لتكون جميع أيّامكم أيّام الأربعين كما أنتم الآن في أيّام الأربعين، يظهر منكم عمق الولاء، صدق الولاء للإمام الحسين (عليه السلام).
تمثّل مسيرةُ الأربعين في هذا العام كما في الأعوام الماضية أروع وأعظم تجمّع وحشد إيمانيّ يجسّد فيه محبّو الإمام الحسين (عليه السلام) عظيم حبّهم للإمام ولمبادئه وقيمه التي استُشهِدَ من أجلها.
وقد أظهرت هذه المسيرة المباركة فُضلى الصفات الإيمانية ومكارم الأخلاق الإسلاميّة لأتباع أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، فإنّ سيركم على الأقدام رجالاً ونساءً وصغاراً وكباراً أصحّاء ومرضى ومُعاقين من شقّةٍ بعيدة وعبر أراضٍ صعبة المسار وعرةٍ في طرقها الى كربلاء المقدّسة إنّما هو تعبيرٌ صادق عن حقيقة إيمانكم وولائكم.
ونقول لهؤلاء الأحبّة لقد أثبتم بما قمتم به صدق استعدادكم للتضحية بالغالي والنفيس في سبيل حفظ مبادئ النهضة الحسينيّة التي مثّلت جوهر الإسلام وحقيقة الدعوة المحمديّة، مثلما كان لعظيم بذلكم وعطائكم في الخدمة والإطعام والمأوى ما أبرز جودكم وكرمكم بأبهى صورةٍ لم تكن تخطر ببال الكثيرين، وزاد ذلك بهاءً وجمالاً طيب المعاشرة والتخلّق بحسن الصحبة فيما بينكم ما مثّل صدق الأخوّة والولاء الذي يجمعكم صغاراً وكباراً ورجالاً ونساءً، ومن المؤكّد أنّ الذي سيرفع قدركم عند الله تعالى ويزيدكم أجراً وثواباً هو إدامتُكم لهذه المبادئ قولاً وعملاً بعد أن تقفلوا راجعين الى دياركم وأهاليكم لتجعلوا من طريق حياتكم كلّه طريق الأربعين في صدق العبوديّة لله تعالى والتخلّق بأخلاق النبيّ وأهل بيته الأطهار(عليهم السلام).
وليكون منهج الإمام الحسين (عليه السلام) هو منهجكم اليوميّ وبرنامجكم الحياتيّ في مختلف أماكن حضوركم في البيت والسوق والمدرسة والمصنع والدائرة والأماكن العامّة، فإنّ منهج الحسين (عليه السلام) لا يختصّ بأيّام ذكراه بل هذه الأيّام هي لمزيد الالتصاق به (عليه السلام) ولزيادة اللّوعة على مصابه ولتعميق رسالته في الحياة ما حيينا وما كان للدنيا نهاراً وليلاً يتعاقبان.
أيّها الإخوة والأخوات هذا الذي يظهر منكم من صدق الولاء والتعبير عن هذه المبادئ الحسينيّة في أيّام الأربعين وما نراه من هذه الأخلاق الكبيرة والتضحية والعطاء وحسن المعاشرة، المأمول منكم أن تستمرّ هذه الأخلاق وأن يستمرّ هذا العطاء وهذا البذل وهذه المعاشرة الطيّبة لبقيّة أيّام عمركم، حينما تقفلون راجعين الى أهاليكم إن شاء الله سالمين غانمين، لنرى فيكم هذه الأخلاق ولتستمرّ هذه المبادئ مجسّدةً في كلّ نواحي حياتكم، لتكون جميع أيّامكم أيّام الأربعين كما أنتم الآن في أيّام الأربعين تظهر منكم عمق الولاء صدق الولاء للإمام الحسين(عليه السلام) هذه الأخلاق الرفيعة والآداب السامية لتظهر منكم دائماً في بقيّة أيّامكم، لتكون كلّ هذه الأيّام حينما تقفلون راجعين الى أوطانكم وأهاليكم لتبقى هذه المبادئ وهذه الصفات وهذه الأخلاق حيّةً ظاهرةً فاعلةً مؤثّرة في حياتكم وفي بقيّة أيّام عمركم.
الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (17صفر 1438هـ) الموافق (18تشرين الثاني 2016م).
*نقلا عن شبكة الكفيل