هذه العبارة يستفاد منها أنّ انتشار نسل آدم، وتكاثره قد تمّ عن طريق آدم وحواء فقط، أي بدون أن يكون الموجود ثالث أي دخالة في ذلك.
وبعبارة أخرى أنّ النسل البشري الموجود إنّما ينتهي إلى آدم وزوجته من غير أن يشاركهما في ذلك غيرهما من ذكر أو أنثى.
وهذا يستلزم أن يكون أبناء آدم (أخوة وأخوات) قد تزاوجوا فيما بينهم، لأنه إذا تمّ تكثير النسل البشري عن طريق تزوجهم بغيرهم لم يصدق ولم يصح قوله: «منهما».
وقد ورد هذا الموضوع في أحاديث متعددة أيضا، ولا داعي للتعجب والاستغراب إذ طبقا للاستدلال الذي جاء في طائفة من الأحاديث المنقولة عن أهل البيت عليهم السلام إنّ هذا النوع من الزواج كان مباحا حيث لم يرد بعد حكم بحرمة «تزوج الأخ بأخته».
ومن البديهي أن حرمة شيء تتوقف على تحريم الله سبحانه له، فما الذي يمنع من أن توجب الضرورات الملحة والمصالح المعينة أن يبيح شيئا في زمان، ويحرمه بعد ذلك في زمن آخر.
غير أنّه قد صرّح في أحاديث أخرى بأن أبناء آدم لم يتزوجوا بأخواتهم، وتحمل بشدّة على من يرى هذا الرأي ويذهب هذا المذهب.
ولو كان علينا عند تعارض الأحاديث أن نرجح ما وافق منها ظاهر القرآن لوجب أن نختار الطائفة الأولى، لأنّها توافق ظاهر الآية الحاضرة كما عرفت قبل هذا.
ثمّ أنّ هاهنا احتمالا آخر يقول: إن أبناء آدم تزوجوا بمن تبقى من البشر الذين سبقوا آدم ونسله، لأن آدم ـ حسب بعض الروايات ـ لم يكن أوّل إنسان سكن الأرض.
وقد كشفت الدراسات والتحقيقات العلمية اليوم أن النوع الإنساني كان يعيش في الأرض منذ عهد ضارب في القدم، في حين لم يمر على تاريخ ظهور «آدم» في الأرض زمن طويل، فلا بدّ إذن من القبول النظرية التي تقول: بأنّه كان يعيش في الأرض قبل آدم بشر آخرون قارن غياب آخر بقاياهم ظهور آدمنا، فما المانع من أن يكون «أبناء آدم» قد تزوجوا ببقايا النوع البشري السابق الذي كان في أواخر انقراضه؟
ولكن هذا الاحتمال هو أيضا لا يتوافق وظاهر الآية الحاضرة (وهذا البحث يحتاج إلى توسع أكثر لا يسعه هذا المجال).
آراء أخرىيقول آية السيد منير الخباز إن القضية لازالت إلى يومنا هذا محل نقاش ويسرد جملة من آراء العلماء ومنهم صاحب تفسير الميزان (التفسير الأشهر)، وينقل عنه قوله: وفي الاحتجاج عن السجاد عليه السلام في حديث له مع قرشي يصف زواج هابيل لوزة وزواج قابيل بإقليما فقال له القرشي فأولدهما، قال القرشي هذا فعل المجوس، فقال: إن المجوس فعلوا ذلك بعد التحريم من الله...
ويرى العلامة الطباطبائي أن ما ورد في الحديث هو الموافق لظاهر القرآن الكريم.
تفصيل أكثر في الفيديو أدناه: *مقتطف من تفسير الأمثل ج٣