في الحروب.. 6 أوامر قرآنية للمسلمين!

آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
زيارات:137
مشاركة
A+ A A-

‏١- يقول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا أي أن إحدی علائم الإيمان هي ثبات القدم في جميع الأحوال، و خاصّة في مواجهة الأعداء.

‏٢- وَ اذْكُرُوا اللَّـهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‌.

‏و لا ريب أنّ المراد من ذكر اللّه هنا ليس هو الذكر اللفظي فحسب، بل حضور القلب، و ذكر علمه تعالی و قدرته غير المحدودة و رحمته الواسعة، فهذا التوجه إلی اللّه يقوّي من عزيمة الجنود المجاهدين، و يشعر الجندي بأنّ سندا قويّا لا تستطيع أية قدرة في الوجود أن تتغلب عليه يدعمه في ساحة القتال، و إذا قتل فسينال السعادة الكبری و يبلغ الشهادة العظمی، و جوار رحمة اللّه، فذكر اللّه يبعث علی الاطمئنان و القوّة و القدرة و الثبات في نفسه.

‏بالإضافة إلی ذلك، فذكر اللّه و حبّه يخرجان حبّ الزوجة و المال، و الأولاد من قلبه، فإنّ التوجه إلی اللّه يزيل من القلب كل ما يضعفه و يزلزله، كما

‏يقول الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السّلام في دعائه المعروف- في الصحيفة السجادية- بدعاء أهل الثغور: «و أنسهم عند لقائهم العدوّ ذكر دنياهم الخدّاعة، و امح عن قلوبهم خطرات المال الفتون، و اجعل الجنّة نصب أعينهم».

‏٣- كما أنّ من أهم أسس المبارزة و المواجهة هو الالتفات للقيادة و إطاعة أوامر القائد و الآمر، الآمر الذي لولاه لما تحقق النصر في معركة بدر، لذلك فإنّ الآية بعدها تقول: وَ أَطِيعُوا اللَّـهَ وَ رَسُولَهُ‌.

‏٤- وَ لا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا لأنّ النزاع و الفرقة امام الأعداء يؤدي إلی‌ الضعف و خور العزيمة، و نتيجة هذا الضعف و الفتور هي ذهاب هيبة المسلمين و قوتهم و عظمتهم‌ وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ‌.

‏«و الريح» في اللغة، هي الهواء. فالنزاع يولد الضعف و الوهن.

‏و أمّا ذهاب الريح، فهو إشارة لطيفة إلی زوال القوّة و العظمة، و عدم سير الأمور كما يرام، و عدم تحقق المقصود، لأنّ حركة الريح فيما يرام توصل السفن إلی مقاصدها، و لما كانت الريح في ذلك العصر أهم قوّة لتحريك السفن فقد كانت ذات أهمية قصوی يؤمئذ.

‏و حركة الرّيح في الرّوايات و البيارق تدل علی ارتفاع الرّاية التي هي رمز القدرة و الحكومة، و التعبير آنف الذكر كناية لطيفة عن هذا المعنی.

‏٥- ثمّ تأمر الآية بالاستقامة بوجه العدوّ، و في قبال الحوادث الصعبة، فتقول: وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِينَ‌.

‏و الفرق بين ثبات القدم في الأمر الأوّل، و الاستقامة و الصبر في الأمر الخامس، هو من جهة أن ثبات القدم يمثل الناحية الظاهرية، «الجسمية» أمّا الاستقامة و الصبر فليسا ظاهريين، بل هما أمران نفسيان و معنويان.

‏٦- و تدعو الآية الأخيرة- من الآيات محل البحث- المسلمين إلی اجتناب الأعمال الساذجة البلهاء، و رفع الأصوات الفارغة، و تشير إلی قضية أبي سفيان و أسلوب تفكيره هو و أصحابه، فتقول: وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَ رِئاءَ النَّاسِ وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّـهِ‌.

‏فأهدافهم غير مقدسة، و كذلك أساليبهم في الوصول إليها، و لقد رأينا كيف أبيدوا و تلاشی كلّ ما جاءوا به من قوّة و عدّة، و سقط بعضهم مضرجا بدمائه في التراب، و أسبل الآخرون عليهم الدّموع و العبرات في مأتمهم، بدل أن يشربوا الخمر في حفل ابتهاجهم، و تختتم الآية بالقول: وَ اللَّـهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ.

 

المصدر: تفسير الأمثل

مواضيع مختارة