فما هو هذا الجحيم الذي يجعل بعض الأمهات يعاملن فتياتهنّ بهذه الطريقة السيئة علمًا بأن الفتاة ستتأثر بهذه التصرفات حتى بعدما تصبح بالغة ولن تنسى هذه المعاملة، وهل نستطيع أن نشعر بهنّ كشعورنا بباقي المشكلات؟
ربما لا يصدق الكثيرون هذه الحالة التي تمرّ بها الأمهات وخصوصًا إن كانت المطلعة على هذا الموضوع أمّ مثلها لديها ما لديها من مشاعر الحب والخوف والإيثار اتجاه ابنتها، فهل نستطيع استيعاب ما نسمعه من مشاعر الكره والحقد وتمنّي الموت التي تواجهها بعض الفتيات من قِبل أمهاتهنّ، وهل نستطيع أن نشعر بما تشعر به هذه الفتيات وبما سيتعرضن له في حياتهن أو بما سيقدمون على فعله إزاء هذا الأمر، بالطبع لن نستطيع أن نتخيّل الحالة إن لم نكن قد عانينا مثلها، وقد كتبنا هذا المقال لنوضّح بعض الأسباب المتعلّقة بكره الأم لابنتها والتي لا نستطيع أن نعتبرها مبرّرًا على أي حال.
أسباب كره الأم لابنتها
نبين فيما يأتي أبرز أسباب كره الأم لابنتها حسب الأبحاث النفسية والتحليلات المنطقية:
الحب الصعب: لا يوجد بالطبع أي سبب يجعل الأم تكره ابنتها ويمكن أن ما تفهمه الابنة على أنه كره يكون نوعًا من الحب الذي يسمى الحب الصعب أو القاسي، وهو أن تحب الأم طفلها وتفضل أن يتفوق على إنجازاتها وتجعله أفضل منها فتعامله معاملة فظة لتساعده على المدى الطويل في تحقيق مصلحته ليكون ناجحًا، وهنا تكون الكراهية في الواقع نوعًا من أنواع التشجيع المقنعة ولكن أحيانًا قد تؤذي الأم طفلها وتبعده عنها أكثر دون أن تشعر ظنًّا منها أنها تدفعه للحصول على أفضل العلامات ليكون الأفضل في كل مواقع حياته، وفي هذه الحالة يمكن تنبيه الأم لتصرفاتها لتجعلها أكثر إيجابية وتكون داعمة للطفل.
عقدة نفسية: بعض الأمهات يعاملن بناتهن على نحو سيء بسبب حالة نفسية قد تفاقمت إلى مرض، وقد يحدث هذا الأمر نتيجة أمر قد حدث للأم سابقًا أو نتيجة تربية خاطئة قد تلقتها من أمها في الصغر، فبالرغم من وجود مجموعة من الأمهات يحاولن أن يوفرن لبناتهنّ كل ما فقدنه في حياتهن الطفولية والشبابية من حنان الوالدين إلّا أنّه يوجد جزء ممن يفتقدن كل مشاعر الحنان وينتقمن من كل من حولهن بتطبيق ما طُبِّق عليهن من مشاعر القسوة والكره، ولكننّا لن نستطيع أن نشفق على الأم أو نقف إلى جانبها ونشعر بشعورها، لأنّ الفرد الطبيعي إن أحس بأنه قد بدأ بظلم نفسه أو ظلم من حوله بسبب عقدة نفسية بدأت تظهر على سلوكه فعليه أن يعالج هذا الأمر بسرعة فائقة، وحتى إن شعرت المرأة بأنها لا تسطيع أن تتقبّل فكرة الأمومة فلماذا تأتي بهؤلاء الأبناء الذين لا ذنب لهم في ذلك، ورغم كل هذا فإننا لا نستطيع أن نسمّي هذا سببًا إن كانت الأم قد اختصت هذه المعاملة لابنة واحدة دون كل بناتها أو أبنائها، فالتي تستطيع أن تحب أحد أبنائها لا تستطيع أن تكره أحدهم عن قصد.
الغيرة: تعد الغيرة من المشكلات النفسية التي تفتك بالشخص ومن حوله إن ازدادت عن حدّها، وتدل هذه المشكلة على عدم الثقة والقناعة بالنفس، وقد تكون سببًا في كره الأم لابنتها، فنجد الكثير من النساء يشعرن بالغيرة من بناتهنّ إن أحسّت بأنّ هذه الابنة قد بدأت بأخذ جزء كبير من اهتمام الأزواج وخصوصًا إن رافق هذا فقدان الاهتمام بها من قِبل الزوج بغض النظر عن السبب، كذلك فقد تغار بعض الأمهات من المديح الذي تتلقاه فتياتهن سواء من الآباء أو من الأشخاص المحيطين، وقد لا تتقبّل فكرة أن ابنتها في أوج شبابها وجمالها وأن حياتها ما زالت في البداية لتجرّب كل شيء وتعيش كل شيء بيد أنها بدأت بفقد شبابها وفرصها الحياتية رويدًا رويدًا، ورغم أننا أيضًا لا نستطيع أن نتقبّل هذا السبب إلّا أنه بكل تأكيد قد يكون من الأسباب البارزة التي تعاني الابنة من كره والدتها بسببه.
