إنّ الكثير من الناس لا يذكرون الله إلّا عند بروز المشاكل. وينسونه في الرخاء، إنّ نسيان الله في حياة هؤلاء هو القاعدة والأصل، أي أنّه صار طبيعة، ثانية لهؤلاء، لذا فإنّ ذكر الله بالنسبة لهؤلاء والالتفات إلى وقائع الحياة الحقّة تعتبر حالة استثنائية في وجودهم، تحتاج في حضورها إلى عوامل إضافية، فما دامت هذه العوامل الإضافية موجودة فهم يذكرون الله، أمّا إذا زالت فسوف يرجعون إلى طبيعتهم المنحرفة وينسون الله.
والخلاصة، أنّنا لا نجد من الناس بصورة عامّة من لا يلجأ إلى الله ولا يخضع له عند ما تضغطه المشاكل الحادّة والصعبة، ولكن ينبغي أن نعرف أن الوعي وذكر الله تعالى في مثل هذه الظروف في مثل هذه والذي نستطيع أن نصفه بالوعي الإجباري، هو وعي عديم الفائدة.
إنّ المؤمنين والمسلمين الحقيقيين، يذكرون الله في الراحة والبلاء والسلامة والمرض والفقر والغنى، في السجن وعلى كرسي الحكم، وفي أي وضع كان. إنّ تغيير الأوضاع وتبدّل الحالات لا يغيّر هؤلاء. إنّ أرواحهم كبيرة بحيث تستوعب كل هذه الأمور، مثلهم في ذلك علي بن أبي طالب عليهالسلام، حيث كانت عبادته وزهده ومتابعته لأمور الفقراء لا تختلف عند وجوده في السلطة، أو عند ما كان جليس بيته.
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ـ يقول في وصف المتقين : «نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء».
وخلاصة القول: إنّ الإيمان والارتباط بالله وعبادته والتوسل به والتوبة إليه والتسليم له سبحانه وتعالى، كل هذه الأمور تكون مهمّة وثمينة وذات أثر عند ما تكون دائمية وثابتة، أمّا الإيمان الموسمي والتوبة والعبادات الموسمية، والتي تفرضها حالات خاصّة يمرّ بها الإنسان ويبغي من خلالها جلب بعض المنافع له، فليس لها أثر ولا قيمة. والآيات القرآنية توبخ أمثال هؤلاء الأشخاص دائما.