تقارن هذه الآية المباركة بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة وتقول إنَّ الحياة الدنيا ليست بحياة وإنما الحياة الحقيقية هي الحياة الآخرة، ولماذا هذه الحياة ليست بحياة وتلك هي الحياة الحقيقية؟ إنَّ هذا واضح لأنَّه ما هي أقصى مدة يمكن أن نعيشها في حياتنا الدنيا فهل هي مائة سنة أو ألف سنة أو مليون سنة ولكن هذا بالقياس إلى الحياة الآخرة لا يعد شيئاً فإنه لا حدود للحياة في الآخر وإنما ﴿ هم فيها خالدون ﴾، وهذه قضية يلزم أن يتصورها المؤمن فإنَّ تلك الحياة فيها خلود وأما هذه الدنيا فهي عدَّة سنوات وسوف تنقضي، وعليه هذه الحياة الدنيا ليست هي الحياة الحقيقية وإنما الحياة الحقيقية هي تلك الحياة وأما هذه الحياة فهي لعب ولهو بأن نبني دارا أو نشتري سيّارة ثم تنقضي ولذلك يعبر عنها القرآن الكريم يقول: ﴿ وما هذه الحيوات الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ﴾ أيَّ أن الآخرة هي الحياة الحقيقية لأنها مستمرة وائمة، ومن الواضح أنَّ حياتنا الدنيا قد بأمور تافهة ولكن الآية الكريمة تقول لنا اشتغل فيها بالأمور التي تنفعك في تلك الحياة ومنها أن نجعل تدريسنا ودرسنا ومنبرنا وتأليفنا لله عزَّ وجل حتى ننتفع بها في تلك الحياة الحقيقية، لكن البعض تراه يهتم بأن يؤلف كتاباً هنا ويكتب اسمه عليه ويذكر ألقاباً فهذا ليس بصحيح بل الآية الكريمة تقول إنه هذا سينتهي وعليك أن تصنع شيئاً لا ينتهي وهو أن يكون العمل لله عزَّ وجل فإنه و الذي يبقى خالداً.
فتعالوا اخوتي واعزتي أن نجعل جميع اعمالنا لله عزَّ وجل وليس لأجل اهداف دنيوية فإنَّ الانسان لابد وأن يكون على حذر، وهذا الأمر ليس بالسهل وإنما يحتاج إلى استعانة بالله عزَّ وجل، ولذلك علينا أن نكثر من هذه الجملة فنقول: - رب لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً وخذ بيدي في جميع أموري لمرضاتك بحق محمد وآله الطاهرين.
الموعظة الأسبوعية لسماحة الشيخ الإيرواني ليوم الأربعاء: 20 / ذو العقدة / 1445هـ ق الموافق 29 / 05 / 2024م [1] سورة العنكبوت، الآية64.