فإنّ سبب ذلك يرجع إلى الالتزام بما ورد في كتاب الله تعالى في خصوص هذا الموضع في قوله تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزّل إليهم)، وواضح من هذه الآية الكريمة أنّ القرآن الذي نزل على قلب النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) كان يحتاج إلى بيانٍ وتوضيح للمراد منه، خصوصاً أنّ كثيراً من آيات الكتاب العزيز جاءت على نحو القواعد الكلية والعمومات التي تحتاج إلى تفصيل في جزئياتها وخصوصياتها، فلذا كان النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) يقوم بهذه المهمة، وهذا يقتضي أنّ كتاب الله تعالى ليس واضح المعنى لكل الناس حتى بالنسبة للصحابة الذين عاصروا التنزيل، وإلا لما كان يحصل بينهم تنازع في فهم المراد من آيات الكتاب العزيز كما يفهم من قوله تعالى: ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ). وكذلك قوله تعالى: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُم ...
ومما يؤكد ذلك ويزيده وضوحاً هو قوله تعالى: (وما أتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا). وتطبيق هذه الآية لا يتم إلا من خلال الرجوع إلى الروايات الثابتة عن المعصوم عليه السلام.ولنعم ما قاله بعض العلماء بهذا الصدد: إنّ حديث المعصومين (صلوات الله تعالى عليهم أجمعين) إنما يعدُّ تفسيراً للقرآن الكريم، وذلك لأن القرآن العظيم فيه تبيانٌ لكل شيء، وهذا التبيان لا يقوم به إلا المعصومون عليهم السلام.
ومما تقدم، يتبين لك أنّ الالتزام بالروايات إنما هو التزام بأوامر الكتاب العزيز نفسه لرفع التنازع الذي يحصل في فهم المراد من آياته وكشف الغامض من مدلولاته.