ومن ذلك على سبيل المثال:
من فقه البر:جاء النهي عن مجادلة الأب ومغالبته بالحجة، (إيجاب الحجة على الوالدين عقوق)، يعني الانتصار عليهما في الكلام، وكذلك السعي لغلبة حجته على حجتهما بالجدال كما يفعل مع سائر الناس.
ومن فقه البر:أن يحاول الولد فهم حاجات والديه ليبادر بها قبل طلبهما، فذلك أبلغ وأكثر وقْعا وحماية لهما من ذل المنة، كالمبادرة بالإهداء والهبة لهما ليتصدقا ويهديا مثلاً".
ومن فقه البر:حين يختارك الله ويصطفيك لتبرّ بأحد والديك أو كليهما.. فلا يفسدن الشيطان عليك هذا الاصطفاء فيقول لك:
وباقي إخوتك.. ما دورهم؟ أين هم؟
ومن فقه البر:تعشَّ العشاء مع أمك، تؤانسها وتجالسها وتقرُّ بك عينُها، أحبُّ إليّ من حجة تطوُّعاً.
ومن فقه البر:إذا جرحك أبواك بقول او فعل فأكظم غيظك وإن انفطر قلبك، فإنهما سريعا الفيء والندم، واعلم أن حزنك يفطر قلبيهما مرتين.
ومن فقه البر:إظهار حسن علاقتك بأخواتك وإخوتك، والسكوت عن ما قد يؤلمك منهم، والتماس المعاذير لهم، وإبداء محاسنهم، وإخفاء مساوئهم أمام والديك فإنه يسرهما.
ومن فقه البر:من المؤلم أن يكون للوالد عدد من الأبناء الكبار العقلاء، ثم لا تكاد تراهم معه في حاجته، بل يكون بصحبة صديق أو مع عامل يرافقه في المستشفى أو الى المسجد أو في المناسبات، ففي صحبتك له عز له وسرور وفخر وجزيل أجر لك تجد بوادره في ذريتك قبل آخرتك.
ومن فقه البر:أن لا تفصلك هذه الأجهزة عن التواصل الحسي واللفظي مع الوالدين، إثم وعيب عليك أن تكون بحضرتهما ومشغولا عنهما لان في هذا استهانة بقدرهما وإيلام لهما!
ومن فقه البر:حدثهما بما يريدان لا بما تريد، وأشعرهما بأنك تحبهما وتسعد بخدمتهما، فالعامل النفسي من أوسع مجالات البر إذا أحسنت استخدامه!
ومن فقه البر:أن لا تشعرهما أنّ إخوتك لا يهتمون بهما.. وأنك البار الوحيد.. أكّد لهما أنهما قرة أعين لأبنائهما وأن تقصير فلان كان لظرف طارئ!
ومن فقه البر:لا تحتد مع إخوتك في نقاش، ولا يرتفع صوتكم في حضرتهما، ففيه إزعاج لهما، وعدم احترام لمقامهما.
ومن فقه البر:أن يَعْلَم الواحد منا أن والديه عند الكبر تضيق نفساهما، وتكثر مطالبهما، ويقل صبرهما، {فلا تقل لهما أف}
ومن فقه البر:الإلحاح على الله بالدعاء أن يعينك ويوفقك لبر والديك..
وفي الختام نؤكد:إن بر الوالدين لا يقتصر على حياتهما، بل يعم حال الوفاة، ففي الرواية إن العبد ليكون باراً بوالديه في حياتهما، عاقاً لهما بعد وفاتهما، لذلك واظب على زيارة قبريهما وقراءة الفاتحة لهما، وعمل الخيرات لهما كالصدقات وكفالة الايتام وعلاج المرضى وبناء المساجد والحسينيات والمؤسسات الخيرية، وإهداء الثواب لهما، وسيعطيك الله ثواب ما تهبه لهما بالإضافة إلى وصول الثواب لهما، وسيكون ذلك موجباً لسعادتهما في عالم البرزخ، وستلمس التوفيق والبركة في حياتك ومماتك ببركة برك لوالديك في حياتهما ومماتهما.
(رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب)، سورة ابراهيم آية 41
رب اغفر لي ولوالدي، وارحمهما كما ربياني صغيراً.
* الشيخ عبد الله الدقاق – أستاذ في الحوزة العلمية