بيت بلا أبناء: هل سمعت بـ"العش الفارغ" من قبل؟!

مروة محمد حسين
زيارات:311
مشاركة
A+ A A-

متلازمة «العش الفارغ»، هي حالة يصاب بها الأبوان أو أحدهما، عند خروج آخر الأبناء من المنزل، سواء لتكملة الدراسة أو للعمل أو الزواج، إذ يشعران آنذاك بالفراغ والحزن والخسارة.

اشترك في قناتنا ليصلك كل جديد

يحدثنا الدكتور حسين مبارك، حاصل على البورد النمساوي في الطب النفسي والأعصاب، عن تأثير هذه الحالة الاجتماعية في الأبوين وكيفية تفاديها، ويقول «متلازمة العش الفارغ حالة عاطفية عادة ما تصيب الوالدين عندما يغادر الأبناء المنزل للعيش بمفردهم، سواء كان ذلك بسبب الدراسة أو الزواج أو لأسباب أخرى، إذ يشعر الآباء بالحزن،والفراغ والعزلة، بسبب تغيّر الدور الذي كانوا يؤدّونه في حياتهم كأولياء أمور نشطين.

وعلى الرغم من أنها ليست اضطراباً نفسياً معترفاً به بشكل رسمي، إلا أنها قد تؤدي إلى مشاعر الاكتئاب والقلق أو فقدان الهوية لدى بعض الأفراد، بخاصة إذا كانت حياة الوالدين مرتبطة بشكل كبير برعاية الأبناء».

لماذا يشعر الوالدان بالفراغ بعد مغادرة الابن الأصغر المنزل نهائياً؟

هناك علاقة ارتباطية يوضحها الدكتور حسين مبارك، بين متلازمة العش الفارغ وتراكم شعورها السلبي لدى الأبوين، وبين خروج الابن الأصغر من البيت، لأسباب عدّة:

  • آخر من يغادر: الأبناء الأصغر عادة ما يكونون آخر من يغادر منزل الأسرة، ما يجعل مغادرتهم حدثاً نهائياً، وحاسماً للأبوين، فبعد رحيلهم قد يشعر الوالدان بأن البيت قد أصبح فارغاً بالكامل.
  • الرابط العاطفي القوي: في كثير من الحالات، يتشكل رابط عاطفي خاص بين الوالدين والابنة أو الابن الأصغر، بسبب الفترة الطويلة التي قضوها معاً، بعد مغادرة الإخوة الأكبر، وقد يكون هناك اعتماد عاطفي أكبر على الابن الأصغر.
  • تغيّر نمط الحياة: مغادرة الابن الأصغر عادة ما تجبر الوالدين على مواجهة مرحلة جديدة من حياتهما، حيث يتحول دورهما من الرعاية اليومية، إلى محاولة التكيّف مع حياة مختلفة، ما يمكن أن يثير مشاعر الفقد، أو الحزن.
  • يوجد سبب لا يقل أهمية يضاف إلى الأسباب السابق ذكرها، وهي الخلافات العائلية، التي يمكن أن تعمق تأثير متلازمة العش الفارغ، وتزيد من تعقيدها «عندما تكون هناك توترات بين الزوجين، فإن مغادرة الأبناء قد تؤدي إلى مشاعر إضافية من القلق والحزن والاكتئاب، فعدم إغلاق تلك الخلافات بين الوالدين، ومع مغادرة الابن (بخاصة الأصغر)، قد تجعلهما يشعران بأن الفرصة لحلّها قد ضاعت، فضلاً عن الشعور بالعزلة العاطفية لوجود تلك الخلافات، بخاصة إذا لم تكن هناك علاقات صحية تدعمهما بعد مغادرة الأبناء، وفي مثل هذه الحالات، يمكن أن يكون التفاهم الأسري، أو الاستشارة الزوجية، وسيلة مفيدة للتعامل مع الخلافات، وتقليل التأثير السلبي لمتلازمة العش الفارغ».

يلخّص الدكتور حسين مبارك طرق التعامل مع متلازمة «العش الفارغ»، في محاولة للتخلّص من تبعاتها:

  • البحث عن نشاطات جديدة: يمكن للوالدين ملء وقتهما بتعلم هوايات جديدة، أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
  • التواصل الاجتماعي: البقاء على اتصال مع الأصدقاء والعائلة يمكن أن يساعد على تخفيف الشعور بالعزلة.
  • التخطيط للحياة بعد الأبناء: التفكير في المستقبل ووضع خطط مشتركة بين الزوجين يمكن أن يعزز الإحساس بالأهمية.
  • طلب الدعم: في بعض الحالات، قد تكون الاستعانة بمعالج نفسي أو مستشار أمراً مفيداً للتعامل مع المشاعر الصعبة.

