هناك.. أصبحت هذه الظاهرة مرضاً شائعاً، وبحكم تأثر محيطنا ومجتمعاتنا بما تصدّره لنا هذه المجتمعات من ثقافات على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام عموماً؛ لابد لنا من أن نحصّن أنفسنا من استشراء هذه العادة السيئة وهو ما نريد أن نسلط الضوء عليه من خلال هذا المقال.
وثبت أن 35% من الرجال يستخدمون الإنترنت لهذه الغاية، من بينهم 50% يعانون أزمات ومشكلات نفسية مزمنة بسبب هذا التعلق غير الطبيعي والبعيد كل البعد عن الصحة النفسية والجسدية.
بعد مجموعة دراسات قام بها، كتب الدكتور دايف كورّي وهو باحث لغوي، صاحب عمود أسبوعي في إحدى الصحف العالمية ومستشار نفسي واجتماعي متخصص بالعلاقات الزوجية والأزمات وقضايا الأسرة، ورئيس مؤسسة "تأسيس عائلة سليمة"، كتب عن إدمان المواقع والأفلام الإباحية وتأثيره في الزوج خصوصاً وفي الحياة الزوجية عموماً، مشيراً إلى الأسباب، والنتائج والحلول الواقعة ضمن إطار إدمان الإباحية عند الرجال.
- الإباحية مفهوم خاطئ
تحاول الأفلام الإباحية أن تبرز العلاقة الحميمة باعتبارها علاقة غير مشروطة، حرة، لا تحكمها قيود ولا أصول، لا ضرورة بأن تبنى على الحب وصدق المشاعر، بل تختصرها هذه الأفلام والمواقع بأنّها علاقة جسدية عابرة، ويقول الدكتور دايف في هذا الإطار: إنّ هذه الفكرة غير صحيحة، بل إنها مدمرة ومبنية على أساس وهدف واحد، وهو الدعاية والبيع الكثيف الذي يبتغيه أصحاب هذه المواقع.
ويضيف: "إن أبشع رسالة يتلقاها الرجال من مشاهدة الأفلام الإباحية هو ترسيخها لمفهوم كارثي يقول إنّ الجنس والحب والألفة لها نفس المعنى".
- زوجك مدمن أفلام إباحية؟
للأسف إنّ معظم مدمني المواقع والأفلام الإباحية متزوجون، حيث أصبح الإدمان على مشاهدة هذه المواقع يتصدّر قائمة "أسباب الطلاق" في عصرنا هذا، ولكن اليوم يقدم لك الدكتور كورّي حلولاً وأفكاراً بديلة عن الانهيار والتخبط النفسي والضياع، رافضاً خيار "الانفصال" الذي بات أسهل طريق لدى زوجات مدمني الأفلام الإباحية، حيث يقول دايف إنّ الطلاق هو اختيار أسهل طريق للعذاب والمعاناة.
طبعاً مشاهدة الزوج للأفلام الإباحية تعتبر خيانة للزوجة، فالخيانة لا تكون بالفعل فقط، بل إنها تبدأ بالفكر أوّلاً، لذا فإن جرح الزوجة عند اكتشاف إدمان زوجها على مشاهدة المواقع الإباحية، لا يقل أهمية وصعوبة عن اكتشافها لخيانته مع امرأة أخرى.
- التحدث بثقة وصدق:
إذا كان زوجك يشاهد المواقع الإباحية ستشعرين بإهانة وخيانة، ولكن حاولي التحدث معه بمنطق، وبثقة بالنفس وبكل ما تقدمينه كزوجة، تحدّثي بصدق مشاعر وتصرفي بحكمة وصبر، عاقبيه ولكن بحكمة ومساندة ومساعدة للإقلاع عن هذا الإدمان.
- التحكم بالمشاعر:
قبل أن تبدأي بالمساءلة والمحاسبة، تحكمي بردة فعلك، بمشاعرك المجروحة وقلبك الحزين، خذي دور الزوجة الناضجة، الواعية والمتيقظة لكافة الأمور والمدركة لخطورة الموقف وخطورة تصدُّع جدران العائلة وأساسات الحياة الزوجية.
طبعاً لديك الحق، كل الحق بالثورة والغضب، والبكاء والانهيار، ولكن ننصحك بالتعقل والتهدئة كي لا تزيدي الأمور سوءاً وتعقيداً، بل تحدثي بصدق وصراحة مع زوجك كي تتوصلا إلى حل منطقي، يعيد لك كيانك ويشفي زوجك من إدمانه.
- تداعيات هذا الإدمان:
إدمان المواقع الإباحية يطمر الحب في التراب، يمكن أن يقتل العلاقة العاطفية بين الزوجين، لأنّه عند إدمان مشاهدة الأفلام الإباحية يصبح الزوج غير راضٍ عن زوجته.
- المساءلة بهدف الاستفسار لا اللوم:
أنتِ تملكين كل الحق والصلاحية بطرح الأسئلة الصريحة وتلقي الإجابات الواضحة والشافية حول هذه المسألة، ولكن ابتعدي عن إلقاء اللوم على زوجك ورمي التهم جزافاً، فهذا الأسلوب يشفي غليلاً ولا يشفي جرحاً أو يعالج أزمة. اطرحي كافة الأسئلة التي في بالك وفي قلبك، ربّما كانت المشكلة ناتجة عن فراغ أو فتور أنتِ سببه، ضعي كافة الاحتمالات لتستعيدي حب زوجك وسلامته.
- ضرورة وجود طرف ثالث:
إضافة إلى ضرورة المصارحة بين الزوجين والتحدث عن المشكلات، هناك ضرورة بحتة لوجود طرف ثالث، ذي خبرة في هذا المجال، يمكن أن يكون طبيباً أو معالجاً نفسياً أو مرشداً أسرياً.
- إقناع الزوج بضرورة تلقي العلاج:
إنّ عدم تلقي العلاج أمر خطير سيؤدي حتماً إلى دراما بل تراجيديا زوجية. قبل اتِّخاذ قرار البقاء أو الانفصال والمحاسبة، عليك إقناع زوجك بضرورة العلاج للتخلص من مشكلة الإدمان التي فعلاً لا تقل أهمية وخطورة عن الإدمان على المخدرات، بل يضعها المحللون النفسيون والأطباء المعالجون لهذه الحالات، في نفس الخانة مع إدمان المخدرات أو إدمان الكحول.
*رولا مداح