ما السبب في أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يتزوج بأربع نساء في حياة السيدة الزهراء عليها السلام مع أن ذلك من المستحبات، ولم يكن الإمام علي عليه السلام ليترك العمل بهذا الاستحباب؟! وهل هناك إشكال في زواجه عليه السلام على السيدة الزهراء عليها السلام، وأنها لا ترضى؟! ولماذا لا ترضى بما ذكره الله تعالى في القرآن، دون أن يستثني السيدة الزهراء عليها السلام منه؟!
وفي الجواب نقول:
أولاً: إنه لم يثبت استحباب الزواج بأكثر من امرأة واحدة، بل ورد إباحة ذلك في القرآن، مع النصيحة بالتزام الزواج من واحدة في صورة الخوف من عدم التمكن من العدل بين النساء..
نعم، قد ورد في السنة الأمر بالتزوج بأكثر من واحدة لمعالجة حالة الفقر، أو نحو ذلك.. فالاستحباب المدعى يصبح موضع شك، وبذلك لا يبقى موضوع للسؤال المذكور..
ثانياً: قد روى الشيخ الطوسي بسنده عن الإمام الصادق [عليه السلام] قال: حرم الله النساء على الإمام علي [عليه السلام]، ما دامت السيدة فاطمة [عليها السلام] حية.
قال: قلت: كيف ؟! قال [عليه السلام]: لأنها طاهرة لا تحيض.
ورواه غير الشيخ أيضاً من العامة والخاصة 1.
ثالثاً: إن الآية القرآنية الشريفة تقول: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) 2.
فقد دلت هذه الآية المباركة على أن الهدف من الزواج هو تحقيق السكون، والرضا، وذلك من خلال التوحد والالتقاء ووجدان النفس لحقيقتها الكاملة، ليكونا معاً بمثابة نفس واحدة..
ومن الواضح: أن السيدة الزهراء [عليها السلام] حين تكون مع الإمام علي [عليه السلام]، فإن الإمام علي [عليه السلام] سوف لا يجد في نفسه أية حاجة إلى شيء آخر، لأن السيدة الزهراء [عليها السلام] هي الكمال كله.. فلا يبقى أي مبرر لتطلّب شيء آخر. مادام أن السكون والرضا قد بلغ منتهاه، فما هو الداعي لأن يبحث الإمام علي [عليه السلام] عن زوجة أخرى، ما دام أن تلك الزوجة لن يكون لها أي دور في حياته، ولا يوجد أي مجال للزيادة في حالة السكون، والرضا، والسعادة.
وربما لأجل هذه الخصوصية بالذات لم يتزوج النبي [صلى الله عليه وآله] في حياة السيدة خديجة [عليها السلام] أية امرأة أخرى، لكنه تزوج بعدها بالعديد من النساء لأكثر من داع وسبب.
والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين 3.
الهوامش:
1. راجع: تهذيب الأحكام ج7 ص475 وراجع: مقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص64 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص330 والبحار ج43 ص16 و153 عنه، وعن أمالي الشيخ الطوسي ج1 ص42 ومستدرك الوسائل ج2 ص42 وبشارة المصطفى ص306 وراجع: عوالم العلوم ج11 ص66 و387 وضياء العالمين [مخطوط] ج2 قسم2 ص7 ومجمع النورين ص23 وعن اللمعة البيضاء.
2. القران الكريم: سورة الروم (30)، الآية: 21، الصفحة: 406.
3. مختصر مفيد.. ( أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة )، السيد جعفر مرتضى العاملي، « المجموعة الرابعة »، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1423 ـ 2002، السؤال (215).