تعتبر الغيرة من أبرز صفات الرجولة، وقد أشار لذلك علماء الأخلاق حيث ذكروا أن من فقد غيرته من الرجال، فلن يعدّ منهم، بل عدّ جباناً، لأن الغيرة من آثار الشجاعة، كما أنه لا يمكن أن يتصف الرجل بالعفة ما لم يكن موصوفاً بكونه غيوراً.
وقد تضمنت النصوص أن فاقد الغيرة منكوس القلب، وكلما ازداد الإنسان كمالاً ومعرفة، ازداد غيرة، ولهذا عدّت الغيرة من أبرز صفات الأنبياء(ع) وخصائصهم، وقد جاء عن الإمام الباقر(ع) أنه أتي النبي (ص) بأسارى فخلى عن واحد منهم، فتعجب الرجل، وأجابه النبي (ص) إن فيك خصالاً يحبها الله ورسوله: الغيرة الشديدة على حرمك، وأقبح ما يكون في الرجل هو أن يفقد غيرته.
وقد تضمنت النصوص أن عفة الرجل على قدر غيرته، فمن كان له عفة فهو يترك الحرام، ومن لا عفة له فهو يقدم على فعله على اختلاف المراتب.
أقسام الغيرة:
ويمكن تقسيم الغيرة إلى ثلاثة أقسام:
الأول: الغيرة على النفس:
وأول ما يبدأ موضوع الغيرة عند الرجل في نفسه عندما يصونها عن القبائح والمذمومات، ولذا فإن للإنسان حمية أن يصرف نفسه عن كل ما ينقصها سواء في جوهرها أم في مظهرها.
الثاني: الغيرة على العرض:
فيكون غيوراً على أهله، ويدفع عنهم، وهذا يختلف عن سابقه، وقد جاء في الرواية: صونوا أعراضكم.
ولوجود الغيرة على العرض عند الرجل آثار مهمة في صلاة الحياة الاجتماعية والأخلاقية، لأن وجودها عنده يحصن الأسرة من نواحي عديدة، فيمنع من التفكك الأسري، ومن ثمّ هدم الأسرة وحصول الطلاق.
الثالث: الغيرة على الدين:
وذلك بأن يدفع الانسان عن الدين كل ما يشينه وينقصه، سواء كان ذلك بقول أم كان بفعل، سواء كان ذلك منه أم من غيره.
ويعد هذا القسم أهم الأقسام الثلاثة، وهو ملازم للإنسان في الدنيا والآخرة، وأما الأولان فيختصان بعالم الدنيا.
وكل من لا يحرك ساكناً ودينه ينتقص يكشف ذلك عن وجود خلل في دينه.
ومما يؤسف له وجود موجة من التشكيك اليوم تجاه الدين من خلال عناوين متعددة، مثل: حرية الرأي، والقراءات المتعددة للدين، وما شابه ذلك، وهذا كله يستوجب أن ينتفض الإنسان حيالها غيرة منه على الدين ودفاعاً عنه.
أسباب فقدان الغيرة:
ومع أن الباحث يقف على وجود أسباب متعددة في النصوص لفقدان الإنسان الغيرة، إلا أن أبرز تلك الأسباب وأهمها يعود إلى لقمة الحرام، وملئ البطون منها.
*سماحة الشيخ محمد العبيدان – باحث وأستاذ في الحوزة العلمية