فهل تعلم أن أول ( مقتل ) متكامل يصف حالتها بعد فقد أبيها إلى حين وفاتها كان من قراءة أبيها النبي صلى الله عليه وآله، حيث بدأ ببيان فضائلها ثم مصائبها.
وهذا النص موجود في واحد من أقدم وأفخم كتبنا وهو أمالي الصدوق رضوان الله عليه، وإن المأمول من الخطباء والراوديد الكرام قراءة هذا النص في لحظات العزاء ولوعة البكاء.
وأما النص النبوي فهو على جزئين.. فضائل ورثاء:
الفضائل:(وأما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بضعة مني، وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبي، وهي الحوراء الإنسية.
متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض.
ويقول الله عز وجل لملائكته يا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة إمائي قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، أشهدكم أني قد آمنت شيعتها من النار.
الرثاء:وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي، كأني بها وقد دخل الذل بيتا وانتهكت حرمتها، وغصبت حقها، ومنعت إرثها، وكسرت جنبتها، وأسقطت جنينها، وهي تنادي يا محمداه، فلا تجاب، وتستغيث فلا تغاث.
فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة، وتتذكر فراقي أخرى، وتستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجدت بالقرآن ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة.
فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة، فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران فتقول: يا فاطمة "إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين" يا فاطمة "اقنتي لربك واسجدي واركعي من الراكعين ".
ثم يبتدى بها الوجع، فتمرض فيبعث الله عز وجل إليها مريم بنت عمران تمرضها وتؤنسها في علتها، فتقول عند ذلك: يا رب إني قد سئمت الحياة، وتبرمت بأهل الدنيا فألحقني بأبي، فيلحقها الله عز وجل بي فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي.
فتقدم على محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة، فأقول عند ذلك " اللهم العن من ظلمها، وعاقب من غصبها، وذلل من أذلها، وخلد في نارك من ضرب جنبيها، حتى ألقت ولدها " فتقول الملائكة عند ذلك آمين.
اللهم اجعلنا من الحب الجيد.. ولا تجعلنا من الحب الرديء