إذا كان الولد الذي هو فلذّة من الكبد لا يعدّ من الأهل، عند المخالفة والعصيان، فبطريق أولى لا يكون من أصحابه، حتّى ولو صاحبه وعاشره ليل ونهار، ومجرّد المصاحبة ولو لدقائق أو ساعات لا يدلّ على الفضل والطهارة وصحّة العمل والعدالة، فهذا ابن نوح خير شاهد ودليل، إنّه لم يركب سفينة والده، سفينة النبوّة والنجاة، فإنّه يهلك لا محالة، كما إنّه ليس من أهل نوح 7 حتّى ولو كان في بيته وصاحبه في ليله ونهاره، فلا تنفعه المصاحبة، بل ولا النسب ولا السبب، وكذا الكلام في زوجة لوط، فإنّها من الهالكات ولم تنفعها صحبة النبيّ ومعاشرته، بل والعلقة الزوجيّة والحياة المشتركة، فالملاك هو الحقّ ومتابعته، واعرف الحقّ تعرف أهله، والحقّ مع عليّ 7 وعليّ مع الحقّ، أينما دار عليّ يدور الحقّ معه:
(وَمَنْ تَبِعَني فَإنَّهُ مِنِّي) [2].
فالملاك معرفة الحقّ ومتابعته، لا مجرّد النسب أو السبب من الزوجيّة أو الصحبة أو ما شابه ذلك، وهذا ما يقرّبه الوجدان ويدلّ عليه البرهان من الأدلّة
العقليّة والنقليّة، ومن هذا المنطلق نقول: ليس كلّ من صاحب الرسول فهو عادل لا يقدح فيه ويؤخذ منه الدين ويهتدى به، فهذا غير معقول، بل من أطاع النبيّ في حياته وبعد رحلته في وصيّه وخليفته بالحقّ، ولم يرتدّ عمّـا أمر به النبيّ (ص)، فإنّه من الصحابة العدول الذين يُترضّى عليهم ويترحّم، وإلّا فلعنة الله على القوم الظالمين حتّى ولو كان ابن نوح، فإنّه ليس من أهله ولا أصحابه .
والإمام الحسين سيّد الشهداء (ع) بتضحياته المقدّسة ودفاعه عن الإسلام وبدمه الطاهر، وإنّه من بيت الوحي والنبوّة، حامل الرسالة السماويّة السمحاء، وعبء الإمامة العظمى، والعصمة الكبرى، جسّد لنا الحقّ، وتجلّى الربّ بأسمائه وصفاته فيه، فكتب على عرشه المقدّس : «إنّ الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة »، فمن دخل هذه السفينة الحسينيّة فإنّه من أصحاب النبيّ (ص)، فإنّه قال : «حسين منّي وأنا من حسين »، فسفينة الحسين سفينة الرسول، فمن لم يركبها وترك ولايتها، واختار وليجة دونها، وتبع ولاية فلان وفلان، فإنّه ليس من أهل النبيّ ولا من أصحابه الكرام، بل هو من الهالكين في الدرك الأسفل من الجحيم، كما هلك ابن نوح . ولا عداء شخصيّ لنا مع أحد، إنّما الملاك هو الحقّ، فقل الحقّ ولو على نفسك، أفمن يهدي إلى الحقّ أحقّ أن يتّبع أمّن لا يهدي إلّا أن يهدى؟! ما لكم كيف تحكمون؟!
الهوامش: [1] هود: 45 ـ 46. [2] إبراهيم: 36.