استراتيجيات العلاج من «العش الفارغ»

يضيف الدكتور حسين مبارك «التعامل مع حالات متلازمة «العش الفارغ» التي تتفاقم بفعل الخلافات العائلية، يتطلب نهجاً إضافيا يتبنى بعضه الأبناء، بجانب المختصين، في محاولة لتخلّص الوالدين من المشاعر السلبية..

وإليك بعض الاستراتيجيات العلاجية التي يمكن أن تُستخدم:

التقييم الشامل:

  • فهم الديناميكيات العائلية: في البداية، يجب أن يتم تقييم شامل للحالة لفهم الخلفية العائلية، وطبيعة العلاقة بين الوالدين والأبناء، والخلافات الحالية، وقد يشمل التقييم أيضاً، البحث عن أيّ أعراض اكتئاب أو قلق، قد تكون مرتبطة بالوضع الجديد.
  • استكشاف مشاعر الفقد: أي مساعدة الوالدين للتغلب على أحاسيسهما تجاه فقدان دورهما كوليّي أمر نشطين، وتأثير ذلك فيهما.

العلاج الفردي:

  • خطط التكيف: تعليم الوالدين تقنيات التكيّف الإيجابية، مثل تحديد أهداف جديدة، وتطوير اهتمامات أو هوايات جديدة، والانخراط في الأنشطة الاجتماعية.
  • إدارة التوتر والقلق: يمكن أن تشمل هذه الجلسات تعلّم تقنيات الاسترخاء، مثل التأمل والتنفس العميق، إضافة إلى مهارات التفكير المعرفي لتحدّي الأفكار السلبية المتعلقة بمغادرة الأبناء.
  • إعادة بناء الهوية: مساعدة الأفراد على إعادة بناء هويتهم الشخصية، بعيداً عن دورهم كوالدين، والتركيز على تطوير الذات واستكشاف معانٍ جديدة للحياة.

العلاج الأسري:

  • تحسين التواصل: العمل مع جميع أفراد الأسرة لتحسين مهارات التواصل، ما يساعد على حل النزاعات القديمة، وفهم مشاعر بعضهما بعضاً، وقد يتضمن ذلك جلسات علاج أسري يمكن أن تفتح المجال لمناقشة المشاعر المكبوتة، وإيجاد حلول للصراعات القائمة.
  • إعادة بناء العلاقات: في حالات الخلافات العائلية، يجب التركيز على إعادة بناء العلاقة بين الوالدين والأبناء، وتخفيف المشاعر السلبية أو الغضب، وتعزيز الفهم المتبادل.

العلاج الزوجي:

  • التكيّف مع الحياة بعد الأبناء: في حالة وجود توترات زوجية، قد يكون من المفيد اللجوء إلى العلاج الزوجي، بهدف مساعدة الزوجين على التكيّف مع مرحلة جديدة من حياتهما، بعد مغادرة الأبناء، وتعزيز العلاقة بينهما بعيداً عن دورهما كوالدين.
  • إعادة إحياء العلاقة: يمكن أن تشمل الجلسات تعزيز الأنشطة المشتركة والهوايات التي قد تُعيد الحيوية إلى العلاقة الزوجية.

الدعم الاجتماعي:

  • تشجيع الدعم الاجتماعي: مساعدة الوالدين على توسيع شبكة علاقاتهما، من خلال المشاركة في أنشطة جماعية، والانخراط في مجتمعات تشترك في الاهتمامات نفسها.
  • تشجيع الصداقات: المساعدة على رؤية أهمية بناء صداقات جديدة أو إعادة إحياء القديمة منها، والتي يمكن أن توفر الدعم العاطفي في هذه المرحلة الانتقالية.

المراقبة المستمرة والتعديل:

  • تقييم التقدم: احرص على متابعة تقدم الوالدين وأي تغيّرات إيجابية في مشاعرهما أو سلوكهما، ويمكن تعديل خطط العلاج لتلبية احتياجاتهما المستجدة.
  • التعامل مع الانتكاسات: في حالة ظهور مشاعر قوية من الحزن أو القلق، تتم إعادة التركيز على أدوات التكيّف التي تم تعلّمها في العلاج، ومواصلة العمل على معالجة المشكلات العاطفية.

الاستعانة بمتخصصين جدد إذا لزم الأمر:

  • تقديم دعم إضافي: في بعض الحالات، قد يكون هناك حاجة للاستعانة بمتخصصين جدد، إذا ظهرت مشكلات نفسية أكثر تعقيداً، مثل الاكتئاب الشديد أو اضطرابات القلق، فالتعامل مع مثل هذه الحالات يتطلب تفهّماً كبيراً لحساسية الموقف، ودعماً قوياً لمساعدة الوالدين على التكيّف مع التغيرات الكبيرة في حياتهما.
مواضيع مختارة