الأولى: إنَّ ما يُسمَّى بعلم الطاقة يبتني على أفكارٍ وفلسفاتٍ يناقضُ الكثيرُ منها تعاليم الدين الإسلامي، نعم يُحاولُ المُسوِّقون لهذه الأفكار صياغتها بما يمنع من التنبُّه لانحرافها عن الدين، وحاول بعضُهم أسلَمتَها إلا أنَّ الطابع الوثني والشِركي ظلَّ ماثلًا في الكثير من هذه الأفكار.
الثانية: تابعتُ العديد من كلمات المُسوِّقين العرب لعلم الطاقة فوجدتُهم يحرصون -في المراحل الأولى من التدريب لضحاياهم- على إضفاء الصِبغة العلميَّة الأكاديميَّة وكذلك إضفاء الصبغة الدينيَّة على أفكارهم والمعلومات المزعومة التي يُلقونها جزافًا، ووجدتُهم يحرصون على الاستشهاد ببعض الآيات والروايات على غير هدى، والاستشهاد بكلمات ومصطلحات علم الفيزياء مثلًا، ويحرصون كذلك على سرد القصص التي يزعمون أنَّها وقعت لأفرادٍ انتفعوا من علم الطاقة أو تغيَّرت حياتُهم البائسة إلى سعادةٍ مطلقة، كما يحرصون على استبدال المصطلحات الوثنيَّة إلى مصطلحاتٍ إسلاميَّة ولكن بعد إفراغها من مضمونها الصحيح إلى مضمونٍ وثني أو خرافي، كما وجدتُهم من أكثر الناس قدرةً على التلبيس والخداع والدجل والصياغة للأفكار بما يتناغم والمشاعر المتعطِّشة للخلاص من الضغوط والإحباطات.
الثالثة: أكَّد المختصُّون في مثل علم الفيزياء أنَّ غالبيَّة المعلومات التي يتمُّ تداولُها من قِبل المُسوِّقين لِما يُسمَّى بعلم الطاقة لا تمتُّ للحقائق العلميَّة بصلة وأنَّها لا تعدو الهُراء والاحتيال والعبث بالعقول واستغلال جهل الضحيَّة بالحقائق العلميَّة وحاجتها للإشباع الروحي.
الرابعة: إنَّ الكثير من الأجسام المستعملة لديهم للقياس والكشف المزعوم عن الطاقة السلبيَّة أو الإيجابية في الإنسان أو التي يزعمون أنها تُساعد على جذب الطاقة الإيجابيَّة في الكون وطرد الطاقة السلبيَّة الكثير من هذه الأجسام والرسومات عبارة عن رموز لبعض الأوثان والأصنام والطلاسم التي يُؤمن بها أصحاب الديانات الشرقيَّة الوثنيَّة كالبوذيَّة والهندوسيَّة والطاوية، وبعض هذه الأجسام ليست كذلك ولكنَّها صُمِّمت ثم نُسجتْ حولها أوهامٌ لها انعكاسات إيحائيّة خادعة على نفس المُتلقِّي (الضحيَّة).
الخامسة: الكثير من التدريبات وجلسات التأمُّل التجاوزي الارتقائي والإسترخاء وما يكتنفُها من أفكار واستعمال لبعض الكلمات والترانيم أو الشعارات اللفظيَّة غير العربية ترجعُ في أصولها إلى طقوسٍ وثنيَّة ووسائل العبادة في الديانات الوثنيَّة وبعضها من طرائق الاستدعاء للأرواح.
السادسة: وجدتُ أنَّ لبعض مراتب العلاج بما يسمَّى بالطاقة علاقةً وثيقةَ ببعض أنواع السحر والكهانة والاستفادة من بعض التعويذات السحرية والوثنيَّة والاستعانة بما يسمَّى بالكائنات النوريَّة وبتعبيرٍ أدق هي استعانة بالجنِّ والشياطين.
السابعة: يتمُّ التعلُّم مثلًا لما يُسمَّى بالتخاطر عن بُعد، والخروج من الجسد، والشفاء الخارق، والشفاء بالتقمُّص، والتحكُّم بالأحلام، والعلم بمكنونات النفوس، وقانون الجذب وفكِّ الإرتباط، وهدم الموروث، وتدريبات السيطرة على الطاقة الذاتيَّة، وشحن الطاقة، وضخِّ الطاقة الذاتيَّة للغير، ووسائل تدفُّق الطاقة وغيرها الكثير، وبقطع النظر عن الجدل في إمكانيَّة بعض هذه الأمور فإنَّ الكثير من الوسائل المُعتمدة في ذلك لا أقل في بعض مراحلها شديدة الصلة بما يسمَّى بالسحر الأبيض والاستعانة الطوعية بالأرواح والجن والقوى الغامضة، نعم قد لا يكون المتلقِّي وحتى بعض المدرِّبين عارفًا بحقيقة ما يفعل.
