يعد الاكتئاب أحد الأمراض النفسّية، ويتمثّل في الشعور الفراغ، واليأس، وغياب الشغف، والمتعة بشكل عام، لمدة تزيد عن أسبوعين متواصلين.
لماذا النساء أكثر عرضة للاكتئاب؟
يزيد خطر إصابة النّساء بالاكتئاب حوالي الضعفين مقارنةً بالرّجال، وذلك يعود إلى عدّة عومل نذكر منها الآتي:
التغيّرات الهرمونية
يرتبط خطر الإصابة بالاكتئاب عند النّساء بهرمون الأستروجين والتقلّبات التي تحدث في معدلاته بالجسّم، وتظهر هذه التقلّبات بشكل واضح في مرحلة انقطاع الحيض، وبالتالي تكون المرأة أكثر عرضةً للإصابة بالاكتئاب وأعراضه الجانبية.
الحمل والعقم
تتعرّض النّساء للعديد من العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب، وأبرزها التقلّبات الهرمونيّة التي تحدث خلال الدورة الشهرية، والحمل، والإجهاض، والعقم، وفي هذه الحالات يميل جسم المرأة لإفراز هرمون التوتر، ولا يمكن إيقافه، بعكس ما يحدث في جسم الرّجل، حيث يكون هرمون البروجيسترون قادراً على كبح أو إيقاف هذا الهرمون، ويفسر هذا ارتفاع معدلات الإصابة بالاكتئاب عند النساء مقارنة بالرجال.
مشاكل مرتبطة بفترة ما قبل انقطاع الحيض
قد يتطوّر نوع من الاكتئاب المسمّى بالاضطراب المزعج السّابق للحيض، حيث ينتج عنه تطورٍ حاد لأعراضٍ قد تختبرها بعض الإناث في فترة ما قبل انقطاع الحيض، وتتراوح هذه الأعراض ما بين انتفاخ للبطن، وليونة في الصدر، والإصابة بالصداع، والتعرّض للقلق، وحدوث تهيّجات، وحزنٍ قصير أو طويل الأمد، وقد تتطوّر هذه الأعراض لتؤثّر في حياة المرأة بشكلٍ عام كدراستها، وعملها، وعلاقاتها الاجتماعية لتصل إلى مرحلة الاكتئاب المرتبط بما قبل انقطاع الحيض.
اكتئاب ما بعد الولادة
تتعرض الكثير من الأمّهات لمشاعر الحزن، أو الغضب، أو الانفعال بعد الولادة وهذا ما يسمّى باكتئاب ما بعد الولادة، فقد تستمر هذه الحالة لأسبوعٍ أو أكثر، وقد تختبر الأنثى مشاعر مشابهة أيضًا عند أخذ أدوية تحديد النسل؛ أي حبوب مانع الحمل، أو التعرّض للعلاج الهرموني.
أحداث الحياة المجهدة
تشير العديد من المعلومات إلى تعرّض المرأة إلى العديد من الأحداث المجهدة في الحياة، مثل: الأعمال المنزلية، وتربية الأطفال، وغيرها، وبالتالي قد تكون نتيجةً للإجهاد المتكرر الذي تواجهه في الحياة اليومية أكثر عرضةً للإصابة بالاكتئاب؛ مقارنةً بالأشخاص الذين يواجهون إجهاد أقل في حياتهم اليومية.
مشاكل متعلقة بنظرة الأنثى لجسدها
حيث تزيد مراقبة الأنثى لتغيّرات جسدها خلال مرحلة البلوغ، وقد يسبّب عدم رضاها عن هذا التغيّر في تطوّر حالة الاكتئاب خلال مرحلة المراهقة.
مشاكل متعلّقة بالعمر
عادة ما تعيش النساء لفترات أطول من الرّجال بحسب الدراسات والإحصائيات المتعلّقة بهذا الموضوع، وغالبًا ما يرافق مرحلة الشيخوخة العديد من الآثار والمشاعر السلبية، كذلك ترتبط هذه المرحلة كغيرها من المراحل العمرية بالعديد من التغيّرات الجسدية، ومنها انخفاض القدرة الجسدية، والإصابة بالأمراض، وغيرها من الآثار التي تقود بدورها لرفع خطر الإصابة بمرض الاكتئاب.
أعراض الاكتئاب لدى النساء
تتضمن أعراض حالة الاكتئاب التي تصيب الإناث كل مما يلي:
- التعرض للقلق، والحزن، والشعور بالفراغ بشكل مستمر، بالإضافة إلى الرّغبة الملحة بالبكاء.
- انعدام الشغف، وغياب المتعة للقيام بأنشطة الحياة اليومية والروتينية.
- مواجهة مشاعر مختلطة، بين الذنب، والعجز، واليأس، والتشاؤم، وغيرها.
