هذه الآية الكريمة تقول في حق المؤمنين إنَّ الذين يعملون الصالحات طوبى لهم يعني لهم أطيب العيش فإنهم في الجنَّة، ومعنى ( حسن مآب ) أي حُسْنَ المرجِع، فإنَّ المرجع هو الجنَّة مع الصلحاء وهم فيها خالدون لا أنهم يبقون فيها ألف سنة أو مليون سنة أو غير ذلك بل يبقون فيها خالدين، ثم قالت الآية الكريمة ﴿ وعملوا الصالحات ﴾ فما هو العمل الصالح حتى يصنعه المؤمن كي يكون مشمولاً للآية الكريمة فهل يبني مسجداً أو حسينية أو يدرّس أو يؤلف الكتب أو ماذا؟ الجواب:- العمل الصالح هو كل عملٍ حسنٍ يؤتى به لوجه الله تعالى، وعليه فلابد وأن يجتمع أمران في العمل حتى يكون صالحاً، الأول أن يكون حسناً، والثاني أن يكون لوجه الله تعالى، والله تعالى يعلم بالنوايا فلابد وأن تكون النية هي قصد وجهه الكريم، وعلى هذا الأساس يكون حضور مجلس التعزية من الصالحات والتدريس من الصالحات والمشي للزيارة من الصالحات ... وهكذا، فالمدار على النوايا فإن كانت النية هي الله تعالى فالعمل يكون صالحاً وإلا فلا فهو لا شيء، والقرآن الكريم يؤكد هذه القضية ولكنها مسألة صعبة فإنَّ الشيء المهم واحدٌ وهو أن تكون نية العبد لله عزَّ وجل، فإذا كانت النية لله عزَّ جل فهذا العمل يكون صالحاً وحينئذٍ تكون له الجنة خالداً فيها، وأما إذا كانت بعض النوايا موجودة في البين فهذا العمل لا يكون صالحاً مهما بلغ، فتعالوا نحاول أن نجعل اعمالنا لله عزَّ وجل في الدرس وفي المشي إلى كربلاء وفي غير ذلك من الاعمال، وإذا قلت:- هذا صحيح ولكن ليس هو بالأمر السهل فهل يوجد ما يعين على أن تكون النية طيبة وصالحة؟ قلنا: - إنَّ المعين هو الدعاء، فعلينا أن نتوجه إلى الله عزَّ وجل وندعوه بأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه ونقول أيضاً اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عينٍ أبداً واجعل اعمالنا خالصةً لوجهك الكريم ويكون دعاؤنا مستمراً في كل موضع فإنَّ الطلب من الله عزَّ وجل هو العين في كل مجال.
نسأل الله عزَّ وجل أن يجعل جميع اعمالنا خالصة لوجهه الكريم بحق محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
=========
الهوامش: الموعظة الأسبوعية لسماحة الشيخ الإيرواني ليوم الأربعاء:- 29 / شوال / 1445هـ ق الموافق 08 / 05 / 2024م [1] سورة الرعد، الآية29.