الثامنة: إنَّ من أهم مراحل الاحتراف فيما يُسمَّى بفنِّ علم الطاقة هو التأهُّل لبعض الرياضات والتدريبات الخاصَّة المُفضية بزعمِهم للقدرة على التواصل مع الملائكة ومع ما يُسمَّى بالكائنات النوريَّة ومع الأرواح التي يزعمون أنَّها خيِّرة.
التاسعة: إنَّ حقيقة بعض أساليب العلاج بالطاقة يتمُّ بواسطة الاستدعاء للأرواح وكذلك ما يُسمَّى بالقوى الروحية الخفيَّة والكائنات النورية وبعض الأساليب أشبه شيء بالشعوذة وبعض الأساليب لا تعدو التحفيز للقوَّة الواهمة والمتخَّيلة لدى الإنسان وبعضها تعتمد الإيحاءات الخادعة.
العاشرة: يتحدَّث العديد من الخبراء وكذلك يتحدَّث العديد ممَّن ابتُلِيَ بالانخراط والتعاطي مع ما يُسمَّى بعلوم الطاقة أنَّ لها تأثيرَ المُخدِّرات من حيثُ صعوبة التخلُّص من آثارها وتبعاتها، ولعلَّ منشأ ذلك هو وقوع المُتعاطي لها تحت تأثير الطاقة الوهميَّة وتشكُّل نفسيتِه ومشاعره وأفكاره بما تلقَّاه من أوهامٍ أشعرته بالراحة الكاذبة والاستجمام والتخلُّص من الضغوط النفسيَّة، ولعلَّ منشأ ذلك أيضًا هو وقوعه تحت تأثير السحر التي يتعاطاه سماسرة الطاقة، ولعلَّ من مناشئ ذلك هو الوقوع تحت هيمنة الأرواح والشياطين، ولعلَّ هذه المناشئ مجتمعةً هي سبب الإدمان الذي يبتلي به المنخرطون في هذا السلك.
الحادية عشر: إنَّ بعض ما شاهدناه عبر المواقع الإكترونية من طرائق العلاج بالطاقة في غير بلدنا خادشة للحياء، ويُمكن تصنيف بعضها بالتحرُّش تحت شعار تفريغ الطاقة السلبيَّة أو ضخِّ الطاقة الإيجابيَّة من طريق ما يُعبَّر عنه بالشاكرات ومراكز الطاقة في الجسد والتي منها ما يقع في المناطق المحتشمة أسفل العمود الفقري (منطقة العجان) ويُعبَّر عنها بالقاعدة والجذر وهي الأهم بزعمهم، ومنها ما يقعُ في أسفل السُّرَّة!!
وأخيرًا: إنَّ الراجح عندي أنَّ الكثير من المدرِّبين والذين يعقدون الدورات والذين يُمارسون العلاج بما يُسمَّى بالطاقة عندنا في البلد هم من ضحايا سماسرة الطاقة المنتشرين في العالم، ولا نتَّهم من في بلدنا بتعمُّد خداع الناس وبيع الوهم عليهم إلا أنَّ ذلك لا يُعفيهم من المسئوليَّة، فالمتعيَّن عليهم ترك هذا السلوك وعدم الإصرار على التعاطي مع هذه الخزعبلات والخرافات المستوردة من الديانات الوثنية وأنْ يتقوا الله تعالى وأنْ لا تأخذهم العزَّةُ بالإثم.
أختمُ المقال الذي حرصتُ على إيجازه بمخاطبة الإخوة طلبة العلوم الدينيَّة والخطباء الكرام والمثقفين المحترمين أنْ يأخذوا دورَهم في التوعية والتحذير من سماسرة الطاقة الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويعبثون بمعتقدات الناس ربَّما من حيث لا يعلمون، ويعبثون بمشاعرهم ولا سيما النساء مستغلِّين بذلك الضغوط النفسيَّة التي التي يقعُ الكثير من الناس تحت تأثيرها.