- الميل إلى النوم لساعات طويلة وأكثر من المعتاد.
- المعاناة من حدوث زيادة أو نقصان غير مفسّر في وزن الجسم.
- مواجهة أفكار انتحارية أو تتعلق بالموت بشكل عام.
- مواجهة مشاكل في التركيز، أو ضعف في الذاكرة، أو مواجهة صعوبات في اتخاذ القرار.
- مواجهة مشاكل صحيّة جسدية لا تستجيب للعلاجات المتبعة لها، مثل: الصداع، واضطرابات الجهاز الهضمي، والآلام المزمنة.
نصائح وحلول للتغلّب على الاكتئاب
سنورد هنا بعض النصائح التي يمكن اتباعها للتقليل من شدة أعراض مرض الاكتئاب، حيث من المهم جدًّا التغلّب عليه للحفاظ على صحّة نفسيّة سليمة للتمكن من القيام بأنشطة الحياة المختلفة والمحافظة على جودة الحياة، ومنها ما يلي:
- قومي بمتابعة مواعيد الدورة الشهرية، وهي التي يحدث فيها تغيّرات جسديّة ونفسية عند أغلب السيدات، ثم حاولي الموازنة
بينها وبين الحياة اليومية، واتبعي الاستراتيجيات التي تساعدك على التكيّف معها، وتعويض النقص الهرموني الذي يحدث خلالها.
- تحدثي مع طبيبك الخاص في حالة الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، ولا يقل ذلك أهمية عن ضرورة تقديمك للنصائح للسيدات
الأخريات اللواتي يعانين من اكتئاب ما بعد الولادة أو الاضطرابات النفسيّة خلال فترة الحمل.
- إحرصي على التعامل مع أشخاص يقدمون لكِ الدعم والرعاية، بالإضافة إلى ضرورة إحاطة نفسك بالأشخاص الذين يقدمون
النصائح الإيجابية.
- حاولي إشغال نفسك عن طريق إحاطتها بالأشخاص والتواصل مع الآخرين، أو المشاركة بأنشطة اجتماعيّة مختلفة في هذه
الفترة، على الرغم من أنّ ذلك لا يبدو مريحًا ولكن قد يخفّف من الاكتئاب وأعراضه بشكلٍ كبير.
- احرصي على تجربة تقنيات الاسترخاء مثل: اليوغا، أو التأمل، أو التنفس العميق، حيث يساعد ممارسة ذلك يومياً على تخفيف
أعراض الاكتئاب، وتعزيز مشاعر الفرح والراحة.
- اتبعي نمط حياة صحّي يهدف إلى لتقليل من التوتر، بحيث يكون أقلّ إجهادًا، وذلك من خلال وضع حدود لما تقدرين فعله،
وممارسة نشاطاتٍ ترفيهيّة خلال يومكِ، فمثلًَا يمكنك الاعتناء بحيوان أليف، أو النوم لعدد ساعات كافي، أو الاعتناء بنفسك بشكلٍ أكبر.
هل تتعرّض جميع النساء للاكتئاب بنفس الطريقة؟
بشكل عام لا تتعرض جميع النساء لحالة الاكتئاب بنفس الطريقة، حيث قد تختلف أعراض الاكتئاب وحدتها بين امرأة وأخرى، كما قد يختلف الاكتئاب اعتماداً على الشخصية، والصحة العامة، والإصابة بأمراض أخرى.
هل يوجد علاج للاكتئاب؟
من الجيد ذكره أنه يوجد العديد من الطّرق العلاجيّة للاكتئاب، وحتى الحالات الشديدة منه، وبالتالي يجب مراجعة الطبيب والتواصل معه بشكل مباشر فور الاعتقاد بالإصابة بالاكتئاب أو الشعور بأحد أعراضه، والذي قد يختار طريقة العلاج اعتماداً على الحالة، وقد تتنوع الطريق بين الأدوية الطبية، والجلسات العلاجية، أو كلاهما معاً، كذلك قد يقدم الطبيب العديد من النصائح التي تساعد على تحسين جودة الحياة والتحكّم بالحالة المزاجية.
هل يعتبر الاكتئاب مرضًا وراثيًّا؟
لا يوجد أدلة تشير على وجود نمطٍ وراثي معيّن للاكتئاب، بحيث ينتقل من الآباء إلى الأبناء، وكل ما ظهر في الدراسات المختلفة هو زيادة خطر الإصابة به عند وجود أقارب من الدرجة الاولى قد أصيبوا به سابقًا كالآباء أو الأخوة، ولكن في الوقت نفسه قد ظهرت حالات متعددة لأشخاص أصيبوا بالاكتئاب دون وجود أي تاريخ عائلي للإصابة به.
* رغد شربجي - كاتبة ومتخصصة في هندسة الجينات والتقنيات الحيوية