ابتداءً لا بدّ أن يُعلم : أنّ هنالك فرقاً بين الاستحقاق والتحقق ، فدخول الجنة والنار يمر بمرحلتين :
مرحلة الاستحقاق ، وهي : ما تتولد عن أعمال الشخص في الحياة الدنيا ، فإنه قد يستحق بها النعيم والجنة وقد يستحق بها النار والعقاب .
ومرحلة التحقق ، وهي : ما يكون مصير الإنسان إليها يوم القيامة .
إذا عرفنا ذلك فالمهم أن نعرف : أن دخول الجنة إذا تحققت مرحلته الأولى فلا بدّ أن تتحقق مرحلته الثانية ، لأنّ الله تعالى قد وعد بها ، وخُلف الوعد قبيح ، فلا يمكن أن يصدر منه تعالى شأنه .
وأما بالنسبة لدخول النار فليس كذلك ، إذ قد تتحقق مرحلته الأولى ، ولا يلزم أن تتحقق الثانية ، لإمكان أن يشمل عفو الله تعالى عباده العاصين فلا يعاقبهم ، وإن كانوا بمخالفتهم يستحقون العقاب .
وعلى ضوء ما تقدم نقول : إنّ الهدف من الجنة هو النعيم ، ومكافأة الإنسان المطيع بالحسنى ، وهو ما يقتضيه عدل الله تعالى وإحسانه ، وأما الهدف من دخول النار : فالصحيح – طبقاً لما تقدم – أن نصيغه بصياغة أخرى فنقول : إنّ الهدف من ( استحقاق العقاب ) هو ترهيب الإنسان وتخويفه ، لئلا يتعمد مخالفة القانون الإلهي ، الذي قد قننه الله تعالى لأجل مصلحة العبد وصلاحه .
فيكون ( التهديد بالعقاب والتوعد بالنار ) نظير التهديد الذي يصدر من المقنن الوضعي حماية لقوانينه ، أو التهديد الذي يصدر من أحد الوالدين لولدهما حرصاً على مصالحه .