وفي النهاية سيجد الإنسان نفسه وحيداً، وإن لم يكن في هذه الدنيا ففي القبر الذي لا مفر منه ولا مؤنس هناك سوى عملنا.. فكيف نحافظ على هذه الحالة؟
الجواب من سماحة الشيخ حبيب الكاظمي:
إن ما ذُكر يعد درجة من الشفافية إذ اصبح هم التقرب الى الله تعالى هو الهمّ الشاغل، في زمن أصبحت الهمم لا تتجاوز صور المتع المادية، والتي تدور حول الأجوفين!
إن هذا الحال هو ما يسمى بانفتاح الأبواب الباطنية، أو مرحلة اليقظة التي لا تتم لولا الفضل الإلهي على الإنسان، فإن لله تعالى صوراً من دعوة البشر إلى طريق طاعته، ومنها إثارة الحالة الوجدانية عنده، وهذا الأمر يتم بعد القيام بطاعة معتبرة، أو بعد طول مجاهدة في هذا المجال. ولكن ينبغي الالتفات إلى أن هذه الحالة قد لا تدوم طويلا، وذلك فيما لو أتى الإنسان بما ينافى صدقه في السلوك إلى الله تعالى، وعليه فالخطوة الأولى هو إبقاء هذه الجذوة مشتعلة في النفس من خلال التأمل في تفاهة الدنيا من جهة، ومفارقة الإنسان لكل من افترضه محبوبا سوى الله تعالى، أليس كل من عليها فان؟!
إن السر الأساسي في وقوع أهل الدنيا في الغرام البشرى هي: رؤية شيء من الجمال المتمثل في أسارير الوجه المادي، والذى لا يعدو طبقات الجلد السطحية، والتي من الممكن أن يزول بفعل أي حريق يزيل كل جمال، بل يحوله إلى قبح ما وراءه قبح! فكيف بمن أذن له الرحمن أن يرى ذلك الجمال والجلال، الذي تجلى به على الجبل فجعله دكا وخر موسى (ع) صعقا.
حاول أن تكثر الطلب من الله تعالى أن يريكم هذا الجمال الذي لو فتح لكم الطريق إلى رؤيته، لأصبح السير لديكم، سيرا تلقائيا حثيثا لا يوقفه شيء دون الوصول إلى مرحلة اللقاء الإلهي.. رزقنا الله تعالى ذلك عاجلا بمنه وكرمه.