إنّ الإنسان يستيقظ في الصباح من النوم ... ذلك النوم الذي عزله عن كل موجودات العالم، و يريد أن يبدأ نشاطه الحياتي، فقبل كل شيء يتوجه إلی الصلاة، و يصفي قلبه و روحه بذكر اللّه، و يستمد منه القوّة و المدد، و يستعد للجد و السعي الممتزج بالصدق و المودة.
و عند ما يغرق في زحمة الأعمال اليومية، و تمضي عدة ساعات و قد نسي ذكر اللّه، و فجأة يحين الظهر، و يسمع صوت المؤذن: اللّه أكبر! حي علی الصلاة! فيتوجه إلی الصلاة و يقف بين يدي ربّه و يناجيه، و إذا كان غبار الغفلة قد استقر علی قلبه فإنّه يغسله بهذه الصلاة، و من هنا يقول اللّه سبحانه لموسی في أوّل الأوامر في بداية الوحي: وَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي.
و ممّا يجلب الانتباه أنّ هذه الآية تقول: وَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي أمّا الآية (٢٨) من سورة الرعد فتقول: أَلا بِذِكْرِ اللَّـهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ و الآيات (٢٧- ٣٠) من سورة الفجر تقول: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلی رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَ ادْخُلِي جَنَّتِي و إذا جعلنا هذه الآيات الثلاثة جنبا إلی جنب فسنفهم جيدا أن الصلاة تذكر الإنسان باللّه، و ذكر اللّه يجعل نفسه مطمئنة، و نفسه المطمئنة ستوصله إلی مقام العباد المخلصين و الجنّة الخالدة.
مقتطف من تفسير الأمثل