وتزداد هذه المشكلة تفاقماً في ظل عدم وجود خطط أو برامج متاحة أمام هذه الشرائح طيلة أيام العطلة الصيفية، هناك من يحرص على استثمار وقت الإجازة في تنمية مهارات الأطفال، وإكسابهم خبرات تعليمية تعزز مستواه في القراءة وممارسة الرياضة والهوايات ومهارات التفكير الابداعي، وتوسعة الأفق والخيال، فضلاً عن إثراء معرفته وثقافته الذاتية، من خلال وسائل تربوية وألعاب ومعينات بصرية عديدة، لا سيما تلك الوسائل التي يقبل عليها الطفل بشغف وحب، والسؤال الذي نعنيه هنا: كيف يستثمر الطفل العطلة الصيفية بشكل إيجابي؟ وكيف تساعده الأسرة على ذلك؟
الدكتورة عبلة عثمان، الأستاذة بكلية التربية بجامعة حلوان، تشير إلى ما يعرف بنظرية «الطاقة الفائضة» ومفادها أن الصغار يحتاجون إلى اللعب للتخلص من الطاقة الفائضة لديهم، ومن ثم تصبح عملية شغل أوقات فراغ الأطفال في فصل الصيف وموسم الإجازات، مسؤولية أسرية بالدرجة الأولى، لأن الطفل يحتاج أن يفرغ هذه الطاقة بشكل إيجابي، ولا يستطيع تحديد الطريقة بنفسه بكل سهولة، لذا يمكن للأبوين مناقشة أبنائهم في المقترحات والإمكانات المادية والمعنوية لهذه العطلة، فيخرجون بقرار يُرضي جميع الأطراف ولا يُوقع على عاتق الأب مصاريف كبيرة، فالعطلة الصيفية بعيداً عن جانبها المُمتع، فهي تنمّي مشاعر الحنان والتقرّب بين أفراد العائلة الواحدة، لذا لا بدّ من استثمار جميع جوانب الإجازة بما يخدم مصلحة العائلة من ترفيه وغيره.
وبإمكان الأسرة أن تدفع الطفل نحو الاتجاه الصحيح الذي تريده بإتاحة وتوفير المناخ اللازم للاستمتاع بالإجازة، وفي الوقت نفسه الاستفادة منها، حتى ولو من خلال اللعب، أو من خلال طرق بديلة بسيطة وعديدة، أهمها الاستفادة من حث الطفل على القراءة، وتنمية مواهبه وإمكاناته الذاتية باستغلال اللعب والهوايات التي يحبها.
أهداف
كما أن اللعب يسهم في إحداث تغييرات مرغوبة في البناء الجسمي وفي التكوين العقلي والنفسي للطفل، لذلك فإنه من الأهمية بمكان أن يعرف ولي الأمر كيف يوظف اللعب لتحقيق هذا الهدف، وينصح الآباء والأمهات بتوفير الألعاب التي تلائم المرحلة العمرية للطفل، ولا تتعارض مع الثقافة التي يراد للطفل أن يتربى عليها، والتأكد من أنها لا تلحق به أذى، وتحديد الألعاب التي تعمل على تنمية جوانب شخصية الطفل الجسمية والعقلية والوجدانية والمهارية والاجتماعية، ونلفت الانتباه إلى أن بعض أولياء الأمور يخطئون، إذ يعتقدون بأن اللعب لا فائدة ترجى منه، وأنه مضيعة للوقت وللجهد، والأجدر بهم أن لا يحرموا أبناءهم من جني ثمرات اللعب، لأنه يساعدهم على بناء شخصياتهم بناء سوياً متوازناً.
وتوضح الدكتورة عثمان: «إن الأهمية التربوية والنفسية للعب متعددة، فهو وسيلة من وسائل اكتساب السلوك القويم، ووسيلة من وسائل تطوير السلوك، ووسيلة من وسائل تحرير الطفل من التوتر النفسي، إلى جانب كونه وسيلة من وسائل تطوير التفكير، وتعليم الطفل القوانين والقواعد الأخلاقية والاجتماعية، ووسيلة من وسائل تفاعل المتعلم مع بيئته لأنه وسيلة من وسائل الإعداد للحياة. فضلاً عن كون اللعب التمثيلي يمكّن الطفل من الاستكشاف، حيث يكتسب قواعد السلوك من أدوار الكبار التي يمثلها».
وتضيف: «لعب الطفل بكل ما يقع بين يديه من أشياء يعمل على تنشيط ذاكرته، وتوسيع مداركه، وإكسابه قدرة على التخيل تنمو بما يتلاءم مع نوعية المثيرات المتاحة له، فما يكاد الطفل يصل إلى السن التي تمكنه من دخول المدرسة حتى يكون قد تكون لديه قدر كبير من الخبرات والقدرات التي تمكنه من التفوق على أقرانه الذين لم تتوافر لهم فرص ممارسة اللعب.
وحتّى يتسنّى لكل من العائلة وأطفالها قضاء وقت ممتع لا بدّ من تنظيم جدول زمني يُدرك فيه كلّ من الأبوين والأطفال كيفية قضاء وقتهم، إلى جانب وضع هدف من قبل الوالدين للأطفال والعطلة الصيفية وطرق استثمارها بما هو ممتع ومفيد بالوقت ذاته، كما تأتي تحديد وجهة السفر إذا كان هنالك نيّة للسفر والسياحة لا بدّ أن يشارك جميع أفراد العائلة في اتخاذ الرأي، حتّى يشعر جميعهم بفوائد الإجازة».
*الاتحاد