أنا عبد من عبيد محمد.. عن وجوب توقير رسول الله (ص) وتعظيمه

موقع الأئمة الاثني عشر
زيارات:1420
مشاركة
A+ A A-

 

كتب الشيخ ابراهيم جواد:

 إنّ أوّل درجات المحبّة لرسول الله صلى الله عليه وآله تكمن في تعظيمه وتوقيره وتبجيله بين الخلائق، فهو سيّدُهم وإمامهم وخيرهم على الإطلاق.

اشترك في قناتنا ليصلك كل جديد

ولرسول الله على أهل الإسلام منّة عظيمة إذ أخرجهم الله به من ظلمات الشّرك والضلال إلى نور الإيمان والعبوديّة لله تعالى، فلذلك يجب أداء حقوقه الكثيرة وأوّلها لزوم تعظيمه وتبجيله في كل وقت وأوان، وقد أمر الله تعالى بذلك في آيات عديدة فحثَّ على توقيره ومراعاة الأدب في مخاطبته ومعرفة قدر رحمته وشفقته على هذه الأمّة.

قال تعالى: (إنَّا أرسَلْنَاكَ شَاهِداً ومُبَشِّراً ونَذِيراً • لِتُؤْمِنُوا بالله وَرَسُولِهِ وتُعَزِّرُوهُ وتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وأصِيْلاً).

وقد أبرز أئمّةُ الهدى عليهم السلام هذا الأمر على أرض الواقع في سلوكهم العمليّ وأظهروا مقداراً كبيراً من الخضوع والتذلّل أمام مقام النبيِّ الأكرم صلى الله عليه وآله، ومن ذلك ما رواه الكلينيّ بإسناده عن أبي هارون مولى آل جعدة، قال: كنتُ جليساً لأبي عبد الله عليه السلام بالمدينة ففقدني أياماً ثمّ إنِّي جئتُ إليه فقال لي: لم أرك منذ أيام يا أبا هارون. فقلت: وُلِد لي غلام. فقال: بارك الله فيه، فما سمَّيْتَه؟ قلت: سميتُه محمداً. قال: فأقبل بخدِّه نحو الأرض وهو يقول: محمّد محمّد محمّد. حتّى كاد يلصق خدَّه بالأرض، ثم قال: "بنفسي وبولدي وبأهلي وبأبويَّ وبأهل الأرض كلِّهم جميعاً الفداء لرسول الله صلى الله عليه وآله، لا تسبّه ولا تضربه ولا تسئ إليه، واعلم أنه ليس في الأرض دارٌ فيها اسم محمد، إلا وهي تُقدَّسُ كلَّ يوم".

ومن ذلك أيضاً قول أمير المؤمنين عليه السّلام: "إنّما أنا عبدٌ من عبيد محمّد".

فإذا كان الإمام الذي هو خير أهل زمانه يتصرّف بهذا النحو من الخضوع والتذلّل عند ذِكْر رسول الله -صلى الله عليه وآله-، فيجب علينا متابعته في هذا الأدب الجمّ عند ذكر النبيّ والحديث حول شخصيّته وسيرته، ففي ذلك سعادة المسلم في الدنيا والآخرة؛ لأنّ التعبّد والتقرّب إلى الله بتعظيم رسول الله -صلى الله عليه وآله- له آثار معنويّة عظيمة في تطهير النّفس وازدياد المعرفة بالله وأوليائه.

ولا يخفى أنّ وجوه مراعاة الأدب كثيرة، وبعضها جليلٌ ودقيقٌ، وهذا يستدعي التأمّل والمراقبة في سلوكنا وأعمالنا إذا تعلّق الأمر برسول الله -صلى الله عليه وآله-، ألا ترى أنّ الله نهى الأعراب عن رفع أصواتهم عند مخاطبة النبيِّ صلى الله عليه وآله، مع أنّ بعض من يعلو صوته قد لا يكون قاصداً لإساءة الأدب، فكان يريد بذلك أن يربّيهم على توقير رسول الله ومراعاة وجوه الأدب معه والتواضع له، وتخليصهم من زلّات الجهل بقدره ومنزلته عند الله تعالى.

ومن الواضح أنّ النهي عن رفع الصّوت هو مثال من أمثلة الحثّ على التأدّب، وإلا فوجوه التعظيم ورعاية الأدب كثيرة جدّاً ينبغي للمسلم أن يتنبّه إليها في كلّ أمرٍ يرتبط برسول الله، كما في زيارته ورواية حديثه وتعليم سننه وبيان أخلاقه وسيرته والتحدّث عنه للناس وغير ذلك.

مواضيع مختارة