سكان كربلاء في الآخرة
من لطائف الأمور، إن كربلاء تنفرد عن باقي بقاع الأرض، بأنها سترفع إلى الجنة، وستكون مسكناً لأفضل الناس، وهي بذلك ستتميز عن غيرها من البقاع، كما شاهدنا من الحديث السابق، وما سنشاهده في الحديث التالي:
فقد قال مولانا الإمام عليُّ بن الحسين عليهما السلام: اتّخذ الله أرض كربلاء حَرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق الله أرض الكعبة ويتّخذها حرماً بأربعة وعشرين ألف عام، وإنّه إذا زلزل الله تبارك وتعالى الأرض وسيّرها رفعتْ كما هي بتربتها نورانيّة صافية، فجعلت في أفضل رَوضة مِن رياض الجنَّة، وأفضل مسكنٍ في الجنَّة، لا يسكنها إلاّ النّبيّون والمرسلون -أو قال: أولوا العزم مِن الرُّسل- وأنّها لتزهر بين رياض الجنّة كما يزهر الكوكب الدُّرّيّ بين الكواكب لأهل الأرض، يغشي نورها أبصار أهل الجنَّة جميعاً، وهي تنادي: أنا أرضُ الله المقدَّسة الطيِّبة المبارَكة الّتي تضمّنت سَيّد الشّهداء وسَيّد شباب أهل الجنّة(2).
كربلاء.. الأكثر زواراً في العالم
لا نعدو الحقيقة إن قلنا، إن كربلاء تنفرد عن سائر المدن والبقاع في العالم، بأنها الأكثر استقبالاً للزوار سنوياً، ومعظمهم يقصدونها لمكانتها الدينية والعبادية.
فهي المدينة الأولى في العالم التي تستقبل أكثر مجموعة من الزوار (3) خلال مدة زمنية محددة لا تتعدى الأسبوعين، وذلك في زيارة الأربعين.
المصادر:
(1) بتلخيص وتصرف من بحث: تحليل التباين المكاني لتوزيع سكان محافظة كربلاء/ سعد عبد الرزاق محسن الخرسان.
(3) إحصائيات وتقديرات الزيارة الأربعينية للسنوات التي تلت سقوط اللانظام الصدامي الديكتاتوري في(9/4/2003م)، والتي أعلنتها جهات رسمية في الحكومة المحلية لمحافظة كربلاء المقدسة، تضاف إليها دراسة علمية قام بها المؤلف عندما كان محرراً لموقع العتبة العباسية المقدسة (شبكة الكفيل العالمية) على الإنترنت (www.alkafeel.net) ونشرت الدراسة في الموقع المذكور يوم(20 صفر 1430هـ الموافق 16/2/2009م)، تحت عنوان (تقديرات علمية بأعداد زائري الأربعين ترفعها إلى أكثر من 14 مليون بحلول غروب 16/2/2009م)، وتمت الدراسة بالتعاون مع الخبير العالمي -العراقي- الدكتور المهندس إحسان الشهرستاني مدير المركز العالمي للأبحاث الفنية (الذي يتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقراً لفرعه الرئيسي، والذي قام بكوادره العراقية بأعمال تحديث التصميم الأساس لمدينة كربلاء المقدسة وناحية الحر للعام بين2007م و2030م).
وهذه الدراسة تقترب من الواقع بشكل كبير، لما تحتويه من معلومات وإحصاءات تمت من خلال كاميرات تعمل لـ(24)ساعة في ساحة منطقة بين الحرمين، وتم حساب عدد الزائرين بتقسيم الساحة إلى مربعات وهمية، وحساب عددهم في مربع ما من الساحة، ثم ضرب العدد في عدد المربعات المماثلة له في الكثافة، وتكرار العملية لبقية المربعات المختلفة في الكثافة، بضرب عدد الزائرين لكل منها في عدد المربعات المماثلة لكلٍ منها في الكثافة، وجمع النواتج الخارجة من عمليات الضرب تلك والخاصة بيوم واحد، ثم ضرب الناتج الخارج لهذا اليوم في عدد الأيام المماثلة التي تتكرر فيها -بشكل تقديري تقريبي- نفس أعداد الزائرين، وهكذا يتم حساب عدد الزائرين في أيام الذروة بشكل تقريبي، وتقدير ما سواها نسبة لهذه الأيام، وجمع الناتج، والخروج بإحصائية تقترب من الواقع بنسبة لا تقل عن(90%)منه، بحسب من اطلع عليها.