قال تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) وقد كشف الله لآدم ما يكون عليه الشيطان من خبث من خلال التجربة العملية التي حصلت له، قال تعالى: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ)، وبالتالي نزول آدم وحواء إلى الأرض هو الذي يحقق تلك الخلافة ومن ذريتهما يكون الأنبياء والصالحين وبهما تعمر الأرض ومن خلالهما ينتصر الحق على الباطل.
وقد تعددت آراء المفسرين في سبب إدخال آدم الجنة، وإن اتفقت في كونه تمهيد لحياته في الأرض.
"لعل مرحلة مكوث آدم في الجنّة كانت مرحلة تحضيرية لعدم ممارسة آدم للحياة على الأرض وصعوبة تحمّل المشاكل الدنيوية بدون مقدمة، ومن أجل تأهيل آدم لتحمل مسؤوليات المستقبل، ولتفهيمه أهمية حمل هذه المسؤوليات والتكاليف الإِلهية في تحقيق سعادته، ولإِعطائه صورة عن الشقاء الذي يستتبع إهمال هذه التكاليف، ولتنبيهه بالمحظورات التي سيواجهها على ظهر الأرض.
وكان من الضروري أيضاً أن يعلم آدم بإمكان العودة إلى الله بعد المعصية. فمعصية الله ـ لا تسدّ إلى الإبد ـ أبواب السعادة أمامه، بل يستطيع أن يرجع ويعاهد الله أن لا يعود لمثلها، وعند ذاك يعود إلى النعم الإِلهية.
ينبغي أن ينضج آدم (عليه السلام) في هذا الجوّ إلى حد معيّن، وأن يعرف أصدقاءه وأعداءه، ويتعلم كيف يعيش على ظهر الأرض". الأمثل ج1، ص165.
وذهب العلامة الطباطبائي (ره) الى أن السبب هو كون إدراكات آدم وزوجته مازالت في عالم الأرواح والملائكة، ولم تصر الى الان مناسبة للحياة الأرضية، فرسم الحق سبحانه طريقاً لهما لحصول ذلك، من خلال "تفضيله على الملائكة لإثبات خلافته، ثم أمرهم بالسجدة، ثم إسكان الجنة، والنهي عن قرب الشجرة المنهية حتى يأكلا منها فيبدو لهما سوآتهما فيهبطا إلى الأرض، فآخر العوامل للاستقرار في الأرض، وانتخاب الحياة الدنيوية ظهور السوأة، وهي العورة بقرينة قوله تعالى: وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة فهو التمايل الحيواني و يستلزم التغذي و النمو أيضا فما كان لإبليس هم إلا إبداء سوآتهما". الميزان، ج1، ص73.
وقال ره: "و آدم و زوجته و إن كانا قد سواهما الله تعالى تسوية أرضية بشرية ثم أدخلهما الجنة لم يمكثا بعد التسوية، و لم يمهلا كثيرا، ليتم في الدنيا إدراكهما لسوآتهما و لا لغيرها من لوازم الحياة الدنيا و احتياجاتها حتى أدخلهما الله الجنة، و أنه إنما أدخلهما الله الجنة حين أدخلهما و لما ينفصلا و لما ينقطع إدراكهما عن عالم الروح و الملائكة، و الدليل على ذلك قوله تعالى: ليبدي لهما ما ووري عنهما و لم يقل ما كان ووري عنهما، و هو مشعر بأن مواراة السوآة ما كانت ممكنة في الحياة الدنيا استدامة و إنما تمشت دفعة ما و استعقب ذلك إسكان الجنة". المصدر نفسه.
وفي المحصلة يمكننا القول إن هبوط آدم إلى الأرض يمثل البداية لخلافته على الأرض، ولذلك قدر الله منذ البداية أن يكون آدم وحواء بداية الحياة البشرية على الأرض، ولكي يقف آدم على دور الشطان في إضلال ذريته كان لابد من الوقوف على ذلك بشكل عملي.