تصرف سابق أزعج الأم: في حال كنت قد تصرفت سابقًا بالماضي بطريقة أزعجت والدتك وأغضبها ولا تستطيع التغاضي عن الأمر ولا نسيانه فيمكن في هذه الحالة التقدم باعتذار نابع من القلب وإصلاح العلاقة بغض النظر عن من هو على حق ومن هو على باطل خاصةً إذا كنت تؤمنين بأنك فعلت شيئًا في الماضي ليزعجها يجب عليك التعامل مع مشاعرها وتقبلها ومحاولة تغيير رأيها. خطوات لتحسين علاقتك مع والدتك
توجد العديد من الخطوات التي يمكن القيام بها لتحسين علاقتك مع والدتك ومنها:
بادري بأول خطوة: يجب عليك المبادرة بأول خطوة لتحسين علاقتك مع والدتك عن طريق الاعتذار لها بطريقة مباشرة أو عن طريق إحضار ورود وهدايا لها، كما يمكن الذهاب معها لحضور فيلم في السينما، أو ممارسة أي نشاط معها ممكن أن يجعلها سعيدة. غيري من نفسك: يجب عليك تغيير نفسك وذلك بتطوير وتحسين علاقتك مع والدتك فمثلًا يجب التغيير من ردات فعلك تجاه أفعالها التي لا يمكن تغييرها وهذا سيحسن من علاقتكما معًا، كما يجب عليكِ عدم توقع تغير تصرفاتها حتى لا تصطدمي بالحقيقة المرة بأنها لن تتغير.
ضعي توقعات يمكن تحقيقها: أنت ووالدتك لديكما توقعات للحصول على علاقة مثالية فمثلًا أنتِ تتوقعين أن والدتك يجب أن تكون حاضرة في كل الأوقات وهذه الفكرة قد وجدت في عقلك منذ الصغر فهي دائمًا موجودة لمساعدتك في أي ظرف، ولكن الحقيقة أنكِ قد كبرت ونضجت فيجب أن لا تتوقعي أن تكون الأمور كما كانت عليه وأنتِ طفلة فأنتِ ناضجة الآن.
ابقي على تواصل دائم: تعد قلة التواصل بينكما تحديًا حقيقيًّا بينكما، وأحيانًا بسبب قربكما من بعضكما ستفترض إحداكما أن الأخرى تعرف كيف تشعر دون أن تخبرها، ولكن لا يمكنكما فعليًّا قراءة الأفكار فيجب أن تكوني واضحة وتتحدثي عن ما يزعجك بهدوء ووضوح وبطريقة مؤدبة.
كوني مستمعة جيدة: يمكنك أن تكوني مستمعة جيدة وفهم ما تقوله والدتك وفهم ما بين السطور من مشاعر أو رسائل تريد والدتك إرسالها لحمايتك، بدلًا من افتراض ما ستقوله والدتك هذا سيسعدها وستشعر بأنها مسموعة ومفهومة.
أصلحي أخطاءك بسرعة: أحيانًا تصدر عنك أخطاء لا بأس بذلك فلا أحد معصوم عن الخطأ ولكن يجب إصلاح الأخطاء وحل النزاعات بسرعة مع والدتك حتى لا تتفاقم المشكلة الصغيرة وتتحول لمشكلة كبيرة.
ضعي نفسكِ مكان والدتك: ويمكن تشبيه ذلك بالكاميرا الرقمية التي تقدم لقطة عادية أو الكاميرا البانورامية والتي توفر توسيع العدسة لرؤية أوسع وأفضل، فعندما تضعين نفسك في مكانها ستشعرين بما تشعر وتقدمين لها بدائل أو حلول لإرضائها لعلمك أنها تفعل بعض الأمور بسبب حبها لكِ.
تعلمي التسامح: عندما تسامحي شخصًا ما هذا لا يعني أن فعله أمر جيد ولكن يعني أنكِ قررتي التغاضي عن أثره وتغفري، وقوة المسامحة تعود مباشرةً على الشخص الذي سامح، وكلما سامحت كان إصلاح الضرر أسرع.
حاولي البقاء في الحاضر: ابقي في الحاضر مع نسيان أي خلافات قديمة وعدم ذكرها حتى مع نفسك مع المحاولة على التركيز على الحاضر.
ضعي حدودًا: يمكن وضع بعض الحدود وإن تخطتها والدتك يمكن أن تقولي لها أن الحديث بهذه الطريقة يزعجني وأنك تفضلين طريقة أخرى للحديث.
وأخيرًا أهم شيء يجب أن تفهميه هو أن طريقة والدتك بالتعامل معك لا تعكس قيمتك وإنما هي انعكاس لسوء فهمها للعلاقات والحب، وإن كانت تكرهك بالفعل فهذا لا ينم عن شخصيتك أو قيمتك، وإن كانت تتعامل معك بكره فهذا أمر ينبع من داخلها وهي بحاجة لحل مشكلتها مع نفسها أولًا وليس معك، ويمكن الذهاب إلى طبيب نفسي وحدك أو معها إن وافقت، أما إذا ما زال يؤلمك تصرفها تجاهك يجب عليك التعامل مع هذه المشاعر فيمكنك الذهاب لمختص للحديث عن مشاعرك السلبية ليساعدك بمهنية لتخطي هذه المشاعر السيئة بغض النظر عن تغير والدتك وهذا سيكون مفيدًا جدًّا لكِ أما إن لم يمكنك الذهاب لمختص يمكنك التحدث مع أشخاص كصديقاتك المقربات للتنفيس عن ما في نفسك وأخذ النصائح.
* حياتكِ