وما هو السرّ في الحثّ على تكرار ذلك ؟
وما الهدف من الذهاب إلى كربلاء ؟
لأنه إذا زار الإمام مرّة حصل له التوجه والارتباط به والعدول عن غيره بقدرها ، فإذا ما تكررت الزيارة فستنشأ في الزائر ملكة نفسانية وتتأصّل في قرارة نفسه حقيقة واقعية - شاء أم أبى - تجعله مريداً للَّهولحججه الأئمّة الأطهار معرضاً عن غيرهم بالكليّة .
بعبارة أخرى ، تنمو في الزائر - بفعل الزيارة - سلوكية الانقطاع عن الغير ، وتتكرّس هذه السلوكيّة بتكرار الزيارة حتى يتمحّض محضاً ، ليصل إلى درجةٍ لا يلهيه فيها أيمالٍ ولا يشغله أيجاهٍ ولا تخيفه أيّة قوة مهما بلغت .
أجل، فالإنسان بحاجةٍ إلى هذه الدرجة من الإيمان ؛ نظراً لما يحيط به من مخاطر تهدّده بالعدول - ولو عدول وقتي - قد يعتريه حيال أدنى خوفٍ من أحدٍ ، أو طمع بمغريات الحياة أو تبهره هيبة الوجاهات فتقلّل من ارتباطه وميله لإمامه ووليّه .
إذن ، فتكرار الزيارة والمداومة عليها والحضور عند النبيّ والأئمّة المعصومين - عليهم السّلام - سيوجد في الزائر حالة من الانقطاع إلى المولى المعصوم ، والانقطاع عن غيره ، وقد عرفنا أن هذه الحالة مع الإمام هي في الحقيقة مع اللَّه ورسوله ، وإذا ما صار هذا الانقطاع مستقرّاً في نفسه ، فستحلّ فيه حالة الاطمئنان وما أعظمها من درجة ! حيث سيكون من شأن هذا الاطمئنان أن يمنحه مناعة قويّة تحول بينه وبين العدول عن اللَّه ورسوله وأئمّته الطاهرين والانحراف عن ولايتهم .
مع الأئمة الهداة «عليهم السلام» - نقلاً عن رياض العلماء