مذهب الأمامية هو اطروحة الإسلام، والذي أسسه هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل البيت ع، فعقائد التشيع مذكورة في روايات أهل البيت ع، فلو أخذنا النص على الائمة وعددهم فهناك عشرات الروايات في هذا الشأن تبلغ حد التواتر، وقد جمعها بعض المصنفين في كتب خاصة، أما العصمة فيوجد حولها أكثر من ثمانين نصا، مما يفيد تواتر هذه العقيدة، وكذا الإمام المهدي ع فالروايات حوله وحول غيبته كثيرة جدا، تجاوزت حد التواتر.
إذا فهمنا هذه المقدمة يتبين لنا جهل أولئك الذين يزعمون تأسيس الشيخ المفيد للنهج الأمامي، نعم لكل مذهب رجاله البارزين، فهل نقول مثلا أن أبا الحسن الأشعري (ت 324هـ) هو مؤسس المذهب الأشعري السني؟ لا شك أن الأشاعرة سيرفضون هذا الزعم.
لقد أتيحت الفرصة للشيخ المفيد، فقام بصياغة أحاديث أهل البيت ع بلغة كلامية تناسب عصره، وقبله سبقه متكلمو الأمامية أمثال: هشام بن الحكم ومؤمن الطاق وعلي بن اسماعيل التمار ...
ومن رجالات القرن الثالث الهجري: بنو نوبخت أمثال الحسن بن موسى وإسماعيل بن أبي سهل والناشئ الصغير تلميذ إسماعيل المذكور، وأبو عيسى الوراق وابن قبة الرازي.
هؤلاء وغيرهم لهم مؤلفات كثيرة في الإمامة وسائر المسائل العقائدية اعتمدوا فيها على القرآن الكريم وعلى روايات أهل بيت العصمة ع، وكمثال يبين اعتماد الشيخ المفيد على من سبقه، قوله رحمه الله في كتاب الإفصاح: (وفي هذه المسألة كلام كثير، قد سبق أصحابنا رحمهم الله إلى استقصائه، وصنف أبو عيسى محمد بن هارون الوراق كتاب مفردا في معناه سماه كتاب (السقيفة) يكون نحو مائتي ورقة، لم يترك لغيره زيادة عليه).
فهذا مثال يبين أخذ الشيخ عمن سبقه من أعلام الامامية، بل كان الشيخ المفيد كثيرا ما يقرأ كتب المتقدمين على تلاميذه كما في نصوص عديدة للشيخ النجاشي في فهرسته.
إن الذي يطالع كتب الشيخ يلحظ اعتماده الأساسي على القرآن الكريم وحديث المعصومين عليهم السلام، بهذا يتبين بعد هذه الشبهة عن الصواب.